أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - النشيد الأول للعشق














المزيد.....

النشيد الأول للعشق


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8301 - 2025 / 4 / 3 - 06:09
المحور: الادب والفن
    


العشقُ هو النسمة الأولُى التي هبَّت على الوجود، فتراقصَت بها الأرواحُ في حضرةِ السرِّ، وتلاقتْ في ساحةِ النورِ قبل أن تُبعثَ في هيئاتٍ وأسماء، إنها ذلك النداءُ الخفيُّ الذي يسري في عروقِ الزمنِ، يُحرّكُ الأقدامَ نحو مصيرٍ مجهولٍ، لكنه مكتوبٌ في عمق القلبِ منذ الأزل.
قبل أن تخطو الأقدام على بساط الوجود، وقبل أن يُنحت الزمن على صفحة الكون، كانت هناك نسائم تتهادى بين الحجب، لمسةٌ أولى خرجت من رحم السر الأزلي، فأيقظت فينا نشوةَ العشق الأول، وألقت بنا في عالم الظلال، حيث تسير الأرواح متعانقةً في تيه الاشتياق.
ما الغربة إلا مرآةٌ نرى فيها وجوهنا كما لم نرها من قبل، وما اللقاء إلا تذكرٌ قديم، حيث تتلاشى المسافات، ونصبح جميعًا انعكاسًا لتلك اللمسة الأولى التي وهبتنا النور، إن الله تتجلى محبته في ملامح من حسبناهم غرباء، ويهمس إلينا بصوتهم، ويفتح لنا أبواب الفهم عبر أعينهم، وما الاختلاف إلا حجابُ الحكمة، وما الفرقة إلا ضربٌ من امتحان القلب، فإن أبصرنا به، تجلت لنا الوحدة خلف كثافة الأشكال.
في التأمل يغدو القلب سفينةً تبحر في رحاب النور، تعبر المسافات التي لم تُخلق، وتصل إلى نقطةٍ لم تغب يومًا عن بصيرة العاشق. هناك، حيث لا ظل ولا تعدد، حيث العشق هو الحقيقة الوحيدة، هو العهد الأول، وأننا جميعًا، رغم الأسماء والهيئات، قطرةٌ واحدةٌ عادت إلى بحرها.
العشق الذي يذيب الأنا، ويمحو الحدود، فلا يبقى من الكيان إلا شعلةٌ تسجد عند مقام النعمة، هناك، في صمت العاشقين، تُولد الأنوار، وتنحل عُقد الزمان، فلا الأمس يفصلنا عن الغد، ولا اللحظة إلا بوابةٌ مفتوحة على السر الباقي. كل نظرةٍ تحمل في طياتها إشراقًا، وكل همسةٍ تختزل فيها حكمةُ الأبد، فكل لقاءٍ مكتوب، وكل روحٍ تقابلها كانت تسير نحوك منذ الأزل.
أيها السائر في دروب الحنين، تذكر أن الحب ليس لقاء أجساد، بل شهقة روح تذكرت أصلها في وهج عينٍ أخرى. وأن الغريب ليس سوى رسولٍ أتى ليوقظك، ليذكرك بأنك لم تكن يومًا وحيدًا، وأن المسافات خرافةٌ يخلقها الوهم، لأن كل شيءٍ يعود إلى تلك اللمسة الأولى التي أهدتنا سرَّ الوجود.
فأنصت، ودع الصمت يحمل إليك صدى الحقيقة، فكل خطوةٍ نحو الآخر هي اقترابٌ من ذاتك العميقة، فكل ترنيم سلام تمنحها لروحٍ غريبة، هي سجودٌ صامتٌ عند محراب العشق الأزلي.
وحين تنكشف الحجبُ، وتذوبُ الأسماءُ في ضوء المحبة، لن يكون هناك أنا وأنت، ولا بعيدٌ ولا قريب، بل إشراقٌ واحدٌ لا يعرفُ الفناء، ونهرٌ من النورِ يعودُ إلى منبعه، كما تعودُ قطرةُ المطرِ إلى البحرِ الذي لا ساحلَ له.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العشق ورحلة الفناء في الحقيقة
- قراءة في كتاب جماليات الصوفية لسايروس زارجار
- السعادة عند ابن سينا وابن عربي
- مفهوم الحياة من منظور الفلسفة
- السعادة وإمكانية الحقيقة
- لماذا الحكمة أفضل من الجمال ؟
- الحب والكراهية عند نيتشة وفلسفة قلب الموازين
- سقوط الدول عنوانه: التدهور الثقافي والفروق الطبقية الحادة
- لماذا تنهار الأمم ؟
- دراما رمضان وصراع الهوية الوطنية بين -مصر الكومباوندات- و-مص ...
- قراءة في أشهر رباعية للشاعر صلاح جاهين كادت أنت تسجنه:
- قراءة في- قصيدة الناس في بلادي- للشاعر صلاح عبد الصبور
- الشاعر صلاح عبد الصبور .. حكاية أسطورة قتلها التنمر !
- مأساة الحلاج ونقد أحد أشهر أشعاره
- سيلفيا بلاث: حكاية اسطورة الشعر التي احترقت في فرن التنمر ال ...
- بابلو نيرودا: الكلمة التي حملت سرّ النار
- بين الفلسفة والتصوف والعلم: هل آن الأوان للثورة الفكرية الجد ...
- محمود ياسين صوت مصر ونجمها الذي أحبته
- -مسرح رمسيس- وقيمة الفنان في الشرق
- مسرحية لحظة حب على قاعة صلاح جاهين بمسرح البالون في مصر


المزيد.....




- 50 عاما من الأدب الساخر.. جائزة إسبانية مرموقة لإدواردو ميند ...
- -مجلة الدوحة.. من الورق إلى الرقمنة- في جلسة نقاشية بمعرض ال ...
- ملصق الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي يجسد أشهر عناق في ...
- ريانا تُعلن عن أغنية جديدة لها لفيلم -السنافر-
- رحيل روبرت بينتون.. السينمائي الذي أعاد تعريف الطلاق ومعاناة ...
- روبيرت دي نيرو -المناضل- وأسطورة السينما العالمية: -في بلدي ...
- مصر.. جدل في البرلمان بسبب إغلاق بيوت الثقافة.. ومسؤول: -مسا ...
- السويد الى نهائي مسابقة الاغنية الاوروبية يوروفيجن
- -المعجم الأدبي- يرى النور في طهران بثنائية فارسية - عربية
- المؤرخ الأميركي يوجين روغان: الاستعمار سلّح الاستشراق والعثم ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - النشيد الأول للعشق