أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد يونس خالد - القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق الاوسط- القضية الكردية بين الشرق والغرب (1) /5















المزيد.....



القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق الاوسط- القضية الكردية بين الشرق والغرب (1) /5


خالد يونس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 543 - 2003 / 7 / 17 - 16:53
المحور: القضية الكردية
    


     القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في  مستقبل الشرق الاوسط

                         القضية الكردية بين الشرق والغرب (1) /5  

 

 

     د. خالد يونس خالد

   

    تمهيد

     بَدْء ذي بدء أود التمييز بين بضعة مفاهيم متداولة في الفكر العربي الإسلامي حتى نستطيع تحديد المفاهيم، كما قال كونفوشيوس، بأن تحديد المعاني تساعدنا على فهم الموضوع الذي نعالجه.

1. التمييز بين الإسلام كعقيدة ومنهج وبين التحزب السياسي الإسلامي الأُحادي الجانب والعقلية الإسلاموية التي تحتكر الحقيقة وترفض الآخر.

2. التمييز بين العلمانية الشرق أوسطية الإستبدادية وبين العلمانية الديمقراطية والتنوير الفكري التعددي وذلك

بسبب فشل العلمانية الشرق أوسطية الإستبدادية (تمييزا عن العلمانية الديمقراطية) وفشل العقلية الإسلاموية المتحزبة في إيجاد حل لقضية اثنية وطائفية واحدة في العالم المسلم المعاصر.

3. التمييز بين حق الشعوب في تقرير مصيرها وممارسة هذا الحق في المحك العملي وبين بيانات السلطات المركزية بمنح شعب من الشعوب أو أقلية من الأقليات حكما محليا محدودا.

4. التمييز بين الأخوة على أساس العدالة والمساواة بنفس الشروط وبين الأخوة تحت واجهات قومية ودينية غارقة في ممارسات القهر والإضطهاد. 

 

القضية الكردية بين الشرق والغرب  

أولا: التفكير الغربي والأمريكي للقضية الكردية:

المؤسسات السياسية والإستراتيجية الأوربية والأمريكية تنظر إلى القضية الكردية نظرة تختلف في منطلقاتها وتحليلاتها عن نظرتها للقضايا العربية، وذلك يعود لجملة أسباب إستراتيدية لتلك الدول بالتعامل مع الذاكرة الثقافية الكردية التي تتردد بين الحرية والعبودية. فهناك من ناحية مصلحة أمريكية أوربية إسرائيلية بتشكيل دولة كردية مرتقبة للتوازن العروبي الإسلاموي والإسرائيلي الأمني ، ومن ناحية أخرى إستعداد الكرد للتعامل الإستراتيجي مع الغرب من منطلق ماعاناه الكرد من إضطهاد وإستغلال وقهر وحملات إبادة من قبل الأنظمة العربية والمسلمة التي تحكم كردستان، إضافة إلى اللامبالاة العربية الإسلامية للقضية الكردية ومواقفها السلبية من الكرد وكردستان.

   الدراسات التي تُبحث في المؤسسات الأستراتيجية عن القضية الكردية تدور في محور مهم وإستراتيجي وهي الجواب على سؤال كبير وخطير "ماذا يمكن أن تعطي الدولة الكردية المرتقبة للعالم؟"

    إلتقيت كطالب باحث في منتصف الثمانيات بأستاذ جامعي أوربي متخصص في الدراسات الدولية وتحديدا الصراعات القومية الأقليمية الدولية والبحث عن السلام، فطرح عليّ السؤال المذكور "ماذا يمكن أن تعطي الدولة الكردية المرتقبة للعالم؟" وبينما أنا أفكر بالجواب قال: لا تجاوبني لأنني لا أستفيد من جوابك فأنت لست صانع القرار. إسأل بعض القياديين الكرد والعرب والفرس والترك وأتني بالجواب بعد ستة أشهر.

