عقيل الخضري
باحث، روائي، كاتب، ناشط في مجال حقوق الإنسان
(Aqeel Alkhudhari)
الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 18:53
المحور:
الادب والفن
رؤية جنان وفاء في التوابيت لا تكفي
نفسي هائمة في تنهّدات حياة راحت وتركتني كولدٍ تائه، الطريق الإسفلتي لسان مجنون يركض ويأكل في نفسه، في رأسي كللّ وخلايا تَتلَوّى مثل حيّات، تخلط في الصور وتخبط في الحسابات، هواجس الدم والنهايات الباهتة تمطّ في أفكاري، وفي بالي تترنَّح كلمات أغنية لخوليو اغليسياس:
كَشخص مؤمن قُتل إلهه
فاستمر يعيش بلا معنى..
عند قراءتي لرواية التوابيت لا تكفي للروائي العراقي "عقيل الخضري" والصادرة عن الدار العربية للموسوعات- لندن، ذهلت.. رغم معرفتي الشخصية بالكاتب، إلا أنني لم أتصور بأني سأذهب في عوالم من الإبداع واللوحات التشكيلية بالسرد المتمكن وبلغة رائعة، لتاريخ العراق في نصف قرن، أجواء المجتمع العراقي والحرب العراقية الإيرانية ومآسي العنف الطائفي والحب الحقيقي في زمن الدماء التي تناثرت في دروب وبيوت العراقيين..
"صور شَمس تركب ما عداها، شَمس لا تزال تسكنني كما تسكن الأماكن، الزمان صور، والمكان دون صور دون ألفة، اِغتراب.
تبادلنا لبس الخواتم عند خطبتنا في بيتهم الكبير في منطقة العطيفيّة، ثلاثون سنة مضت كحلمٍ، حلم اِحتلّني بالصور، ثم غادرني وتركني مقيدًا بسلاسلٍ من الصور.
ما فيّ من حُبٍّ وحياة أخذته شَمس.. أنا وشَمس حكاية حبّ لن تنته حتى انتهي."
تهرب الشخصيات من الواقع إلى الصوفية، كما كان الناس عند دخول المغول إلى بغداد" في ذاك الزمان هرب الكثير من الناس من جور المغول إلى التصوّف، وإلى اللامعقول منطقيًا.." التوابيت لا تكفي رواية تتناول اختلاجات الذات البشرية التي كان لها النصيب الأكبر في السرد.. تتوقف مرات في حوارات عميقة عند نظرية الذاكرة الكونية برؤية ما لا يرى بالعين المجردة، "منذ البدء وكلّ الأحداث لها انعكاس بالصورة والصوت في المحيط، ممّا يشكّل بيننا وحولنا فيض من ذاكرة كونيَّة!"
يمكن للمرء رؤية الماضي والحاضر والمستقبل ولو كان بين أربعة جدران! يمكنك أن ترى ما لا يرى! ستتعلم رؤية ما لا يرى.. ستتعلّم بعد قراءة الرواية، كما تتعلم الكثير.. فالرواية وبإنصاف قارئ، موسوعة معرفية وإبداع سردي.
الرواية التي لا تهبك معرفة ولا تعلق بالبال ولا تجعلك تتساءل وتفكِّر، رواية متعة وقضاء وقت لا أكثر، في زمن أخذتنا مواقع التواصل الإجتماعي من التفكّر والتفكير لتدفع بنا إلى لجة عالم التفاهة كما يقول الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دونو..
رواية "التوابيت لا تكفي"، ودون محاباة للصديق الكاتب، تستحق أن تكون في مصاف الروايات العالمية..
جنان وفاء
ناقدة تشكيليّة
#عقيل_الخضري (هاشتاغ)
Aqeel_Alkhudhari#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