أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - تجنيس الإرهاب ووطنية المثقف الكردي














المزيد.....

تجنيس الإرهاب ووطنية المثقف الكردي


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 01:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبرز المثقف الكردي كعنصر فاعل في مشهد يعج بالمصالح المتضاربة والأيديولوجيات المتباينة، في عالم مضطرب، تتداخل فيه المصالح السياسية مع القيم الإنسانية، إذ لا يمكن أن يكون هذا المثقف- الناقد غير المنحاز إلى الحقيقة- مجرد مراقب سلبي في ظل التحولات السياسية الكبرى التي تشهدها سوريا والمنطقة، ولا سيما في مسألة تجنيس الإرهابيين والمجموعات المسلحة التي تسعى دول إقليمية لاحتوائها سياسياً تحت لافتة "التوطين" أو "إعادة البناء"، بعد أن كان سباقاً في إبداء الموقف من النظام العنصري الساقط، كما في كل محطاته.
لم يكن تجنيس الإرهاب في سوريا، في سياق اللعبة السياسية الدولية، مجرد خطوة قانونية أو إدارية؛ بل كان اختراقًا خطيرًا للهوية الوطنية. إذ حين منح النظام السوري- الساقط- الجنسية لآلاف المرتزقة الذين جلبهم من مختلف بقاع الأرض، وأصر على تطويعهم لخدمة مصالحه الخاصة، كان ذلك بمثابة إعلان حرب على النسيج الاجتماعي السوري. حيث لم يكن هؤلاء الأشخاص جزءًا من نسيج الشعب السوري، بل كانوا أدوات تستخدمها قوى خارجية لزعزعة استقرار البلاد وفرض أجندات بعيدة عن تطلعات الشعب السوري في الحرية والاستقلال.
في هذا السياق، وقف المثقف الكردي معارضًا لهذا التجنيس. لم يكن رفضه مستندًا فقط إلى كونه يشكل تهديدًا مباشرًا للهوية الوطنية، بل كان أيضًا نابعًا من تجربة طويلة من القمع والتهميش الذي تعرض له الكرد في سوريا. فقد كانت للقرارات السياسية التي اتخذها النظام السوري أبعاد إنسانية وسياسية عميقة، والمثقف الكردي الذي عانى من تلك السياسات لم يكن ليرضى أن يتحول وطنه إلى أرض مفتوحة للتلاعب بمستقبلها وواقعها الاجتماعي.
ولكن، لم يكن الموقف الكردي المعارض هذا مقتصرًا على الرد على أفعال النظام فقط، بل جاء أيضًا في مواجهة الهيمنة السياسية لحزب العمال الكردستاني على القرار الكردي في سوريا، في فترة ما بعد الثورة السورية 2011، داعماً في الوقت ذاته حقوق كل جزء كردستاني، من دون أي تدخل طرف في شأن الآخر، فحين سيطر الحزب على بعض القوى المحلية وفرض نفسه من دون موافقة ابن المكان الكردي، رأى المثقف الكردي في ذلك تجاوزًا لسيادة خصوصيته، ورفضًا للتدخل في حق الشعب الكردي في تقرير مصيره بعيدًا عن أي وصاية. إذ كان "لا" الكردي في ذلك الوقت، حتى في وجه تدخلات" الأخوة"، موقفًا أخلاقيًا وسياسيًا بامتياز.
وعندما جاء الدور على تجنيس الأجانب من" الإيغور" وغيرهم من المرتزقة الإرهابيين، من قتلة السوريين، تحت تدخلات إقليمية تبحث عن تغيير ديمغرافي في المنطقة. هنا، يُضاف اختبار آخر للمثقف الكردي: هل يمكن أن يتماشى مع لعبة سياسية قد تكون له فيها مكاسب قصيرة الأجل؟ كانت الإجابة حاسمة وواضحة: "لا". المثقف الكردي يرفض أن تُسحب منه السيادة الوطنية تحت ذريعة الدعم الدولي أو المساعدات الإنسانية.
إنه موقف يتطلب الشجاعة في زمن انعدام الثقة السياسية. فالمثقف الكردي، الذي ظل صامدًا في مقاومته للظلم على مدار عقود، لا يمكنه أن يساوم على الحق الوطني، حتى وإن كانت المساومة ستضمن له مكانًا في المعادلة السياسية الدولية.
من هنا، فإن الوطني الحقيقي لا يساوم، هذه هي القاعدة التي تحكم تصرفات المثقف الكردي. رغم التحديات التي يواجهها، ورغم العزلة التي قد يتعرض لها بسبب مواقفه الحادة، إلا أن المثقف الكردي يظل يصر على أن هويته الوطنية لا يمكن أن تكون مسرحًا للتجارب السياسية العابرة أو صفقات تجارية بين القوى الكبرى. المثقف الكردي الملتزم بشعبه وشركائه، في آن واحد، بخلاف المثقف المدجن أو المثقف الذي يعمل لمصلحة السلطة، يضع الوطن والمبادئ الإنسانية في المقام الأول، إلى جانب أمثاله من المثقفين السوريين، حتى في أحلك الظروف.
الآن، وفي مرحلة التشرذم السياسي التي تمر بها المنطقة، يبقى المثقف الكردي صوتًا حقيقيًا ضد التجنيس السياسي المفضي إلى إضعاف الهويات الوطنية. إنه يرفض أن تكون سوريا أرضًا مفتوحة للسياسات الديمغرافية التي لا تراعي حقوق الشعوب في تحديد مصيرها، ويظل يقاوم فكرة تجنيس الإرهابيين أو التوطين السياسي، لأن ذلك يعني تجزئة المجتمع السوري إلى فئات متناحرة ومتصارعة، وهذا ما يعارضه المثقف الكردي بوصفه جزءًا من هذا المجتمع.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ النقد اليومي: هَلْ نَحْنُ هُوَاةُ أَذَى ...
- نغوجي واثيونغو حين كتب بلغته كي لا يُمحى شعبه... دروس لكردست ...
- خطر الأدوات التركية في سوريا الإيغور نموذجًا بين الخطة الأرد ...
- طمأنات زائفة بين نقد الواقع ومكيجته
- إعادة تدوير التطرّف: كذبة تُهدد الدستور
- إضاءة في الذكرى العشرين لاغتيال الشيخ الشهيد د. محمد معشوق ا ...
- بعد عشرين سنة على اختطافه واغتياله: لماذا لا تزال ملفات اغتي ...
- إمبراطورية بلا ذاكرة... وعدالة بلا خريطة! لماذا يعتذر الأمري ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة1
- كرد سوريا ووصاية الجزء الآخر: ازدواجية الخطاب والاستلاب المف ...
- أنيس حنا مديواية: حارس الثقافة وذاكرة المدينة
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون
- إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون بقلم الناقد ا ...
- تلويحة النار و دمعة الجبل: سفير عفرين جوان حسن في أغنيته الأ ...
- في حضرة المفارقة من -نبوءة التخوين- إلى السقوط في شراكه
- خدعة مرتد الهوية: خيانة الذات وأقنعة النموذج المأزوم-1-
- خدعة مرتد الهوية: خيانة الذات وأقنعة المأزوم-2-
- من الاستعمار الخارجي إلى استعمار الذات: اللغة الكردية بين من ...
- بين الإبراهيميّة والإخوانيّة: الكرد في مرمى المشاريع العابرة ...
- رحيل أحمد حسين الشيخ سعيد: عد إلى مسقط رأسك هناك، وارقد قرب ...


المزيد.....




- دخل منطقة محظورة.. سائق توصيل طلبات ينتهي به المطاف على مدرج ...
- -تصميم- فرنسي على الاعتراف بدولة فلسطينية... وشكوى ضدّ إسرائ ...
- الشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعة ...
- بنعبد الله يستقبل وفدا عن عن الجمعية المغربية لحماية المال ا ...
- مودي يفتتح أعلى جسر سكة حديد في العالم يربط كشمير بباقي الأر ...
- لحظة رعب في السماء.. طفلان ينجوان بأعجوبة من قلعة مطاطية طائ ...
- ترامب: وفد أمريكي يجري في لندن يوم 9 يونيو مفاوضات تجارية مع ...
- -إنجاز طبي في مكة-.. استخدام روبوت في عملية جراحية دقيقة بال ...
- رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم -مؤسسة غزة الإ ...
- الى الامام العدد 248


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - تجنيس الإرهاب ووطنية المثقف الكردي