 سألت بعض المسؤولين الكبار بما فيهم بعض رؤساء الأحزاب بشكل مباشر وغير مباشر. وأتيت له بالجواب. وأتأسف أن أقول بأن الجواب كان ساذجا إلى أبعد حدود السذاجة، حيث أكد الكل على حماية المصالح الغربية دون فهم هذه المصالح، ودون تعليل الموقف، كما أكد الأغلبية على النفط وما إلى ذلك. ضحك الأستاذ الخبير وقال: القيادات الكردية ليست مأهلة لمواجهة الحدث، والكرد لا يستحقوا دولة كردية لأن أحزابهم تجهل خفايا نظام العلاقات الدولية، ولأن الكرد لايريد أن يستفيد من جهل الأنظمة التي تتحكم بكردستان. وقال أيضا. الكويت وحدها كدولة عربية صديقة للغرب تملك من النفط أكثر من كل كردستان.

   كان ذلك في منتصف الثمانينات كما ذكرت، وكانت القيادات الكردية لا زالت تفكر بالمثاليات في السياسة ، والسياسة لا تؤمن بالمثاليات. وكانت القيادات الكردية لا زالت تغني أغاني الاسطوانات الرجعية والتقدمية واليمينية واليسارية والدينية والقومية والطائفية، وكانت في نفس المستنقع السياسي الإنهزامي كما كانت أكثرية القيادات العربية والتركية والفارسية مع الأسف. لم يكن للكرد أن يفكر حتى ذلك الحين بشئ إسمه المصلحة بعيدا عن المثاليات، ولم يكن يفكر بما يمكن أن يعطيه للغرب مقابل ما يمكن أن يأخذ منه.

   إذن ماذا يمكن للكرد أن يعطي للعالم؟ والعالم هنا يعني بالمفهوم الغربي، الغرب وأمريكا، والغرب عندهم، هو العالم الحر، والمدنية والديمقراطية. والرأسمالية عندهم هي نهاية التاريخ. وطبيعي هذا غير صحيح، ولكن هذا هو الواقع، بكل مآسيه وآلامه، من فقر مدقع لأكثر من مليار إنسان في العالم الثالث، وإستغلال بشع وإستعمار غربي وأمريكي. ولكن الواقع يفرض نفسه أن نتعامل معه بشكل عقلاني، بعيدا عن المثاليات.

    إذن كيف يمكن للكرد أن يتعامل مع هذا الواقع من زاوية الإضطهاد الذي يعانيه من قبل إخوانهم العرب والترك والفرس. إنهم بدؤوا يستوعبون حقيقة واحدة ولكن إستراتيجية، وهي إستحالة قبول إستمرارية الإضطهاد والقهر العربي التركي الفارسي منذ تأسيس هذه الدول القومية، واؤكد على كلمة القومية، بعد الحرب العالمية الأولى وإنهيار الامبراطوريتين العثمانية والفارسية.

  لقد حذرتُ في كتابي الأخير الصادر في يونيو من العام الماضي، بعنوان (القضية الكردية بين الحلول الإسلامية والعلمانية والدولية) ، القوى الفاعلة في الشرق الأوسط من أن الكرد العراقيين وبعدهم الأكراد الآخرين، سيجدون أنفسهم مجبرين بالتوجه نحو الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية إذا لم تجد الدول العربية وإيران وتركيا والمؤتمر الإسلامي حلا للقضية الكردية، وسيحدث خلل في التوازن لغير صالح العرب والدول التي تتحكم بكردستان وتحكمها بالعلاقات الإستعمارية، وهي العراق وسوريا وتركيا وإيران.

   بدأ الشعب الكردي وقياداته تخرج من مستنقع المثاليات السياسية وتدخل عالم السياسة الواقعية، بالتعامل مع الأحداث من منطلق المصلحة المتبادلة، وكما قال كيسنجر: "نساعد الذين يساعدون أنفسهم".  ويعني ذلك ما ينبغي أن تقدمه للغرب والولايات المتحدة مقابل ما يمكن أن تأخذه. لم يكن أمام الكرد إلاّ خيار واحد وهو تغيير طريق تفكيره السياسي والبراغماتي من الشرق إلى الغرب. وكانت القيادات الكردية مجبرة أن تتخذ هذا السبيل حين وجدت بأن كل الطرق الشرقية أمامهم مغلقة. وأنا مقتنع بأن النظام العربي المنهار والنظام الشرق أوسطي الجديد بالتفاعل مع العوامل التي سبق وأن اشرت إليها هي التي عبدت الطريق أمام الكرد أن يتجهوا هذا الإتجاه.

