أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا















المزيد.....

جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7947 - 2024 / 4 / 14 - 12:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صدر في 8 آذار مارس الماضي، إعلان مشترك بين ثلاث مناطق سورية (درعا البلد، القريا، ريف حلب الشمالي) تحت اسم وثيقة المناطق الثلاث، وهي مجموعة مبادئ يطمح المبادرون أن تكون "موضع توافق وترحيب شعبي على امتداد البلاد". ليس لكل ما يمكن أن يقال بشأن هذه المبادرة، أن يخفي أو يقلل قيمة مسعى أصحابها الجديرين بالتقدير الذي يستحقه كل من ينشغل في إيجاد مخرج لائق لشعبه وبلده المنكوبين. وينطبق القول نفسه على المنضمين تالياً إلى المبادرة.
تختلف هذه المبادرة عن عشرات المبادرات التي ظهرت في السنوات الأخيرة في أنها الأكثر تعبيراً عن انقسام الواقع السوري. المبادرات السابقة انطلقت دائماً من مركزية وطنية سورية مفترضة تمثلها المبادرة نفسها، حتى لو نظرت إلى المناطق والجماعات السورية بوصفها كيانات قد تصل كيانيتها في بعض المبادرات، إلى حد اقتراح إدارات ذاتية. كل مبادرة كانت بمثابة مركز سوري مفترض يسعى إلى إعادة ترتيب سورية، وإن كان بعضها يقترح قدراً واسعاً من اللامركزية. وقد انعكست هذه الاشتمالية السورية في تسمية المبادرات السابقة، فمن النادر أن تبنت مبادرة تسمية تخلو من كلمة سوريا، أكانت اسماً أو صفة. على هذا يمكن القول إن وثيقة المناطق الثلاث تنفرد باعتماد منظور آخر ينطلق من مستوى أدنى، هو مستوى الواقع السوري الفعلي، واقع تعدد السلطات وتباين شروط العمل السياسي بين المناطق، فتنطلق لذلك من اقتراح العمل المشترك بين ثلاث مناطق، ليس للمبادرين سلطة مهمة في أي منها، الأمر الذي يجعل الوثيقة أقرب إلى وثيقة عهد.
بسبب انكماش الدولة الرسمية في سورية وفقدانها السيطرة الكاملة على المجال الجغرافي السوري، لسنوات، صار سكان سورية يعيشون أزمنة سياسية مختلفة باختلاف السيطرة السياسية والأمنية في المناطق، ذلك أن الانشغال السياسي للسكان وشروط عملهم صارت مختلفة باختلاف السلطة المسيطرة في مناطقهم، الأمر الذي جعل العمل السياسي السوري في الداخل مشتتاً. المفارقة التي أنتجها هذا الواقع، هي أن المهتمين من السوريين في الخارج باتوا، بسبب "خارجيتهم" وتحررهم من انقسام الزمن السياسي السوري، الأقدر على تمثيل عمل سوري موحد. هذا ما يفسر أن معظم المبادرات التي نتكلم عنها تنشأ في الخارج وتبحث عن مرتكزات داخلية لها.
الانطلاق من "المناطق" هو الجديد الوحيد في الوثيقة التي يحسب لها الجرأة في النظر إلى الواقع السوري في عينيه. إنه واقع عميق التمزق كما لم يسبق له أن تمزق من قبل، ويفتقد إلى أي سلطة تعلو على هذا التمزق، وتمتلك بالتالي فرصة توحيد ما تمزق.
في المرحلة التي جرى فيها تقسيم سوريا رسميا، في ظل الاستعمار الفرنسي، بداية عشرينات القرن الماضي، كانت سلطة الاستعمار نفسها تستطيع توحيد سورية حين تشاء، كما استطاعت تقسيمها حين شاءت. فقد كانت تمتلك القوة فوق هذا التقسيم ومن خارجه. اليوم، لا تمتلك أي من السلطات القائمة في سورية، القوة السياسية ولا الأخلاقية ولا العسكرية التي تسمح لها بتوحيد سوريا.
المبادرات التي حاولت توحيد إرادة السوريين حول مركز سياسي بمبادئ ديموقراطية أو إسلامية أو بينهما، كانت تفتقد كثيراً إلى القوة المادية. حتى لو آمن السوريون بما تقول هذه المبادرات وبأصحابها، فإن هذا لن يفيد في التغلب على عطالة الواقع الذي تحميه فوق ذلك سلطات محلية تحميها سلطات خارجية. العلة لم تكن في توفر المبادئ ولا في صياغة الأوراق ولا في وجود الشخصيات الوطنية المحترمة ذات الإرادة، بل في غياب الأداة وآليات العمل المحددة. حتى الدعوة الإسلامية الأولى لم تكن لتتمكن وتثبت في الأرض لولا توفرها على القوة المادية، وما كان لها أن تجمع القبائل العربية حول أفكار عالمية تعلو على الانقسامات القبلية، لولا ذلك.
