|
إسلامولوجيات 6
جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية
(Jadou Jibril)
الحوار المتمدن-العدد: 8143 - 2024 / 10 / 27 - 18:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بدايات الاهتمام بتاريخ الإسلام والقرآن في الغرب
من الصعب الفصل بين الأبحاث حول أصول الإسلام وأصول القرآن، فهي ذات تاريخ طويل. تم تدشين النهج التاريخي النقدي والعلمي لهذه المجالات في القرن التاسع عشر في استمرارية الدراسة التاريخية والنقدية للكتاب المقدس. فمنذ عام 1860، ظهر أحد الكتب المرجعية الأولى في عرف الاسلامولوجيين، وهو كتاب تاريخ القرآن لثيودور نولديكه1، تناول القران من زاوية لغوية وتاريخية ونقدية، تمامًا كما فعل معاصروه فيما يتعلق بالكتاب المقدس. و تقدم هذا البحث بفضل لاسلامولوجيين ومعاهد البحث. إّ تم استخدام العديد من العلوم بشكل مشترك أو غير مشترك ، مثل فقه اللغة- الفيلولوجيا- والمنهج التاريخي، والأنثروبولوجيا، وعلم الآثار، وتاريخ الأديان، وما إلى ذلك. -------------------------- 1- يعتبر من أهم كتب المستشرق الألماني ثيودور نولديكه نشر في سنة 1860 وترجمه إلى اللغة العربية من الدكتور جورج تامر وهي من إصدار مشورات الجمل ويتكون من ثلاثة أجزاء. عالج هذا الكتاب بأجزاءه الثلاثة مسألة نشوء نص القرآن وجمعه وروايته كما ناقش هذا مسألة التسلسل التاريخي للسور المكية والمدنية واقترح ترتيباً لها يختلف عن ترتيبها حسب نزولها الوارد في السردية الاسلامية التقليدية. يُعتبر هذا الكتاب أهم وأوسع ما صدر في القرن العشرين من كتب باللغة الألمانية تتناول دراسة القرآن بطريقة مختلفة لتلك التي اعتمدتها مراجع السردية الاسلامية التقليدية. قسم نولديكه بحثه الى أجزاء ثلاثة هي : في أصل القرآن - جمع القرآن- و تاريخ نص القرآن عموما وبتركيز موجز يتناول الكتاب نبوءة محمد بن عبد الله والوحي الإلهي الذي تلقاه والآيات المكررة في القرآن والآيات التي أبطلت بحكم مبدأ الناسخ والمنسوخ وكذلك يتناول هذا الجزء في أحد فصوله في أصل أجزاء القرآن المفردة.ويتناول الجهود التي بذلها الخلفاء الثلاثة - أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان- في جمع القرآن و المصاحف الأخرى التي كانت منتشرة وكذلك اختلافها بعضها البعض والآيات المفقودة التي لم يتم تدوينها في المصحف. كما يتناول ما أسماه بأخطاء المصحف العثماني وصياغته النهائية المعتمدة- المصحف الامام- هذا علاوة على تناول القراءات الخاصة بالقرآن والاختلاف فيما بينها والتطور التاريخي الذي رافقت هذه القراءات.