 

ثانيا: التفكير العربي الإسلامي للقضية الكردية

نؤكد هنا على الدور العربي الإسلامي في القضية الكردية لما له من تأثير مباشر على توجه الكرد نحو الغرب وتدويل القضية الكردية. أما الدور السوفيتي للإتحاد السوفيتي المنهار فليس له فاعلية بعد تغيير جغرافية وإستراتيجية روسيا بمجئ غورباشوف ومن بعده يلتسين ثم بوتين. فالسياسة الروسية الحالية ليست لها فاعلية كبيرة في القضية الكردية لأن القضية الكردية لا تهدد مصالحها المباشرة في الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى طالب السيد الطالباني بضرورة أن تلعب روسيا دورا أكبر في قضية العراق والكرد. على أي حال نحاول تناول الموقف العربي الإسلامي من القضية الكردية لفاعليته في رسم سياسة الشرق الأوسط بالجزء الذي يتعلق بالقضية الكردية مباشرة، بينما نترك الدور السوفيتي لدراستنا المرتقبة في هذا الموقع من الإنترنت.

-         إضعاف النظام العربي العام، وتردد سياسة الأمن العربي منذ الستينات، بعد هزيمة حرب الأيام الستة، والنكسة المؤلمة التي ألمت بالعالم العربي، وإحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وصحراء سيناء من قبل إسرائيل.

-         سيطرة حزب البعث العربي الإشتراكي على مقاليد الحكم في كل من العراق وسوريا، وهما الحزبان الدكتاتوريان الذان حاولا إحتكار الحقيقة ضد الأنظمة العربية الأخرى.

-         السياسة العدوانية لنظام صدام حسين، خاصة بعد تصفية صدام لخصومه وتسلم رئاسة العراق عام 1979، وممارسة حرب شاملة على الشعب الكردي، والتخطيط لمحو شخصيته القومية، وإستخدام السلاح الكيماوي بحق الشعب العراقي عربا وكردا وأقليات، وسياسة التصفيات الجسدية والقمع والإرهاب. وحدث كل ذلك أمام أنظار الدول العربية، وغالبا بتأييد من بعض الأنظمة العربية، وتمويلها.

-         شن صدام حرب عدوانية على إيران، وتمويل ماكنة الحرب من قبل دول الخليج لصالح العراق، ومن قبل سوريا لصالح إيران.

-         شن حرب عدوانية ضد الجارة دولة الكويت، وإحتلالها، وهتك الأعراض وسرقة الأموال، وحرق آبار النفط، والعمل على إذلال الإنسان العربي والمسلم.

-         إنهيار إستراتيجية الأمن القومي العربي وفتح الأبواب أمام القوات الأمريكية بدخول الشرق الأوسط من أوسع أبوابها، ودفع فاتورة التواجد الأمريكي من قبل العرب أنفسهم.

-         الإهمال الكلي للقضية الكردية من قبل المنظومة العربية وخاصة جامعة الدول العربية، مستثنيا موقف الزعيم الليبي معمر القذاني في تصريحاته بحق الشعب الكردي في تقرير مصيره بنفسه، إدراكا منه بخطورة الوضع العربي االقادم نحو التقسيم والتشتت إذا تجاهل العرب حقوق قومية تعدادها أربعين مليونا محرومة من حقوقها في الشرق الأوسط.

