أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - طريق المتاهة














المزيد.....

طريق المتاهة


كفاح الزهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8058 - 2024 / 8 / 3 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


كانت متعبةً للغاية حتى وقعت أسير النوم عميقًا وشاملًا. لم تكن لديها القدرة على الهروب من أسرها حتى الفجر، أُخلي سبيلها في ظل جو صباحي مشرق والموثق بالخضرة، تتألق في سمائها أنواع الطيور.
عاشت في زمن انتشرت فيه التقنية الحديثة، ودون شك كان عقلها مبتلًا بماء تطورها، إلا أنها كانت عاكفة على قراءة الأساطير والانغماس في الأوهام والخرافات، لأن الجو العام كان ملبدًا بغيوم اللاوعي.
لم تكن تهتم على الإطلاق بالمستقبل، ولم تدغدغ أحاسيسها آفاق التمدن والتحضر، علما أنها كانت مواظبة على استخدام الإلكترونيات المتقدمة والاعتماد على مصادر تدفقها؛ لأن عقلها لم يكن يستطيع التمييز ورؤية الازدهار بعيون متحررة، بل عقلها عاش في بيئة كانت ولا تزال تتمرغ في وحل الماضي.
كان وباء الفقر، والجهل، وهوان الفكر هو الأكثر شيوعًا في هذا الوَسْط المتدهور. حالما فتحت عينيها، وجدت نفسها أمام رجلِ ملتحٍ يقف منتصبًا كالشبح، يرتدي زيًا يعود إلى زمن ما قبل أكثر من ألف عام.
التقت عيونهما في توجس وغموض؛ وقد اعترتها نوبة استياء مفاجئة، وتَخَضب وجهها بحمرة شديدة. كان ينظر إليها بعين ملؤها الشهوة؛ فهو يرى وجها خارق الجمال، يخطف انتباهه بمزيد من القوة. بدأ الرجل يرخى العِنان لخياله، ابتسم لها واشتهاها على الفور، فهي ليست سوى جاريةً وجسدًا للمتعةِ.
إن ما تشعر به في هذه اللحظات ليست أخيلة سراب أو مصادفة عبثية؛ وإنما واقع محسوس دون أن تفلح في فك طلاسم اللغز المبهم. نشأت تتفرس فيه بازدراء، وطفت على وجهها انطباعة الدهشة والريبة، فلم تملأ منه عينيها، لا سيما عندما شاهدت أشياء غريبة، أثارت في نفسها تساؤلات عدة: رداء الرجل غير مألوف، وطريقة كلامه وتفوهه بلهجة، كما في ـ المسلسلات التاريخية ـ التي تشاهدها على شاشة التلفزيون.
كانت تقدح ذهنها كي تلملم أفكارها في مزيج محبوك بنسيج رهيف يساعد في الحفاظ على الراحة والأمان، ولم يمض على الأمر وقت طويل قبل أن تبدأ الهواجس الخفية المخبأة في مكان ما هناك في الظهور، تلك الهواجس التي بدت وكأنها شعور خفي، ولكن ملموس. إنها معركة بين الجديد القديم والقديم الجديد.
"بات من الصعب وصف الأبعاد الفكرية لدن عقول استهجنت وَسْط ـ صراعات الحضارات ـ وهيمنتها على شريحة واسعة من المجتمع، تعيش في غياهب الجهل المسرف".
كل مباهج الحياة التي استمتعت بها لم تكن تعني لها شيئا، في الوقت الذي كانت تعيش في فراش وثير وناعم وبيت فخم وتركب أفخر السيارات، إلا أنها ما زالت مملوءة ذهنيًا برغبات عفا عليها الزمن تسري في أعماقها بيسر، تنظر إلى الأشياء الجديدة بنظارات سوداء؛ بسبب تلك التراكمات الكمية لأفكار جامدة رست على أرصفة الخلايا الصدئة وتوالت عبر الأجيال حتى أدت إلى تلف كامل في أجهزة الدماغ.
مع أن النفس قد تتحرر من بعض حماقاتها، ولكن التصاقها بتلك البيئة لا بد أن يرغمها أن تسقط في وحل القطيع، إن هذا الظلام الذي يحيط بأفق روحها الداخلي يجعلها لا تعي وعيًا سليًما في كل ما يجرى من تناقضات في نفسها؛ وثمة هناك أشياء عدة ساطعة كالشمس؛ ولكن الضباب الكثيف المحيط بصفحة الدماغ، يمنعها من الرؤية الواضحة.
فجأة اختفت الفتاة كالسراب، فيما لبث الرجل واقفًا في مكانه، وعلى وجهه تبرق ابتسامة الفرح وأسارير الاندهاش معًا.



#كفاح_الزهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقطع من روايتي القادمة منعطف الرحلة في الزمن الصعب
- متاهة عقلية
- انشودة الأمل
- حب خفي
- أوهام ساطعة
- عاهرتنا اشرف
- وطن مهزوم
- نجمة متوارية
- أمس لا يزال حلوً
- مجلس االعظماء
- خلف الأفق
- مَمَدْ اسطورة القبور
- سخريات القدر
- انصار يرتقون
- وريث الجن
- لا يزال في الغور
- رهان و شيطان
- حزن في نافذة الفجر
- عندما يذوب الصمت
- صُنان الشرنقة


المزيد.....




- الشاعر حامد بن عقيل يفك شفرة العالم في -الوحدة حرّية حزينة- ...
- متحف اليمن الوطني.. صرح تاريخي طاله التخريب الإسرائيلي
- دمشق تطلق غدا أول تظاهرة سينمائية عن الثورة السورية
- جدل عالمي حول مقاطعة السينما الإسرائيلية.. ما القصة؟?
- فرقة صابرين.. تجربة موسيقية ملتزمة في خدمة الهوية والثقافة ا ...
- بانكسي فنان بريطاني مجهول يناضل بالرسم على جدرن العالم
- الموت يغيّب الفنان والمخرج عباس الحربي في استراليا
- حملة عالمية لمقاطعة سينما إسرائيل تتضاعف 3 مرات خلال أيام
- تعهد دولي بمقاطعة سينما إسرائيل يثير ضجة كبرى في العالم
- فنانون أتراك يدعمون حملة -جسر القلوب من أوسكودار إلى غزة-


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كفاح الزهاوي - طريق المتاهة