أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في معنى استمرار الثورة السورية














المزيد.....

في معنى استمرار الثورة السورية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7915 - 2024 / 3 / 13 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تكن التجمعات التي تهتف بإسقاط نظام الأسد من مناطق خارج سيطرة النظام، أكانت داخل سورية أو خارجها، هي ما يُبقي الثورة السورية حية، أو هي ما يبرر الكلام عن استمرار الثورة. النشاط الثوري يقتضي مواجهة السلطة الحاكمة في مناطق سيطرتها، ويقتضي تحدي السلطات المباشرة التي تمتلك أجهزة الفرض وقوة اتخاذ القرارات. أما تسقيط سلطة من خارج النطاق الجغرافي لفعاليتها، فإنه لا ينتمي إلى العمل الثوري، ولاسيما إذا كان الأهالي أو السكان الذين تسيطر عليهم هذه السلطة في حالة ركود. وما يزيد في نفي الصفة الثورية عن مثل هذه الأنشطة، هو أنها تحدث في ظل سلطات لا تقل سوءاً عن السلطة الأخرى التي يجري تسقيطها. أكثر من ذلك، يمكن القول إن مثل هذه الأنشطة "الثورية" تعمل على تبييض صفحة السلطات الفعلية المسيطرة على المجال الجغرافي الذي تحدث فيه، ذلك أنها توجه رسالة صريحة تقول إنه السلطة التي ينشطون في ظلها لا تستوجب الثورة، إنما هي بالأحرى منصة انطلاق ثورية ضد السلطة الأخرى.
إذا قسنا على هذا المبدأ، سوف نجد أن الثورة السورية غير مستمرة، وأن ما نجده من أنشطة "ثورية" في كل مكان خارج سيطرة نظام الأسد، لا تخرج عن إطار إحياء الذكرى. مع ذلك فإن هناك ما يجعل الثورة السورية حية، وهو الواقع "الشاذ" الذي انتهت إليه الحال في سورية. الشذوذ هنا هو بالقياس إلى المعايير الدولية التي تقتضي وجود دول لها محددات معروفة، معايير لا محل فيها لاستيعاب السلطات السورية الناشئة التي لا تجد لها تعريفاً "نظامياً" في القانون الدولي. المعايير الدولية تتعثر أمام الحالة السورية الراهنة التي تتوازعها سلطات عديدة ليست "الدولة السورية" سوى واحدة منها. فهذه "الدولة"، وإن كانت لا تزال تتمتع باعتراف قانوني دولي، لا تمتلك في الواقع ما يسند هذا الاعتراف، لا القبول الشعبي العام ولا الولاية الكاملة على الأرض، وهي لذلك دولة عاجزة وعاجزة عن تجاوز عجزها، الأمر الذي يُبقي المشكلة السورية على أجندة المجتمع الدولي.
هذا الواقع الشاذ هو ما يرفع الوضع السوري إلى مستوى "قضية"، وهو ما يجعل التغيير في سورية ضرورة يصعب تجاوزها، لأن الحال السوري الراهن يبقى، في نظر القوانين والأعراف والمنظمات الدولية، مشكلة مستمرة تحتاج إلى حل. هذا الواقع الشاذ قانونياً، هو ما يفسر الوقائع الغريبة والمتناقضة التي نلاحظها في البلاد التي لا تزال تسمى سورية، على شاكلة أن الأمم المتحدة تنتظر قراراً من نظام الأسد لفتح معبر باب الهوى، مثلاً، وهو معبر يقع كلياً خارج سيطرته، ولا يملك في الواقع أي سلطة عليه، سوى سلطة القانون الدولي. وفي الوقت نفسه تجد منظمة الأمم المتحدة (ممثلة القانون الدولي) صامتة أمام انتهاك القانون الدولي بوجود سلطات مستجدة على الأرض السورية محمية من دول خارجية. إذا أضفنا هذا إلى العدد الهائل من اللاجئين والنازحين السوريين، ندرك بأي معنى يمكن الكلام عن استمرار الثورة السورية. والمفارقة أن نظام الأسد يساهم في زيادة شذوذ الواقع السوري عن المعايير الدولية، من خلال رعايته تصنيع وتهريب المخدرات، ما يجعله يغرق أكثر في سعيه إلى تفادي الغرق.