------------------------------- إن الاهتمام بالإسلام في العالم غير الإسلامي قديم وليس وليد اليوم وقد صاحب هذا الاهتمام عمل فهم وترجمة و أيضًا محاولات التفنيد. فمنذ عام 1141م، أمر بطرس المبجل-2 Pierre le Vénérable- بترجمة القرآن الكريم إلى اللاتينية. هذه الترجمة، التي قام بها رودبرتوس ريتننسيس- Rodbertus Retenensis-، وهيرمان الدلماسي- Herman le Dalmate-، وبطرس الطليطلة- Pierre de Tolède-، وبطرس البواتييه- Pierre de Poitiers-، وعاصر هذا كتابات ألفها بطرس المبجل المذكور حول دحض الإسلام.3 ------------------------------------- 2 - في عام 1143م، كان بطرس الجليل أو المبجل أول من تصور محاربة الاسلام المسلمين ليس بالسلاح، بل في الركح الفكري إذ هو أول من أمر بترجمة القرآن لدحضه. هكذا رأت أول ترجمة لاتينية للقرآن. 3 – ظهرت هذه الترجمة في سياق مثير للجدل، وبتحريض من بطرس الجليل أو المبجل ، رئيس دير كلوني- Cluny -، تمت أول ترجمة للقرآن في الغرب باللغة اللاتينية. ففي الوقت الذي كان يحرم فيه بيع القرآن لغير المسلمين، استجابت هذه الترجمة للحاجة إلى معرفة العقيدة الاسلامية لدحضها بشكل أفضل ومحاولة تحويل أتباعها. فخلال رحلة إلى إسبانيا عام 1141م، قام رئيس الدير بتجنيد عالمين، هما الإنجليزي روبرت دي كيتون- Robert de Ketton- والدلماسي هيرمان- le Dalmate Hermann -، وأنضاف إليهما مسلمًا قيل اسمه محمد. إن الترجمة التي قاموا بإنتاجها هي جزء من مجموعة من الكتابات الدعائية المسيحية عن الإسلام، و تسمى- Corpus toletanum-. وقد تم الطبع لأول مرة عام 1543م في بازل السويسرية. وفي بداية إعادة فتح إسبانيا من طرف المسيحيين، قام المستعرب، مارك طليطلة، بترجمة جديدة أكثر حرفية في 1209-1210م. -----------------------------
واستخدم العديد من مؤلفي العصور الوسطى، بما في ذلك توما الأكويني- Thomas d Aquin وديونيسيوس الكارثوسي- Denys le Chartreux ، هذه الترجمة في دراساتهم الدينية. وتم ترويجها بفضل المطبعة في عام 1543م من قبل فقيه اللغة البروتستانتي تيودور بيبيندر- Theodor Bibliander. وفي سنة 1647م، نُشرت أول ترجمة فرنسية تحت عنوان L Alcoran de Mahomet بقلم أندريه دو رايير- André Du Ryer. وأعيد إصدارها حتى سنة 1775م. وفي فرنسا، كان غيوم بوستل- Guillaume Postel - (1510-1581م) أول من قام بتدريس اللغة العربية في كوليج دو فرانس (Collège de France) بعد وقت قصير من تأسيسه. وبين عامي 1538 و1542م، قام بتدريس اللغات الشرقية غير العبرية هناك. وهو مؤلف كتاب "Grammatica Arabica" الذي أدخل فيه أول سورة من القرآن(4). إلا أن غرابة أطواره حرمت الأجيال القادمة من التعلم على يده (إّذ سيتم إدراج أعماله ضمن القائمة السوداء). ثم قام الطبيب إتيان هوبير بتدريس اللغة العربية في كوليج دو فرانس من 1600 إلى 1613 م. وخلفه اللبناني غابرييل سيونايت. كما انطلقت الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة لايد- université de Leyde- منذ عام 1593م، تحت إشراف العالم الفرنسي-الإيطالي والبروتستانتي المصلح جوزيف سكاليجر- Joseph Scaliger. و ظل هدف هو دحض الإسلام في الخلفية، عبرتفضيل فقه اللغة والمنهج العلمي. ثم خلفه توماس فان إيربي- Thomas van Erpe-، المشهور باسم إربينيوس- Erpenius ، الذي تم تعيينه أستاذًا في سنة 1613م، صاحب كتاب قواعد اللغة العربية التي ظل مرجعا موثوقا لمدة قرنين من الزمان، كما أنشأ مطبعة بالأحرف العربية، وترجم أسفار موسى الخمسة إلى العربية... وواصل عمله هذا جاكوب جول- Jacob Gool الملقب بـــ جوليوس- Golius ، والذي أنتج طبعات عديدة من الكتب العربية ونشر قاموسًا في عام 1653م. واستغل جوليوس، الذي كان مهندسًا أيضًا، جهود التقارب الدبلوماسي بين القوى البروتستانتية والإسلامية للسفر على نطاق واسع في الشرق الأوسط والمغرب العربي. وفي عام 1622م، أثناء مرافقته لوفد هولاندي إلى المغرب،للقيام بدرس ومدارسة إمكانية بناء ميناء بالقرب من أكادير و تمكن من اقتناء العديد من المخطوطات في مراكش. كما تنقل في سوريا وما حولها، ثم أقام في إسطنبول. وكان قد أتقن اللغتين الفارسية والتركية، وعاد بمخطوطات عديدة. وأودع أكثر من 200 منها في مكتبة جامعة لايدن، بالإضافة إلى تلك التي جمعها سكاليجر وإرسينيوس قبله. "ففي نصف قرن، جعل هؤلاء العلماء البروتستانت الإصلاحيون الثلاثة من مدينة لايدن آنذاك "مركز الدراسات العربية"، ولازالت هذه المدينة تزخر بمجموعة مخطوطات شرقية قديمة لا مثيل لها. ولاحقا، أكمل عالم اللغة زيورخ يوهان هوتينجر- Johann Hottinger -هذه البدايات العلمية بكتابه الضخم Archeologia orientalis (1662 وHistoria orientalis. وتناول هذا الأخير حياة النبي محمد بالتفصيل وربط أصول الإسلام باليهودية والمسيحية القديمة والوثنية القديمة.
