فن يولد من حب ...... قراءة لغة الاعمال الفنية ل -Gabi Sara

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer
(Raid Shafeeq Tawfeeq)

الحوار المتمدن-العدد: 8214 - 2025 / 1 / 6 - 21:14
المحور: الادب والفن
    

نجاح أية لوحة فنية يعتمد على معناها العميق الذي تخفيه في تفاصيلها التي رُسمت بانامل ومشاعر فنان وزع الالوان بحرفية واحساس مرهف باستخدام ادوات الرسم التي يتعامل معها من هو فنان بحق يقدّر الفن ، ويعرف ما الذي تقوم أنامله بتسطيره الوانا تنطوي على معان واسئلة وخفايا يجب على المشاهد سبر اغوارها ؛ لذا فان كل لحظة تأمل في اي عمل فني هي باب يفتح على عالم مشرق.
أكثر ما يثيرني في أعمال الفنان "Gabi Sara"هو حركة الألوان إذ نجد فيها تباينات متزامنة وتكاد تكون تلك التباينات متكاملة ، فهي تغذي الإيقاع الفعلي للوحة وتاثيرها في المتلقي وتعكس رؤية الفنان التي تنطق بالجوهر الحقيقي له ، هذا الجوهر يعكس ما يشعر به هذا الفنان وهو شعور حقيقي صادق كونه لا يولد من نظام أو نظرية وانما مما يعتمل في نفسه المليئة بالحب ؛ فـ "Gabi Sara" فنان حقيقي ، عرف كيفية دمج عناصر الالوان التي تحرك مكامن النفس لدي المتلقي ومن ثم تثير اهتمامه بما يراه كنتيجة طبيعية ويتاتى ذلك نتيجة احساس هذا الفنان المفرط بما يسطره من مشاعر يعبر عنها لونا وحركة في اعماله الفنية.
يتعامل"Gabi" مع جميع الألوان ولديه ولع خاص بالطبيعة لذا نراه يوظفها باتقان في العديد من اعماله الفنية للتعبير عن ما يخالجه من مشاعر المحبة التي يريد ان يحبو بها الناس كافة ، لذا نلاحظ استخدامه الألوان المشرقة وهي السمة الغالبة في اعماله الفنية ، تلك الالوان هي عنوان رسالته التي شعارها "الامل والحب" حتى ان عنوان اخر معرض له كان بعنوان "الحب لا ينتهي ابدا" هذا ليس شعارا عند "Gabi" فحسب بل هو هدف يعمل على نشره بين الناس وهو الرابط الرئيس بينه وبين كل الناس.
اللوحة بالنسبة لـ ، "Gabi" تمثل أكثر بكثير من مجرد عمل فني ؛ لانها انعكاس عميق لما يختلج في نفسه إذ ان كل عنصر من عناصر تكوين اللوحة محمّل بالرمزية لكنها رمزية ذات طابع خاص تنطوي على الحب والسلام ؛ فالمحبة التي تفيض من هذا الفنان هي المرتكز الذي انطلق منه والذي نراه في جميع اعماله الفنية التي هي لوحات حية تجمع بين الذاكرة الشخصية والخيال ، فهي لا تهدف فقط إلى الاحتفاظ بهويتها الثقافية وحسب بل واندماجها مع المجتمع الذي احتوى "Gabi".
ان "Gabi" الذي يفيض حبا نشعر به في جميع لوحاته معانقا الطبيعة كما الطفل الذي يعانق امه فهي التي تغذيه بالحب الذي يمتد الى انامله التي تسطره الوانا على القماش ، وهذا هو محور الجمال في أفكاره التي جسّدها وكتبها ورواها لوحات كل لوحة منها تتضمن قصة مختلفة عن الاخرى ، وعندما تتمعن فيها تشعر بروح تسكنها وتحتضن من كانت سندا له خلال رحلة حياته ، انها زوجته تلك المرأة التي ما ادار لها ظهره يوما الا لتستند عليه.
التأمل في كل لوحة من لوحات"Gabi" كانه باب يفتح على عالم لا مرئي عالم مليء بالإجابات التي لم تسألها هذه اللوحات بعد ، وهذه ميزة لا تجدها الا في اعمال هذا الفنان ، ذلك ان العمل الفني يطرح اسئلة مبصرة على المتلقي الذي عليه الاجابة عليها ، اما مع لوحات "Gabi" فالامر اختلف اذ تجد نفسك اما عديد الاجابات لاسئلة مختلفة وعليك ان تجد السؤال الذي يناسب اجابته ؛ كانك ترى انك امام لغز جميل لا تستطيع مغادرته حتى تجد حله ؛ انه عالم "Gabi" عالم لا مرئي مليء بالإجابات التي لم تُسأل عنها بعد.
نجد في أعمال "Gabi" الفنية محبة يسوع التي يجريها لونا بخشوع ، فيثير حسك ووعيك لتدرك ما تراه وكانك بين ثناياه كل ذلك في لحظة سريعة كانها زمن طويل ؛ ومن خلال الالوان وتفاصيل اللوحة نرى بعض هذه اللوحات وكأنها تقيم صلوات سماوية من خلال لمسة "Gabi" الفنية التي مزجها بدموعه المليئة بالمحبة ، ليرسم الخطوط العريضة التي حددت ملامح وتفاصيل أعماله الفنية ، كانها لوحات من الوهم لإحياء ذكرى ميلاد السيد المسيح ، الامر الذي يذكرنا بحوارية "زوربا اليوناني "*1* وهكذا فان اعمال هذا الفنان المبدع مليئة بالمشاعر الجياشة ، انها حب يولد من فن وفن يولد من حب.
تبدو أعمال"Gabi"غامضة عند مشاهدتها للوهلة الاولى من خلال أسلوبه الذي يعتمد الرمزية اكثر من التجريد ، تلك الأعمال التي تدعو إلى التفكير العميق اذ يخبرنا من خلالها عن العلاقة بين الحب والمعرفة ؛ لان الحب هو اساس العلاقات الانسانية عبر التاريخ وصولا الى الحاضر ،كا انها اعمال تطرح ايضا أسئلة حول تطور المعرفة واحتمالية تشويهها للحب فقد وظف "Gabi" الحداثة في الفن للتمسك بالمحبة التي ترمز إلى المعرفة النقية والاستياء من الظواهرالسلبية.
وفي الختام فان اعمال "Gabi" هذه هي استنكار الفنان لكل ما يعمل على تشويه حقيقة المحبة بين الناس، وهذا ملخص ما نستشفه من رؤية "Gabi" عبر اعماله الفنية لنشر المحبة ، وارى ان رسالة Gabi هي: عندما ‏ينتهي الصراع داخلنا ينتهي الكُره والغضب ؛ ويتوقف اشغال العقل بمن أساء لنا عندها نفكر بما يسعدنا وينفع الناس.