هل تنجح الوثيقة المذكورة في تجميع المناطق، وفي خلق آلية تجاذب تحتية تتغلب على قوة المصالح المتعايشة مع الانقسام السوري؟ يتمنى المرء أن يتفاءل، وقد يغذي هذا التفاؤل ما حظيت به الوثيقة من اهتمام وتغطية إعلامية، ومع ذلك يبقى من المهم الإشارة إلى أن الآلية أو الطاقة الجاذبة التي تسعى الوثيقة إلى توليدها، تنطوي على إعاقة ذاتية سببها أنها تمنح، بصورة تلقائية، المناطق التي تنضم إلى المبادرة، ذاتية خاصة بشكل يمكن أن يولد التنافر فيما بين الذاتيات التي لا يجمعها مركز له قيمة سياسية واعتبارية، ولاسيما أن المناطق المشاركة متباينة في الواقع إلى حد يسمح بالتنافر.
في الوقت الذي يبدو أن العمل التحتي لتجميع سورية قطعة قطعة، ينسجم مع تعميم السياسة ومع الإنسانية العادية، بحسب لغة الوثيقة، فإنه ينطوي على إشكالية تمثيل المناطق، بما يشبه إشكالية تمثيل أي شعب أو جماعة. مثلاً، يسعى تجمع العمل الوطني في الساحل السوري، أول المستجيبين لمبادرة الوثيقة، إلى أن يمثل الساحل، بوصفه "رافداً سورياً وطنياً"، ويؤكد على أن "خيارات أبناء الساحل هي نفسها خيارات الإجماع السوري المشترك". طبيعي أن في الساحل، كما في كل منطقة أخرى، من يعمل على تمثيل المنطقة بخيارات سياسية أخرى لا توافق على الوثيقة. خصوصاً وأن الكلام عن "إجماع سوري مشترك" بعيد عن الواقع بعد سوريا عن وحدتها.
وإذا أردنا التعليق على تجمع أبناء الساحل، يمكننا القول إن هذا التجمع يبتعد، في ظننا، عن الصواب، كلما اقتربت عبارته "أبناء الساحل" من كونها تعني "العلويين". نقول مع الثقة بنزاهة وتاريخ ووطنية القائمين على المبادرة، ولكن من باب الخشية والرأي. فما يحتاجه عموم العلويين هو الخروج بهم من الدائرة التي يُحشرون فيها من كل حدب وصوب، وهي اعتبارهم ذاتاً يتنافس بعض أبنائها على تمثيلها، أو يرميها آخرون، كتلة واحدة، في خانة النظام المجرم. هذا خطأ، حتى لو ظهر للعين اليوم أن لمعظم العلويين مواقف سياسية متقاربة.
في الحق أن التعامل مع أي جماعة مذهبية على أنها ذات سياسية يعادل تجريدها من السياسة وتحويلها إلى أداة. ومن يحتاج إلى مثل هذا المسلك ويستفيد منه، هو نظام الأسد، وليس الساعين إلى التحرر منه. افتراض أن العلويين ذات سياسية، يكافئ عزلهم، ودفعهم إلى اختيار "الانطواء المحلي" الذي تحذر منه الوثيقة. ولا ننكر أن اللحظة التي يمر بها السوريون اليوم تساعد، بل تغري، من يريد، على مأسسة هذه اللحظة وحبس الجماعات المذهبية في أقفاص "سياسية" على الطريقة اللبنانية والعراقية.
يكون العمل المحلي سبيلاً مجدياً إلى الوطنية السورية، حين يكون ضمن إطار، وفي تفاعل مباشر مع مؤسسة وطنية سورية ديموقراطية حاضرة وقوية بحيث تحمي من تبلور ذاتيات محلية مناطقية أو مذهبية لها من الحضور والقوة ما يتفوق على حضور وقوة الذاتية الوطنية.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأبواب الحديدية
- الثقافة بوصفها خديعة
- في معنى استمرار الثورة السورية
- حين تصبح الهوية عبئاً (المثال السوري)
- غزة بوصفها مرآة عصرنا
- عن احتجاجات المزارعين في فرنسا وأوروبا
- -أبناء التهمة- الإسلامية
- ليس دفاعاً عن الإسلاميين
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 1
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 2
- في الشخصية السياسية لرياض الترك
- الفعل الجنسي بوصفه دينمو خفي لتغذية دونية المرأة
- اللغة لا تسعف غزة
- عن غزة و-الأخلاق- الحديثة
- في مفارقات المجزرة
- القتل للفلسطينيين والتضامن مع اليهود
- يدفعون إلى العنف ويدينونه
- تأملات بمناسبة -طوفان الأقصى-
- من يمتلك -الحق- في الإجرام / حياة الفلسطينيين العارية على خط ...
- اللاعودة في انتفاضة السويداء


المزيد.....




- إسرائيل تعلن شنها غارات -واسعة النطاق- على مواقع عسكرية في إ ...
- الحرس الثوري يعلن استهداف مركز استخبارات إسرائيلي رداً على ا ...
- +++ دخول الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع++ ...
- إذاعة -يوم القيامة- تبث رسالة جديدة غامضة وسط الصراع الإسرائ ...
- إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلف ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية تصب الزيت على نار الحرب المدمرة بين ...
- الجيش الإسرائيلي يشن هجمات استباقية على منصات صواريخ إيرانية ...
- مستشار خامنئي يهدد بحرمان دول المنطقة من استخدام المنشآت الن ...
- إيران: هذا شرطنا للعودة إلى الدبلوماسية
- هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا