أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إيران: من ثورة الكاسيت الثورة إلى إمبراطورية المشانق القمع- حضارة بددتها العمامات














المزيد.....

إيران: من ثورة الكاسيت الثورة إلى إمبراطورية المشانق القمع- حضارة بددتها العمامات


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 22:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ظنّ العالم أن سقوط الشاه سيفتح الباب أمام الديمقراطية في إيران، وتوقّع كثيرون أن عمامة الخميني ستُزيل صرامة التاج الحديدي، لتُدشَّن مرحلة جديدة من العدالة والمساواة. لكن مسار التاريخ لم يكن بذلك السخاء، وأثبت الواقع أن ما جرى لم يكن سوى التواء آخر في طريق الوعود، داخليًّا وخارجيًّا. لقد خذل الخميني الداخل قبل أن يخيب آمال الخارج؛ أولئك الذين تداولوا أشرطة الكاسيت أملاً في خلاص قريب، وجدوا أنفسهم أمام واقع ينقلب على ما انتظروه. أما العواصم الأوروبية التي واكبت "ثورة الشعب"، فقد اصطدمت بحقيقة أن النظام الجديد سرعان ما استبدل وسائل التعبير بأدوات الرقابة، وحوّل المنابر إلى وسائل للترهيب.
ذلك التحوّل لم يكن مجرد انحراف طارئ، بل نهجٌ سرعان ما تكشّف بعد انتصار "الثورة الإسلامية" في 11 فبراير 1979. فحين سقطت أصنام الشاه، أُعيد تشكيلها في صورة جديدة تحكمها الأدلجة والوصاية الدينية، تُخضع الأجساد والعقول باسم الثورة. وإن كل من خرجوا إلى الشوارع، منخرطين فيما سميت: "ثورة الخميني"، مدفوعين بأمل في عهدٍ من الحرية وجدوا أنفسهم في سجون مغلقة، أو أمام محاكم لا ترحم، أو في ساحات الإذلال العلني، أو الإعدام!
لم تكن الشعوب غير الفارسية في إيران استثناءً من هذا المصير. في عمق هذا المشهد تبرز مأساة الأحوازيين، الذين حُرموا من لغتهم وأرضهم وثرواتهم، وصاروا في وطنهم كأنهم غرباء. موارد الأحواز النفطية تُغذّي آلة القمع، بينما يعيش السكان الأصليون على هامش اقتصاد وطنهم. كما أن البلوش في سيستان يواجهون واقعًا مشابهًا: لا تعليم بلغتهم، ولا فرص عادلة للعمل، ولا لحظة أمان من مداهمات مستمرة. التركمان والأذريون يُسلبون حقهم في التعبير الثقافي، ويُضيّق عليهم حتى في إقامة فعالياتهم التراثية. أما الكرد، فيُحاصرهم الحرمان اللغوي، وتُلاحق نخبتهم الثقافية، وتُستهدف قراهم تحت ذرائع أمنية.
وليس الأمر بجديد في سجل العلاقة بين الدولة المركزية وهذه الشعوب. ففي 22 يناير 1946، في مدينة" مهاباد" الكردستانية، أُعلن عن قيام جمهورية مهاباد الديمقراطية الكردية، برئاسة القاضي محمد، محاولةً لصياغة شكل عادل من الحكم الذاتي ضمن حدود إيران. غير أن الضغوط الإقليمية والدولية، وعودة القوات الإيرانية، أدت إلى إسقاط الجمهورية في 16 ديسمبر 1946، بعد أقل من عام على قيامها. أُعدم القاضي محمد في 31 مارس 1947، ليُطوى فصل طموح لم يُكتب له الاكتمال.
رغم هذا كلّه، فإنه لا شماتة البتة. إذ إن كل ألم يُصيب إنسانًا هو جرح في جسد الإنسانية جمعاء. لكن صمت العالم عن هذه الانتهاكات المستمرة، في عصر تتسارع فيه قدرة البشر على رؤية الحقائق، لم يعد مقبولًا. الزمن يتغير، وخرائط الاستبداد تهتز، والمناطق المعتمة باتت عرضة لانكشاف واسع. حيث كلنا يعلم أن النظام الإيراني لم يكتف بإحكام قبضته في الداخل. فقد شرع، منذ سنواته الأولى، في تصدير مشروعه خارج الحدود، تحت شعارات نصرة المستضعفين، التي ما لبثت أن تحوّلت إلى مداخل لنقل أدوات السيطرة إلى ساحات أخرى.
ورأى العالم كله كيف أن النفوذ الإيراني، قد لعب في العراق دورًا في تعميق الانقسامات. أما وفي سوريا، فقد كان دعم النظام جزءًا من معركة ميدانية دامية مستنزفة طويلة أنهكت المجتمع السوري. إذ جرى تسويغ العنف ضد المدنيين، تحت ذرائع دينية كاذبة، في مشهد من العبث السياسي.
كما ساهمت الأذرعة الموالية لطهران في لبنان، في إقامة واقع سياسي وأمني خارج الإطار الدستوري، بينما غذى هذا النظام صراعاً دموياً في اليمن، أطاح بأحلام بلدٍ كان يطلب العيش الكريم. أما منطقة الخليج، فظلت عالقة في دوامة قلق مستمر، بفعل سياسات التدخل المستترة والمعلنة.