وفي فرنسا، أعاد أنطوان غالاند- Antoine Galland-، الأستاذ في كوليج دو فرانس بين عامي 1709 و1715، ومترجم ألف ليلة وليلة، أعاد من إسطنبول مخطوطتين للقرآن (الموجودتين اليوم في المكتبة الوطنية الفرنسية). وألف ترجمة فرنسية للقرآن كاملا، لكنها لم تجد ناشرا وقتئذ. ثم شغل خليفته إتيان فورمونت- Étienne Fourmont -كرسي اللغة العربية حتى عام 1745. وقد تلقى من دبلوماسي فرنسي، الكونت بليلو- comte de Plélo-، نسخ طبق الأصل من أوراق مخطوطتين قرآنيتين جلبهما تاجر دنماركي من مصر في القرن السابع عشر. ووجد- فورمونت- صعوبة في شرح المخطوطة، الأمر الذي منح للمستعرب الدنماركي جاكوب جورج كريستيان أدلر- Jacob Georg Christian Adler - الفرصة للتهكم بقسوة على روايته. ومع ذلك، فإن هذه التبادلات، بين عامي 1729 و1733، أتاحت لأدلر المذكور تطوير دراسة حول كتابة هذا النص ومتغيراته، مما شكل الأول من نوعه في هذا المجال، "وهي أول محاولة لاستخدام المخطوطات القديمة للقرآن في دراسة القرآن". وفي بداية القرن التاسع عشر، ازداد الاهتمام بالمخطوطات، ونظمت أكاديمية النقوش والآداب الجميلة - Académie des In-script-ions et Belles Lettres - مسابقة عام 1957 حول دراسة القرآن ومخطوطاته. وفاز فيها كل من أماري- Amari -، شبرينجر- Sprenger -ونولديكه - Nöldeke - الفائزون الثلاثة. وبعد ذلك، سيعتمد عمل الباحثين على نسخ مطبوعة للقرآن، أولاً تلك التي أصدرها أبراهام هينكلمان- Abraham Hinckelmann- (في)، ثم تلك التي أصدرها غوستاف ليبرخت فلوغل- Gustave Leberecht Flügel.
________________________ يتبع ____
#جدو_جبريل (هاشتاغ)
Jadou_Jibril#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسلامولوجيات- 5
-
إسلامولوجيات- 4
-
إسلامولوجيات- 3
-
الاسلامولوجيات- 2
-
الاسلامولوجيات - 1
-
وامصيبتاه ... صمت الزعماء العرب التآمري عار علينا سيظل محفور
...
-
الدراسات الاسلامية فيي الغرب- حول مشروع Corpus Coranicum الا
...
-
حول الابحاث العلمية بخصوص تاريخ القران
-
حول أصول الإسلام والقرآن – 2
-
حول أصول الإسلام والقرآن – 1 - حسب كتابات أولاف وليلى قدر مع
...
-
سلسلة حول أصول الإسلام والقرآن – 1 - حسب كتابات أولاف وليلى
...
-
الدراسات القرآنية عند الالمان –تتمة-
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 11
-
بدايات طباعة المصحف
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 10
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 9
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 8
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 7
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين 6
-
رأي غربي غير إسلامي : هل القرآن من عمل المسلمين؟
المزيد.....
-
الديمقراطية وتعاطي الحركات الإسلامية معها
-
فرنسا: الشرطة تداهم معهدا لدراسات الشريعة في إطار تحقيق للاش
...
-
نشطاء يهود يقتحمون مبنى البرلمان الكندي مطالبين بمنع إرسال ا
...
-
بيان جماعة علماء العراق بشأن موقف أهل السنة ضد التكفيريين
-
حماة: مدينة النواعير التي دارت على دواليبها صراعات الجماعات
...
-
استطلاع رأي -مفاجىء- عن موقف الشبان اليهود بالخارج من حماس
-
ولايات ألمانية يحكمها التحالف المسيحي تطالب بتشديد سياسة الل
...
-
هل يوجد تنوير إسلامي؟
-
كاتس يلغي مذكرة -اعتقال إدارية- بحق يهودي
-
نائب المرشد الأعلى الإيراني خامنئي يصل موسكو
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|