أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - رشيد مشهراوي يقتفي أثر الغائب في (أخي عرفات):حين تصبح الذكريات اكسسوارات مرهقة














المزيد.....

رشيد مشهراوي يقتفي أثر الغائب في (أخي عرفات):حين تصبح الذكريات اكسسوارات مرهقة


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1781 - 2006 / 12 / 31 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


في فيلم «أخي عرفات» للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، يمكن أن يقال الكثير عن تفصيلات يومية لا تنتهي في حياة الدكتور فتحي عرفات، ابتداء من العزاء المفتوح في مدينة القاهرة لشقيقته الراحلة وحديثه العاطفي المؤثر عنها، الى اللحظة التي تبدأ فيها الطبيبة الفرنسية قص القشور الجلدية من راحة يديه في أحد المستشفيات الفرنسية وهو يتلقى علاجاً كيماوياً صاداً للأورام السرطانية، وليس انتهاء بالطبيب الصيني المعالج بالابر، فيما هو يهاتف شقيقه الرئيس ياسر عرفات المعزول في مقره في رام الله عن التسمم الذي لحق به جرّاء العلاج الكيماوي.

يمكن الاضافة الى مثل هذا النوع من التراجيديا الشخصية التي تتشكل في هذه اللحظات القاسية من معاناة مريض بالسرطان، يفترض الفيلم سلفاً أنه يقيم في قلعة أخيه، والمقصود بالطبع ياسر عرفات، مالئ الدنيا وشاغل الناس. ولكن ما أحدثه مشهراوي لا يتعدى المواربة في القول السينمائي، وهي (المواربة) عرّضت الفيلم في أكثر من مكان الى حشو أرهق العمل، وبدده في اتجاهات عدّة. اذ بدا أن تنقل مشهراوي بين معبر رفح وغزة والقاهرة وباريس لا يتعدى التنقلات الخاصة التي لم تضف الى الفيلم قيمة تذكر، اللهم الا تذكيرنا بأن المخرج ممنوع من العودة الى رام الله والاقامة الطبيعية فيها، وهذا كشف عن قوة الاقحام الكبيرة التي استند اليها مشهراوي وهو يعيد تفصيل روايته على حجم المادة التي تجمعت تباعاً بين يديه، وقد اختار تصوير أجزاء طويلة من فيلمه بنفسه!





حاول الفيلم أن يستعير موجز حياة الدكتور فتحي عرفات رئيس الهلال الأحمر ومؤسسه، عبر بعض الصور الفوتوغرافية المبهرة في وثائقيتها، ثم استكمل ذلك بذكريات لا تنضب عن الشقيق الطالب المهندس الفدائي في مصر، الى الشقيق الذي فجّر الرصاصة الأولى في حياة الثورة الفلسطينية المعاصرة. وهنا هذه الرصاصة لا تشبه خمسين مستشفى بناها مؤسس «الهلال» في حياته في أماكن سكنى الفلسطينيين، فما من ربط درامي بينهما في الفيلم. وللمفارقة غدت هذه الذكريات بمثابة إرهاق إضافي لمادة تأبى على نفسها قبول المعالجة الصحيحة وكأنها تعاند ذلك، وهي ما دفع بالفيلم (52 دقيقة) الى مصاف الأفلام التي يخيل لصانعيها أنها تدرك تماما ما تذهب اليه، ثم تكتشف بعد زوال الأثر العاطفي المترتب على نشوئها عدم صلاحية هذه الفكرة من أساسها.

يطل الفيلم على حياة الدكتور فتحي عرفات بذرائعية منقوصة من أجل اطلالة متوخاة على حياة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهو المقصود بالفيلم، لكن (الرئيس) هنا ظل عصياً على الاستعارة الفيلمية، على رغم أن مشهراوي أراد منذ الكادر الأول أن يظهر في الفيلم راوياً للأحداث، وهو كان يتردد على الطبيب عرفات في مقر اقامته في القاهرة، ما اتاح للمشاهد أن يطل في الفيلم على بيت الرئيس الفلسطيني المهجور من دون أن نقتفي أثره هناك كما تفترض هذه النوعية من الأفلام.

تتغير وجهة الفيلم مع معرفة الطبيب عرفات بإصابته بالمرض العضال، وبدلاً من أن تتحول هذه «المعرفة» الى دفة في يد المخرج تحولت الى دفة في يد الشقيق عرفات، فأغرق نفسه في تأويل كل ما قاله عن الأسئلة المتعلقة بمستقبل الشعب الفلسطيني، وهو ما افترضه مشهراوي مدخلا لفيلمه، وبدت مراقبة الطبيب المريض مجرد محاولة مستعصية للذهاب الى ذكريات تربطه بشقيقه الرئيس من بعيد، وهي لا تقدم ولا تؤخر في السياق الذي اختطه المخرج لفيلمه على رغم المكالمات الهاتفية التي جمعت بينهما، وربطت في شكل مزيف ما بين باريس ورام الله!

هذا التبدل الذي أصاب الفيلم ظهر كما لو أنه محاولة للنفاذ في عمق العلاقة التي تربط الشقيقين الثمانينيين، وهما على أعتاب غياب مأسوي، وهو يوفر مادة غنية للفيلم لم تعالج معالجة صحيحة كما أسلفنا، إنما ظلت مرهونة بالدفة التي تسلمها الطبيب المريض من دون أن يقرر تسليمها الى المخرج ليقول ما يريد قوله في ما لا يمكن قوله في مثل هذه الأحوال باعتبار أن شقيقه الرئيس كان محاصراً ومعزولاً، ولا يبدو اللقاء معه ممكناً للإجابة عن أسئلة مشهراوي، حتى بدا اللقاء اليتيم (المدبر) مع الرئيس عرفات من أجل افطار صباحي في مقر حصاره بمثابة اكسسوار زائد على الفيلم نفسه، وهذا ما شكّل مفارقة. فبدلاً من الذهاب الى جوهر الرواية الكامن في رمزية ياسر عرفات في هذه اللحظات الثقيلة، ترانا نذهب الى تصورات عكسية سببها هذا التبرم الذي ظهر فيه الرئيس الراحل، وقد بدا شكاكاً ورياباً وعجولاً في إنهاء الفطور على رغم أنه هو من كان يقتات من الصبر مادة حياته كلها.





لا يوجد ما يضير في الرواية لو سلمنا أن المخرج مشهراوي انما كان يسجل يومياته بالذهاب الى غزة ومعبر رفح بالكاميرا الرقمية الخفيفة التي يجيد حملها، واتخاذه من الدكتور عرفات ذريعة للمعنى الذي أراده لفيلمه. فبعض هذه اليوميات بدا مؤثراً فعلاً، كتلك التي ظهر فيها مشهراوي وهو يقيم عند المعبر مدة أسبوعين، أو في تلك المشاهد المنقولة عن التلفزيون وهي تبث مباشرة وقائع رحيل الرئيس عرفات.

وحتى غياب الطبيب بعد ثلاثة أسابيع من غياب الرئيس لم يؤرخ بصرياً لشيء في الفيلم، وكان في وسعه ذلك طالما أن القدر هنا قد تدخل وأبعد الشقيقين اللذين يكادان يكونان توأمين، عن بعضهما بعضاً في رحلة الأبدية، من دون أن يعرفا بذلك، وظل الأثر الوحيد منهما معفياً من التلويح بنهاية آسرة للفيلم الذي أضرت به الحشودات المؤثرة التي حصل المخرج عليها سابقاً في رام الله ورفح وغزة، وهي قد بدت بمثابة اكسسوارات تصلح لفيلم آخر.

أياً يكن الامر، كان في وسع مشهراوي أن يتمهل قليلاً في تركيب (أخيه عرفات) بدلاً من أن يلهث وراء جودة إعلامية لم تسعف السينمائي المتيقظ الذي فيه!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدراجة النارية في السينما:نزوات السائق في مقدمة التابوت الط ...
- الأقمار بعد الحرب في -فلافل-ميشال كمون:القتل في المخيلة
- فيلم سوري ينتصر للشعر ضد السينما
- همبورغر عراقي في معسكر قوة التحمل الأميركي
- الشقيقان جلادو على متن التابوت الطائر
- أفواه وأرانب
- صنع الله ابراهيم يستسلم لروحانيات الآلة الكاتبة
- تلك القائمة
- الصورة الانكشارية
- في فيلم رشيد مشهراوي الجديد
- انفلونزة كونية
- دمشق في السينما
- الماكييرة الصلعاء
- الصورة أصدق انباء من الكتب
- عنف أقل
- وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا با ...
- الآثار العراقية في فيلم وثائقي
- جان جينيه والارتياب على آخر نفس
- لأدوية البطولية بحسب بودلير
- في فيلم باب المقام لمحمد ملص حلب لم تتغير.. بورتريهات شيوخ ا ...


المزيد.....




- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما
- سعد الدين شاهين شاعرا للأطفال
- -جوايا اكتشاف-.. إطلاق أغنية فيلم -ضي- بصوت -الكينج- محمد من ...
- رشيد بنزين والوجه الإنساني للضحايا: القراءة فعل مقاومة والمُ ...
- فيلم -ساحر الكرملين-...الممثل البريطاني جود لو لم يخشَ -عواق ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - رشيد مشهراوي يقتفي أثر الغائب في (أخي عرفات):حين تصبح الذكريات اكسسوارات مرهقة