أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الطفولة والحصان في غزة














المزيد.....

الطفولة والحصان في غزة


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8062 - 2024 / 8 / 7 - 16:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الطفولة و الحصان في غزة
دائماً أثناء الحروب تخرج الكثير من الصور والتي غالباً تكون صوراً تؤكد على اغتيال الإنسانية محاطة بالقتل و الخوف والدموع والصراخ والأنين والجوع والعطش والتفتيش عن مكان آمن، و غالباً أماكن الحروب تحدد هذه الصور مع - بقاء المشاعر الإنسانية فهي واحدة - لكن المستوى الاقتصادي لسكان المكان الذي تقع فيه الحرب و أسلوب حياتهم هو المتغير بين الصور .
والعدوان على غزة ، أو الحرب على غزة كشفت عن صور كانت تمشي على رؤوس اصابعها وتهمس لنا نحن هنا رغم كل شيء ، من صور الطناجر الضخمة التي كانوا يعدون فيها الطبخات لكي توزع على الواقفين في طابور الحاجة المغطاة بذل المرحلة ، حيث كانت الطناجر فوق المواقد تغلي بهدوء أمام نفوس تغلي من الجوع القهر ، لم يتوفر الغاز أو الكاز فكان الحل بقايا الأخشاب والأوراق والكرتون وكل شيء صالح للاشتعال ، وكذلك المياه الشحيحة في هذا الجو الحار ، وقد رأينا أطفالاً يحملون " غالونات ملونة " يقفون في الطوابير ، والأصعب هؤلاء الأطفال الذين في سن الثالثة والرابعة يحملون " غالونات " يقومون بجرها على الأرض ، حيث لا يستطيعون حملها ، المهم مساعدة عائلاتهم فقد اصبح كل واحد فيها مسؤولاً عن نفسه وعن الذين حوله لدرجة الشعور أنه لا يوجد طفولة وأطفال في غزة ، لقد كبروا قبل الأوان ، وأصبحت نظراتهم - إذا استطعنا قراءة لغة الجسد - تمسك بأشواك الحياة وتقوم بتكسيرها - رغم الألم - لكي تجمع تلك الأشواك ذات يوم و تحولها إلى سهام تنثرها في الهواء ، وقد تصيب تلك السهام بعض الصدور التي راهنت على اعدام الطفولة.
من الصور التي اقتحمت المشهد غير الواقعي ، كأن المخرج أراد أن يجعل من براءة هؤلاء الأطفال جسراً للضحك والسخرية ، لكن هؤلاء الأطفال الصغار الذين تحولوا إلى تجار ، يؤكدون للمخرج أنهم يقفون تحت الشمس الحارقة لبيع الترمس أو البسكوت وغيرها من الأطعمة الخفيفة التي تعدها الأمهات في البيوت لتكون مصدراً للرزق - وحصاة تعين حجر - ، لكن هؤلاء الصغار أصبحوا يعرفون ان الحياة أيضاً تجارة و الآن دفاتر الديون مفتوحة - ديون المواقف - وكل شيء مسجل في دفتر ديون المستقبل .
أما صورة الصبي أبن السابعة من العمر الذي وجد نفسه مسؤولاً عن أخوته الأربعة وشقيقته التي تبلغ من العمر أربعة أشهر بعد مقتل والديه أثناء القصف ، حيث يقوم بإطعامها وغسيلها وتغيير ثيابها ، وعندما سأله المذيع ماذا يريد ؟ لم يقل أنه يريد لعبة له أو طعاماً ؟ قال أنه يريد حفاظات " بامبرز" لشقيقته الطفلة ، لأنه تعب من غسل بقايا " الشرايط" .
وتأملوا صور الأطفال الذين يتجولون بين الخيام، حفاة في ملابس رثة ، بعد أن خسروا بيوتهم وقد يكونوا قد خسروا آبائهم وأمهاتهم ، والآن يلعبون فوق الرمال أو بين البيوت المدمرة التي فقدت عناوينها وذكرياتها ووجوهها ، لا ملاعب لا مدارس لا ساحات ، والخيام ممتلئة بالحرارة والضيق والاستعداد للهرب والنزوح من مكان إلى مكان. تأملوا عيون هؤلاء الأطفال الذي يغطس في نظراتهم مشاعر وأحاسيس تركض لاكتشاف الغد بعيداً عن اليوم الذي صادق الرصاص والموت في كل لحظة .
من يفتش عن الطفولة في غزة سيصاب بالسكتة القلبية والعاطفية والإنسانية ، في زمن تتغنى الحضارات بحقوق وتوفير الحياة للأطفال ، هناك في هذه المساحة الجغرافية النازفة بالدماء والدمار ، تضحك الحقوق وتتمرغ في الرمال الساخنة من شدة الكذب والخداع ، فهناك طفولتهم وهناك طفولة غزة ، وبينهما خداع الحقوق وثرثرة علماء النفس وعلماء الاجتماع ورؤساء الجمعيات وأوساخ الساسة والسياسيين .

الحصان الذي يساوي الأمة العربية
في ظل التنقل والنزوح من مكان إلى آخر في قطاع غزة ، والهرب والخوف من القصف والموت السريع الذي أصبح كرمش العين ، وفي ظل الشوارع التي لم تعد تصلح للمشي أو للسيارات بعد أن دمر معظمها ، كان للحمير والأحصنة الاحترام والتقدير والحظ السعيد ، ها هي " الكارات " أو العربات التي تجرها الأحصنة أو الحمير التي تحمل الناس، حيث تنقلهم مع أولادهم وبقايا امتعتهم حتى أصبحت هذه الأحصنة والحمير العنوان الرئيسي ، حتى أن هناك من وضع لركوب العربات القوانين الخاصة بكل " كارة " من حيث الوزن وطريقة الجلوس من كل طرف .
من كان يملك أفخم وأغلى السيارات الآن يتمنى لو كان يملك حماراً أو حصاناً ، فقد بقيت الحمير والأحصنة على وفاءها للبشر ، هم وحدهم من تنازل عنها وتركها عرضة للضحك والاستخفاف - إذا استثنينا خيول السباق - .
صرخ أحد ركاب " الكارة " أمام الشاشة الفضائية " :
- والله هذا الحصان العجوز أفادنا أكثر من الأمة العربية" ..!!!



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر
- مدرستي ما أحلاها
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة


المزيد.....




- احتفالا بعيد النصر..السفارة الروسية تغرس أشجار الزيتون في ال ...
- عون استقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الذي قدم خل ...
- مسؤول أميركي أمام -العدل الدولية-: حياد -أونروا- يثير مخاوف ...
- الإمارات تعلن إحباط محاولة تمرير أسلحة للجيش السوداني والأخي ...
- إيران تعدم جاسوسا يعمل لمصلحة -الموساد- الإسرائيلي
- مقتل 14 خنقا في حريق فندق بمدينة كولكاتا الهندية
- توقيف قاصر للاشتباه في قتله 3 أشخاص بالسويد
- إجلاء سكان وإغلاق طرق إثر اندلاع حرائق قرب القدس
- الكويت تلغي المادة 182…نحو تشريع لا يغسل الجريمة بالزواج
- ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الطفولة والحصان في غزة