وداد عبد الزهرة فاخر
الحوار المتمدن-العدد: 8332 - 2025 / 5 / 4 - 16:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اعداد هيئة تحرير جريدة السيمر الاخبارية
وداد عبد الزهرة فاخر*
رسل جمال*
المقدمة:
بدايات الجولاني .. غموض الهوية منذ ولادتة على يد القابلة الصهيونية حتى الظهور :
في الزوايا المظلمة من تاريخ الارهاب المعاصر، برز اسم غريب على السامع اسم احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) ، والأكثر تخمينا هو " كوهين الجديد" كأحد أبرز الشخصيات التي شقّت طريقها من صفوف الارهاب إلى صدارة المشهد السوري دون أن تزيل صورتة ادارة المخابرات المركزية CIA رغم انها ازالت كل صور الارهابيين الذين انتهت صلاحيتهم منذ بداية نشاطها في المنطقة اثر احتلالها للعراق ، وقتل الزرقاوي ومن خلفه لليوم ، وتشغيل رجالها كـ " مقاومين" ضد المحتل الامريكي ، ولا داع لاعادة السرد القديم فالكل يعرف التفاصيل.
ولكون لا احد من 24 مليون سوري عرفه او تحدث عنه بانه زامله بالحارة او المدرسة ، خاصة بعد قصف عصاباتة بعد دخولها لدمشق ادارة الهجرة والجوازات ، واشتعال النار فيها لاخفاء كل اثر للسجلات الرسمية فلا اسناد حقيقي لكل روايات كتبت عن مكان ولادته ، او منشأه، لكن كل ما يعرف عنه انه برز كاحد قادة الارهاب القاعدي ، وضمن رموز الارهاب الذين ظهروا للعلن بعد تلقيهم التدريبات اللازمة من الجهة المشغلة له.
وظهر كأي نبت شيطاني وهو في سن التاسعة عشر من عمره تحت قيادة الارهابي أبو مصعب الزرقاوي، الشخصية المحورية في تأسيس "دولة العراق الإسلامية" والذي احتضنه وفق تعليمات الادارة المسؤولة عن نشاطاتة . وتسمى بـ " الجولاني" ، ومارس الارهاب بشكل يدل على تدريب مسبق بالعمليات العسكرية والتكتيكات القتالية، وشارك في التخطيط لهجمات ضد الحكومة العراقية الجديدة والشعب العراقي بحجة مقاتلة الامريكان، حيث اعتقلته القوات الأمريكية لفترة قصيرة واخرجته امريكا بعيدا عن اعين السلطات العراقية الامنية كما صرح بذلك وزير الداخلية الاسبق باقر جبر صولاغ ، ليقوم بتجنيد مقاتلين جدد للتنظيم الارهابي ، ويوسع قاعدتة الارهابية .
وفي عام 2005، اعتقلته القوات الأمريكية في العراق بتهمة استخدام هوية مزورة وادعاء أنه مواطن عراقي ، و احتُجز في سجن بوكا حتى عام 2011، حيث التقى بعدد من الارهابيين البارزين، مثل أبو بكر البغدادي،وتم فيها تنظيم العلاقة بين الارهابيين قبل اطلاق سراحهم مرة اخرى. بعد تنسيق علاقاتهم وعملهم المستقبلي خارج السجن ، للعمل كمجاميع منظمة ومدربة تنظيما قتاليا عاليا بعد ضم غالبة ضباط البعث الصدامي واطلاق لحالهم وتحولهم من عقائديين بعثيين الى متاسلمين جدد .
ومع اندلاع ما يسمى بالثورة السورية عام 2011، عاد الجولاني إلى سورية بتكليف من تنظيم القاعدة لإقامة فرع جديد للتنظيم، وهكذا تأسست "جبهة النصرة لأهل الشام" في عام 2012، وفي عام 2016، أعلن الجولاني فك ارتباط جبهة النصرة رسميًا عن تنظيم القاعدة، وتغيير اسمها إلى "جبهة فتح الشام"، في خطوة فسّرها كثيرون بأنها محاولة لتقديم الجبهة كلاعب سياسي مقبول محليًا ودوليًا، خصوصًا بعد تصاعد الضغوط العسكرية على الفصائل الإرهابية لاحقًا، مما ادى لاندماج "جبهة فتح الشام" مع فصائل أخرى ضمن تشكيل "هيئة تحرير الشام"، التي أصبحت القوة العسكرية والإدارية المهيمنة على محافظة إدلب والتي سرعان ما أصبحت قوة فاعلة في الصراع السوري السوري، بعد رفع الجولاني شعار "نصرة أهل السنة" المثير لشهية الكثير من النواصب والطائفيين الذين يحملون بدواخلهم بذرة فيروس اقصاء الآخر اي كان من المكونات التي تتشكل منها مجتمعات المنطقة ، ونجح في جذب المئات من الارهابيين السوريين والأجانب الذين جندوا بدول مختلفة بالعالم ، مستفيدًا من الخلل الداخلي والفوضى الأمنية ، والدعم المالي واللوجستي لدول ومشيخات الخليج وخاصة قطر والسعودية .
الحرباء الصهيونية:
ومثل ما تغير الحرباء لونها تماشيا مع محيطها وللايقاع بضحاياها، كذلك، الجولاني بدأ في إعادة تقديم نفسه، بشكل جديد اذ تخلى عن اللباس العسكري لصالح البدلات الرسمية، وشارك في لقاءات إعلامية مع صحفيين غربيين، مؤكدًا على فصل مشروعه عن "القاعدة"، وراغبًا في إظهار نفسه كفاعل محلي ودود يركّز على "إدارة المنطقة" لا "الجهاد العالمي."
وخلال هذه المرحلة، قدّم الجولاني نفسه كقائد عسكري لا يطمح للسلطة السياسية، بل يدافع عن المظلومين ويقاوم النظام السوري، وفق خطابه ، المدعوم بقدرات تنظيمية وقتالية عالية من اطراف امريكية وتركية واردنية " غرفتي عمليات بتركيا والاردن واطلق عليها في الاردن غرفة الموك" وعربية معروفة التوجه ، وباموال خيالية كشف عن مقدارها رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في مسرحية يطلق عليها " فلتت الصيدة" ، عندما قال بالفيديو الموجود (" تهاوشنا على سوريا و"الصيدة" فلتت ).وكان طلب مدير المخابرات السعودية انذاك بندر بن سلطان 2000 مليار دولار كميزانية لادارة العمل الارهابي الذي اطلقوا عليه اسم " ثورة سورية" ، وبدعم غير محدود من الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز ، باعتراف حمد بن جاسم نفسه بالفيديو نفسه " فلتت الصيدة" ..
التحول الاستراتيجي :
ولكون السياسة فن الممكن لكون ما حصل في الساحة السورية فنتازيا وليس مجرد تحول مخطط له ، اذ ان الجولاني بدا بتغيير تكتيكاته منذ عام 2020، حيث بدأ الجولاني يظهر في لقاءات إعلامية نادرة، أبرزها مع الصحفي الأمريكي مارتن سميث من موقع "فرونت لاين"." مرتديًا بدلة رسمية ويتحدث بلغة براغماتية عن محاربة الإرهاب (!) وإعادة إعمار المنطقة!!.
كما انه سمح لوسائل إعلام غربية ومحلية بدخول إدلب لتوثيق "الاستقرار الأمني !" الذي تزعم الهيئة تحقيقه، في محاولة لتبييض صورتها دوليًا والتلميح بإمكانية التعاون معها مستقبلا كـ"قوة محلية مستقرة " ، لذلك تخلّى الجولاني فعليًا عن النهج التقليدي للقاعدة لصالح مقاربة "براغماتية" تعتمد على إرضاء المجتمع المحلي عبر تقديم الخدمات وحفظ الأمن و ضبط العلاقة مع القوى الإقليمية والدولية، كذلك الحد من استخدام الخطاب الجهادي التقليدي لصالح لغة سياسية أكثر اعتدالًا ، مع بقاء سطوة رجاله من الارهابيين التقليديين ، وسجونه المعروفة بادلب ، وبطشه بالمواطنين السوريين ، وتصفياتة العديدة بمختلف " الطرق الجهادية " للتخلص من مناوئية بالتنظيم الارهابي ، وبقية التنظيمات المتحالفة معه .
ويمكن تفسيرالتحول الذي قاده الجولاني بالانتقال بين البراغماتية والمراوغة بعدة عوامل استراتيجية منها:
1/ الضغط العسكري والدولي: القصف الروسي والرفض الدولي للتنظيمات المرتبطة بالقاعدة أجبر الجولاني على إعادة تموضع سياسي.
2/ الحاضنة الشعبية: فكر القاعدة لم يكن جذابًا في أوساط الثورة السورية المزعومة ، مما دفع الهيئة لتخفيف "السلفية الجهادية" لصالح خطاب وطني ثوري خادع ..
3 / الرغبة في الاستمرار: فهم الجولاني أن بقاء مشروعه يعتمد على التكيف مع الظروف المحلية والدولية التي درب عليها ، ولو كان على حساب المبادئ التي بدأ عمله الارهابي مدعيا بها .
4 / الاستفادة من الفراغ السياسي: انسحاب الفصائل الأخرى، وتراجع المعارضة الرسمية، سمح له بتأسيس واقع سياسي يفتقر للشرعية الدولية، لكنه مستقر نسبيًا بفضل الدعم السري والعلني احيانا من قبل الاطراف المحركة للتنظيمات الارهابية وعلى راسها تنظيم الجولاني .
وابو محمد الجولاني مثال نادر على زعيم جماعة مسلحة استطاع إعادة تشكيل هويته وحركته بالكامل استجابةً للتطورات المحلية والإقليمية ، ووفق تعليمات مشغليه وتوجيهاتهم المستمرة . لكنه رغم البراغماتية الخادعة، لا يزال محاطًا بقدر كبير من الجدل والرفض من قبل قطاعات من المعارضة السورية السياسة التي وجدت نفسها مخدوعة بوعود زائفة وجلست تندب حظها على التل تراقب المشهد الارهابي المشوش على الاراض السورية بعد احتلالها من قبل الارهابيين ، ويقف على راسها تنظيم الجولاني ، التي تعتبر سلطته امتدادًا لديكتاتورية جديدة بثوب ديني ، وشخصية غامضة لا يعرف اطلاقا اي ماض لها بسوريا بالذات ....
وللموضوع تتمة ....
بغداد / فيينا 04 . 05 . 2025
*رئيس تحرير جريدة السيمر الاخبارية
*سكرتير التحرير
www.saymar.org
#وداد_عبد_الزهرة_فاخر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