حتى خارج حدود إيران الجغرافية المصطنعة المكونة من خرائط شعوب مجاورة، لم تتوقف أنشطة القمع والاغتيال. ففي 13 يوليو 1989، اغتيل عبد الرحمن قاسملو- زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني- خلال مفاوضات سرية في فيينا. وفي 17 سبتمبر 1992، تعرّض صادق شرفكندي، خليفته في قيادة الحزب، للاغتيال في مطعم ميكونوس في برلين، في عملية أدانها القضاء الألماني لاحقًا بوصفها جريمة تحمل بصمة مباشرة من أجهزة الدولة الإيرانية.
على هذا المسار، برز دور قاسم سليماني، الذي تجاوز كونه قائدًا عسكريًا. لقد حمل مشروعًا لإعادة تشكيل مشهد إقليمي بما يخدم الرؤية الإيرانية. من العراق إلى سوريا إلى جبال كردستان، تركت تحركاته آثارًا موجعة، ساهمت في وأد آمال عريضة حملتها شعوب المنطقة.
ولم يكن خافياً على أحد أن ما عُرف بمشروع "الهلال الشيعي" قد جسد محاولة لرسم خريطة نفوذ عابرة للحدود، تقوم على استثمار الأزمات واستغلال فراغات السلطة. لكن كما هي الحال مع كل مشاريع تُبنى على القهر والانقسام، تظل عُرضة للارتداد والانهيار. أجل، ثمة ما لم تعرفه إيران- بعكس تركيا التي تريد الانحناء للعاصفة ولو مؤقتاً دون خسارة ماء الوجه- وهو أن العالم اليوم يتغير. أدوات الوعي الجماعي باتت قادرة على تقويض أدوات الهيمنة التقليدية. الشعوب تعيد النظر في اصطفافاتها، وتسعى إلى إعادة تعريف هويتها بأدواتها الخاصة. والمنطقة، التي طالما أُريد لها أن تدار من عواصم خارجية، بدأت تستعيد ببطء زمام المبادرة.
قد تكون نهاية المسار الإيراني القائم مقدمة لمرحلة مختلفة. مرحلة تُكتب فيها خرائط جديدة بأدوات السلم والعدالة، لا بفوهات البنادق. إنها رسالة إلى طغاة الشرق الأوسط، بمختلف هوياتهم ولغاتهم وأشكال هيمناتهم!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة السورية: تطهير الاسم قبل إعادة البناء
- نداء من أجل حسين هرموش
- التمثيل والكتابة والضجيج: عن موت القراءة وغياب المرجعيات!
- الفيدرالية السورية من عفوية التفكك إلى ضرورة التنظيم
- الاتحاد الديمقراطي: فرصة تاريخية لتصحيح المسار ب. ي. د، ما ل ...
- تجنيس الإرهاب ووطنية المثقف الكردي
- وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ النقد اليومي: هَلْ نَحْنُ هُوَاةُ أَذَى ...
- نغوجي واثيونغو حين كتب بلغته كي لا يُمحى شعبه... دروس لكردست ...
- خطر الأدوات التركية في سوريا الإيغور نموذجًا بين الخطة الأرد ...
- طمأنات زائفة بين نقد الواقع ومكيجته
- إعادة تدوير التطرّف: كذبة تُهدد الدستور
- إضاءة في الذكرى العشرين لاغتيال الشيخ الشهيد د. محمد معشوق ا ...
- بعد عشرين سنة على اختطافه واغتياله: لماذا لا تزال ملفات اغتي ...
- إمبراطورية بلا ذاكرة... وعدالة بلا خريطة! لماذا يعتذر الأمري ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة1
- كرد سوريا ووصاية الجزء الآخر: ازدواجية الخطاب والاستلاب المف ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون بقلم الناقد ا ...
- تلويحة النار و دمعة الجبل: سفير عفرين جوان حسن في أغنيته الأ ...


المزيد.....




- بعد الضربات الإسرائيلية.. هل ما زال بإمكان أمريكا إقناع إيرا ...
- إيران تطلق موجة صواريخ على إسرائيل ردا على الغارات الجوية
- شاهد رد فعل مراسل CNN لحظة إنطلاق صاروخ خلفه خلال بث مباشر ف ...
- متوعدا داعمي إسرائيل الإقليميين والدوليين.. الحرس الثوي الإي ...
- مصر.. الأزهر يثير تفاعلا ببيان عقّب فيه على الضربة الإسرائيل ...
- لبنان يعيد فتح أجوائه أمام الحركة الجوية
- علامات تشخيص جفاف الجسم في الطقس الحار
- السلطات الليبية تمنع قافلة الصمود من العبور نحو مصر دعماً لغ ...
- ‌‏التلفزيون الإيراني: 60 قتيلا بينهم 20 طفلا بعد استهداف مجم ...
- الطاقة الذرية الإيرانية: نقلنا المعدات مسبقا من منشأة -فوردو ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - إيران: من ثورة الكاسيت الثورة إلى إمبراطورية المشانق القمع- حضارة بددتها العمامات