أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة اللي مضيع وطن .














المزيد.....


مقامة اللي مضيع وطن .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8232 - 2025 / 1 / 24 - 18:03
المحور: الادب والفن
    


مقامة اللي مضيع وطن :

وطن باعوه رخيصا , في قصيدة (اللي مضيَّع ذهب) يصرخ الشاعر كاظم اسماعيل الگاطع بكل طاقته بوجه الغربة قائلاً : (( بالغربهْ شِفت التَعب وإتعلٌمت معناه , وإتعلٌمت عالسهرْ والسكتهْ والصفناهْ , ذلٌيت ذلْ النهر من ينكَطع مجراهْ )) , ثم يمضي في طرقات البعد والفراق والوجع والأيام الباردة باكياً فيقول : (( اللي مضيَّع ذهب بسوگ الذهب يلگاه , واللي يفارگ محب يمكن سنة وينساه , بس اليضيَّع وطن وين الوطن يلگاه ؟ )) , قصيدة مؤثرة وموجعة , بكى كل من سمعها في داخل الوطن , فإذا كان تأثيرها الى هذه الدرجة على القريب , فلك ان تتصور كيف يكون تأثيرها على من يعيش بعيداً عن حضن الوطن؟

يعشقون الوطن , وعند الحدود يُرقّنونه , حلموا به ساخنًا طازجًا ورخيصًا , خفافيش الأرض الخراب , أولئك المتأنقون , وبالنفط متعطرون باعوه ساخنًا طازجا , يتجشؤون ناسه , وينحرون شبابه وعقوله , ويتخمون بطونهم من كأسه , فلن تتخثر الجراح , أيها الوطن المذبوح فينا , والممتد مابين خارطة الموت وحدود الجار , وبيوتٍ اغتسلت بزحمة الأموات , ونداءات الريح , نغنيك سلامات , أيها القابع في سدرة قلوبنا .

ومن الحب ما قتل , يقول توفيقي بلعيد : (( نحب الوطن ويحبون الوطن لهم الأفراح والمسرات ولنا الهم والحزن , يحبون الوطن ونحب الوطن لهم أجمل ما فيه ولنا التضحيات والمحن , يحبون الوطن نحب الوطن لهم مقالع الرمال وأعالي البحارْ لهم السهول والأنهارْ لهم النجوم والأقمارْ لنا التهميش والزنازن والإبحار لنا الإختفاء القسري والإقبار , يحبون الوطن , نحب الوطن , لهم كل ما فيه ولنا شبر وكفن )) .

أذكر عندما سمعت المطرب سعدون جابر لأول مرة في الثمانينات , وهو يكرر: وين الوطن يلقاه؟ شغلتني قصة الذهب والمحب , ولم أعر اهتماما لموضوع الوطن , فكيف بإمكان الوطن أن يضيع مني أو أضيع منه ؟ الوطن باق , أرض راسخة , جذورها عميقة تمتد لآلاف السنين , نحن نرحل وننتهي ونموت لكن الوطن يبقى دائما , أو هذا ما كنت أعتقده , قد نسخط على الوطن , ونغضب من الأنظمة ونظن أنها هي الوطن , نحزم حقائبنا ونشد الرحال , ونقرر ألا نعود ثانية , لكننا نعود في آخر المطاف ولو على شكل جثة هامدة , نطلب قبل أن نموت أن ندفن هناك بين ثنايا تراب الوطن , لم أخش أبدا أن يضيع الوطن , فهو كما علمونا كطائر العنقاء الذي ينهض دائما من رماده , وهو موجود في القلب والعقل من الجبل إلى الهور, بنهريه وبغداده .

(( تطأ حروفي عتبةَ وطنٍ يسكنني , يغوصني بأرتالٍ من الوجع , وخوفاً محمومًا عليه يحتضرني , وحزنًا قارعًا بين الجوانح , وألمًا ساخنًا يعتصرني وهذياناتٍ لمعتقداتٍ لاتليق بوطني , تسحقني بعجلات الطائفية والعرقية وتركلني بالمنافي وأنين المرافئ , تواطئت أجندة الغرب وأصابع العرب فتم اغتيالك , أثقلتك زج الرماح في أقلامك , أصابوا الطيبة فشيعوها , أسجفوا العشير طوائفَ , وأسرجوا الدستور عرقيًا , لَمَّ اللهُ شعثَك ياعراق , وبين رافديك سأقف لألملم شتات ظلي ونسيج الصمت في دجلة والفرات يئن الكلم في جوانحي ممزوجًا بدم الأحبة ووحشة الغربة فقايضني الألم بحورًا وحسرة تنز من الأدمة )) .

يقوا أمرؤ القيس مخاطبا قيصر الروم : ((وإنّي أتيتُك بأشتاتي لتجمعها , ‏مالي أراك وقد شتّت أشتاتي ؟ )) , أغْرَقتني جراحاتك في مدارج الأوهام وأهدتني انقساماتك تراتيلَ باكيةً أتعبت مداي وفكري , أحرقني الشجو بانحسار مائك وانفراط شمالك عن جنوبك , أغْدَقتني بأرتالٍ من الوجع , فاسترق قلبي مثار صوت النجوى فيك , فخذلتني الأشياء وازدحمتني انكساراتي واستباحتني ظلالات النأي , تغَمَست روحي بالأحزان , أسقطتني في قعر النهايات وأنين المرافئ فركلتني الغربة في ضياعٍ وبنبالٍ سُعر , وتعددت الآلهة في وطنٍ مبتور الأصابع .
عشاق المستقبل يموتون شوقاَ إلى ركن في حضن القصيدة , وعلى ناصية الشوق في بيوت تشبه فكرتهم عن الوطن , الأوطان التي لم يبق منها إلا قلوب عشاقها الثوار , كانوا يعلمون , رغم كل شيء , أن الظلال ليست سوى انعكاسٍ لماضٍ ضاع , 
وأن الطريق التي يسلكونها الآن
ليست إلا امتداداً لطريقٍ سلكها قبلهم من كانوا يتوهون في متاهات الأسئلة ,
ولا يعودون أبداً , وحدادًا على غيابِ حاضرك سيهدونك الجوري والأشعار اليتيمة , كم أحبك ياوطني أعشقك أيـها القصيد يا علية َ الأوطان ياعراق .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الخوخ الزردالي .
- مقامة انكسارات الروح .
- مقامة الوجع الطيب .
- مقامة النديم .
- المقامة العجلية .
- مقامة سجن الحب .
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .
- مقامة القهوة والحب .
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .


المزيد.....




- باريس تحتضن معرض -سنوبي-: أزياء مستوحاة من شخصيات كرتونية لا ...
- أفلام رعب وخيال 24 ساعة من الدهشة “تردد قناة فوكس موفيز 2025 ...
- كيف رسم الفنانون الأشجار عبر التاريخ؟ .. دراسة تكشف
- الأيديولوجيا والقتل الجماعي.. السياسات الأمنية المردكلة للإب ...
- المعروك.. هل صار أكل الملوك فعلا في سوريا؟!
- إيفانكا ترامب تتفوق في فنون الدفاع عن النفس! (فيديو)
- تحطيم نجمة الممثلة الإسرائيلية غال غادوت في هوليوود
- فعاليات ثقافية:نادى أدب القبارى بستضيف الشعراء فى مسرح ثقافة ...
- سلاف فواخرجي: بشار الأسد ليس طاغية ونتوسم خيرا بأحمد الشرع
- تغريدة مثيرة عن الدراما المصرية في القنوات السعودية.. هل تصل ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة اللي مضيع وطن .