المهاجرون والحلم الأمريكى

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 8112 - 2024 / 9 / 26 - 19:58
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    

لعل أهم معلومة نعرفها عن الولايات المتحدة الأمريكية هى إنها أرض الفرص التى تسمح لجميع مواطنيها ممن لديهم الرغبة وإرادة العمل الجاد بالتمتع بالحرية والمساواة وتحقيق الذات. من المعروف أن المهاجرين أو المستعمرين الأوائل الذين ابحروا إلى أمريكا فى القرن السابع عشر كانوا فى الواقع يهربون من الفقر والظلم والطغيان والاضطهاد الدينى والسياسى. ومن الفقرات المهمة التى تتضمنها وثيقة "إعلان الاستقلال" (استقلال الولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا العظمى فى ٤ يوليو عام ١٧٧٦م) هى تلك التى تشير إلى أن كل المخلوقات خلقت سواسية، وقد منحهم الخالق حقوقا ثابتة inalienabl تتعلق بالحق فى الحياة والحرية والبحث عن السعادة. وقد عبر عن ذلك المؤرخ الأمريكي جيمس ادمز فى كتاب له نشر فى عام ١٩٣١م:
"الحلم الامريكى لا يقتصر فقط على امتلاك سيارات ومرتبات مجزية بل يشتمل أيضا على نظام اجتماعى يستطيع من خلاله أن يحقق كل رجل وكل امرأة الأحلام والآمال التى تتفق مع قدراتهم، هذا بصرف النظر عن الأصول التى ينحدرون منها.".

وفى الحقيقة فإن الحلم الأمريكى يتمثل الآن فى عناصر مادية بحتة: امتلاك منزل وسيارة ووظيفة ذات دخل محترم، وربما لعبت أفلام هوليوود دورا بارزا فى الترويج لهذا الحلم الذى لا يتحقق إلا فى بلاد العم سام؛ مما دفع الكثير من المواطنين إلى التفكير الجاد فى الهجرة إلى أمريكا. الغريب أن المهاجرين يدركون سريعا أن الصورة النمطية للولايات المتحدة الأمريكية التى شاهدوها فى الأفلام لا تتطابق مع الواقع. لعل صعوبة الحياة فى المدن الأمريكية تتمثل فى الحصول على وظيفة، وحتى إذا حصلت عليها فإنه من المستحيل أن تساهم هذه الوظيفة فى تحقيق أى من مفردات هذا الحلم. على سبيل المثال، إن متوسط سعر المنازل فى أمريكا حوالى ٤٠٠ الف دولار، وإذا سعيت للشراء من خلال الرهن العقارى mortgage فإن المبلغ الشهرى المطلوب دفعه لن يقل عن ثلاثة آلاف دولار (لمدة ١١ سنة على الأقل)، وضف إلى ذلك المصاريف والأعباء المعيشية الأخرى: الطعام، الكهرباء، الغاز، التأمين الصحى الخ، وهذه المصاريف لن تقل عن ثلاثة آلاف دولار أخرى، وهذا يعنى أن مرتبك الشهرى لا يجب أن يقل عن ستة آلاف دولار أو ٧٢ ألف دولار فى السنة، وإذا شاءت الأقدار أن تتوقف عن دفع المبلغ المتفق عليه فحيْنئذ ستتحول إلى متشرد homeless يقيم فى الشارع.

ومن الملاحظ أن الكثير من المواطنين الأمريكيين سواء صغار السن أو كبار السن المحالين إلى التقاعد يفضلون الإقامة فى دول أخرى فى أمريكا الجنوبية أو أوربا أو الدول الآسيوية والأفريقية. ويرجع ذلك إلى إرتفاع تكاليف المعيشة فى أمريكا وانخفاضها فى الدول الأخرى. تخيل لو أحيل مواطن أمريكى إلى التقاعد على أن يتقاضى خمسة آلاف دولار فى الشهر. فمن المفترض أن يغطى هذا المبلغ الإقامة(إيجار شقة صغيرة) والطعام وفواتير المرافق والرعاية الصحية غير أن هذا المبلغ--الذى يساوي ربع مليون بالعملة المصرية--لا يمكن أن يلبى احتياجات المتقاعد الأمريكى مما يدفعه إلى اللجوء إلى دار المسنين أو يفكر فى العيش فى دولة أخرى فى امريكا اللاتينية أو أوروبا(خاصة البرتغال وإسبانيا).

وفى ظنى فإن الدول الأوربية كالبرتغال وإسبانيا تقدم تسهيلات لهؤلاء الأمريكيين خاصة المحالين إلى التقاعد للإقامة فى هذه الدول بدلا من المعاناة فى المدن الأمريكية، وكذلك يمكن لحكومتنا العمل على تشجيع هؤلاء للإقامة فى مصر خاصة فى مدن مثل الغردقة وشرم الشيخ، وهذا ربما يعتبر دخلا ومصدرا إضافيا للعملة الأجنبية.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل