أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - ملعون أبو الزمان_ثرثرة














المزيد.....

ملعون أبو الزمان_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1801 - 2007 / 1 / 20 - 11:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إلى جاك اليهودي ....صديقي

مع ليلى سعود حدث اصطدامي الأول بالموت. ماتت ليلى, أخبرنا الأستاذ.
في أواخر ستينات القرن الماضي, ولا أذكر من ليلى سوى جديلتين بلون الليل. وكلمة موت, تحمل شعور البرد والخوف, في دمشق_الشام كما نلفظها حتى اليوم_ ليلى دهستها سيارة, ولا أذكر كيف تلّفظ الأستاذ الحزين وقتها, بكلمة موت, ليلى مع الله...هكذا فهمت,.... وأحببت الله.
الطفلة التي لن تصل العاشرة أبدا......, ذهبت إلى الله أو أخذها إليه....وداعا ليلى.
أستبدل الموجود, الذي أشمه وألمسه وأراه وأسمعه, بآخر ...جوهر لا يختفي ولا يغيب.
بكيت....وفهمت أن الرجل الذي سأكونه يوما, يجب أن لا يبكي, لكنني بكيت بحرقة.
سأعرف بعدها أن الكبار يكذبون, أبي وأستاذي...كلهم يكذبون.
لم يتبقى في ذاكرتي الكثير, كلام بلا معنى, أدعية وصلوات وتمتمات لا تعني شيئا.
بعدها ماتت أختي. ملكي لا أعرف سوى اسمها, أنا أخوها الأكبر, ماتت في آخر الليل.
ربما كانت لتكون, صبية جميلة, امرأة عادية, أو شاعرة أو رسامة أو راقصة أو..أي شيء.
لكنها ماتت كما يذبل كيس بلاستيك أبيض, بلا حول ولا قوة, ولا رجاء, ماتت ملكي.
رأيت عمّي يبكي وجدّي يبكي وأمي غارقة في الدموع, وأبي غائب..لا أعرف أين.
تحسّست طعم الملوحة على خدّي, والغشاوة فوق عيني, وعرفت شكل الموت ورائحته.
*
في مطلع شبابي الأول, جامعة دمشق_ والفتى غارق في الحيرة والخسران_ أتذكر الآن.. الطبّالة, الدويلعة, المنطقة الصناعية, كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية, وسنوات الجنون في سوريا. في الصباح أقرأ نعوة الرفيق...في الجبهة الشعبية أو الديمقراطية لتحرير فلسطين, وفي المساء أسمع خبر اغتيال الدكتور فلان أو السيد علتان, وخارج التفسيرات المبذولة, كان البحث عن معنى وحلم وجدوى. سنة 981 التقيت بمشاريع اليسار والأحلام الماركسية, واصطدمت بعطب كليتي اليسرى, ومعنى الإعاقة الشالّ للفكر والتدبير, مع ضرورة التخرّج من الجامعة. أتذكره الآن...شاب شديد النحول, اسمر بشعر سابل, في مقصف الكلية: هل تسمح بالجلوس...تفضّل, ببشاشة أجابني, اسمي حسين ....وأنا جاك.
كنا تلميذين في السنة الثانية, الثاني قادم من بيت ياشوط جبلة, ويحتاج لمساعدة من زميل, للحصول على محاضرات السنة ولتأمين سكن وعمل... وفي الحقيقة يحتاج لكل مساعدة. وأما الثاني...جاك, الأسمر الخجول والخائف_لأنه يهودي_ سأعرف بعدها بدهشة وذهول.
لديك بيت واسع في دمشق! دعاني زميلي اللطيف جدا إلى بيته, وأعطاني أكثر من طلبي. هو كان بحاجة لصديق, الآن أفهم, بعد ربع قرن كان يحتاج لمن يحدثه ويستمع إليه....فقط.
تكرر لقاءنا مرات قليلة, وبعدما وعدته بالزيارة, أرعبني الزملاء, هل تزور يهودي!؟
بعدها تهربت من زميلي, وضيّعت فرصة التعارف على أهله وحياته, كان يعرف مسبقا أنه بلا أصدقاء, ويتعذّر أن يجد من يبادله الكلام.
قبل نهاية السنة, تلفت كليتي اليسرى, وبات الأصدقاء_ كل الأصدقاء, يتهربون من مشاكلي, الصحية والاجتماعية والنفسية, وغرقت في نرجسيتي وكآبتي.
وبعدها....في اللاذقية خبرت وحشية وخسة(الجميع), لست في حال أفضل, لا معرفيا ولا أخلاقيا, شاركت في وليمة نبش الجثّة, طعم الدم بين أسناني, وفوق عنقي وظهري.
*
أخي جاك....
لا اطلب السماح ولا الغفران, فقط أتذكّر.
لو كنت في حال أفضل, لو كنت أكثر ذكاء وأكثر دراية, ربما كنا صديقين, ولكان بوسعنا أن نتبادل الكلام وأن يسمع بعضنا البعض الآخر.
ربما استطعنا يوما, أن نفتح معا, جسرا في هذا النفق الدموي الرهيب, بلا آهات بلا حسرة بلا غضب يعمي البصر والبصيرة. أخي جاك....هل تسمعني...؟
كنت شيوعيا, في تلك الفترة كنت شيوعيا, وكنت اعرف أن ماركس ولد يهوديا, وكنت أعرف أن فرويد ولد يهوديا بدوره, واينشتاين وغيره وغيره, لكن غضبي وخوفي كانا أكبر من قدرتي على الرؤية والسماع.
ملعون أبو الزمان يا أخي... فتحه المتهورون وحدّده الجشعون وحاصره الأنذال



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرح الكلام_ثرثرة
- كيفما اتجهت الحكاية ناقصة_ثرثرة
- طاولة مستديرة_ثرثرة
- هل يقرأ السوريون والعرب الدرس العراقي....ثرثرة
- استعاد
- ضوء في آخر النفق_ثرثرة
- مسقط رأس_ثرثرة
- لأدوار المهملة_ثرثرة
- عام جديد سعيد _ثرثرة
- رسائل جانبية_ثرثرة
- بيت في ساقية بسنادا_ثرثرة
- عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة
- مركب في الرمل_ثرثرة
- مرام في هونغ كونغ_ثرثرة
- الغراب الأبيض_مسودة خامسة
- اسم قديم للموت_ ثرثرة
- الموضوعية في (النظر والتفكير والسلوك) _ثرثرة
- المرأة ذات الجمال الخارق_ثرثرة
- سجن الذكريات_ثرثرة
- البيت الذي اسكنه الآن_ثرثرة


المزيد.....




- الطاقة والحلول المتعثرة
- تقرير: إنتل توقف توسعة بقيمة 25 مليار دولار لمصنعها في إسرائ ...
- صفعة عمرو دياب: ما بين ضريبة الشهرة وحق النجوم في الخصوصية
- مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار أمريكي يدعو لوقف إطلاق النار في ...
- اختفاء طائرة عسكرية تقل نائب رئيس مالاوي وتسعة آخرين
- اكثر من 19 ألف صاروخ غير موجه أطلق على إسرائيل منذ بدء الحرب ...
- مقتل شخص وإصابة العشرات إثر انفجار في مصنع للأسلحة شرق بولند ...
- فيديو: حريق هائل ينشب في مجمع سكني في ميامي
- عمليات التنظيف جارية بعد عواصف عاتية ضربت بلدات نمساوية عدة ...
- مجلس الأمن يتبنى مشروع قرار أمريكي حول وقف إطلاق النار في غز ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عجيب - ملعون أبو الزمان_ثرثرة