محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1797 - 2007 / 1 / 16 - 13:17
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
إهداء
• إلى كل الذين لازالوا يرصدون خفافيش الظلام، ويسعون الى إشاعة الأنوار في نسيج المجتمع المغربي.
• إلى كل المناضلين الشرفاء، الذين تمثلوا خطورة زحف جحافل الظلام.
• إلى المناضلين النقابيين، الذين لا يرون بديلا لفكر الطبقة العاملة سلاحا لمناهضة الفكر الظلامي في الإطارات النقابية.
• إلى مناضلي ك.د.ش. الذين يقيمون سدا منيعا بينهم، وبين عناصر إنتاج الظلام.
• إلى روح شهيد الطبقة العاملة: الشهيد عمر بنجلون، الذي استهدفته عناصر الظلام.
• من أجل نقابة بلا ظلاميين.
• من أجل فكر علمي رائد، يسود في صفوف الشغيلة المغربية.
• من أجل مجتمع بلا وصاية ظلامية.
• أقدم هذه القراءة للممارسة الكونفيدرالية.
دلالة التقدمية ودلالة اليمين المتطرف.....1
والكونفيدرالية الديموقراطية للشغل، باعتبارها منظمة تقدمية، يفترض فيها أن تحتضن الفكر التقدمي المستمد من الفكر العربي / الاسلامي المتنور, ومن الفكر الإنساني, ومن الحركة الاشتراكية الوطنية، والعربية، والعالمية، بما فيها الحركة الماركسية، كأرقى تعبير عن مصلحة الطبقة العاملة، من أجل صد الفكر اليميني, واليميني المتطرف، الذي يسعى باستمرار إلى مهاجمة كل أشكال التنوير في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، وإلى احتلال مراكز القرار في مختلف المؤسسات، بما فيها مؤسسة النقابة, وخاصة إذا كانت في مستوى الك.د.ش. تنظيما, ومبدئية، وإشعاعا، وتراكما نضاليا على المستوى المحلي, والإقليمي، والوطني. والتصدي للفكر اليميني المتطرف هو التعبير عن حقيقة تقدمية الك.د.ش. وإلا، فإن القبول بإشاعة الفكر اليميني وسط الشغيلة, وفي إطار الك.د.ش. عن طريق السماح للمنتمين إلى اليمين، واليمين المتطرف، بالانخراط في صفوف منظمات الك.د.ش. ومع انتمائها إلى الصف التقدمي, وهو ما يستوجب استنفار الأطر والإطارات النقابية، من استنهاض الفكر التقدمي، في صفوف الك.د.ش.
فما مفهوم التقدمية؟
وما هي مستوياتها؟
وما هو الفرق بين تقدمية العمل النقابي، والعمل الجمعوي، والعمل السياسي؟
وما هو دور التقدمية في استنهاض الإطارات, وحمايتها من التسرب الرجعي؟
وما دورها في إشاعة الديموقراطية في تلك الإطارات، وتكريس جماههيريتها, وفرض استقلاليتها؟
وما هو أثر التراجع عن مبدأ التقدمية فيها؟
وهل يمكن قيام تنظيمات نقابية غير تقدمية؟
وهل يعتبر التراجع عن التقدمية مناسبة للانفتاح على التوجهات الرجعية؟
وهل يعتبر إفساح المجال أمام اليمين المتطرف في الك.د.ش. تراجعا على مبدأ التقدمية؟
وما العمل لاستعادة هيمنة التقدمية في إطار الك.د.ش.؟
إننا عندما نطرح هذه الأسئلة، وغيرها، حول مفهوم التقدمية, وحول مفهوم تقدمية الك.د.ش. بالخصوص، إنما نتوخى قيام منظمة نقابية عتيدة، تحترم نفسها باحترام مبدئيتها قولا، وعملا, في إطار الربط الجدلي بين النظرية والممارسة. وللوصول إلى ذلك، لا بد من الوقوف على:
مفهوم التقدمية:
إن مفهوم التقدمية يقتضي منا التوضيح، حتى لا نتهم بأننا نزايد، في ممارستنا الفكرية، على القيادة الكونفيدرالية التي لها فهمها الخاص، والذي لا يمكن اعتباره إلا توفيقيا وتلفيقيا، لمفهوم التقدمية، التي وجدت بعد تأسيس الك.د.ش. من بين مبادئ الك.د.ش. بناء على تصميم المؤسسين الفعليين للعمل النقابي الصحيح, ومنذ بداية الستينيات من القرن العشرين بقيادة القائد الفذ، والمناضل العظيم، الشهيد عمر بنجلون.
فالتقدمية، كمفهوم علمي صحيح, تعني الانتقال من مرحلة أدنى إلى مرحلة أعلى، على مستوى النظرية، والممارسة، وعلى مستوى التخطيط، والتنفيذ, وعلى مستوى إعداد التصور التنظيمي, وبناء ذلك التنظيم على أرض الواقع، من أجل العمل الإيجابي, والمتطور باستمرار، في اتجاه تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للشغيلة, وامتلاك الشغيلة لوعيها الحقيقي، الذي يؤهلها لخوض صراع طبقي حقيقي، على جميع المستويات الإيديولوجية، والتنظيمية, والسياسية, ومن أجل بناء اقتصاد وطني متحرر, ومن أجل تحقيق عدالة اجتماعية شاملة, وتمتيع كل الناس، بكل الحقوق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، في أفق القضاء على أسس وجود الاستغلال المادي، والمعنوي لمجموع الجماهير الشعبية الكادحة.