على هذا، يمكننا أن نقول إن ما يجعل الثورة السورية مستمرة هو شكل فشل هذه الثورة بالمقارنة مع أشكال فشل الثورات العربية الأخرى. الفشل المصري مثلاً أكثر انسجاماً مع المعايير الدولية، فقد اتخذ هذا الفشل شكل انقلاب عسكري نجح في الحفاظ على الدولة متماسكة مع بسط سلطتها على كامل الأرض، وهكذا يمكن للعالم إغلاق ملف التغيير في مصر إلى أن تنشأ حركة جماهيرية جديدة تعيد فتح الملف. ينطبق هذا الحال، وإن بدرجات متفاوتة، على البحرين والجزائر ولبنان والعراق، غير أن هذا الأمر متعذر فيما يخص الملف السوري بسبب تفكك الدولة السورية وتقطع مجالها الجغرافي الموزع على سلطات مستجدة لا تتمتع أي منها، بما في ذلك "الكيان الأسدي"، بما يعطيها شرعية دولية كاملة، وقد استنفد الوضع السوري طاقته الداخلية القادرة على إحداث تغيير جذري لما استقر على الأرض، وصار، بالتالي، رهينة توافق إرادات خارجية لا تزال ترعى "الشذوذ" السوري الذي سيبقى، بوصفه شذوذاً، يطرق باب الحلول.
لا يختلف الحال في ليبيا واليمن عن الحال السوري إلا من حيث أنه أطيح برأس السلطة في هذين البلدين ولكن دون أن تتمكن إحدى القوى الناشئة من حسم المعركة والسيطرة على كامل البلاد.
وكما يبدو الوضع السوري الراهن شاذاً في المعايير الدولية ويتطلب حلاً، كذلك هو في المعايير الداخلية، ذلك أن السوريين خارج مناطق النظام يعيشون في ظل سلطات "شاذة" غير معترف بها دولياً وما ينعكس عليهم من عدم اعتراف بشهاداتهم العلمية وغير العلمية وعدم اعتراف بهوياتهم ووثائقهم ... الخ، فضلاً عن تشابه حال القمع السياسي والتشبيح بين المناطق، وإن اختلفت الدرجات.
الواقع الذي تنتجه الاحتجاجات الشعبية المستمرة في السويداء منذ أكثر من ستة أشهر، ضد نظام الأسد، والاحتجاجات التي بدأت مؤخراً في معظم مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، يرسم بداية للخروج من الاستقطاب حول السلطات القائمة إلى الاستقطاب ضدها، وهذا أمر حيوي فيما يتعلق بتجاوز الانقسامات السورية على المستوى الشعبي. الخط الصحيح الذي ينبغي أن يرتسم في المجال السياسي السوري، هو الخط الذي يفصل المحكومين عن الحاكمين، فقد بات هذا هو خط الصراع الأساسي الذي تشوش على مدى السنوات الماضي بخط آخر من الصراع بين السلطات القائمة التي تتشابه في آليات سيطرتها وتتشابه في محاولة استجرار شرعيتها لدى محكوميها بادعاء أنها تحميهم من السلطة الأخرى.
تشابك نضالات السوريين ضد السلطات الحاكمة في مناطقهم، يَعد، إذا ما استمر وتصاعد، برتق ما تمزق من النسيج الاجتماعي والسياسي السوري، ويجعل في المتناول أرضية سورية مشتركة يمكن أن يحط عليها حل دولي متوازن.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تصبح الهوية عبئاً (المثال السوري)
- غزة بوصفها مرآة عصرنا
- عن احتجاجات المزارعين في فرنسا وأوروبا
- -أبناء التهمة- الإسلامية
- ليس دفاعاً عن الإسلاميين
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 1
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 2
- في الشخصية السياسية لرياض الترك
- الفعل الجنسي بوصفه دينمو خفي لتغذية دونية المرأة
- اللغة لا تسعف غزة
- عن غزة و-الأخلاق- الحديثة
- في مفارقات المجزرة
- القتل للفلسطينيين والتضامن مع اليهود
- يدفعون إلى العنف ويدينونه
- تأملات بمناسبة -طوفان الأقصى-
- من يمتلك -الحق- في الإجرام / حياة الفلسطينيين العارية على خط ...
- اللاعودة في انتفاضة السويداء
- اليسار السوري، هامش واسع في الحياة السياسية
- قمصان زكريا، لمنذر بدر حلوم عن الموت الذي يضمر الحياة
- عن توبيخ السوريين العلويين المتجدد


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - في معنى استمرار الثورة السورية