أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنكار .














المزيد.....

مقامة الأنكار .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8218 - 2025 / 1 / 10 - 10:33
المحور: الادب والفن
    


مقامة ألأنكار :

يعبر ابو فراس الحمداني عن حالة مؤلمة وليست نادرة اليوم : (( تسائلني من انت وهي عليمة وهل بفتى مثلي على حاله نكر ؟)) , ليجيب بخيبة (( فقلتُ لها : لو شئتِ لمْ تتعنتي , وَلمْ تَسألي عَني وَعِنْدَكِ بي خُبرُ )) , ويردفه الشاعر الشعبي قائلا : (( يصير ضاع العرف والجرف مل مايه ؟ )) .

تأبى الدمعة أن تنداح من عين العاشق الأسير ولكن قريحته السحّاحة التي لا تعرف حدوداً للعطاء أمطرت وابلاً من الحنين والعتب , وشاعرنا الأمير لم تنسه لوعة الأسر عزة نفسه فراح يزهو مفتخراً بمناقبه الجمة , فهو العاشق المخلص والفارس الذي لا يشق له غبار في ساحات الوغى , وهو القمر الذي لا بد أن يفتقده قومه في الليالي الظلماء وما أكثرها بعد غيابه , وهو الذي لا يهاب الموت طالما أنه النهاية الطبيعية لكل البشر, والقصيدة يفوح منها أريج العاطفة الصادقة والفروسية العربية و الحنين إلى الوطن والحبيبة , إلى الحرية وكيف لا يحن الطائر الحبيس إلى فضائه الرحب.

كلنا يعرف ان الحب والكبرياء كلمتين متناقضتين , فالحب لا يعرف الابيض من ألاسود , و لا يعرف الكبير من الصغير , ولا الوسيم من القبيح , بل ان الحب لا يعرف معنى العنصرية , يقول سلمان العودة : (( الحب لا يعرف صغيرا ولا كبيرا فالكل صغار أمامه , الحب مستعد للانحناء في كل وقت وليس كذلك الأنا , الحب يفرح بالعطاء , الأنا تفرح بالأخذ , الحب يمنح الراحة , الأنا تعطي المتاعب )) .

صنف هرم ماسلو للحاجات الإنسانية الحب ضمن أروع المشاعر التي يمكن أن يقع فيها الإنسان , هو الشيء الوحيد الذي يصعد بأرواحنا من سابع أرضين إلى سابع سماء , يداهمنا بغتةً مهما فرضنا الحصار المشدد على قلوبنا , وربما نُبتلى به بقدر ما عبناه يوماً , واستنكرنا أهله , انه اللغز المحير منذ الأزل , الذي تغنى به الشعراء , وأبدع فيه الأدباء , وعجزت عن تفسير قوانينه الكيمياء والفيزياء , هو أسمى المشاعر الإنسانية وأنبلها , هو الزورق الذي نحتمي به ونلتجئ إليه عندما تهبُّ علينا رياح المحن , وتوهننا نوائب الحياة.

لا طبقية في الحب , لا أمير ولا غفير , لا يوجد فيه تعالي , تذكرت ماقاله دوستويفسكي عن الحب : (( إن الحبٌ بالنسبة إليّ , وأكرّر هذا الكلام على مسمعكم , يعني ممارسة المرء للإستبداد على الآخر , والهيمنة عليه هيمنة روحية , إنني لم أستطع في حياتي كلها , حتى تمثّل شكل آخر للحبّ في خيالي , عدا كونه مجرّد ممارسة للإستبداد , ومن ثَمّ , انتهيت اليوم إلى الاقتناع بين الفينة والاخرى , بأن الحب لا يمكنه أن يكون سوى إعطاء المحبوب للمحبّ , الحقٌّ في ممارسة الاستبداد عليه , بشكل طوعي , إذ حتى في أحلام يقظتي التي ظللتٌ أجنح إليها في القبو , لم أتمثل الحبّ قط إلا على شكل صراع , يبدأ دائماً بالكراهية , لينتهي بالعبودية الروحية )) , فهل الحب فعلاً كذلك ؟ أم أن دوستويفسكي مبالغ في السلبية و السوداوية ؟

تتوحش الروح ويتوحش السلوك ويصبح عدوانياً نزقاً متطرفاً في قسوته القاسية حين يفقد القلب قدرته على الحب , عندما سئل حسين مردان (( هل هجرت المدرسة في بعقوبة هرباُ من الإخفاق الحادّ في تجربة حب فاشلة ؟ )) , أجاب : (( كانت تجربةً قاسيةً , طالما فتحتْ أمامي باب المقبرة , بل وكدتُ أمضي سعيداً إلى ما تحت التراب , لولا قناعتي بأن الانتحار سيعذبني بقبري , لأن الموت لا يريحني , ما دام سيحول دوني ودون رؤيتها ولو من وراء ألف حجاب )) , وهل كانت الفتاةُ جميلةً ؟ وكنتَ بنظرها ذلك الشبح المخيف مثلاً ؟ (( لا أعرف , ولكنني لم أتصور نفسي إلا بهيئة ملاك شبيه بروميو , كنت غارقاً في مرآتها , ولم يسنح لي الغرام أن أحدق بصورة وجهي , لا في مرآة ولا على سبورة أو جدار)) .

في موروثنا الشعبي صور كثيرة للحب الصعب او المستحيل : ((ضماد الروح , طين انت وخذيت الروح لو من ذهب شتسوي ؟ )) , ((تری النظرات ھم جلمات , يسمع صوتھا اليفھم )) , ((ليش اجيت بتالي عمري وفززت كل المشاعر؟ وانه بابي مسلسل بكل الحديد وقفل بابه وكلشي هاجر)) , ((أوشل كل نده بروحي اذا يوم العطش جاسك , أريد أدثر بصوتك , وأحوك سوالفك جرجف وأموت نعاس )) , ((يا ناكوط بارد و الوكت تموز , ما عندك نداوه عروكنة احتركت )) .

صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .
- مقامة هلوسات التحليل
- مقامة الكريسمس .
- مقامة القشة .
- مقامة المثقفين و الخيانة
- مقامة الحلو و المر .
- مقامة العنكبوت .
- مقامة المدمي .


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنكار .