أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- على الهواء الطلق














المزيد.....

عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- على الهواء الطلق


بن سالم الوكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 8349 - 2025 / 5 / 21 - 08:06
المحور: كتابات ساخرة
    


في لحظة سياسية نادرة لا تحدث إلا في جمهوريات الطرائف، شهدت مدينة العيون المغربية نهاية الأسبوع الماضي حدثا سيدرس ذات يوم في كتب "الكوميديا السياسية التطبيقية". لم يكن الحاضرون على موعد مع خطاب حزبي تقليدي، ولا مع عرض انتخابي بروتوكولي، بل مع مسرحية سياسية من الطراز الرفيع، بطلها غير المتوج: رئيس الحكومة المغربية، السيد عزيز أخنوش. عرض استثنائي لم يحتاج إلى مخرج أو سيناريست، بل كانت الحياة اليومية للمواطن المغربي هي المؤلف الحقيقي، والجمهور هو المخرج، أما المسرح فكان منصة حزب "التجمع الوطني للأحرار" التي تحولت إلى خشبة مهزلة سياسية عامة.

تخيلوا المشهد: عزيز أخنوش، رجل الأعمال الذي تحول إلى سياسي ثم إلى نجم في كواليس الغضب الشعبي، يعتلي المنصة في مدينة العيون وهو يتهيأ لإلقاء خطبة، لعلها كانت مكتوبة مسبقا بحبر الإنجازات الافتراضية. لكن بدلا من التصفيق والتهليل، استقبل بهتافات "ارحل" التي دوت كأنها صفارات إنذار في حفل رسمي. بدا وكأن المواطنين لم يأتوا لسماع الوعود، بل للمطالبة بفاتورة حساب سياسي مؤجل.

وبينما كان رئيس الحكومة يحاصر بشعارات لا تخطئها الأذن، تحرك الحرس الخاص، ومعه بعض قيادات الحزب، في مشهد استعراضي يليق بأفلام الإنقاذ الهوليودية، حيث بدا كل واحد منهم وكأنه مستعد للتمثيل في جزء جديد من سلسلة "Mission: Impossible". الفرق الوحيد هو أن "المهمة المستحيلة" هذه المرة كانت تأمين انسحاب سياسي مهزوم، لا استعادة وثائق سرية.

لكن العرض لم ينته عند هذا الحد. فكما تقتضي الكوميديا السياسية الجيدة، جاءت الفقرة الثانية أكثر عبثا من الأولى: مراسلة صحفية تطرد من قلب التجمع الحزبي، في تصرف يليق بمسرحية عبثية كتبها كاتب ساخر فقد ثقته في الواقعية. هذا الطرد لم يكن مجرد خطأ بروتوكولي، بل كان إعلانا فجا عن قلق مزمن من الكلمة الحرة، في مشهد يجعلنا نتساءل: هل دخلنا رسميا عصر "الصحافة حسب المزاج الحزبي"؟

الرسالة التي حملها المواطنون في لافتاتهم وهتافاتهم كانت أوضح من كل البرامج السياسية المكتوبة: نحن هنا، نعيش أزمة اقتصادية خانقة، وغلاء غير مسبوق، وسقفا من التوقعات انهار على رؤوس الجميع. أما أخنوش، فوجد نفسه يؤدي دور "رئيس وزراء في بلد متخيل"، حيث المؤشرات الاقتصادية ترسم في المكاتب المكيفة، بينما السوق الحقيقي يروي حكايات مختلفة تماما.

هذا التجمع الحزبي ـ الذي كان من المفترض أن يكون عرضا للقوة والتنظيم والاستعداد للانتخابات المقبلة ـ تحول إلى عرض ساخر لا ينقصه سوى راوي ليروي النكتة في نهايته. فالمواطنون، وهم الجمهور الحقيقي في هذا العرض، لم يعودوا يقبلون بأدوار الصمت، بل قرروا اعتلاء خشبة السياسة بأنفسهم، ملوحين بلافتات الغضب بدل تذاكر الولاء.

ومع اقتراب استحقاقات 2026، يبدو أن المسرح السياسي المغربي على وشك استقبال عروض أكثر إثارة، حيث تتراجع الماكينات الحزبية أمام أمواج السخرية الشعبية، ويترنح "الزعيم" أمام واقع لا تزيله الإعلانات، ولا تخفيه خطابات مكرورة.

السؤال البسيط والمعقد في آن واحد هو: هل يستوعب صناع القرار أن السياسة في المغرب لم تعد فن إدارة الخطاب، بل باتت فن البقاء في وجه عاصفة شعبية تسخر من كل شيء... حتى من محاولات السيطرة على الضحك؟

في النهاية، يبقى أخنوش – شاء أم أبى – ممثلا في عرض يومي يكتبه الشارع، وقد لا يملك فيه خيار إعادة المشهد.



#بن_سالم_الوكيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -مرحبا بالمتسولين في الشرق الأوسط: صدقة أم جزية؟-
- -التعليم العالي جدا... في الانحدار -!
- ترامب في الشرق الأوسط: أربعة تريليونات دولار وقصر يطير
- بوتين يمد السجادة الحمراء للعرب: قمة أم رقصة دبلوماسية؟
- بدون فلتر*** من مائدة مكناس إلى كرسي الحكومة: عزيز أخنوش... ...
- سوق السلام الكبير: كيف تحولت الاتفاقيات الإبراهيمية إلى صفقة ...
- عزيز أخنوش وتداعيات سياساته: من شركات الغازوال إلى غلاء الأس ...
- الشر الرخيص: وصفة الفوضى الإنسانية
- -رشيد الطالبي العلمي: الأستاذ الذي يحاضر في الوطنية والسيادة ...
- -السلام في زمن الماديات: عندما يتحول حلم العالم إلى صفقة تجا ...
- -كأس إفريقيا: مهرجان الرفاهية الذي يمول بدموع الفقراء-
- -عندما يسوق العالم مجنون: الرئيس الأمريكي على دراجة بلا عجلا ...
- الإنسانية للبيع: قراءة ساخرة في ملف تبادل الأسرى
- حكومة الكراسي الفارغة: مشهد ساخر في زمن العزلة السياسية
- -سيرك الدماء: حين تتحول الحرب إلى عرض عبثي تصرخ فيه الأمهات-
- -النجم الشعبي: حين يصبح التحكيم أشبه بجلسة شاي في عرس شعبي-
- ترامب ونتانياهو: كوميديا السياسة بين التهديدات والنفاق الدبل ...
- أسكاس أمباركي 2975 : عندما يصبح العبث سياسة رسمية
- -انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة: سلام مرتقب أم استراحة محارب ...
- حين تشتعل الأرض: السياسة بين العبث وإنذار النهاية


المزيد.....




- مهرجان أفلام المقاومة.. منصة لتكريم أبطال محور المقاومة
- بعد أشهر من قضية -سرقة المجوهرات-.. الإفراج عن المخرج عمر زه ...
- الإمارات.. إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي باللغة العربية
- 6 من أبرز خطاطي العراق يشاركون في معرض -رحلة الحرف العربي من ...
- هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
- من هنّ النجمات العربيّات الأكثر أناقة في مهرجان كان السينمائ ...
- كان يا ما كان في غزة- ـ فيلم يرصد الحياة وسط الدمار
- لافروف: لا يوجد ما يشير إلى أن أرمينيا تعتمد النموذج الأوكرا ...
- راندا معروفي أمام جمهور -كان-: فلسطين ستنتصر رغم كل الظلم وا ...
- جبريل سيسيه.. من نجومية الملاعب إلى عالم الموسيقى


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بن سالم الوكيلي - عزيز أخنوش في العيون: حين تتحول الزعامة إلى -سيتكوم سياسي- على الهواء الطلق