أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الحب والكراهية عند نيتشة وفلسفة قلب الموازين














المزيد.....

الحب والكراهية عند نيتشة وفلسفة قلب الموازين


محيي الدين ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 07:55
المحور: الادب والفن
    


العشقُ هو الحرفُ الأولُ في سفرِ الوجود، نبضةٌ أضاءت الخلقَ في "كن"، وسرٌّ ينسابُ في "يكون". هو شغفُ الروحِ الذي لا يسكنُ وإن بلغَ غايته، مقامُ النورِ الذي لا ظلَّ له، ومعرفةٌ لا يخدشها جهل. هو ذوبانٌ في معنى لا يعرف الفناء، شغفٌ تعرفهُ الحقائقُ ولا تكشفهُ الحقائق، أزليٌّ وإن خفيَ جوهرُهُ في قلوبِ من لم يدركوه بعد.
بين الإيمان الأعمى والتحليل النفسي:
لطالما كانت الملاحظة النفسية إحدى وسائل الإنسان لتخفيف أعباء الحياة، فكما يرى نيتشه، فإن امتلاك بصيرة نافذة تجاه البشر قد يكون سيفًا ذا حدين. فمن ناحية، تمنحنا القدرة على فهم دوافع الآخرين، ومن ناحية أخرى، قد تجعلنا أكثر ريبة وسخرية من العالم. نيتشه يشير إلى أن الإيمان الأعمى بصلاح البشرية، رغم سذاجته الظاهرة، قد يكون أكثر نفعًا من البحث الدائم عن الخداع والنفاق. لكن في المقابل، فإن غياب القدرة على التحليل النفسي يعني فقدان إحدى الأدوات الأساسية لفهم الذات والعالم.

الهجوم ليس دائمًا بدافع الأذى:
ما الذي يدفع الإنسان إلى مهاجمة غيره؟ ليس بالضرورة الرغبة في التدمير أو الإيذاء، بل قد يكون ذلك مجرد وسيلة لاختبار قوته وإثبات وجوده. فالحياة، وفقًا لنيتشه، ليست معادلة أخلاقية بسيطة بين الخير والشر، بل هي ساحة صراع تُختبر فيها الإرادة والطاقة الحيوية. من هذا المنظور، تصبح المواجهة بين البشر أمرًا طبيعيًا، بل وحتى ضروريًا في بعض الأحيان.

الأخلاق بين الثابت والمتغير:
يرى نيتشه أن الأخلاق ليست مطلقة، بل متغيرة تبعًا للزمان والمكان. ما يعتبر أخلاقيًا في عصر ما، قد يُعد غير أخلاقي في عصر آخر. فمثلاً، الانتقام قد يكون فضيلة في ثقافة معينة، بينما يُدان في ثقافة أخرى. هذا التصور يُظهر كيف أن المفاهيم الأخلاقية ليست سوى بناء اجتماعي يتبدل مع تحولات التاريخ.

الشفقة: قناع القوة أم ضعف الروح؟
الشفقة، ذلك الشعور الإنساني الذي يبدو نبيلًا، يتعرض لدى نيتشه لهجوم لاذع. فهو يراها في كثير من الأحيان شكلًا من أشكال الاستمتاع بالذات، حيث يسعى الضعفاء إلى استدرار عطف الآخرين كوسيلة لممارسة نوع من السلطة عليهم. فالشفقة ليست دائمًا علامة على الرحمة، بل قد تكون أيضًا سلاحًا يستخدمه الضعفاء لفرض وجودهم في عالم لا يرحم.

اللطف وحسن النية: قوة خفية:
على الرغم من تحليله القاسي للعواطف الإنسانية، يعترف نيتشه بأهمية اللطف وحسن النية في بناء المجتمعات. فهذه التصرفات الصغيرة، التي قد تبدو غير ذات شأن، تساهم في تشكيل نسيج العلاقات الإنسانية وتمنح الحياة طابعها الإنساني الدافئ.

