نشوء الشرطة في الإسلام،

محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
(Mohammad Abdul-karem Yousef)

الحوار المتمدن-العدد: 8089 - 2024 / 9 / 3 - 10:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نشوء الشرطة في الإسلام

يعود ظهور الشرطة في الإسلام إلى تأسيس أول دولة إسلامية في المدينة المنورة على يد النبي محمد في القرن السابع. ومع نمو المجتمع الإسلامي وتوسعه في مناطق مختلفة، أصبحت الحاجة إلى إنفاذ القانون وحماية الناس ذات أهمية متزايدة. إن مفهوم الشرطة في الإسلام متجذر في مبادئ العدل والمساواة وحماية الأرواح والممتلكات.

في الشريعة الإسلامية، يتمثل دور الشرطة في دعم العدالة وضمان سلامة وأمن المجتمع. ويشمل ذلك إنفاذ القوانين والحفاظ على النظام العام ومنع الجرائم. وقد وضع النبي محمد المثال لأتباعه بتعيين أفراد ليكونوا أوصياء وحماة للمجتمع، والمعروفين باسم "الشرطة".

خلال الخلافة الإسلامية المبكرة، استمرت مؤسسة الشرطة في التطور والتوسع. أنشأ الخلفاء الراشدون الأوائل وخاصة الخليفة عمر قوات شرطة (العسس) متخصصة للحفاظ على النظام في المدن وحماية حقوق الناس. كانت الشرطة مسؤولة عن دوريات الشوارع والتحقيق في الجرائم والقبض على المشتبه بهم. كما لعبت الشرطة دوراً في تسوية المنازعات والتوسط في الصراعات بين الناس.

إن أحد المبادئ الأساسية للشرطة الإسلامية هو فكرة المساءلة والشفافية. ومن المتوقع أن يتصرف رجال الشرطة بنزاهة وإنصاف واحترافية في أداء واجباتهم. وهم ملزمون بمعايير عالية من السلوك ويخضعون للرقابة والإشراف لضمان وفائهم بمسؤولياتهم وفقا للتعاليم الإسلامية إلى أن ظهر الفقهاء الذين استعان بهم الحكام لتمرير أرائهم ونواياهم وفق ما يشتهون.

في الشريعة الإسلامية، يتم تنفيذ العقوبة على الجرائم من قبل الدولة وليس الأفراد. تلعب الشرطة دورا حاسما في نظام العدالة الجنائية من خلال تقديم الجناة إلى العدالة وضمان محاسبتهم على أفعالهم. ويستند مبدأ المسؤولية الجماعية هذا إلى تعاليم النبي محمد، الذي أكد على أهمية العدالة وسيادة القانون في المجتمع.

إن نشوء الشرطة في الإسلام يعكس أيضا المفهوم الإسلامي الأوسع للمجتمع والمسؤولية الاجتماعية. في الإسلام، يُنظر إلى الشرطة على أنها خادمة للشعب وحراس لحقوقه. وهم مكلفون بمهمة حماية الأعضاء الضعفاء والمستضعفين في المجتمع وضمان احترام حقوق جميع الأفراد.

إن النهج الإسلامي في التعامل مع الشرطة يسترشد بمبادئ الرحمة والشفقة والإنصاف. ومن المتوقع أن تمارس الشرطة ضبط النفس وأن تستخدم القوة فقط عند الضرورة للحفاظ على النظام وحماية المجتمع. كما يتم تشجيعها على إظهار اللطف والتفهم تجاه أولئك الذين ربما ضلوا الطريق والسعي إلى إعادة تأهيلهم بدلا من مجرد معاقبتهم.

إن دور الشرطة في الإسلام لا يقتصر على إنفاذ القوانين ومنع الجرائم. بل إنها تلعب أيضا دورا حاسما في تعزيز التماسك الاجتماعي، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وبناء الثقة بين السلطات والشعب. ويتم تشجيع الشرطة على العمل بشكل وثيق مع المجتمعات المحلية والزعماء الدينيين والمنظمات الاجتماعية لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الجريمة وتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل والتعاون.

في السياق الحديث، يواجه نشوء الشرطة في الإسلام تحديات ومسؤوليات جديدة. ومع ظهور أشكال جديدة من الجريمة والاضطرابات الاجتماعية، تواجه الشرطة مهمة التكيف مع التقنيات الجديدة وأساليب الشرطة مع الحفاظ على مبادئ العدالة والمساواة والمساءلة. إن دور الشرطة في الإسلام لا يزال على نفس القدر من الأهمية اليوم كما كان في زمن النبي محمد، حيث لا يزالون يعملون كحراس للعدالة وحماة للمجتمع.

يعدّ ظهور الشرطة في الإسلام هو انعكاس للقيم والمبادئ الأساسية للعقيدة الإسلامية. يُنظر إلى الشرطة في الإسلام على أنها خادمة للشعب، ومكلفة بمهمة الحفاظ على العدالة، وضمان سلامة وأمن المجتمع، وتعزيز التماسك الاجتماعي والوئام. ومن المتوقع أن تتصرف الشرطة بنزاهة وإنصاف واحترافية في أداء واجباتها، وأن تكون قدوة للمجتمع. ويسترشد دور الشرطة في الإسلام بتعاليم النبي محمد، الذي أكد على أهمية العدالة والرحمة واحترام حقوق جميع الأفراد.

#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل