أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة سجن الحب .














المزيد.....

مقامة سجن الحب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8225 - 2025 / 1 / 17 - 13:53
المحور: الادب والفن
    


مقامة سجن الحب :

يقول شمس الدين التبريزي عن الذين يفهموننا موضحا : (( إن المرء مع من لا يفهمه سجين )) , تلك هي المسألة كما يقول شكسبير على لسان هاملت , حيث يمكن أن يبدو الحب قوة بدائية , مزيجا مسكرا من الرغبة والعناية والنشوة والغيرة , متأصلا في قلوبنا , والنقيض القطبي للعقلانية المقاسة للفلسفة والتكهنات النظرية , أو (( لقد أُسيء فهم الحب على أنه عاطفة , هو في الحقيقة حالة وعي , وطريقة للوجود في العالم , وطريقة لفهم الإنسان لنفسه وللآخرين )).

يرى برتراند رسل أن الحب هو حرب ضد عدو الإنسان الرئيس , الوحدة , بينما يرى سورين كيركجارد أن الحب هو المرحلة الأسمى للتجربة الذاتية , وفي الواقع إن العديد من الفلاسفة المشهورين( كانط وأرسطو ودي بوفييه ) كتبوا عن الحب وكيف تتناسب نظرياتهم عنه مع العقل البشري والتميز والحرية , ومما لا يثير الدهشة , أن وجهات نظرهم ذات الموقع التاريخي تميل إلى عكس أنواع الحب ذات القيمة الثقافية في وقتهم , فقد أثنى الإغريق على حب الصداقة , واجترار العلماء في العصور الوسطى على محبة الله , ومع عصر النهضة انتقل الحب الرومانسي إلى مركز الصدارة , واليوم يواصل الفلاسفة محاولة استنطاق الحب و استخلاص دروس عملية حول كيفية التعامل معه في حياتنا.

دعني أبوح بما تيسّرمن شوقٍ يقدَّ صبري , فقد صار الحب مثل الايام من عمر السجين تحسب له في حياته , وهو لم يعشها , كعازفة القانون التي تتراقص اناملها بين الاوتار بابتسامتها البيضاء وشعرها الأسود , وهي لا تعلم أنها تعزف لحنا قديما كان محبوسا في خبايا الروح , فأين أجدك ؟ أأكونُ لكَ سُنونوَة حينَ لا تكونُ ليَ القفصَ , وكيف لا أكونُ شَاعرَا وشفتاك تُوَشْوشَانِي بأحلى القَصَائِدِ ؟ و كُلَّمَا حَاصَرَنِي الحَنِين , أَكْتُبُ لَكَ قَصِيدَةً أُزَيِّنُ بِهَا وَجْهَ السَّمَاءِ , انْظُرْ كَيْفَ فَاضَتِ السَّمَاءُ بِالنُّجُومِ , ترى كمْ سنة ضوئية ستمر, لأحظى بسطر فقد ظله من رسالة قديمة , أو بقعة مداد تسربلت بياض الورق , أو بسمة اتشحت بالشحوب , حتى يساقطني حضورك رطبا جنيا على قنديل زيت لا ينطفئ ؟.

يقول دوستويفسكي في رواية الابله بحزن عميق : (( أريد أن يكون هناك إنسان , إنسان واحد على الأقل , أستطيع أن أكلمه في كل شيء كأنني أكلم نفسي )) , يبدو انه لم يعرف سجن الحب , وهو السجن الوحيد الذي نسعد ونشقى به في آن واحد , ورغم ذلك نرفض مغادرته ونود البقاء فيه للأبد , ونعشق السجان ونتمنى أن نظل بقربه حتى آخر العمر, في رواية 1984 يقول جورج أوريل مواسيا : (( ربما لم يرغب المرء في الحب , بقدر رغبته في أن يفهمه أحد )) , لقد حدد الرب أطر العلاقات بين البشر , كان أول إطار هو ( لتعارفوا ) : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )) , تعارف يتحدد عليه مدى القرب , صداقة , زواج , شراكة ,أو مجرد معارف , وكل علاقه لها أطرها , من درجات الود والطاعة والمسؤولية والحنان .