-         عدم إدراج القضية الكردية في جدول أعمال جامعة الدول العربية حتى بعد إستخدام السلاح الكيماوي بحق الشعب الكردي، بل على العكس من ذلك، تضامنت جامعة الدول العربية مع نظام صدام حسين، وأعلن المجلس الوزاري للجامعة إستنكاره لما أسماه، الحملة الإعلامية الهادفة إلى تشويه الإنتصارات العراقية ، مؤكدا تضامنه التام مع العراق (أنظر جريدة السفير ، العدد 5075 في 14 أيلول 1988). ومن المؤسف أن موقف منظمة التحرير الفلسطينية هو الأخر كان سلبيا معتبرا بأن الحملة الأمريكية تهدف إلى إرهاب العراق وإبتزازه. (أنظر تصريح منظمة التحرير الفلسطينية بتونس في 20 أيلول 1988 في جريدة العرب). (وانظر التفاصيل بهذا الصدد في كتابنا ، موقف المنظمات الفلسطينية من الكرد، الصادر في السويد، مطبعة جامعة أوبسالا، 1995).

-         رفض وزراء خارجية الدول الإسلامية المجتمعين بعمان بُعيد مجزرة حلبجة إتخاذ موقف مندد بالنظام العراقي. (أنظر ظفر الإسلام خان، حلبجه- كيف أباد النظام البعثي مواطنيه الأكراد بالغازات السامة، القاهرة، دار الصحوة 1991 ، ص 113).

-         الموقف السلبي للمؤتمر الإسلامي من القضية الكردية، والمواقف العدائية للتنظيمات السياسية الإسلاموية العربية والفارسية والتركية من القضية الكردية، وعدم التفكير بإيجاد حل لها ، جعل الكرد يفكرون ألف مرة لإيجاد وسيلة للخروج من هذا المأزق.

-         أمام هذه المشاهد المؤلمة والبعيدة عن فهم العواقب التي قد تترتب على مستقبل الشرق الأوسط، قررت القيادات الكردية، وبتأييد من الجماهير الكردستانية المسحوقة بالتوجه نحو الغرب، وإيجاد علاقات صداقة وتعاون، ليدخلوا المعادلة الدولية لرسم خارطة الشرق الأوسط، بشكل يضمن لهم كما لغيرهم حقوق ديمقراطية.

   

التنظيمات السياسية الكردستانية والأمر الواقع

كردستان العراق:

 نجحت القيادات الكردستانية العراقية في تكوين علاقات جيدة مع الإتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. وتمكن التنظيمان الكردستانيان الكبيران الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني، والإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني أن يجدا موقعهما في الإشتراكية الدولية، حيث يساهمان في إجتماعاتها الدولية، ويصيغان مع التنظيمات الديمقراطية الإجتماعية قرارات لصالح القضية الكردية، منها على سبيل المثال مؤتمر الإشتراكية الدولية الحادي والعشرين في 8-10 نوفمبر عام 1999 والذي حضره ممثلون من الحزبين الكردستانيين الديمقراطي والوطني. حيث أكد المؤتمر،  بأن السلام الحقيقي لن يتحقق في الشرق الأوسط بدون إيجاد حل عادل للقضية الكردية. هذا إضافة إلى ضغط الإتحاد الأوربي على النظام التركي بضرورة إيجاد حل للقضية الكردية وإشاعة الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان قبل قبولها عضوا في الإتحاد. ومن الجدير بالذكر أن كلا من بريطانيا وفرنسا ساهمتا في إيجاد المنطقة الآمنة في كردستان العراق، وإقناع الولايات المتحدة بدعم القرار عام 1991. كما ساهمت الدول الأوربية في تنظيم ومراقبة الإنتخابات البرلمانية الكردستانية في كردستان العراق في أيار عام 1992.

   وجدت التنظيمات الكردستانية العراقية ضالتها في الغرب ولو نسبيا، وقد يكون الموقف تكتيكيا من جانب الغرب، أو إستراتيجيا، حسب المعطيات الدولية. ودخلت الولايات المتحدة في المعادلة بقوة أكبر لدعم الشعب الكردي في كردستان العراق من خلال دعم المعارضة العراقية، وقرار مجلس الأمن 688 القاضي بوقف حملات القمع ضد الشعب العراقي، وخاصة الشعب الكردي، ومراقبة الأجواء العراقية بمنع إستطلاع الطائرات العراقية ومنع تدخل القوات العراقية في كردستان. ونجحت الولايات المتحدة بإيجاد قاعدة إستخباراتية في كردستان، والتي تم إجلاء بعض موظفيها أثناء تدخل القوات العراقية في العاصمة الكردية أربيل بطلب من قيادة البارزاني في النصف الثاني من التسعينات لطرد قوات الطالباني. ثم ما لبث أن رجعت الولايات المتحدة إلى المنطقة بزخم أكبر. كما ساهمت الولايات المتحدة في "إتفاقية المصالحة والسلام" في 17 أيلول/ سبتمبر عام 1998 والموقعة من قبل السادة مسعود البارزاني وجلال الطالباني وديفيد ويلش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت. وتضمن الإتفاق إدانة الإقتتال الداخلي، وإقامة حكومة أقليمية موحدة على أساس نتائج إنتخابات عام 1992 وتوحيد الإدارتين في كردستان.  وذهبت الولايات المتحدة أبعد من ذلك من خلال تنظيم إجتماع المعارضة العراقية في نيويورك في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1999. حيث ساهم الموقف الأمريكي في بلورة المشروع الفدرالي الديمقراطي التعددي البرلماني للعراق بموافقة المعارضة العراقية. وتوالت التطورات على الساحة العراقية والشرق اوسطية لصالح الكرد بعد أن إتخذت القيادات الكردستانية العراقية موقفا أكثر وضوحا في تعاملها مع أمريكا، لصالح القضية الكردية والعراقية ككل طبقا لتحليلاتهم. وخاصة بعد نجاح أمريكا تهميش الدور التركي بمنع القوات التركية بالتدخل في كردستان العراق، وحرمان الشركات التركية بالمساهمة في إعادة بناء العراق، والمطالبة مؤخرا بإنسحاب القوات التركية، وقوامها 5000 جندي من كردستان العراق.  

 

كردستان في الشمال والشرق والغرب:

 وجاء دور كردستان تركيا التي يسميها الكرد كردستان الشمالية أو كردستان المركزية، إضافة إلى كردستان سوريا (الغرب)  وكردستان إيران (الشرق). كل متتبع لتطورات القضية الكردية وأحداث الشرق الأوسط يعلم بوجود إتفاقية الأمن بين تركيا وسوريا والعراق وإيران منذ عام 1978، كان الغرض منها تحييد الدور الكردي، ومنع تسلل ما أطلقوا عليها "العصابات التخريبية عبر الحدود". ويعلم كل باحث شرق أوسطي بأن حزب العمال الكردستاني المعروف ب (PKK) كان ذات صلة بالنظام السوري، حيث نجح أوجلان في تكوين علاقات جيدة مع سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية. وكانت هناك عناصر حزب العمال الكردستاني من كردستان تركيا تساهم في تدريبات في وادي البقاع اللبنانية. ووقف أوجلان وحزبه موقفا سلبيا من التنظيمات الكردستانية العراقية، ووصفها بالعملاء لأمريكا. ودخل في قتال عنيف مع فصائل القوات الكردية تارة ضد البارزاني وتارة أخرى ضد الطالباني. وصرح أوجلان في مقابلة معه في مجلة الوسط في 12 أبريل عام 1998 بأن "هناك تطلعات وجهود لتوحيد هاتين القوتين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني) ضمن دائرة النفوذ الأميركي الإسرائيلي التركي". وقال بصدد تشكيل كيان كردي في كردستان العراق مايلي: "سيكون ذلك الكيان في أساسه مبنيا على أساس معاداتنا بكل تأكيد، أي أنهم سيجعلون من ذلك الكيان خنجرا يطعننا من الخلف، ولهذا كان تبرير هذا الكيان وعرقلة قيامه واجبا أساسيا على عاتقنا وهدفا أساسيا لنا، وذا أهمية حيوية بالنسبة إلى شعوب المنطقة. ولهذا أيضا دخلنا في مرحلة مقاومة شديدة وعنيفة وكثيفة جدا في الجنوب (كردستان الجنوبية-العراق)". إنتهى تصريح السيد أوجلان.

   فشل أوجلان وحزبه في إضعاف دور الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، بل ساعد بشكل غير مباشر بتحالفهما مع الغرب وتوحيد جهودهما لمواجهة الخطة الأوجلانية السورية الإيرانية، والسماح للقوات التركية بالتدخل المباشر في كردستان العراق لضرب مواقع حزب أوجلان PKK . وتغيرت السيناريوهات، وتخلت سوريا بسهولة عن أوجلان وأجبرته بمغادرة سوريا بعد التهديد التركي، وتم خطفه من قبل عناصر المخابرات التركية بالتعاون مع الموساد الإسرائيلي في أفريقيا، وسيق إلى سجن إنفرادي في جزيرة تركية.

   وطبيعي تغيرت الأحداث بعد تحرير العراق من دكتاتورية صدام حسين، ثم تحول التحرير إلى إحتلال للعراق، وتوثيق التعاون الكردي الأمريكي. وهنا ظهر بوادر الخوف التركي والسوري والإيراني. وحاولت الدول الثلاثة إحياء معاهدة الأمن لعام 1978 ولكن فشلت هذه الجهود نتيجة ضغوطات أمريكية على تركيا.

    نجحت أمريكا إدخال سوريا وإيران في المعادلة بإتهام الأولى مساندة صدام والإرهاب، وإتهام الثانية دعم تنظيم القاعدة ومحاولة إنتاج أسلحة الدمار الشامل. وهنا دخلت القضية الكردية في دائرة الإستراتيجية الأمريكية ضمن مرحلة جديدة، بإعتبارها ورقة للضغط على كل من سوريا وإيران بتحريك الأكراد في البلدين على غرار دور أكراد العراق والتهديدات التركية واللعب على المسارين، وتحويلها إلى سبع مسارات (الكرد، العراق، فلسطين، إسرائيل، تركيا، إيران وسوريا).

 

يتبع (الحلقة الثانية من خمس حلقات)

______________________ باحث وكاتب صحفي عراقي مستقل  

 



#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين درب الرحيل؟
- الغدر في عاصفة التحدي
- الطفولة المُعَذبة
- تنامي الإتجاه الكردي نحو الغرب والخيارات الصعبة
- قصائد تغني لبغداد
- العوامل الداخلية والخارجية لتدويل القضية الكردية
- الديمقراطية شئ عقلاني في النهاية
- أمي الفلسطينية تبتسم للحرية
- تحرير العراق والبحث عن الأرواح
- الصوت الحزين
- معجزة الأيام
- حقائق الأمس أساطير اليوم وحقائق اليوم أساطير الغد
- تجديد وإبداع في الحوار المتمدن
- الخوف من الذات والخوف من الآخر
- وحيث لايفقد جدول العقل مجراه في صحراء التقاليد الميتة
- نموذج عدواني للإعلام العربي
- كردستان العراق أقليم التآخي والحرية والسلام
- وحدة الأضداد: الحرية والحرب والعبودية في ظل مشاريع الهيمنة ...
- إستراحة العقل العربي
- موقف بعض القوى الحزبية الإسلاموية والإسلامية من حقوق الكرد


المزيد.....




- واشنطن: وحدات عسكرية إسرائيلية انتهكت حقوق الإنسان قبل 7 أكت ...
- الولايات المتحدة تقول إن خمس وحدات بالجيش الإسرائيلي انتهكت ...
- العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل ...
- ماذا نعرف عن اتهام أمريكا لـ5 وحدات عسكرية إسرائيلية بـ-انته ...
- الولايات المتحدة تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بحق إس ...
- ماذا قالت المحكمة الجنائية الدولية لـCNN عن التقارير بشأن اح ...
- واشنطن: خمس وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت -انتهاكات جسيمة لح ...
- مجددا..واشنطن تمتنع عن إصدار تأشيرة للمندوب الروسي وتعطل مشا ...
- البيت الأبيض يحث حماس على قبول صفقة تبادل الأسرى
- واشنطن -لا تؤيد- تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن إسرائيل ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - خالد يونس خالد - القضية الكردية في المعادلة الدولية ودورها في مستقبل الشرق الاوسط- القضية الكردية بين الشرق والغرب (1) /5