أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نحن والاحتجاجات في إسرائيل














المزيد.....

نحن والاحتجاجات في إسرائيل


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 8094 - 2024 / 9 / 8 - 14:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإضرابات والاحتجاجات الشعبية في إسرائيل ضد حكومة بنيامين نتنياهو بخصوص حرب الإبادة التي تشنها على غزة، لا تتعلق بوحشية إسرائيل ولا بالانتهاكات الفظيعة المرتكبة ولا بالقتل المنهجي للمدنيين ... الخ، بل تتعلق بحياة الرهائن بالدرجة الأولى. هذا يقول الكثير عن قابلية "الديموقراطية" أن تنجب نسخاً عمياء إنسانياً، فضلاً عن أنه يرسم خطاً واضحاً بين الاحتجاجات العالمية، ولاسيما احتجاجات الطلاب في الجامعات، ذات البعد الحقوقي الإنساني، والاحتجاجات الإسرائيلية التي تنطلق من أرضية الحكومات الإسرائيلية نفسها في إنكار حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقوق الإنسان الأساسية.
مع ذلك تُظهر هذه الاحتجاجات ما افتقدناه دائماً في بلداننا، وهو الحضور الشعبي فيما يخص قرارات الحرب وسياساتها. هذا يتصل بصورة وثيقة مع شكل العلاقة بين الحكومات والمحكومين عندنا، العلاقة ذات الاتجاه الواحد والقائمة على التغييب الكامل للناس عن إدارة شؤون حياتها، وإنكار أي حق "شعبي" في التدخل، وحتى في التفكير، في المصالح العليا للبلد. القاعدة في الحرب، بصورة خاصة، هي أن الأنظمة السياسية عندنا تماهي نفسها مع المصلحة العليا للبلد، فلا يبقى أمام الناس، والحال كذلك، إلا أن يكونوا ممتثلين أو خونة. وينسحب هذا الشكل من العلاقة على التشكيلات غير الدولتية، ولاسيما منها ذات المرجعية الدينية، التي تتولى مهاماً عسكرية ضد إسرائيل، على أن هذه التشكيلات لا تمتلك الولاية الكافية على المجال الوطني، وهي لذلك أقل قدرة على ضبط الناس قياساً على الدول. والحال إن بروز مثل هذه التشكيلات غير الدولتية هو بحد ذاته تعبير عن مشكلة وطنية عميقة.
غياب مبدأ المحاسبة في السياسات الداخلية، وغيابها بشكل أكبر في سياسات وقرارات الحرب وإدارتها، يبدأ وينتهي في تغريب الناس عن أحوالها وفي افتراض معصومية "القادة"، ما يعني أن قراراتهم وسياساتهم هي أفضل ما يمكن وهي الأكثر خدمة للمصلحة الوطنية، وأن الاحتجاج عليها لا يصب إلا في مصلحة الأعداء. على هذا يبدو أن احتجاجات شعب "العدو" ومحاسبة قادته وسقوط بعضهم وربما محاكمتهم على أخطاء ارتكبوها، هو برهان على صحة سياسات "قادتنا" الذين لا يخطئون. لهذا تسود البهجة عندنا عقب صدور تقرير لجنة تحقيق إسرائيلية يحمّل قادة إسرائيل مسؤولية فشل ما، كما جرى مثلاً عند إعلان تقرير لجنة فينوغراد في نيسان 2007.
فبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف العام 2006، دون أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة للحرب (تدمير حزب الله، تحرير الأسرى دون تبادل، تطبيق القرار1559)، تحرك الشارع الإسرائيلي للضغط على الحكومة من أجل تشكيل لجنة للتحقيق في الأداء السياسي والعسكري والأمني للقيادات الإسرائيلية. تشكلت لجنة فينوغراد، وأصدرت بعد عدة أشهر تقريرها الأول الذي حمل الحكومة مسؤولية فشل الحرب. الفشل هنا لا يعني الهزيمة، بل يعني أنه كان بالإمكان تحقيق نتائج أفضل سواء على صعيد إلحاق أذى أكبر بالعدو أو تفادي أكثر للخسائر. استقال وقتئذ رئيس الأركان أثناء سير التحقيقات، قبل صدور التقرير، واستقال بعد صدوره وزير الدفاع، وتدنت كثيراً شعبية رئيس الوزراء إيهود أولمرت.
كان يغذي حزب الله حينها صورة عن نصر مؤزر، وقد هلل "لسقوط" قادة الحرب الإسرائيليين بوصفه تأكيداً للنصر. والحق إن الأمين العام للحزب سبق أن قال إن هذه الحرب سوف تكلف قادة إسرائيل مناصبهم، وكان ذلك. ولكن هل في ذلك مؤشر على نجاح الحزب، وعلى أنه على الطريق الصحيح ولا وجاهة لأي تحقيق أو محاسبة لقادته، أم إنه مؤشر على أن في إسرائيل آلية محاسبة تحتكم إلى مصالح الدولة العليا وأن القادة الإسرائيليين يبقون، مهما بلغوا، أدنى من هذه المصالح، وعرضة للمحاسبة في خدمتها؟ من البديهي أن ما تهدف إليه لجان التحقيق هذه إنما تحسين أداء القادة الإسرائيليين بما يعني توسيع فارق القوة بين إسرائيل ومحيطها، فلا يكفي أن تكون إسرائيل متفوقة تقنياً ومادياً فقط، بل ينبغي أن تكون متفوقة أيضاً في حسن إدارتها وفي سياساتها الحربية. أما الجو الديموقراطي الداخلي الذي يسمح بالاحتجاجات فإنه لا يقل أهمية عن هذين الجانبين، لأنه يمنع نشوء علاقة اغتراب بين الناس وحكومتهم، فلا تبدو الحكومة جسماً قمعياً مستقلاً عن الناس وبعيداً عن تأثيرهم.
الحالة المعاكسة نشهدها على نحو واسع وعميق في سوريا، فقد بات السوريون لا يبالون كثيراً بكل صنوف العدوان التي يتعرض لها بلدهم في ظل الطغمة الحاكمة، بل إن قسماً من السوريين بات، بفعل مواظبة الطغمة الحاكمة على تغريب الناس عن بلدهم وصولاً إلى تهجيرهم، يرى في الضربات الإسرائيلية المتكررة إضعافاً لنظام الحكم، فيرحب بها. هكذا يظهر القمع المعمم على أنه، ليس فقط فاعلية للطغم الحاكمة في حفاظها على سلطتها، بل أيضاً، وفي الوقت نفسه، فاعلية داخلية في خدمة العدو الخارجي.
إذا كان حزب الله قد أبدى بالفعل في 2006 تماسكاً وانضباطاً وقدرة قتالية ممتازة أدهشت العالم حينها، ولاسيما في وجه الهجوم البري الإسرائيلي في الأيام الأخيرة من الحرب حين أراد الجيش الإسرائيلي الوصول إلى نهر الليطاني، فإنه عرض ما عرضته دائماً الأنظمة العربية من غياب أي محاسبة أو صلة حية مع المحكومين تمنحهم الحق في مساءلة أصحاب القرار، هذا فضلاً عن البنية الفئوية الأصيلة فيه، والتي أنتجت لدينا ظاهرة التفارق المعطل بين وطنية الهدف ولا وطنية الأداة.
حيوية العلاقة بين الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية تصب في صالح التوسعية والسيطرة الإسرائيلية على خلاف تصور يرى في الاحتجاجات علائم تفكك المجتمع الإسرائيلي وبوادر خطر على إسرائيل. الحال إن هذه الحيوية هي عنصر تفوق سياسي يضاف إلى أوجه التفوق الإسرائيلي الأخرى. وبالمقابل، يعمل الفشل المزمن عندنا في تحرير الدولة من استعمار الطغم الحاكمة، على تعزيز ضعفنا المزمن بدوره، إزاء إسرائيل، ويجعل حقوق شعوبنا تنزلق أكثر فأكثر على طريق يزداد انحداراً.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن انقسام عقيم يلازم السوريين
- أفكار في النقاش السوري العام
- سأبقى أذكر ذلك المساء المختلف في السجن
- غزة، التنافر بين الحق وتمثيله
- دروس قاسية تنتظر الفرنسيين
- القضاء الدولي، مقايضة شعوب بأفراد
- لا تقاطع مخبراً في السجن
- عن التوثيق ومنصة الذاكرة السورية
- الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية
- جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا
- الأبواب الحديدية
- الثقافة بوصفها خديعة
- في معنى استمرار الثورة السورية
- حين تصبح الهوية عبئاً (المثال السوري)
- غزة بوصفها مرآة عصرنا
- عن احتجاجات المزارعين في فرنسا وأوروبا
- -أبناء التهمة- الإسلامية
- ليس دفاعاً عن الإسلاميين
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 1
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 2


المزيد.....




- ملامح متشابهة وجمال مختلف..نجمات الثمانينيات وبناتهنّ
- لمنعهم من الهروب.. صور لتماسيح بقبعات إدارة الهجرة الأمريكية ...
- استغرقت واحدة منها 249 ساعة من العمل..إطلالات دوا ليبا في جو ...
- مصر.. وزير الخارجية يكشف عن -مصادر قلق بلاده- من الوضع في سو ...
- ترامب يكشف إن كان يتحدث مع الإيرانيين منذ مهاجمة منشآتهم الن ...
- جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان عن خطة -السلام الشامل- في الشر ...
- تقرير عن -طلب- الجيش الإسرائيلي إنهاء الحرب أو احتلال غزة با ...
- ترامب يواجه تآكلًا في دعم قاعدته الانتخابية بعد الضربات الجو ...
- يورو 2025 للسيدات في سويسرا ـ ترقب لصراع كبار أوروبا
- موجة ترحيل جماعي... أكثر من 230 ألف مهاجر أفغاني غادروا إيرا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - نحن والاحتجاجات في إسرائيل