أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - القفز من نافذة الحكاية














المزيد.....

القفز من نافذة الحكاية


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8341 - 2025 / 5 / 13 - 08:07
المحور: الادب والفن
    


كطفل، وفي غفلة من الحارس، استطعت أن أقفز من نافذة الحكاية، إلى مدينة الحكاية، لم يرني أحد، فالحكاية لا تسمح لأحد بالقفز فيها إن لم يكن أحد أبطالها، لكني غامرت، لأني، كنت أتوق إلى أن ألتقي بالعرافة، تلك المرأة التي تبيع الحلم في أغلفة من الأمل، كانت تعيش في احدى زوايا الحقيقة، رغم أن الحلم بضاعتها، وكانت تلك الزاوية، على أعلى قمة لجبل العشق، الجبل الذي يفصل بين الواقع والأسطورة، فظاهره فضة، وباطنه جوهر الصمت، وفي مركزة نقطة، لا يعرفها إلا من تخطى حاجز المعرفة، ولما كنت لا أمتلك إلا الجهل والسؤال، وطأت قدمي السفح، فانشق الهواء عن موسيقى لا يسمعها إلا من أضاع اسمه في كتاب الزمن، صعدت الجبل بخطوات لم تكن لي، كانت لآخر يشبهني، كلما نظرت إليه داخل عينيّ، وجدته يبتسم بابتسامة العارفين، أولئك الذين قرأوا نهايتهم قبل أن يولدوا، وإن كنا سويا لا نمتلك إجابة.
في منتصف الجبل، التقيت بكائن من دخان، قال: العرافة لا تُرى إلا إذا أغمضت عينيك عن مايشغلك بما هو شاغل، وفتحت قلبك للسكون.
فعلت.
عند القمة، كانت تنتظرني.
ليست كما رسمتها الأحلام، بل كما رسمها الانتظار الطويل:
عينٌ من صفاء، وعينٌ من ندى،
صوتٌ كأن الريح تعلّمه النُطق،
وشَعرٌ يُشبه المجرّات، يتدلّى من رأسها حتى أقدامي.
قالت:
ـ "لماذا جئت؟"
قلت:
ـ "لأشتري حلمًا لا ينكسر."
ضحكت، فانشقّ الجبل، وسقطنا معًا في حفرة من النور.
ومنذ ذلك الحين، لم أعد أنا.، ولا ما كنت أظن أنني هو، فالمكان الذي كنت فيه، لم يكن سوى صدى خطوةٍ لم تقع بعد، والعتمة لم تكن ظلامًا، بل فائض نسائم العشق عجزت عيناي عن احتماله، ولا كان الوقت زمنًا، بل ارتجاف اللحظة حين تهمّ بأن تصير.
كنت أستدير حولي، لكنني لم أكن دائرة، ولا نقطة في المركز،
كنت أنا الدوران نفسه، ذاك الذي لا يبدأ إلا حين يتم نسيان السبب
لم أكن أدري هل أنا بالأعلى أم بالأسفل، الاتجاه الآن وهمٌ أعرج، يستند على كتف الإدراك المرتجف، وأنا، فقدت الاتجاه حين ناداني الحنين إلى وجهي القديم، إلى صوتي القديم، الذي مازلت أتذكره يقول لي: "أنصت... فالصوت يسكن فيك منذ البدء، لكنك كنت مشغولا بضجيج الخارج."، وحينها، لزمت الصمتُّ، ليس لأنني عرفت، بل لأن المعرفة سقطت مني، كما يسقط قطرات المطر من بدن السحاب، فتبعثرتُ، لا إلى أجزاء، بل إلى معانٍ، كلّ منها يُنكر الآخر، ويحنّ إليه.
صرختُ دون صوت، فارتجّت مدينة الحكاية، وعلمت بوجودي، فأدركت النهاية، لكن، كان هناك باب، لم يكن يُفضي إلى شيء، بل كان يُغلق خلف كل من يفتحه، كان ملاذي الأخير قبل أن اصبح أسير الحكاية، دخلت، لم أجد شيئًا، سوى بقايا من ملامحي القديمة، وتذكرة سفر، وصورة لطفل يبتسم لي في لؤم، ونافذة الحكاية التي قفزت منها، تغلق مصراعيها من جديد، قبل أن يسدل الليل أستاره على مشاعري، استدرت نحو بوابة الخروج، لكني لم أعبأ بملامحي القديمة، ولا بتذكرة السفر التي علقت بأصابعي، ولا بصورة الطفل اللئيم، فقط، كنت أحلم بأن أعاود القفز من نافذة الحكاية مرة أخرى، متى ماغفل حارس الحكاية عني، لعلني أعثر على العرافة، التي تبيع الحلم في أغلفة من الأمل.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخديوي إسماعيل وبناء مصر الحديثة: أول برلمان، وأول تعليم مج ...
- النجمة فاتن حمامة وجه القمر سيدة الشاشة العربية
- حامد عويس شيخ التشكيليين العرب ( الجزء الثاني )
- شيخ الفنانين التشكيليين المصريين حامد عويس ( الجزء الأول )
- القنوات الوثائقية وساحات النفوذ: كيف تصنع القنوات الوثائقية ...
- مصر القديمة... مهد الإخراج المسرحي وجذور الدراما الإنسانية:
- مسرح الطليعة يحيي الذكرى ١٥٠ لوفاة -بيزيه- ...
- الإسقاط النجمي: بين التجربة الباطنية والبنية الرمزية
- المسرح النفسي: جدلية السيكودراما والعلاج بالدراما
- ماذا تبقى من القومية العربية؟
- المسرح المصري ١٩٨٠ - ٢٠& ...
- الكتاب الأكثر مبيعا في العالم لعام ٢٠٢ ...
- من أراد الحرية .. عليه أن يستعد للموت
- رواية دعاء الكروان حين تكون المرأة الشرقية ضحية لثلاثية المو ...
- النشيد الأول للعشق
- العشق ورحلة الفناء في الحقيقة
- قراءة في كتاب جماليات الصوفية لسايروس زارجار
- السعادة عند ابن سينا وابن عربي
- مفهوم الحياة من منظور الفلسفة
- السعادة وإمكانية الحقيقة


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - القفز من نافذة الحكاية