أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقالية في العراق بعد 2003














المزيد.....

الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقالية في العراق بعد 2003


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 09:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد التحوُّل الجذري الذي شهده العراق عام 2003، مع سقوط النظام الديكتاتوري وانزياح فلوله الاجرامية واختفاء اجهزته القمعية ، وانفتاح الباب على مصراعيه أمام رياح التغيير السياسي والاجتماعي واعاصير الحريات الخاصة والعامة ... ؛ صدم المجتمع العراقي بواقعٍ مُعقَّدٍ لم يُحسِنْ الكثيرون استيعابه... ؛ فبعد عُقود من القمع والظلام والعوز والبؤس والانغلاق والحصار والعُزلة الدولية ... ، والتي خلَّفت وراءها إرثًا من العُزلة الاقتصادية والفقر المدقع والتخلف الرهيب ... ؛ انطلقت شرارةُ الحرية المفاجئة لتُحدث صدمةً مجتمعيةً عميقة... ؛ فمن عُتمة الحصار والكبت إلى فضاءاتٍ واسعةٍ من الحريات المُطلَقة... ؛ واجه العراقيُّ تناقضاتٍ حادَّةً بين ميراث الماضي المغلق ورهانات المستقبل المفتوح ، ما ولَّدَ ارتباكًا سلوكيًّا وفكريًّا لدى شرائحَ واسعةٍ، تباينت ردود أفعالها بين الانجرار إلى مظاهرَ استهلاكيةٍ وفردانيةٍ مُفرَطةٍ وسلوكيات هابطة تحت شعار الحرية الشخصية والحريات العامة ، وبين الانخراط في تحالفاتٍ مشبوهةٍ مع قوى خارجيةٍ واعلان الولاء للقوى الاجنبية والغريبة تحت ذريعة الديمقراطية وحرية الرأي ...!!
لم يقف الأمر عند حدود الاضطرابات الفردية، بل امتدَّ ليشمل مؤسسات الدولة نفسها، حيث لجأ بعضُ المسؤولين في المحافظات وإقليم كردستان إلى عقد اتفاقاتٍ سريةٍ مع دولٍ إقليميةٍ ودوليةٍ، مُتجاوزين السلطةَ المركزيةَ، ومُهدِّدين بذلك سيادة العراق ووحدته... ؛ وقد اتخذت هذه الممارساتُ أشكالًا مُختلفةً، بدءًا من منح امتيازاتٍ اقتصاديةٍ لدولٍ معاديةٍ تحت غطاء الاستثمار، مما أفضى إلى سيطرة خارجيةٍ على مقدرات المحافظات، ووصولًا إلى التدخل السافر في الشؤون الداخلية عبر نشر أفكارٍ طائفيةٍ ودعواتٍ مذهبيةٍ هدَّامةٍ والتبشير بمشاريع سياسية منكوسة ، بهدف تفكيك النسيج الاجتماعي وإضعاف الهوية الوطنية والحاق افدح الاضرار بالعراق والاغلبية والامة العراقية ومصالحها الحيوية .
ولم تكتفِ هذه القوى الخارجية باختراق النخب السياسية، بل امتدَّت أياديها إلى شرائحَ أوسعَ، عبر رشاوى ماليةٍ تُقدَّم لشيوخ العشائر ورجال الدين والإعلاميين، بل وحتى لبعض المسؤولين الأمنيين الذين تُغريهم المصلحةُ الشخصيةُ على حساب المصلحة العامة... ؛ وتُعدُّ هذه الأموالُ المشبوهةُ – التي تُدارُ بعيدًا عن الرقابة – وقودًا لتغذية الفساد وخلق شبكاتٍ عميلةٍ تعمل على تعطيل المشاريع التنموية، وتعزيز المظاهر السلبية، بل وتمرير قراراتٍ تخدم أجنداتٍ خارجيةً على حساب مصالح العراق العليا.
في مواجهة هذا التحدي المصيري، يتحتَّم على القوى الوطنية الحية، من أحزابٍ ونخبٍ ثقافيةٍ وإعلاميةٍ ومؤسساتٍ مجتمعيةٍ، أن تتصدَّى لهذه المخططات بخطابٍ وحدويٍّ مُتماسكٍ، يعيدُ ترتيب أولويات المرحلة... ؛ وذلك عبر تفعيل آليات الرقابة الشعبية، وكشف الفاسدين وفضح تحركاتهم، ودعم الأجهزة الأمنية في ملاحقة المتورطين، مع تشريع قوانينَ رادعةٍ تُجفِّف منابع التمويل الخارجي، وتُجرم التعامل مع جهاتٍ تُهدد أمن العراق... ؛ كما ينبغي تعزيزُ الخطاب الإعلامي الواعي الذي يُحارب مفاهيم التطرفَ والتبعية والذيلية والعمالة والخيانة بكل أشكالها ، ويُعيدُ الثقةَ بالدولة عبر إبراز إنجازاتها، ويُحصِّنُ المجتمعَ من الاختراقات الفكرية التي تزرع الفرقة.

