إنجلز ودوستويفسكي: الإدمان على الكحول والفقر/الغزالي الجبوري - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 12:29
المحور: الادب والفن
    

نظرة إنجلز ودوستويفسكي حول الإدمان على الكحول والفقر. كتب إنجلز عن أسباب الإدمان على الكحول بين العمال الإيرلنديين والإنجليز في كتابه "وضع الطبقة العاملة في إنجلترا". إن أي شخص درس واقع الطبقة العاملة في أوروبا وروسيا يعرف أن الإدمان على الكحول كان حتميًا في القرن التاسع عشر. إذا قارنا بين حياة أولئك الذين لم يكن لديهم أي شيء، وحياة الأصدقاء الذين يعانون من نفس المشاكل؛ ولكنهم لا يفتقرون إلى أي شيء، فمن غير المفهوم أنهم لا يستطيعون الخروج من قاع الهاوية. والمشكلة - من تجربتي مع الكحول والمخدرات - هي أن المرء لا يتحمل "بشكل عقلاني" مسؤوليته عن مثل هذا الإدمان؛ ويستخدم أسلوب الافتقار إلى قوة الإرادة للتوقف عن الشرب. وبما أنه لا توجد قوة إرادة للتحكم في الحياة نفسها، فيجب تسليم السيطرة إلى قوة أعلى. وهذه النظرة بالنسبة للشخص العقلاني المؤمن يجب أن تكون غير مقبولة ومسيئة.

يقول دوستويفسكي في "الجريمة والعقاب" -عبر سيميون مارميلادوف-:
"يا سيدي (...) الفقر ليس رذيلة: هذه حقيقة لا تقبل الشك. ولكن من الصحيح أيضًا أن السُكر ليس فضيلة، وهو ما أندم عليه. الآن يا سيدي؛ البؤس رذيلة بالتأكيد. في الفقر، يحافظ المرء على نبل مشاعره الفطرية؛ وفي الفقر، لا يستطيع أحد أن يحافظ على أي شيء نبيل. أنت لا تستخدم عصا المشي مع المشرد، بل مكنسة، لأنك بهذه الطريقة تزيد من إذلاله، وتطرده من المجتمع البشري. وهذا عادل، لأن المشرد يبالغ في تقدير نفسه. انظر إلى أصل السُكر يا سيدي. في الشهر الماضي، ضرب السيد ليبزياتنيكوف زوجتي، وزوجتي يا سيدي لا تشبهني بأي شكل من الأشكال. هل فهمت؟ دعني أسألك سؤالاً. مجرد فضول. هل قضيت ليلة في نهر نيفا، في قارب قش؟
"لا، لم أر نفسي في مثل هذه الغيبوبة من قبل"، أجاب راسكولينكوف.
- حسنًا، لقد رأيت نفسي. لقد كنت أنام على نهر نيفا لمدة خمس ليالٍ الآن.
لقد ملأت كأسها، وأفرغته، وظهرت عليها ملامح حالمة. في الواقع، شوهدت شفرات القش هنا وهناك، على ملابسهم وحتى على شعرهم." ()
وهكذا يستمر:
-"لأن المرء ليس لديه مكان يذهب إليه، ولا أحد يلجأ إليه. يحتاج جميع الرجال إلى معرفة إلى أين يذهبون، أليس كذلك؟ "لأنه يأتي دائمًا وقت يشعر فيه المرء بالحاجة إلى الذهاب إلى مكان ما، إلى أي مكان."()
وسونيا مارميلادوفا، ابنة سيميون مارميلادوف البالغة من العمر 18 عامًا، البطلة الرئيسية في "الجريمة والعقاب"، عليها أن تعمل في الدعارة حتى يتمكن إخوتها غير الأشقاء وزوجة أبيها ووالدها من تناول الطعام ودفع الإيجار.

ذات يوم، منذ عشر سنوات، بعد وفاة والدي وعودتي إلى كوتشابامبا، سألت نفسي: أين سأذهب إلى كوتشابامبا؟ لم يكن لدي أي مكان؛ ولكن نعم، كان لدي مال لاستئجار غرفة. وإذا عدت إلى فيلازون، فأين سأذهب؟ لم يكن لدي أي مكان أعود إليه أيضًا. لا أحد يعرف كيف يشعر المرء عندما يعلم أنه ليس لديه مكان يذهب إليه، ولا من يتلقى هذا المكان... وقررت أن أترك كل رذائلي، مستخدمًا الطريقة العقلانية؛ وعدم ترك مسؤوليتي عن ترك الكحول والمخدرات في أيدي أي كائن أعلى. وأن أستمر في القيام بما أحب القيام به أكثر من غيره، وما أعددت له في الكلية سواء في مرحلة البكالوريوس أو الدراسات العليا، بقدر ما يسمح لي المال. وأنا لا أملك نقودًا... ولكن، لقد عشت عشر سنوات من الحياة الصحية والسعيدة - والتي لن أستبدلها بأي شيء - بدون الرغبة الشديدة في الكحول أو المخدرات؛ ودون الاعتقاد بأن الكحول قد أعطاني أي فائدة؛ وتمكنت من كتابة أكثر من عشرة كتب. الآن، أراجع قواعد النحو؛ "ثم سأحولها إلى كتب رقمية، وسأفتح مدونة لتحميل الكتب والمقالات المنشورة في المجلات والصحف الأسبوعية والبوابات الرقمية في بوليفيا والمكسيك وإسبانيا. وبعد ذلك... اليقين الوحيد هو أنني لن أشرب الكحول مرة أخرى أبدًا.. وأن لدي الحق في القتل الرحيم.

يصف إنجلز في "وضع الطبقة العاملة في إنجلترا"، الوظيفة، دعنا نسميها، تعويض الكحول في الطبقة العاملة الأيرلندية:
"إن هذا الازدحام الذي يضم عدة أشخاص في غرفة واحدة، والذي أصبح منتشرًا على نطاق واسع حاليًا، تم تقديمه بشكل أساسي من قبل الهجرة الأيرلندية. وبما أنه من الضروري جدًا أن يتمتع هذا الشيطان المسكين بمتعة واحدة على الأقل، لأن المجتمع يستبعده عن الجميع، فإنه يذهب إلى الحانة ليشرب قليلاً. النادلة بالنسبة للأيرلنديين هي الشيء الوحيد الذي يعطي معنى لحياتهم، النادلة وبالطبع أيضًا مزاجه المرح والمرح: لهذا السبب ينغمس في النادلة حتى في أشد حالات السُكر وحشية. "إن الشخصية الجنوبية التافهة التي يتسم بها الأيرلنديون، وفظاظتهم التي تجعلهم في مستوى أعلى قليلاً من مستوى المتوحشين، وتجاهلهم لكل الملذات الإنسانية، التي لا يستطيعون التمتع بها لأن وقاحتهم واحتقارهم وفقرهم، هي أسباب أخرى كثيرة تدفعهم إلى إدمان الكحول؛ فالإغراء قوي للغاية ولا يستطيع مقاومته، وكل الأموال التي يجنيها تمر عبر ثروته. فكيف يمكن أن يكون الأمر على خلاف ذلك؟"()

"ثم يصف وضع العمال الإنجليز:

"هناك أيضًا أسباب أخرى تضعف صحة عدد كبير من العمال. أولاً وقبل كل شيء، الشراب. تتضافر كل الإغراءات، وكل الإغراءات الممكنة لجر العمال إلى إدمان الكحول. بالنسبة لهم، يعد الانتظار هو المصدر الوحيد تقريبًا للفرح، وكل شيء يساهم في وضعه في متناول اليد. يعود العامل إلى منزله متعبًا ومنهكًا من عمله؛ يجد منزلًا بلا أدنى راحة، مبللًا، غير مضياف وقذر؛ لديه حاجة ملحة إلى التشتيت، يحتاج إلى شيء يجعل عمله يستحق العناء؛ يجعل احتمال الغد المرير محتملًا؛ إنه غارق، يشعر بالسوء، ويصل إلى حالة من الوهم المرضي: هذا المزاج الناجم بشكل أساسي عن صحته السيئة، وخاصة سوء هضمه، يتفاقم إلى حد لا يطاق بسبب انعدام الأمان في وجوده، واعتماده على أدنى فرصة، وعجزه عن القيام بما كان من أجل الحصول على حياة أقل خطورة؛ يطالب جسده، الذي أضعفته الأجواء الملوثة وسوء التغذية، بإلحاح بحافز خارجي؛ إن العامل لا يجد حاجته إلى الرفقة إلا في الحانة، ولا يوجد مكان آخر يجد فيه أصدقائه. فكيف لا يغريه الشراب إلى أقصى حد؟ وكيف يستطيع المرء أن يقاوم جاذبية الكحول؟ بل على العكس من ذلك، فإن الضرورة الجسدية والأخلاقية تجعل، في مثل هذه الظروف، نسبة كبيرة من العمال يستسلمون بالضرورة لإدمان الكحول. ناهيك عن الظروف الجسدية التي تشجع العامل على الشرب، على سبيل المثال الأغلبية، وإهمال التعليم، وعدم القدرة على حماية الشباب من هذا الإغراء، وفي كثير من الأحيان التأثير المباشر للآباء المدمنين على الكحول، الذين يمنحون أنفسهم الوصاية على أطفالهم، واليقين من النسيان في حالة السكر، على الأقل لبضع ساعات، وبؤس وعبء الحياة ومئة عامل آخر، لها تأثير قوي للغاية؛ إنه لا يمكن إلقاء اللوم حقًا على العمال لتفضيلهم للحارس.

إذن. نظرة إنجلز ودوستويفسكي حول الإدمان على الكحول والفقر. كونهما رذيلة يمكن تحميل المسؤولية عنها لمن أعطيت له؛ "إنها تصبح ظاهرة طبيعية، نتيجة حتمية لا مفر منها لظروف معينة تؤثر على شيء لا يمتلك الإرادة - على الأقل من حيث هذه الظروف. يجب تأييد أولئك الذين جعلوا من العامل مجرد شيء. ومع ذلك؛ فإن الضرورة نفسها التي تقود معظم العمال إلى إدمان الكحول، تجعل الشرب بدوره يخلف دمارًا في أرواح وأجساد ضحاياه.

الملاحظات.
1. دوستويفسكي، الجريمة والعقاب، ص 11
2. المصدر نفسه، ص 12
3. إنجلز، وضع الطبقة العاملة في إنجلترا، ص 152
4. المصدر نفسه، ص 164"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيو ـ 01/31/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل