أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية















المزيد.....

الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 10:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الاستباحة العسكرية التي تمارسها إسرائيل على غزة منذ ما يقارب سبعة اشهر، والتي غايتها المعلنة هي تحرير الأسرى الإسرائيليين وتفكيك حماس واستئصالها، تحولت أكثر فأكثر، بفعل طول أمد العملية العسكرية وعدم تحقيق أهدافها المعلنة رغم جرائم الحرب المرتكبة، إلى ضغط سياسي ثقيل على حكومات الدول الديموقراطية المؤثرة في العالم والتي عرضت موقفاً في مساندة إسرائيل لا نظير له، وصل في بعض هذه الدول إلى تعقب الآراء المخالفة وممارسة ما اعتبره كثيرون مكارثية جديدة تستبدل الشيوعية بمعاداة السامية.
لا غرابة في أن الإنكار الفعلي الذي تبديه الحكومات الديموقراطية الرئيسية تجاه حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ودعمها غير المحدود لدولة الاحتلال الإسرائيلي التي ترفض منذ عقود طويلة تنفيذ القرارات الدولية التي كان آخرها قرار مجلس الأمن في 25 مارس/آذار الماضي، بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة، يضع الحكومات الغربية تحت ضغط سياسي داخلي، الأمر الذي يجعلها تلجأ، من أجل حماية موقفها غير العادل، إلى تقييد الحريات بشتى السبل المتاحة لها.
الحكومات الغربية ذات موقع مؤثر في إدارة العالم، وهي محكومة لقواعد ومبادئ وقيم ديموقراطية تسمح وتضمن تعدد المواقف السياسية والتعبير السلمي عنها، من الطبيعي، والحال كذلك، أن يمارس المتضامنون مع الفلسطينيين في محنتهم، أشكال الضغط الشعبي الممكنة على هذه الحكومات من أجل دفعها نحو سياسات ومواقف أكثر عدلاً فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة اليوم. على هذا فإن آليات الحكم الديموقراطية في البلدان الرئيسية في العالم، تخدم في توفير قنوات لانتقال الصراعات التي تنشأ في محيط العالم المنفعل، إلى مركز العالم الفاعل والمؤثر. يساعد في ذلك ما توفره التقنيات الحديثة من وسائل التواصل الفوري ونقل المعلومات بما يخفف إلى حد لا بأس به من قدرة الحكومات وجماعات المصالح على التحكم بالإعلام.
يذهب في الاتجاه نفسه ما يشهده العالم من حركات هجرة واسعة تحت ضغوط طبيعية واجتماعية، يتجه معظمها إلى البلدان الديموقراطية. بحسب تقرير الهجرة في العالم للعام 2022، شكل المهاجرون في العام 2020 حوالي 3.6% من عدد سكان العالم، أي حوالي 281 مليون مهاجر. وأن نسبة كبيرة من مهاجري العالم تصل إلى 40%، تعيش في بلدان أوروبا وأميركا الشمالية. هذا يعني أن الهجرة تصنع داخل هذه الدول الرئيسية جمهوراً تعود أصوله إلى مناطق الصراع في الأطراف، ويحمل الثقافات والحساسيات السياسية لشعوب هذه المناطق التي تعاني من الصراعات، ويمكن لأفراد من هذا الجمهور الوصول إلى مناصب في الدولة. إلى هذا الجمهور يضاف جمهور آخر من أبناء البلد نفسه ومن غيرهم، من المتضامنين وأصحاب الرؤية السياسية الأقرب إلى مبادئ الإنسانية والعدالة الدولية. والحقيقة أنه فيما يخص القضية الفلسطينية، يوجد جمهور غربي كبير ومطلع، نظراً إلى وضوح القضية وطول أمدها وما تحمله من بعد أخلاقي مؤثر.
للتغلب على الضغط السياسي الناجم عن مساندتها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، لجأت الحكومات الغربية إلى التضييق على الجمهور المتضامن مع فلسطين من خلال تقييد الحريات بطرق مختلفة، مثل الانحياز الإعلامي والامتناع عن منح تراخيص لمظاهرات التضامن مع الفلسطينيين، واستخدام أجهزة القوة لتفريق مظاهرات لم تُمنح الترخيص، أو استخدام جهاز القضاء لمحاكمة سياسيين خارجين عن الخط المنحاز، كما يجري اليوم في فرنسا مع حزب فرنسا الأبية الذي جعل الحرب على غزة الموضوع المركزي في حملته الانتخابية للبرلمان الأوروبي. فقد ألغي مؤتمر تضامني مع فلسطين للحزب في إحدى جامعات شمال فرنسا، واستدعيت إحدى مرشحات الحزب للبرلمان الأوروبي إلى القضاء بتهمة تبرير الإرهاب (apologie)، كما استدعيت إلى القضاء رئيسة الكتلة النيابية للحزب للسبب نفسه، في خطوة وصفها المعلقون بأنها قَضْيَنة (juridicisation) للسياسة.
أشار التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية الصادر في 24 نيسان/أبريل من هذا العام، إلى هذه الممارسات بالقول "إن السلطات الفرنسية قد فرضت قيوداً شديدة وغير مشروعة على الحق في التظاهر"، وعن موضوع الحرب على غزة يقول التقرير "إنه في تشرين الأول/أكتوبر، عمم وزير الداخلية الفرنسي على قادة الشرطة في المحافظات طلب منع أي مظاهرة تنظم تضامناً مع فلسطين، وهو ما يشكل انتهاكاً غير متناسب وتمييزياً للحق في التظاهر السلمي".
الحال في ألمانيا وفي المملكة المتحدة وبقية الدول الغربية ليس أفضل منه في فرنسا، وإن كان موقف بعض الحكومات الأوروبية مثل بلجيكا واسبانيا أكثر اعتدالاً. يتحدث التقرير فيما يخص أوروبا الغربية، عن "ازدواجية المعايير في خطاب وسياسات الكثير من الدول تجاه إسرائيل في مقابل القيود المتزامنة المفروضة على التضامن مع الحقوق الإنسانية للفلسطينيين".
ما يستوقف في هذه البلدان، وجود قدرة لافتة على تهيئة أو حتى تجييش الرأي العام إلى حد يصبح الرأي المخالف بمثابة وصمة، ويمكن لصاحب الرأي المغاير أن يخشى من تبعات التعبير عن رأيه، حتى يصبح للرأي السائد قوة مستقلة عن الأفراد بحيث يتبناه ويدافع عنه في المجال العام أفراد لا يؤمنون به في الحقيقة، كما في مسرحية البقرة لناظم حكمت. كان هذا ملحوظاً على سبيل المثال في الرأي حيال الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراه اليوم في الرأي حيال موضوع الترويج للمثلية الجنسية، والشيء نفسه كان واضحاً حيال الحرب الإسرائيلية على غزة، وشكل ستاراً لممارسة إعلامية شديدة التحيز. في جميع هذه الحالات "يُفرض" موقف موحد مدعوم بتغطية إعلامية كثيفة، ويتسم بالهجومية والقطعية والنفور من أي تلكؤ أو استدراك. واللافت هو قدرة هذه الظاهرة على الثبات في وجه توفر وسائل الاتصال والنشر الالكترونية ووجود قنوات إعلام فردية تتفوق أحياناً على محطات تلفزيونية في عدد المشاهدين.
هكذا يبدو أن الحرب الإسرائيلية على غزة في انتهاكها المعايير الإنسانية والقانونية، تتحول في الغرب إلى حرب على الديموقراطية تشنها حكومات غير عادلة في تعاملها مع الموضوع الفلسطيني، لتخفيف الضغط عنها من خلال تقييد حركة التضامن مع فلسطين.



