أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - تحليل رواية -بيت الطوفان- للروائي العراقي -سلام حربة-














المزيد.....

تحليل رواية -بيت الطوفان- للروائي العراقي -سلام حربة-


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 08:13
المحور: الادب والفن
    


تُجسّد رواية "بيت الطوفان" فكرة الوطن كذاكرة أكثر من مجرد جغرافيا، حيث يحمل البيت، رمزًا مركزيًا في العمل، تاريخًا متراكمًا من التحولات السياسية والاجتماعية. من خلال شخصيات مثل الراوي خالد وطوفان، ينسج الكاتب سردًا غارقًا في الرمزية، يعكس صراع الهوية والانتماء في مواجهة التغيرات القسرية التي عصفت بالمكان.
**المواصفات الفنية للكتاب:**
- **المقاس:** 14 × 21 سم
- **عدد الصفحات:** 188 صفحة
الرواية تتبع نهجًا سرديًا يعتمد على تداخل الأزمنة والوقائع، حيث يسرد طوفان قصته ليس كمجرد مسيرة فردية، بل كشريط طويل من تاريخ الوطن؛ بكل انعطافاته، وأحلامه المنطفئة، وحلقاته التي تعيد نفسها كدوامة لا تهدأ. **محلة الوردية**، التي نشأ فيها خالد، تمثل رمزًا للوطن المثالي، حيث يسود التآلف والتعاون. ومن هنا تأتي إحدى الإشارات العميقة عندما يشتري طوفان بيتًا في ذات المحلة، البيت الذي كانت تقطنه عائلة يهودية قبل أن تغادره إلى إسرائيل بسبب المضايقات، في انعكاس لتبدّل الأوطان وتداخل المصائر.
إحدى أقوى اللحظات الرمزية تتجلى عندما يبدأ خالد بالتقرب إلى طوفان بعد سنوات من العزلة، في مرحلة تجاوز فيها الأخير المئة عام. عندما وجد خالد طوفان على وشك الموت في منزله، أنقذه واعتنى به في المستشفى، ثم استمر برعايته حتى وفاته. لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما اكتشف خالد قبرًا داخل غرفة طوفان، يضم رفات زوجته التي فارقت الحياة حسرةً إثر حرب الخليج عام 1991. وعندما استفسر خالد عن سبب دفنها هنا بدلًا من مقابر العامة، أجابه طوفان بأن هذا البيت هو مكانها الصحيح، وأنه يود أن يُدفن بجوارها، إذ كان *بيت الطوفان* تجسيدًا لوطنه، وأراد أن يموت فيه لا خارجه. وفي النهاية، دُفن طوفان بجوار زوجته، ولم يبع خالد المنزل رغم حاجته إلى المال، محافظًا بذلك على الدلالة الرمزية التي حملها البيت كجزء من الهوية الوطنية.
الرواية تُبرز بذكاء الفوارق بين المجتمعات المتقدمة ونظرتها للحياة، حيث يتجدد الإدراك ويُساءَل التاريخ، على عكس واقعنا، الذي يعيد السرد كما تفعل الببغاء، دون أن يخترق الجوهر أو يتساءل عن معنى ما يردّده. وحين يستيقظ الإنسان من هذه الدوامة، تصدمه الحقيقة، ليكتشف أنه كان عالقًا في فراغ ممتد، لا يرى إلا ظلاله المتكسرة، وأن اللحظة التي ظنها يقينًا ليست سوى كذبة مريحة.
عندما يصل طوفان إلى هذا الإدراك، لا يجد ملجأ سوى الغوص في ذاته، حيث يعيش اضطرابًا فكريًا يجعل حدوده الشخصية أكثر تداخلًا وغموضًا. ولكن بينما تتعمق عزلته، تنفجر الحرب على الوطن، وتبدأ القذائف في هدم المدن، ويحتضر طوفان تحت وطأة الدمار، كما لو أن سقوطه يجسّد انهيار بغداد نفسها. في هذه اللحظة، يُطوى فصلٌ من التاريخ، ويبدأ آخر يُكتب على رماد المرحلة السابقة، ممهِّدًا لزمن جديد تتشكل فيه الهوية من بين الركام.
الاسترسال في السرد رائع، والأسلوب ينبض بالحياة، مما يمنح الرواية ديناميكية تمسّ القارئ فكريًا وعاطفيًا. الرمزية متقنة، والصور السردية تنسجم مع عمق الفكرة، مما يجعل الترجمة الأدبية للأحداث وسيلة فعّالة لإيصال رؤية الكاتب بمهارة وحرفية عالية. وهكذا، تصبح الرواية ليست فقط توثيقًا لتجربة فردية، بل شهادة على مرحلة تُعيد تشكيل التاريخ.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبور الضباب
- أوهام العزلة وومضات الأمل
- صدى صرخة مدفونة
- رحلة في أعماق النفس البشرية
- تأملات في عشق الوطن
- غروب الرحيل ١
- وأخيرًا قبري
- مقطع من روايتي القادمة الفصل ( السماء الثلجية)
- طريق المتاهة
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل
- حب خفي
- أوهام ساطعة
- عاهرتنا اشرف
- وطن مهزوم
- نجمة متوارية
- أمس لا يزال حلوً
- مجلس االعظماء
- خلف الأفق


المزيد.....




- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...
- يعيد للعربية ذاكرتها اللغوية.. إطلاق معجم الدوحة التاريخي
- رحيل الممثل الأميركي جيمس رانسون منتحرا عن 46 عاما
- نجم مسلسل -ذا واير- الممثل جيمس رانسون ينتحر عن عمر يناهز 46 ...
- انتحار الممثل جيمس رانسون في ظروف غامضة
- فيلم -القصص- يحصد التانيت الذهبي في ختام أيام قرطاج السينمائ ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - تحليل رواية -بيت الطوفان- للروائي العراقي -سلام حربة-