وهم الحب الأبدي:
هل يمكن للإنسان أن يعد بالحب الأبدي؟ وفقًا لنيتشه، المشاعر لا يمكن التحكم فيها، وبالتالي فإن الوعد بها هو مجرد وهم. ما يمكن أن نعد به هو الأفعال التي تنبع من الحب، ولكن هذه الأفعال نفسها قد تكون مدفوعة بدوافع أخرى غير الحب. فالثبات الذي نبحث عنه في المشاعر ليس إلا خدعة يحاول البشر إقناع أنفسهم بها للحفاظ على استقرار علاقاتهم.
إن السالك حين يصل إلى نهاية الطريق، يدرك أن الحب والكراهية ليسا نقيضين، بل صورتان لوجهٍ واحد، يتجلى وفقًا لاستعداد القلب لرؤيته. فالحب ليس محض احتفاء، كما أن الكراهية ليست محض ظلام، بل هما مرآتان تعكسان حقيقتنا كما نحن، لا كما نريد أن نكون. لعل نيتشه، بحدسه الفلسفي، كان يلمح إلى ما فهمه أهل التصوف منذ القدم: أن المحبة في جوهرها ليست امتلاكًا، بل تحرر، وأن الكراهية ليست بالضرورة شرًّا، بل قد تكون محرّكًا للنمو والتجاوز. في نهاية المطاف، ليس المهم أن نحب أو نكره، بل أن نعي كيف نُسير أرواحنا بين النور والظل، دون أن نسقط في أسر أي منهما.



#محيي_الدين_ابراهيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الدول عنوانه: التدهور الثقافي والفروق الطبقية الحادة
- لماذا تنهار الأمم ؟
- دراما رمضان وصراع الهوية الوطنية بين -مصر الكومباوندات- و-مص ...
- قراءة في أشهر رباعية للشاعر صلاح جاهين كادت أنت تسجنه:
- قراءة في- قصيدة الناس في بلادي- للشاعر صلاح عبد الصبور
- الشاعر صلاح عبد الصبور .. حكاية أسطورة قتلها التنمر !
- مأساة الحلاج ونقد أحد أشهر أشعاره
- سيلفيا بلاث: حكاية اسطورة الشعر التي احترقت في فرن التنمر ال ...
- بابلو نيرودا: الكلمة التي حملت سرّ النار
- بين الفلسفة والتصوف والعلم: هل آن الأوان للثورة الفكرية الجد ...
- محمود ياسين صوت مصر ونجمها الذي أحبته
- -مسرح رمسيس- وقيمة الفنان في الشرق
- مسرحية لحظة حب على قاعة صلاح جاهين بمسرح البالون في مصر
- نظرة على تاريخ المسرح العربي في مصر
- نساء في حياة سيد درويش
- ثورة الفلاحين في قرية -بهوت- هي من صنعت صلاح جاهين !
- فولتير يعلن تفاؤله على خشبة المسرح القومي بمصر
- مهرجان المسرح التجريبي 2020 الدورة السابعة والعشرون - تغطية ...
- هل سيكون ( لقاح ) كورونا وسيلة لإختراق دماغ البشر والتحكم بأ ...
- قراءة قصيرة في كتاب -مسرح الشعب- للدكتور -علي الراعي-


المزيد.....




- مسرحية الكيلومترات
- الممثلة اليهودية إينبندر تحصد جائزة إيمي وتهتف -فلسطين حرة- ...
- الأبقار تتربع على عرش الفخر والهوية لدى الدينكا بجنوب السودا ...
- ضياء العزاوي يوثق فنيًا مآسي الموصل وحلب في معرض -شهود الزور ...
- إشراق يُبدد الظلام
- رسالة إلى ساعي البريد: سيف الدين وخرائط السودان الممزقة
- الأيقونات القبطية: نافذة الأقباط الروحية على حياة المسيح وال ...
- تونس ضيفة شرف في مهرجان بغداد السينمائي
- المخرجة التونسية كوثر بن هنية.. من سيدي بوزيد إلى الأوسكار ب ...
- نزف القلم في غزة.. يسري الغول يروي مآسي الحصار والإبادة أدبي ...


المزيد.....

- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محيي الدين ابراهيم - الحب والكراهية عند نيتشة وفلسفة قلب الموازين