أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - سوردا للعراقي قاسم عبد














المزيد.....

سوردا للعراقي قاسم عبد


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 01:02
المحور: الادب والفن
    


عندما يصبح الحاجز الإسرائيلي لعبة الفلسطينيين
ربما لم يكن يدور بخلد المخرج العراقي المقيم في لندن قاسم عبد أن الحاجز الإسرائيلي الكريه في إقامته عند مدخل مدينة رام الله الفلسطينية، والمعروف باسم حاجز سوردا عندما قرر مراقبته سوف تتبدل أحواله تماماً كما تتبدل أحوال الناس، وكما ظهرفي فيلمه التسجيلي الجديد (30 دقيقة)، وحمل الاسم ذاته.
قضى قاسم عبد ثلاث سنوات وهو يراقب ولادة هذا الحاجز الذي أرهق كل من يدخل أو يخرج من هذه المدينة التي بدت وكأنها تعيش حصاراً أبدياً خانقاً لا فكاك منه أبداً.
ولطول المدة الزمنية التي كلفت المخرج أعصاباً ووقتاً وتنقلاً دائماً في الاتجاهين، فلسطين – انكلترة والعكس، أخذ حاجز سوردا يبدو في الفيلم مع تطور دقائقه كما لو أنه موضوع مراقبة بكاميرا روائية أخذت تصنع لنفسها حيادية ظاهرية ،وهي تعمل على التقاط ما يحدث أمام هذا الحاجز من تفتيش وتنكيل ومضايقات بحق أهل المدينة.
ولكن المخرج عبد الذي انهمك بالتسجيل لفيلمه، تعدى موضوع المراقبة والمتابعة الحيادية، فقد شهد بعين كاميرته الذكية ولادة حاجز إسرائيلي بغيض، بكل تفاصيل ما يلزم حاجزاً ورماً لا يرغب بدوره بالتوقف عند حدود المراقبة الثابتة لأناس يعيشون حياتهم اليومية بكل هذا الزخم والاندفاع نحو تحقيق غد أفضل وأكثر إشعاعا وهم المحاصرون في أدق التفاصيل.
تظهر كاميرا قاسم عبد أنها متورطة بالأحداث، ولا تعود حيادية أو سياحية، ويغوص صاحبها بين الكلمات الغريبة والهجينة التي تنشأ عن إيقاعات الحجز والاحتجاز والحاجز التي تنشأ عن (سوردا). فها هنا الحاجز الصاد لهذا السيل العارم من المواطنين وهم يواجهون جنوداً يبدلون أمكنتهم وأزمنتهم، ويبدلون من مقاسات وجوههم عند ملجأهم الأخير بما يتناسب مع صرامة وتجهم الأحجار الثقيلة التي يتألف منها المكان بشكل عابر وطارئ إذ سنرى بعد قليل في فيلم (حاجز سوردا) لقاسم عبد أن زمان ومكان هؤلاء الجنود عابر حقاً.
فما هو مثير في الفيلم هو هذا التبدل في مزاج الحاجز نفسه، وهو هنا ربما يتبدل بمعزل عن أمزجة القائمين عليه من جنود الاحتياط الإسرائيليين، ففي هذه البقعة الجغرافية يجترح الفلسطينيون المعجزة التلقائية في سبيل إنجاح وجودهم، إذ تتحول أحجار (سوردا) الاسمنتية الضخمة إلى طاولات لبيع الليموناضة الفلسطينية الباردة، ولولا بلاهة بعض الجنود المخيمة على المكان الضيق المحشور بين التلال عنوة لقلنا إن حاجز سوردا هو لعبة الفلسطينيين، إذ يقيمونه للحظات بغية الترويح عن أنفسهم، فلا يعود من سلطة للعدو هنا، وكل هؤلاء الباعة الذين يفترشون الأرض ويصرون على بيع بضائعهم وكأن الهدف من البيع ليس البيع نفسه، بل مماحكة هؤلاء الجنود والتغيير من أمزجتهم بقهوة عربية ثقيلة "تقهي" مزاج البعض، وتمنعه عن تناول الأطعمة السريعة المعدة خصيصاً للجنود في أزمنة الحروب السريعة، إذ ما من حاجة هنا للأكل، أو من حاجة للكر والفر، وقد انفردت المشروبات المثلجة والساخنة على أحجار الحاجز نفسه، وتولى الفلسطينيون في معجزتهم التلقائية كما أسلفنا مهمة تصريف شؤونهم اليومية عند حاجز ينفر من أصحابه.
في الفصل الثالث من الفيلم يقوم المخرج العراقي قاسم عبد بعد طول المتابعة، وهو كان قد أرسل بعض طلابه إلى الحاجز للتصوير والمراقبة بمحو الحاجز نفسه. لا يعود هناك أي حاجز لا في حلوله البصرية الذكية،ولا في واقع رام الله.
وكما يتدخل الشاعر في بناء قصيدته بإمحاء بعض الكلمات وإعادة توظيفها في سياقات لغوية أخرى يقوم عبد بمحو الحاجز (واقعياً) من مكانه. لا يعود هناك من حاجز في الصورة، وما يظهر أمامنا هو تقاطع نظيف من شوارع معبدة ومحاطة بالتلال.
اختفى الجنود واختفت آلياتهم وأوامرهم، وما يظل "يرفرف" في المكان هو رائحة القهوة العربية، وآثار الليموناضة الجانبية، وبلاهة الجنود الميتة.
ينتهي قاسم عبد من (مراقباته) الطويلة، بما يخص سجلات ولادة وتطور وموت حاجز إسرائيلي، يتمكن الفلسطينيون من الالتفاف عليه ومحاصرته وامتصاصه. وما فعله قاسم عبد بذهابه الطويل والمتكرر إلى هناك (كونه يحمل جنسية إنكليزية) هو تأكيد هذا الإقصاء من الصورة.. وهنا تكمن براعته كمخرج لفيلم من ثلاثة فصول كما في دراما كلاسيكية يزيد عليها كل تلك الأرواح الخفيفة الجميلة التي كانت تنتقل يومياً عند (حاجز سوردا) لمواصلة الحياة من دون التأثر بالغرباء الذين لا يرون القهوة العربية الثقيلة إلا من مناظير الرؤيا الليلية فقط.
(حاجز سوردا) للمخرج العراقي قاسم عبد فيلم ذكي يعيد صوغ الحياة الفلسطينية في بروفة أولى من ثلاثين دقيقة فقط..!!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة معجزة
- فلسطين ذلك الصباح
- باربي الجزيرة
- تجار الألم
- يوميات بيروت: الطيران فوق المجتمع المثالي بعكازي خشب
- حصافة الصورة التي لم يعد بالإمكان تقليبها بين الأصابع


المزيد.....




- ضحك طفلك طول اليوم.. تردد بطوط على القمر الصناعي لمتابعة الأ ...
- الياباني أكيرا ميزوباياشي يفوز بالجائزة الكبرى للفرنكوفونية ...
- كيف تحولت شقة الجدة وسط البلد إلى مصدر إلهام روائي لرشا عدلي ...
- القهوة ورحلتها عبر العالم.. كيف تحولت من مشروب إلى ثقافة
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لكل التخصصات “تجاري، زراعي، ...
- بسبب شعارات مؤيدة لفلسطين خلال مهرجان -غلاستونبري-.. الشرطة ...
- العمارة العسكرية المغربية جماليات ضاربة في التاريخ ومهدها مد ...
- الجيوبولتكس: من نظريات -قلب الأرض- إلى مبادرات -الحزام والطر ...
- فيديو.. الفنانة الشهيرة بيونسيه تتعرض لموقف مرعب في الهواء


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - سوردا للعراقي قاسم عبد