أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - لأدوية البطولية بحسب بودلير














المزيد.....

لأدوية البطولية بحسب بودلير


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1703 - 2006 / 10 / 14 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


بحسب بودلير

الصديق الذي كتب باسم مستعار مدة عشرين عاماً رجع خائباً إلى اسمه الحقيقي بعد سقوط صنم بغداد. لا أعرف شعوره وهو ينتسب إلى اسم عراقي جديد لم يحمّله لأي من مجموعاته الشعرية التي صدرت في دمشق على مدى عقدين من الزمان.
لم يكن من بيننا من يكترث باسمه الحقيقي، وما من أحد سأله عنه أبداً، ولم يكن هناك من يشتغل على همس الأسماء في بغتة عن الأعمار التي تصيدناها على عجل، ونحن نبتعد تدريجياً عن حليب الرضى الإلزامي في مثل أعمارنا.
هذا الصديق كان يعتاش على شبح طلاوة فقدها لسانه السليط منذ أن كتب باسمه المستعار، وكانت بذاءاته، وهو يرفض أن يتعاطى أدوية الشعراء البطولية (الحشيش بحسب بودلير) بمثابة رفض الاعتراف منه بزنخ الأساطير الجديدة: الاستيلاء على السلطة، دكتاتورية البروليتاريا، والوطن الحر والشعب السعيد.
- غواويد باكر أستلم السلطة بالعراق، وتقولون كان يحشّش ويانا..!!
هذا الذي يقصده الأصدقاء على عنوانه قابع في التأمل، فقد كنا نجد فيه أيقونة من المرمر الأصلي في حانة أبوهاغوب في حلب، فلطالما وقف هذا الشاعر، لحظة الخروج عند ناصية شارع ليتحرش بصبية لم يكن مهماً أن تكون جميلة، فقد كان يكفيه أن يرمقها بنظرات متغولة كانت تدمي في الأساس قلبه المنهك:
- اطيها النار يا معوّد.
لم نكن نفهم من يقصد بصراخه.. وهو من جهته لم يشر على أحد منا أن يقوم بمديح النار على طريقته، وأنا من جهتي كان يخيل لي أنه يزأر أحياناً مثل أسد مترو غولدوين ماير الذي لا يهرم أبداً، إذ لم يكن يبدو لي أنه سيتوقف يوماً عن زئيره الملتهب. وهذا الزئير كان بمثابة الرابط الخفي بيننا نحن الاثنين، حتى أنني رجوته مرة أن يغرق مثل سفينة تيتانيك حتى أكتب قصة عنه، وأذهلني بهدوء تقبله للفكرة، حتى أنه شاهد فيلم جيمس كاميرون أكثر من عشر مرات، وكان في كل مرة يردد بأن وجاق سفينته محشو بأطنان من الفحم الحجري كي لا تغرق "روز" المفضلة لديه، حتى لو قضى هو مثل "جاك" في مياه المحيط الأطلسي الباردة. وكأن الوجاق هو مرمر القصة كلها، فكلما اشتد أوار النار فيه كنت أقترب من إغراق السفينة إذ لم يكن بحوزة قبطانها الماكر ما يكفي من الحجج لإطالة أمد الزئير في القاع، فثمة من يعيد رتق الأحجية، ويخيط من غرامياته الخيالية قصصاً إضافية للمسلسلات التلفزيونية والأفلام.
التقيته مؤخراً وقد نزل عن ظهر السفينة الغارقة، وتخلى عن حلم الاستيلاء على السلطة في بلاده بعد أن رأى ما رأى، وسألته بغتة: ما رأيك بيوم الكتابة البلغارية الذي يصادف في 24 أيار من كل عام؟!
قال مستغرباً سؤالي: ما دخلي أنا بهذا اليوم؟!
قلت: رويدك يا بودلير العرب.. أنا أريد أن أربط بين جوعك الأبدي للنساء، وزئيرك الذي لا ينتهي كلما رأيت امرأة.
قال وقد زاد من استغرابه: حسناً.. ولكن ما دخل جوعي بما ذكرت؟
قلت: هل سمعت بالأخوين كيريل وميتودي..؟
قال: لا .. لم أسمع بهما من قبل. أما وقد جئت على ذكر رابطة الشقيقين المبدعين، فأنا سمعت بالأخوين رحباني والأخوين تافياني، والأخوين ماركس، والأخوين واتشوفسكي.. أما هذين فلم أسمع بهما؟!
قلت كي أزيد من مفاجأتي له: أين ترى ينفخ الحداد عندما يعمل على لين حديده؟
قال وقد زاد من انتباهه: إنه ينفخ في الكور..!!
قلت: حسناً.. هل تجد رابطة بين الكور والنار التي تعد بها نسائك؟
لم أبلغ مقصدي كله في حديثي إليه فأردفت:
- اسمع يا أسد مترو غولدوين ماير.. الأخوان كيريل وميتودي هما راهبين مقدونيين، وهما من وضعا قواعد اللغة البلغارية.
قال: وما يعنيني هذا؟
قلت: كيريل وميتودي ذهبا إلى بغداد قبل ثلاثة عشر قرناً بطلب من الكنيسة البيزنطية لتعلم اللغة العربية وعاشا فيها سبع سنوات.
بدأ ينفذ صبر الصديق، فالقصة عادية ولا علاقة لها بزئيره، وهي لا تستأهل كل هذا اللغو والإطالة والشطط، وجرب أن ينسحب تدريجياً من اسمه الجديد، فهو مثلي أيضاً لا يعرف ما الذي سيحل بنتاجه الشعري، وفكر أن يعود إلى اسمه المستعار.. وهو حائر الآن، لأنه يكتب بالاسمين معاً، أي أنه سيكون موجوداً معنا مرتين، ففي هذه الثنائية ما يذكر بازدواجية المعايير والمصالح والشراكة الإبداعية:
- اطيها النار يا معوووووود..!!
لم تمر فتاة بجانبه منذ أن سقط صنم بغداد، وأنا الآن أضحك في سري ضحكتين، فقد منح الأخوان كيريل وميتودي للعضو الذكري في اللغة البلغارية اسم (الكور)..!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في فيلم باب المقام لمحمد ملص حلب لم تتغير.. بورتريهات شيوخ ا ...
- سيناريو لقصي خولي:يوم في حياة حافلة سورية
- سوردا للعراقي قاسم عبد
- الحياة معجزة
- فلسطين ذلك الصباح
- باربي الجزيرة
- تجار الألم
- يوميات بيروت: الطيران فوق المجتمع المثالي بعكازي خشب
- حصافة الصورة التي لم يعد بالإمكان تقليبها بين الأصابع


المزيد.....




- غزة سينما مفتوحة تحت سماء إسطنبول + فيديو
- ذاكرة الاستقلال والخرسانة الوحشية.. تونس تودّع -نزل البحيرة- ...
- حماس تدعو لترجمة إدانة دول أوروبية للعدوان على غزة إلى خطوات ...
- موعدي مع الليل
- اللغة الفارسية تغزو قلوب الأميركيين في جامعة برينستون
- ألبرت لوثولي.. تحقيق في وفاة زعيم جنوب أفريقيا ينكأ جراح الف ...
- خبير عسكري: ما جرى بحي الزيتون ترجمة واقعية لما قاله أبو عبي ...
- تاريخ فرعوني وإسلامي يجعل من إسنا المصرية مقصدا سياحيا فريدا ...
- ما لا يرى شاعرٌ في امرأة
- البرتغال تلغي مهرجاناً موسيقياً إسرائيلياً عقب احتجاجات وحمل ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - لأدوية البطولية بحسب بودلير