أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة العنكبوت .














المزيد.....

مقامة العنكبوت .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 20:46
المحور: الادب والفن
    


مقامة العنكبوت :

وصف القرآن العنكبوت بآية واحدة : (( وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)) , كما ان هناك سورة تتحدث من أولها لآخرها عن الفتن سميت بالعنكبوت , مع ان الناس كانوا يعلمون مدى الوهن في البيت الحسي للعنكبوت لكنهم لم يدركو الوهن المعنوي الا في هذا العصر, وبالتالي جاءت الآية : لو كانو يعلمون , وقد يتبادر للذهن ما علاقة الفتن بالعنكبوت ؟ الجواب :إنّ تداخل الفتن يشبه خيوط العنكبوت , فالفتن متشابكة و متداخلة فلا يستطيع المرء أن يميز بينها , وهي كثيرة و معقدة , ولكنها هشة و ضعيفة , ومن هنا جاء الدعاء : (( اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن)) .

العنكبوت حيوان صغير وذكره يدعي عنكب أما أنثاه فهي العنكبوت , وهي التي تبني البيت وتصل عدد الخيوط إلى 400 ألف خيط وطول الخيط الواحد 20 سم , وللعنكبوت ثمانية أرجل وأربعة أزواج من العيون , وتقوم أُنثى العنكبوت بقتل الذكر بعد التلقيح , وتلقيه خارج البيت , وبعد أن يكبر الاولاد يقومون بقتل اﻷم و إلقائها خارج المنزل , انه بيت عجيب من أسوأ البيوت على اﻹطلاق , وتبدو حشرة العنكبوت وديعة رغم أن لديها استعداداً للتخلي عن قيمها بافتراس زميلاتها والمقربين منها , وتحب العناكب الزوايا المظلمة لتنسج خيوطها الحريرية التي تبين أنها أقوى بخمسة أضعاف من الفولاذ, سيد المعادن الصلبة , وتَخرُج العناكب في أوقات غير متوقعة , مثلما يخرج اللئيم في مواقف محرجة لمن كان له فضل عليه , وقد شاهد العلماء العناكب وهي تقتات على حشرات مدّت لها يد العون , وتسعد العناكب في انتشار الفوضى وهو ما يدفعها لبعثرة شبكاتها عشوائياً ليصفو لها الجو , عندما يمس شباكها أحد تتصدى له لتحمي مرتع الفساد.

لأن هناك خيراً في باطن كل (شر) , فقد وجد العلماء في خيوط العناكب متانة مكّنتهم من صناعة مواد متينة في الطائرات , وبزات رواد الفضاء , وتشييد الجسور وغيرها , مشكلتنا ليست في مَن يخالفنا أو يعادينا بل بعدم مقدرتنا على التعايش مع الآخر مهما كانت عدوانيته , هنا تذكرت عبارة قرأتها ومن غير المؤكد ان دستوفسكي قالها , ولكنها نسبت له : (( ماذا لو كان العنكبوت الذي قتلته في غرفتك يظن طوال حياته أنك رفيقه في السكن؟)) وتأشر عندي أنه قال : ((كيف احتملت فكرة أنك وضعت ثغرة مؤلمة في صدر أحدهم سترافقه طوال حياته , ومضيت هكذا دون أن تكترث لشيء ؟ )) , وكذلك قال : (( أتعرفون ماذا يعني ألاّ يعرف أحدنا إلى أين يذهب ؟ )) , ربما تطرح عبارة الكاتب الروسي حول العنكبوت العديد من الأسئلة الإنسانية , فهو يطرح مشكل قتل كائن بريء كان يتقاسم معه إطار مكاني معين و هو الغرفة , كائن كان يعتقد منذ فترة طويلة أنه رفيقه في السكن , أي رفيقه في الحياة , كائن لطيف سعيد بالإنتماء إلى عالمه أي إلى نفسه , بمعنى كائن يعيش في حدود الغبطة و ذلك بمجرد تواجده معه في الغرفة .

وقد وجدت في كتاب الحيوان :
قال الحدّانيّ (( كأنّ قفا هارون إذ قام مدبرا ... قفا عنكبوت سلّ من دبرها غزل
ألا ليت هارونا يسافر جائعا ... وليس على هارون خفّ ولا نعل )) , وقال مزرّد بن ضرار : ((ولو أنّ شيخا ذا بنين كأنما ... على رأسه من شامل الشّيب قونس
ولم يبق من أضراسه غير واحد ... إذا مسّه يدمى مرارا ويضرس
تبيّت فيه العنكبوت بناتها ... نواشئ حتى شبن أو هنّ عنّس
لظلّ إليها رانيا وكأنه ... إذا كشّ ثور من كريص منمّس )) .

نعيد صياغة مقولة دستوفسكي بما يلي :(( ماذا لو قتلت شخصا يحبك بالفعل ؟ )) , ماذا لو دمرت حلم شخص كان يهتم لأمرك ؟ ماذا لو مزقت قلب شخص أحبك بصدق ؟ ماذا لو دمرت الأفق الروحي لشخص أحبك كالعنكبوت ؟ شخص يتقاسم معك تفاصيلك كلها , شخص يعتبرك الرفيق الوحيد في الحياة , ماذا لو قتل آخر أمل له ؟ شخص لم يتنكر لك ؟ هناك من كتب وقد صدق : (( نحن اليوم ننتمي إلى عصر ( القتل الناعم ) , ( القتل الهادىء ) , ولذا لنثني على من كتب رسالة الأعتذار التالية : (( أيها الزميل الافتراضي في السكن انا اعتذر منك , حقيقة أشعر بالأسف ان خيبت ضنك وصدمتك , بل وغدرت بك (حسب تفسيرك للأمر) , كل ما هنالك أنني لم أعرف بأنك كنت تعتبرني رفيقاً في السكن , لأنه بصراحة لم يكن هنالك أي تواصل بيننا تواصل مادي أو عاطفي , حتى أشعر على الأقل أنك تعتبرني رفيقك في السكن , كذلك صدقا عدم وجود وسيلة للتفاهم بيننا جعلتني أعتبرك دخيلاً غير مرغوبٍ به , بل وكنت أتساءل مع نفسي هل كنتَ تنتظر الفرصة لتؤذيني انت قبل أن أفعل فعلتي هذه ؟ إن كنت تضن أنني تركتك فترة في غرفتي (او غرفتنا كما تدعي زورا وبهتان ) فليس لأنني كنت أرغب بذلك , ولكنكَ كنت بعيداً عن متناول يدي لأبدأ الهجوم القاتل عليك , ولأنك كنت تختفي فلا أعثر عليك , وهذا كان قد سبب لي القلق حتى اني كنت أضن أنك بين ملابسي , بينما كنت تظن أننا رفاق .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة المدمي .
- مقامة البرد .
- مقامة روما .
- مقامة البواكي .
- مقامة الشوغة .
- مقامة الأنتصار .
- مقامة المرأة .
- مقامة الفراك .
- مقامة الغلطة .
- مقامة خطار .
- مقامة المعروف والمنكر .
- مقامة غمار الأشواق .
- مقامة السلح .
- مقامة الربا في الحب .
- مقامة الزوجات .
- مقامة لا تضيعوه .
- مقامة الغراب .
- مقامة الشتاء .
- مقامة ياحسافة .
- مقامة المكتوب والعنوان .


المزيد.....




- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...
- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة العنكبوت .