أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة القهوة والحب .














المزيد.....

مقامة القهوة والحب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8221 - 2025 / 1 / 13 - 10:52
المحور: الادب والفن
    


مقامة القهوة والحب :

يقول أدهم شرقاوي : (( تعالي نختلق حديثاً صباحياً عن أي شيء , حتى لو كان عن أن القهوة مرة وحديثك سكر )) , ترد عليه إليف شفق : (( يقال أنّ القهوة مثل الحب , كلما صبرت عليها أكثر , ازداد طعمها حلاوة )) , فكن كما تشاء , ولكن حذاري أن تكون وجعا لأحد , كن كفنجان قهوة , دافء لاينبعث منه إلا رائحة طيبة ونكهة مزهرة , وليكن صباحك قهوة انت سكرها , (( فأغمض عينيك , وأغف , كي لاترى طيف من تحب على وسائد المسافات اغمض وحاول ان لا تتذكر, لأنك ان استعدت التواريخ سيكون ورائك الف تفصيل صغير سيصبّ في فنجان قهوتك صباحاً , ويصيبك بالجنون والذكريات التي تأتي بعد ليلة أرق سوف تتفنن في قلّب يومك)) .

في حوار القهوة يثبُ الفنجان من لهفته في يدي شوقاً الى فنجانها , وعندما تأودت , اعترفت له : (( ضبطت نفسي متلبسةً بحبك مثل طفلة صغيرة تسرق رغيف حنان )) وأشتكت له من قهر السنين لأن عمرها جاوزالسبعين , قال لها : (( لا , أنتِ في العشرينْ كصبيّةِ الأمسِ الجميلْ , يا حلوتي , تتغنّجينْ وسناءُ عينيكِ الشموسْ , وشفاهكِ لوزٌ ورمانٌ وتينْ , ما زلتِ كالأقمار تتألقينْ كالماسِ , كالمرجان كالحجر الكريم , تكابرين وضياءُ وجهكِ مثلَ فجرٍ من لُجَيَنْ , والنورُ في عينيكِ يهزأُ بالسنينْ, يا مَنْ بكلِّ عقودِ عمركِ تهزأين , لا يهمني أن يحمل وجهكِ كل صفات الجمال , ما يهمني حقا أن يكون عقلك كذلك أيضاً , كبّري عقلك , فالجمال يزول فيما العقل تتسع مداركه كلما مرت الأيام والسنين )) .

وفي فن مناغاة القهوة : ما بين روحي وروحك همسة شوق لا يسمعها الا نبض قلبي وقلبك , قد تكون بعيداً عن نظري لكنك لست بعيداً عن روحي , وفي لحظة الأكتئاب , تكون الشهقة عبارة عن نصف التفاتة لاتنتهي , حين يلتصق الرمش على الرمش لتنزل الدمعة الحارة , فيعقبها الاحتراق حيث للشعراء شموع تحترق في نزيف الكلمات , تجمعهم مع النص , تجليات على قيد موت , وفي زَحْمَة رغوة القهوة أحْتَاجَ إِلَى اَلْهُدُوءِ , وعندما ذَهَبَ بَعِيدًا لِيَكْتُم ضَجِيجَهُ , ثَرْثَرَة عَقْلَهُ أَرْجَعَتْهُ .

كانت قد تركت ذات مساء احمر شفاه على فنجان قهوته , ومن يومها أدمن ذاك الفنجان عشقا وولعا بها , فكتب : (( أتعلمين ما يقول لك فنجان القهوة ؟ مسكينة لا يمكنك تذوق طعم شفتيك , أتعلمين ما يقول لك كوب الماء ؟ بي عطش أليك , أتعلمين ما يقول لك المشط ؟ أغرسيني في شعرك أعمق )) , لا قيمة للحياة بدون عشق , لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده , روحي ام مادي , الهي ام دنيوي , غربي ام شرقي , فالانقسامات لا تؤدي الا الى مزيد من الانقسامات , ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف, انه كما هو نقي وبسيط , (( العشق ماء الحياة , والعشيق هو روح من النار , يصبح الكون مختلفا عندما تعشق النار الماء )).

عندما اشرب القهوة اشعر أنّ شجرة البُنّ الأولى زُرعت لأجلنا , النسيم ُ الدافيء في جُرح فمها , اكثر ُ نشوة ً من الاغنية , أغنية ٌواحدة ٌ بعشرات الألحان , لها الأنفاس ُ, ولَك الطَرَب ُالمكتوم , عرفت ألآن ان الشعور الذي كان يملأني بالغضب كل تلك الأيام كان شوقا مجهول الهوية , ثمة انسياب مدهش لك في داخلي , انسياب منبعه ومصبه عيناك , لا اعرف سحرا اقوى منهما , وتلك ليست مسألة اعتيادية متداولة , بل حقيقة , كلما اقتربتُ , ابتعدت , وكلما نسيتُ , تذكرت , كغيمة تمطر مرةً ثم تذوب في الأفق , حلمٌ أم حقيقة ؟ , آه من ذلك المزيج الغامض من الاثنين , ففي غمار الشوق تصبح الحدود غير واضحة.

عرضت عليك فنجان قهوة في محاولة أخيرة لاستبقائك , كيف سمحت لنفسي أن أكون سعيداً إلى ذلك الحدّ , وأنا أدري أنني لم أمتلك منك شيئاً في النهاية , سوى بضع دقائق للفرح المسروق , وأن أمامي متسعاً من العمر, للعذاب؟ فكل أرض أنك لست فيها أنا فيها غريب , و ثمة جوع لا يسده الا شخص واحد , وأنا جائع اليك , لقد تعبت من تمثيل دور الكتف, اريد أن أتكئ , كل تعويذات النوم والدعاء والقرآن وورق الغار تحت وسادتي لم تجلب لي النوم , مادام طيفك يدور في ‏مخيلتي , ويقلقني , ‏خنجر مدفون في لحم ذكرياتي أنت.

عندما أحتسى غسان كنفاني قهوته كتب الى زوجته آني : (( كنتُ أكبر منكِ بالعمر , وكنتِ أكبر منّي بالحب , فالنّساء حين تُحب , تُصبحن اُمّهات , و نحن الرّجال نصغر , نصغر حتی نصبح أطفالهن )) , (( لا زالت الأكواب تتزاحم على طاولة القدر , ورشفة العمر واحدة لم تتغير عميقة المذاق صاخبة المسك , جياش لونها , ثائرة الهدوء كحيلة النظرات ,عربية الحسن , تملأ الدنا من ثرثرة عشقها الخالد , وحديث الروح تحركه ملعقة الشوق المغمورة بالوجد , وجدران الفؤاد )) .


صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة القهوة والحب .