أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - دمشق في السينما















المزيد.....

دمشق في السينما


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1713 - 2006 / 10 / 24 - 06:00
المحور: الادب والفن
    


السماء تمطر بطيخاً أحمر
والبعض يرى فيها أحلام قرية

لم يتردد اسم دمشق كثيراً في عناوين الأفلام السورية. ظل مخفياً في بعض تفاصيلها، ولم يخرج إلى السطح إلا في بعض الحالات التي انكسر فيها هذا التخفي لأسباب عديدة بعضها معلوم وبعضها لا.
فما بين الأعوام 1928، حيث تم تسجيل ولادة أول فيلم سوري بعنوان (المتهم البريء) وحتى يومنا هذا الذي يقوم فيه ريمون بطرس بالاستعداد للبدء بتصوير (حسيبة)، يطل فيلم (تحت سماء دمشق)، عام 1932، ليحمل الاسم من جهة ،وليعطي دلالة ذات مغزى في موضوعة التعاطي مع هذه المدينة من جهة أخرى، وكأنه قد كتب عليها، وهذه تبدو علائم مفارقة نقدية، أكثر منها توصيفاً للحالة برمتها، أن يتعاطى السينمائيون مع شؤون دمشق وأحوالها بطريقة أن كل شيء يدور بالفعل تحت سماء هذه المدينة، وبالتالي لا يبدو مهماً هذا الغوران في العمق الذي يتطلبه تحديد هويتها وأزمنتها وأمكنتها.. سينمائياً.
(تحت سماء دمشق) للمخرج إسماعيل أنزور، الدارس للسينما في النمسا (1902 – 1981)، قرر في فيلمه اليتيم ، وبرغم درايته بصناعة الأفلام، أن تكون للقصص التي تدور تحت سماء هذه المدينة حالة الوضعية المثلى التي سار عليها تطور السينما في سوريا، فالكاميرا المتنقلة في شوارع المدينة الرئيسة مطلع الثلاثينيات (ساحة المرجة وشارع بغداد والغوطة) تبدو وكأنها قد رسمت مصير دمشق برمته، وهذا قد يبدو محزناً في جانب منه، إذ جاءت الكاميرا جافة في تعاطيها مع الكثير من تفاصيل الحياة الدمشقية. طبعاً هذا لا يعيب (تحت سماء دمشق) بشيء، فالفيلم الذي توفر له أربعمائة ليرة ذهبية لصناعته خسر ثلاثمائة منها بسبب قدوم أول فيلم مصري ناطق إلى دمشق بعنوان أنشودة الفؤاد. ولكنه فتح الباب - نقدياً- برأينا أمام محاولة تلمس دمشق في عيون سينمائييها أو بالطريقة التي انفردت فيها الأفلام السورية أمام الأقلام النقدية.
وبطبيعة الحال فإن غياب القاعدة المادية الحقيقية لصناعة سينما سورية إذ بدا معها تناثر الأفلام زمنياً وكأنه يرسم الفارق بين صناعة هذا الفيلم أو ذاك، ويحدده بأكثر من عشر سنوات فما بين (عابر سبيل) 1951، و(الوادي الأخضر)، 1962 احدى عشر عاماً مثلاً.
ومع بزوغ فجر الستينات من القرن الفائت شهدت السينما السورية اندفاعة إنتاجية معقولة، وعاد اسم دمشق مجدداً ليتردد صداه وسط مجموعة لابأس بها من الأفلام وظهر اسم المدينة مختالاً وسط سيل من العناوين التجارية في فيلم تسجيلي قصير قدمه المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتفينيتش بعنوان (جوهرة من دمشق)، وهو ذات المخرج الذي قدم أول فيلم روائي سوري بعنوان (سائق الشاحنة) وهو باكورة إنتاج المؤسسة العامة للسينما.
وظلت كما أسلفنا ملامسة السينما التجارية التي تصنع في سورية لهذه المدينة سطحية وتتخذ منها ديكوراً لأحداث ساذجة في معظمها، ولا ترسم قراءة معاصرة وجمالية لأقدم عاصمة في العالم، ففيلم (الصعاليك) مثلاً- 967 – ليوسف معلوف جاء ليقدم قصة مفبركة ومختلقة عن قصر في دمشق يعود لثري تركي أوصى بدفع مليون ليرة سورية لمؤسسة تعنى بتربية الكلاب. ويقوم نهاد قلعي الذي يتلطى بمكتب للأعمال التجاري وراء هذه الوصية ليحظى بالمبلغ المقرر. وكذا الحال بالنسبة لأفلام أخرى تجارية لم ترد من المدينة سوى خلفية لتدور فيها كل هذه السيول غير المترابطة من الأحداث والقصص الساذجة مثل (خياط للسيدات) لعاطف سالم – 1969الذي يروي قصة مصممة أزياء تعيش في دمشق.
في عام 1975 يقدم المخرج اللبناني محمد سلمان فيلماً تجارياً بعنوان (عروس من دمشق) من دون أن يعني الاسم شيئاً بالطبع، فهو مثل سابقيه يجوز فيه نسب العروس إلى مدينة أو قرية من دون أن يتغير في الأمر شيئاً.
ولم يتغير الوضع كثيراً حتى ظهر فيلم (حادثة النصف متر) للمخرج سمير ذكرى، والذي جعل من مدينة دمشق القديمة والجديدة مكاناً لأحداث فيلمه، وكأنه بذلك يغير من (القاعدة العمومية) التي نشأت عليها الأفلام السورية وظلت تدور (تحت سماء دمشق) من دون كل تلك الملامسات الشاعرية والإنسانية التي تميز القراءات السينمائية لمجمل المدن التي مرت بها وانتصرت فيها لروايات تكتب عن الشوارع والحواري الخلفية وبيوتاتها وأهلها كما هو الحال في نماذج عرفتها السينما العالمية مبكراً.
مع (حادثة النصف متر) 1980 ولد ذلك الشرط المعياري لقراءة إنسانية وهادئة تأبه بالمكان وليس بالحدث فقط الذي لا يعود مهماً لو دار في أمكنة أخرى.
وجاء فيلم (أحلام مدينة) لمحمد ملص – 1983 – ليشكل الدخول العاصف في المدينة من دون أن يكون لمسطرة (تحت سماء دمشق) النقدية أيما تأثير هنا، فهذه المدينة كما أطلينا عليها من خلال حي الميدان الدمشقي، وعندما يصرخ الصبي ديب (يا الله ما أحلى الشام يا إمي)، تحللت تماماً من حالة الغموض التي ميزت العلاقة بين السينمائيين السوريين ومدينتهم، وكأن ملص جاء هنا كما يبدو للوهلة الأولى ليخلخل هذا الأفق المسدود الذي ساد على مدى نصف قرن، ويضع مكانه أفقاً جديداً إذ صنعت هذه الجملة البسيطة مدخلاً نحو علاقة جديدة ومغايرة مع هذه المدينة. ولكنه المدخل الذي أجهض مع تورية المخرج في قراءاته بطريقته الخاصة جداً لـ(العنف الكامن في المجتمع السوري) ،ففي السيناريو الأدبي للفيلم ثمة مقطع كامل بعنوان (كرنفال سوريا) يحكي عن حال من البهجة والحبور يعيشها الشعب السوري بمناسبة الانتخابات النيابية في سوريا الخمسينيات، وقد صور هذا الكرنفال كاملاً، ولكنه حذف، وحذفت معه فكرة أن الحرية تؤنسن كل هؤلاء الناس المحتفلين، وهم قد عاشوا من قبل إرهاب الاستعمار وقمع الديكتاتوريات درجة أن (لوبوان) الفرنسية كتبت لاحقاً في معرض تعليقها على الفيلم: "إن الطفل الذي يعاني كل هذا العنف في مثل هذا المجتمع وعبر فيلم روائي من هذا النوع لابد أن يصبح إرهابياً"..!!كما ترجمت عناوين الفيلم لدى عرضه في (كان) إلى (أحلام قرية).
مع عبد اللطيف عبد الحميد، إذ يقرر أن يبتعد عن "الباستورال" الريفي الذي اختطه لنفسه في (ليالي ابن آوى) و(رسائل شفهية)، نراه يقارب دمشق بـ(صعود المطر) بقراءة مغرقة في فانتازيتها درجة أن سماءها تمطر في لحظة ما بطيخاً أحمر. وكذلك الحال في (نسيم الروح) الذي يقدم فيه عبد الحميد قراءة ذاتية خاصة به لدمشق، وكأنه يقول إن المشكلة ليست مشكلة سينما المؤلف التي يعمل عليها، إذ لا يوجد هنا عمل دون تفصيل عن حياة المؤلف نفسه.
ربما يقدم أسامة محمد في (نجوم النهار) تفسيراً ما لهذا الغموض الذي يكتنف علاقة السينما السورية بدمشق، فهو يسمح للمغني الريفي أن ينتقل بكامل تبجحاته للاستقرار في المدينة ويضيع بين أدخنتها ومبيداتها الحشرية.
وتنتصر الجغرافية على الفكرة فنرى (الذهاب المناطقي) لدى المخرجين السوريين مكملاً لفكرة ابتعادهم (الطوعي) عن (العاصمة)، فيذهب ريمون بطرس من ناحية إلى مدينة حماة في فيلميه (الطحالب) و(الترحال)، كما يذهب غسان شميط ورياض شيا إلى جنوب سوريا، وكذلك الأمر بماهر كدو الذي يمضي في (صهيل الجهات) إلى شمال شرق سوريا، ويجعل من المدينة التي تصل إليها بطلته بمثابة المتاهة الروحية التي تقلقه وتقلق أسئلته في فيلمه الوحيد.
على أية حال ثمة رأي للمخرج هيثم حقي في ندوة حلبية جرت عام ،1999 يقول فيه إن (تحت سماء دمشق) هو الفيلم السوري الأول وليس (المتهم البريء) باعتبار أن صُّناعه أناس لم يكن لديهم مواهب في هذا المجال بعكس اسماعيل أنزور، وإذا ما كان الأمر كذلك، فإن قوساً من سبعة عقود سينمائية بدأ من هناك، من تحت سماء هذه المدينة وينغلق مع (حسيبة)، الفيلم الذي يستعد له الآن ريمون بطرس ويقدم فيه قصيدة حب مهداة منه بوصفه ابناً باراً لمدينة حماة إلى نساء دمشق



#فجر_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماكييرة الصلعاء
- الصورة أصدق انباء من الكتب
- عنف أقل
- وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا با ...
- الآثار العراقية في فيلم وثائقي
- جان جينيه والارتياب على آخر نفس
- لأدوية البطولية بحسب بودلير
- في فيلم باب المقام لمحمد ملص حلب لم تتغير.. بورتريهات شيوخ ا ...
- سيناريو لقصي خولي:يوم في حياة حافلة سورية
- سوردا للعراقي قاسم عبد
- الحياة معجزة
- فلسطين ذلك الصباح
- باربي الجزيرة
- تجار الألم
- يوميات بيروت: الطيران فوق المجتمع المثالي بعكازي خشب
- حصافة الصورة التي لم يعد بالإمكان تقليبها بين الأصابع


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - دمشق في السينما