أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا بالبندقية الأخرى














المزيد.....

وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا بالبندقية الأخرى


فجر يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 1706 - 2006 / 10 / 17 - 08:31
المحور: الادب والفن
    


"يذهب المخرج اللبناني الشاب وائل ديب في فيلمه التسجيلي "وجوه معلقة على الحائط" إلى موضوعة صعبة ومعقدة، فهو يختار لفيلمه ثيمة "المفقود"، لتكون هي الرمز المعلق على الحائط الذي يقصده، وليس هناك من رمز غيرها.
المفقود في الحرب الأهلية اللبنانية هو من يرفض أن يسدل الستار، وهو من يقرر اللحظة التالية، ليس في الفيلم فحسب، بل في الحياة التي يعيشها اللبنانيون بعد أن وضعت الحرب أوزارها منذ زمن، وهم قد قرروا أن تتوقف هذه الحرب فعلياً.
تعيش مريم في الفيلم على وقع غياب ابنها ماهر، وهي تنتظر عودته بين لحظة وأخرى.ومريم لاتكف وهي تجلس وراء ماكينة الخياطة عن تقديس الانتظار نفسه، فيصبح في حالتها بمثابة كينونة ثانية لها، فهو (أي المفقود) قد طالت غيبته، وطالت حكايته، وربما زاد الغياب من طول قامته. جلوس الأم وراء الماكينة لايذكر هنا بـ"بينلوب" من أي نوع، وهي تنسج على نولها الخاص قماشة من عشرين سنة، وتنتظر زوجها الذي سيعود حتماً من حرب طروادة التي لم تنته منذ ذلك التاريخ. لا.. ليس الأمر كذلك، فهي تجلس لأنها تجلس ببساطة وراء الماكينة، وتقرر أن "الغُرز" التي تفتح الطريق أمام الخيوط الملونة، هي من تمهد الطريق أيضاً لصلاح الفكرة نفسها: هاهو ابني ماهر يقف أمامكم في الصورة الأولى، انظروا اليه، وتمعنوا في الجوهر، فالبندقية التي يحملها بين يديه لاتشبه أي بندقية أخرى من تلك التي استعملت في الحرب، أو هي بعبارة أدق لاتشبه بندقية الحرب. هنا بندقية ماهر المشار اليها بالابرة والخيط تشبه الجيتار، فالوقفة، وقفة المفقود تذكر بهارب من فرقة للخنافس مثلاً، وقد ضيّع شيئاً من أناقته أمام عدسات المصورين .ماهر يفعل الشيء نفسه أيضاً، فهو يقرر في لحظة الصورة المنكوبة التالية ألا يشبه الا نفسه، ولذلك لا يهتم بأناقته المسروقة من طراوة عمره، ولايكترث بهندامه، أو تصفيف شعره .مايخشاه في لحظة تثبيت وقفته، وماسيخشاه المشاهد لهذا الفيلم، هو أن تضيع وقفته، فاذا ماضاعت، فقد تضيع معها اللحظة الحاسمة التي تشير إلى فقده، واذا ماضاعت هذه اللحظة، أو العلامة الفارقة، فستتعزز امكانية ضياع الحكاية كلها. ماهر في الفيلم هو صاحب الخيط الطويل المؤرق للأم مريم، وهي تتعلم الرسم والنحت في سن متأخرة من أجل التدرب على اتمام عودته. هاهنا تنفتح كوة رمزية في جدار رمزي، وماتقوم به الأم من تزوير فاضح لبعض الكلام على أنه قول شعري يحقق لها معادلاً في القدرة على التحمل والصبر، وهي المرأة التي اضطهدت وتعذبت وكبر عندها الشعور بالاثم، وهي تحاول أن تعوضه بالبقاء الطويل خلف ماكينة الخياطة لتسرد قصتها، أو قصة "الغُرز" في الذاكرة اذ لايعود مهماً وجود القماش الملون بين أصابعها، فما تقبض عليه في هذه اللحظات الثقيلة هو حكايتها عن المفقود الذي لانعرف له مكاناً، أو لروحه الهائمة مستقراً. فمن أين لفتى يمسك بالبندقية مثل جيتار كهربائي، ويمجد وقفته أمام المصور الفوتوغرافي، وأمامنا نحن، أن يغلق الباب على قضية ماتزال الشغل الشاغل للكثير من الأفلام التي ستصنع في المستقبل، والأفلام التي لاتريد أن تقول شيئاً عن الحرب، ليس لأنها لم تكن الا مجرد خاطرة ثقيلة عنّت على بال اللبنانيين يوماً، بل لأن من يقاسمنا اياها مفقود ليس له قبر، ولايخاف من تحريف أمه لما هو مقدس في خاطر الأطراف المتحاربة فيما بينها.
تتنهد السيدة مريم .تتنهد وكأنه كان لزاماً عليها أن تقرّب الشمعة من اللهب، فقد تخفي فعلتها، وتخفف من وطأة الفضيحة التي لاتغلق أبوابها حتى مع موت الحرب نفسها، فهنا قضية ستظل تثار دوماً، ليس لأنها من صنع الخاطرة التي عنّت على البال يوماً، فتقاتل أصحابها طويلاً، بل لأن الوجوه ستظل معلقة على الحائط حتى عندما يغادر أصحابها "ميزانسينات" الأناقة والهندام والوقفة الصالحة التي لم تولد من ركاكة الحرب في يوم ما. فاللوحة التي تتدرب الأم على رسمها تقبض على النظرات الشاردة للابن المفقود الذي كان يستعد لسفر طويل، وهي ذات النظرات المعلقة في جواز سفر لم يستخدمه أبداً، فما نراه في الصورة أو على الجدار اللوني الذي لايشبه أي جدار لايتعدى جوهر الغياب نفسه.
في فيلم "وجوه معلقة على الحائط"، وقد شارك به المخرج وائل ديب في مسابقة الأفلام التسجيلية في مهرجان الاسماعيلية الدولي العاشر المنعقد في الفترة مابين 15 ـ 22 أيلول الماضي، ستبدو مريم بعد قراءات طويلة في الكتب، وتأمل في جدوى "الغُرز"، والخيط الطويل الذي لاينتهي، أمّا "محايدة" في مشاعرها، ولاتقرأ فصلا من فصول الحرب البشعة على أحد، اذ تبدو ـ في الفيلم ـ كما لو أنها تسرد الحكاية على نفسها فقط، وأمام هذا الحياد سوف تتراكم أمامنا كل تلك الوجوه المعلقة على الحائط الذي تبتكره ريشة الأم، وليس عدسة المصور الفوتوغرافي غير المعروف لنا. فمن أوصاها بالرسم، كان يدرك أن الحياد الذي تصطبغ به شخصية هذه المرأة الفولاذية المصنوعة من الشمع لاتذوب، لأنها لو ذابت، فستضيع حكمة تقريب الشمعة من اللهب، كما فعلت هي، وسيضيع عذابها. فما يفعله المفقود بنا، لايفعله الميت عادة، فالميت نعرف قبره وشاهدته، ولحظة انطفاء شمعته .المفقود بهذا المعنى لاشغل له الا أن يعذبنا ويقتلنا، ويقتلنا ليعذبنا، وهو يعلق صورنا أمامه على حائط الغياب، فما فعلته أمه بالنص في غيبته هو تكرار لفعلته عندما قرر أن يغادر الصورة في رحلة غير معلومة لا تستعاد...!!



#فجر_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآثار العراقية في فيلم وثائقي
- جان جينيه والارتياب على آخر نفس
- لأدوية البطولية بحسب بودلير
- في فيلم باب المقام لمحمد ملص حلب لم تتغير.. بورتريهات شيوخ ا ...
- سيناريو لقصي خولي:يوم في حياة حافلة سورية
- سوردا للعراقي قاسم عبد
- الحياة معجزة
- فلسطين ذلك الصباح
- باربي الجزيرة
- تجار الألم
- يوميات بيروت: الطيران فوق المجتمع المثالي بعكازي خشب
- حصافة الصورة التي لم يعد بالإمكان تقليبها بين الأصابع


المزيد.....




- الان Hd متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر ...
- تابع حلقات Sponge BoB تردد قناة سبونج الجديد 2024 لمتابعة أق ...
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- وفاة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن
- بتهمة -الغناء-.. الحوثيون يعتقلون 3 فنانين شعبيين
- دراسة تحدد طبيعة استجابة أدمغة كبار السن للموسيقى
- “أنا سبونج بوب سفنجة وده لوني“ تردد قناة سبونج بوب للاستمتاع ...
- علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي ...
- استقبل الآن بجودة عالية HD.. تردد روتانا سينما 2024 على الأق ...
- -انطفى ضي الحروف-.. رحل بدر بن عبدالمحسن


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فجر يعقوب - وجوه معلقة على الحائط للبناني وائل ديب:الغائب الذي يعذبنا بالبندقية الأخرى