يرد على الجميع الكاتب أحمد خالد توفيق قائلا :(( أعتقد أن شقاء الإنسان ينبع من مجالسته لمن لا يفهمه , بل ويسيء فهمه باستمرار , إن شقاء الإنسان لا ينبع من كونه لا يجد صحبة بل من كونه لا يجد الصحبة المناسبة , ولذا فإن وجود شخص تستطيع أن تخبره بما يجول في داخلك بدون أن يسيء فهمك هي أعظم نعمة ممكن أن تحصل عليها)) , وانا لمْ أحلُمْ بِنُجومٍ تَسْجُدُ لي , حلمتُ بفقيرٍ يَرَاني ثَرْوَة , فَيتَحَقَّقَ حُلُمي به , حين أتشتت في تفاصيله , ويستدرني غيابه , ويبزغني رحيله , كهذيان شهب , ترجم قنديل القلب , يُثمل قنديله على عذاب كلي , أوله ألم ونصفه الآخر محال , وجرحي ينزف صمتي , ويتكسر نبضي على أجنحة النوافذ , في انتظارات هوج جزره ومده .

((في مرايا النهر ترى نفسَها غابةْ شجرةُ التوت , في مرايا الغيمْ يرى نفسهُ سرباً طائرٌ مُهاجر, ترى نفسَها بستاناً في مرايا الأُفقْ شجرةُ التفّاحْ , يرى اجنحتهُ مرايا صدئة مالكُ الحزينْ , في كلِّ حالاتِهِ غامضٌ وساحر بحرُ الظُلماتْ , بجمعِ الرحيقْ لا بإلتهامِ العسلْ متعةُ النحلاتُ , ترسمُ نافذةً البلابلُ تطيرُ من غرفتها عاشقةُ الطيورْ , خرافٌ نشيطة تسرحُ في السماءْ غيومُ اللهْ , حتى نثيثها الشحيحْ فيهِ حياة غيومُ الخريف , بإرجوحتِها المُلونّة تُريدُ الطيرانَ الى الأَعالي صبيّةٌ حالمة , بأَذرعِها النشيطة تخمشُ الشجر رياحُ الخريف , لا تستجدي الماءْ من أنهارِ البُخلاءْ عمّتُنا النخْلةْ , بحرٌ شاسعْ يتهادى مُكتظاً بالمهاجرين مركبٌ ضائعْ , في الصباحاتِ والأماسي تُعدِّلُ الرأسَ والمزاجْ قهوةٌ بطعمِ الهيلْ )) , ألاي فأنا بدونه سجين .
صباح الزهيري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة التشبيه الراكب .
- مقامة اللحية .
- مقامة الغناء بالهمس .
- مقامة القهوة والحب .
- مقامة دمشق .
- مقامة نجمة الصبح .
- مقامة الأنكار .
- مقامة لغة العشاق .
- مقامة الصليب .
- مقامة الغصن المكسور .
- مقامة أرتقوا فالقاع مزدحم .
- مقامة العادات الشرقية .
- مقامة الثمن الباهظ .
- مقامة التوبة .
- مقامة ولادة .
- مقامة 2025 .
- مقامة محطة الأستراحة .
- مقامة الصبر .
- مقامة الحب بالمجان .
- مقامة تأثير الفراشة .


المزيد.....




- -بدا تائها للغاية-.. رواية جديدة عن مأساة مارادونا قبل وفاته ...
- نتاج أسئلة معلقة في هواءٍ مثقلٍ بالتحديات
- إدانة الفنان السينمائي الفرنسي جيرار دوبارديو بتهمة الاعتداء ...
- وزيرة الثقافة الفرنسية تدافع عن نجوم السينما المنددين بـ-الإ ...
- أفغانستان.. السلطات تلغي استوديو السينما الوطني -أفغان فيلم- ...
- مهرجان كان السينمائي يمنع -العري- .. فما الأسباب وراء القرار ...
- أفلام ومشاركة نشطة لصناع السينما العرب في مهرجان كان 2025
- ثقافة الخيول تجري في دمائهم.. أبطال الفروسية في كازاخستان يغ ...
- مصر.. القبض على فنان شهير لتنفيذ حكم صادر ضده بالسجن 3 سنوات ...
- فيلم -ثاندربولتس-.. هل ينقذ سلسلة مارفل من الركود؟


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة سجن الحب .