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جديد وثيقة المناطق الثلاث في سوريا
- الأبواب الحديدية
- الثقافة بوصفها خديعة
- في معنى استمرار الثورة السورية
- حين تصبح الهوية عبئاً (المثال السوري)
- غزة بوصفها مرآة عصرنا
- عن احتجاجات المزارعين في فرنسا وأوروبا
- -أبناء التهمة- الإسلامية
- ليس دفاعاً عن الإسلاميين
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 1
- النظام التسلطي المحض وسبل تفكيكه - 2
- في الشخصية السياسية لرياض الترك
- الفعل الجنسي بوصفه دينمو خفي لتغذية دونية المرأة
- اللغة لا تسعف غزة
- عن غزة و-الأخلاق- الحديثة
- في مفارقات المجزرة
- القتل للفلسطينيين والتضامن مع اليهود
- يدفعون إلى العنف ويدينونه
- تأملات بمناسبة -طوفان الأقصى-
- من يمتلك -الحق- في الإجرام / حياة الفلسطينيين العارية على خط ...


المزيد.....




- أطعمة تضعف القلب والأوعية الدموية لدى الأطفال
- البنتاغون يعلن تسليم بريطانيا قاذفات استراتيجية من طراز B-52 ...
- ما هي أولويات السياسة الخارجية للحكومة
- الجزائر.. إخراج 20 مسمارا وأسلاكا معدنية من بطن رجل بسكيكدة ...
- تدريبات بأسلحة نووية غير استراتيجية.. رسائل ردع روسي للغرب
- صحيفة: الغرب يستعد لمرحلة عدم الاستقرار مع إيران
- نيجيريا.. مقتل 40 قرويا بالرصاص في أحدث أعمال عنف شمالي البل ...
- لابيد: وزير الاتصالات شلومو كارهي هددني بإسكات صوتي بعدما جع ...
- نظام كييف يواصل ترويع المدنيين ببيلغورد
- تراجع شعبية بايدن إلى أدنى مستوياتها منذ نحو عامين


المزيد.....

- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الحرب على غزة تتحول حرباً على الديموقراطية