إن المعركة الحقيقية اليوم ليست مع آثار الانظمة الدكتاتورية والطائفية والاجرامية فحسب، بل مع أدوات ايتام وازلام وانصار تلك الانظمة البائدة الجديدة وشعاراتهم المتجددة و التي تستغلُ الفوضى لتحقيق مكاسبَ سياسيةٍ واقتصاديةٍ مشبوهة ... ؛ ولا يُمكن الفوزُ بها إلا بإرادةٍ جماعيةٍ تُعيدُ الاعتبارَ لمفهوم الحرية المسؤولة، وتُؤسسُ لعهدٍ جديدٍ تُصانُ فيه السيادةُ، ويُبنى على أسسِ العدالة والشفافية والقانون.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حَفْريَّاتُ الوَهْمِ في صَحْراءِ الوَعْي المُعَلَّب: سُريالي ...
- اعداد ضحايا الارهاب والعمليات العسكرية بين المبالغة والتضليل
- طفولة تحت الأنقاض.. جراح الطفولة تُلقي بظلالها على مراحل الع ...
- تحليل ظاهرة -الزَّعْل- في المجتمع العراقي: جذورها، تجلياتها، ...
- لقاء العيون في زمن متشظٍّ : سردية سريالية للالتقاء العابر وا ...
- التنكر للطائفية : إشكالية الإنكار وتضليل الممارسات الطائفية
- الأصدقاء: عائلة الروح ومرآة الذات
- الابتسامة المزيَّفة: قناعٌ من ذهب وحقدٌ من نار
- التشويه الديموغرافي وصراع الهوية: جرائم الاحتلال العثماني وا ...
- النزاعات العائلية والعشائرية في العراق: جذور التمزق الاجتماع ...
- العراق العلوي يدفع الجزية للحكومة الاموية في سوريا ؟!
- العراق وتنازلات السياسة الخارجية... بين الواقع والمأمول
- التعاون مع الإرهاب لمُكافحة الإرهاب : مُناقضة عَقَليّة أم خِ ...
- السياسة بين فن الممكن وواجب الدفاع عن الأرض: خور عبد الله ال ...
- التيه القيادي: أزمة الهوية والتبعية في الواقع الشيعي العراقي
- مليشيا حرس نينوى والتآمر التركي القديم المتجدد
- ظاهرة الجُعْصُ : حين تتحوَّلُ السجونُ من مراكزَ إصلاحٍ إلى و ...
- سوريا : من الربيع المزيف إلى مملكة الإرهاب
- متى تتعلم ( دونية ) الاغلبية العراقية من تجربة الدرزي قاسم ا ...
- احذروا من السوريين المتطرفين في كل مكان


المزيد.....




- نعيم قاسم: الحرب مع إسرائيل -لم تنته-.. وأمريكا -تجاوزت حدود ...
- شاهد.. ملثم يرسم نجمة داوود داخل مسجد في الولايات المتحدة
- أمين عام -حزب الله-: المقاومة لا تسكت على ضيم ونحن نعتبر إلى ...
- موسكو: إنجاز التبادل يمهد لبحث التسوية
- -هآرتس-: قدرة -حماس- لم تتراجع ولديهم 40 ألف مقاتل وآلاف ال ...
- الملك عبد الله الثاني يوجه كلمة للأردنيين بمناسبة ذكرى الاست ...
- مصر: كارثة غزة بلغت مستويات غير مسبوقة وحان وقت قيام دولة فل ...
- روداكوف: روسيا ستنتصر على النازية الجديدة
- إدانة ضابط أميركي رفيع في قضية رشوة
- عمر خيرت: حققت 70% من أحلامي الموسيقية والرحلة لم تنته بعد


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الحريات المنفلتة والتدخلات الخارجية : تحديات المرحلة الانتقالية في العراق بعد 2003