وهذا التوضيح الذي نعتقد أنه يلامس العلمية، يكاد مضمونه يختفي من الممارسة النقابية، والجمعوية، والحزبية، كنتيجة لانحناء الجميع، وخاصة المفكرين, والمثقفين، أمام الهجمة الشرسة على الفكر التقدمي، الذي تعرض، ولا زال يتعرض، لعملية الاجتثاث، من طرف اليمين، واليمن المتطرف، على مدى عقود بكاملها، منذ طفا على السطح مؤدلجو الدين الإسلامي، في العالم العربي والإسلامي، والذين أدى هجومهم إلى تراجع العديد من المفكرين، والمثقفين التقدميين، إما تحت تأثير الإغراء بالامتيازات المختلفة، التي يعتبر آخرها، تلقى أموال، وبالعملة الصعبة, من قبل الأنظمة، والتنظيمات القائمة على أدلجة الدين الاسلامي، ليتحولوا بذلك إلى مأجورين، يوظفون فكرهم, وممارستهم، وعبر وسائل الإعلام المختلفة، لاستئصال الفكر التقدمي, أو ما تبقى منه في الممارسة الفكرية العربية، والإسلامية, وينظرون، في نفس الوقت، للتعليم الذي تحمله الرأسمالية, ويحمله الإقطاع المتخلف، أو ما تبقى منه للعرب، والمسلمين، حتى لايحلموا بغد آخر غير الغد الرأسمالي / الإقطاعي، في ظل ما أصبح يعرف بنهاية التاريخ، التي بشر بها، ونظر لها، المفكر الرأسمالي، والبورجوازي: "فوكو ياما".
وبطبيعة الحال, فالمغرب لا يختلف في هذا الاتجاه عن بقية البلدان العربية, وباقي بلدان المسلمين. فهو أيضا عرف، ومنذ عقود, ولازال، يعرف تنظيم هجمة شرسة، على الفكر التقدمي، إلا أن المغرب تميز عن الجميع بكون تنظيم هذه الهجمة يأتي باسم "التقدميين"، الذين تقمصوا التقدمية، كشعار، وبواسطة تنظيماتهم الرسمية, وخاصة في الثمانينيات، والتسعينيات من القرن العشرين، وبالأخص، خلال تحمل حكومة التناوب المخزني، السابقة لمسئولية إدارة البلاد.
ومع ذلك، فما يحصل في العالم الآن، وعلى جميع المستويات، يقتضي أن تكون التقدمية حاضرة في الأذهان, لا من أجل الاسترجاع قصد البكاء على الاطلال، كما يفعل العديد من المفكرين, بل لأن الضرورة تقتضي حضورها، أولا، ثم العمل على ممارستها ثانيا، لعدة اعتبارات:
الاعتبار الأول: هو أن محاربة الرجعية، بمنطق رجعي، لا يؤدي إلى تعميق الرؤيا, والممارسة الرجعيتين، كما حصل الآن في العديد من مناطق العالم, ومنها البلاد العربية, وبقية بلدان المسلمين، ومنها المغرب.
الاعتبار الثاني: هو أن الممارسة الرجعية، لا يمكن أن تستمر دون إنتاج نقيضها، المتمثل في إنتاج الممارسة التقدمية، التي تعتبر ضرورة تاريخية, كما يقتضي ذلك التفكير العلمي السليم.
الاعتبار الثالث: هو أن الشروط الموضوعية المنتجة لمهاجمة التقدمية، أخذت تتراجع إلى الوراء، لصالح إنضاج شروط عودة التقدمية إلى الواجهة، كما يحصل الآن في العديد من مناطق العالم. وإلا:
فلماذا نجحت بعض الأنظمة التقدمية، في البقاء في الحكم، وإلى الآن، رغم ما مورس عليها من قبل الرجعية، والإمبريالية العالمية, وخاصة، في ظل عولمة اقتصاد السوق؟
أليست تلك الأنظمة التقدمية هي التي تقف، مستقبلا، وراء ظهور عولمة مقاومة همجية اقتصاد السوق؟
الاعتبار الرابع: وهو هذه الهجمة الشرسة التي تقودها البورجوازية، والإقطاع، على قوت المواطنين، بدعم من الأنظمة الحاكمة في العالم العربي، والإسلامي، مما يؤدي إلى تجويع، وتفكير قطاع عريض منهم. وهو ما يشكل دليلا على أن سيادة التقدمية، تدفع الجماهير إلى مقاومة الاستغلال, وأن غيابها يتيح الفرصة لافتراس تلك الجماهير لصالح المستغلين.
الاعتبار الخامس: هو أن الفوارق الطبقية، تعمق من القهر المادي، والمعنوي، مما يؤدي إلى اختلال التوازن الاجتماعي وإالى اعتبار المجتمع مناسبة لممارسة كافة أشكال الاستغلال، وأن العدالة الاجتماعية التي تتحقق في ظل الاأظمة التقدمية القائمة، تحول دون ذلك, وما تعرفه من أزمات ليس إلا نتيجة لحصار الأنظمة الرأسمالية
لها.
ولذلك، يجب على القيادة الكونفيدرالية، أن تاخذ هذه الاعتبارات بعين الاعتبار, وأن تكف عن ممارسة تحريف مفهوم التقدمية, لتلبسه مضمون التبعية لحزب معين، قد لا يكون تقدميا. وأن تعمل على سيادة المفهوم الصحيح للتقدمية داخل النقابة، حتى تلعب دورها في إعداد الشغيلة لإشاعة الممارسة التقدمية في المجتمع، وإلا، فإن الك.د.ش. ستتحول إلى منظمة رجعية، يقودها اليمين المتطرف، في يوم ما.
فما هي المستويات التي تتخذها التقدمية؟
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