---------------------------------------

*1* للروائي اليوناني "نيكوس كازانتزاكيس"
من حوارية زوربا اليوناني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال له رفيقه :لا أراك تصلي يا زوربا
فقال له: الذي يصلي لن تراه ؛ هل تعتقد أنا أصلي صلاة شحاذ يتذلل من أجل أطماعه ومخاوفه؟ ؛ بل أصلي كرجل : بالحب أقف وكأن الله يسألني : ماذا فعلت منذ آخر صلاة صليتها لتصنع من لحمك روحًا ؟ فأقدم تقريري له فأقول : يارب أحببت فلانًا ومسحت على رأس ضعيف وحميت امرأة ، وأبتسمت لعصفور وقف يغني لي على شرفتي ، وتنفست بعمق أمام سحابة جميلة تستحم في ضوء الشمس ، وأظل أقدم تقريري حتى يبتسم الرب ؛ وهو أكرم من أن أطلب منه ؛ فطالما نظر فوجد حبًّا أعطى ، وانا أخاف ككل إنسان ولكن عندي يقين أن الحب يُذهب الخوف.


"GAbi Sara" في كلمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو فنان سوري مبدع ولد عام 1957 في" ديريك" مقيم في مملكة السويد ؛ خريج أكاديمية الفنون "سوريا ـ دمشق" سنة 1982 وهو عضو جمعية الفن السوري حتى سنة 1987 اقام وهو ايضا عضو جمعية الفنانين العراقيين في السويد وعضو جمعية هوسبي للفنون والحرف .
عمل "GAbi Sara" مدرسا للفنون في مسقط راسه ديرك وفي دمشق له العديد من المعارض الشخصية في "دمشق" و"ديريك" و في السويد اضافة الى مشاركاته في معارض فنية مشتركة مع فنانين اخرين.

افتح الرابط لمشاهدة اعمال GAbi Sara
https://www.instagram.com/reel/DEfK8JXMYWC/?igsh=YXZpeXVna3gyMTUy

#رائد_شفيق_توفيق (هاشتاغ)       Raid_Shafeeq_Tawfeeq#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل