أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - مدرستي ما أحلاها














المزيد.....

مدرستي ما أحلاها


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8041 - 2024 / 7 / 17 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مدرستي ما أحلاها لكن ليس في غزة
كنا نغني ونحن في المرحلة الابتدائية " مدرستي ما أحلاها وقلبي مولع بهواها " وفي المرحلة الإعدادية لا اذكر أي أغنية ولكن أذكر عندما تخرجنا من هذه المرحلة كنت في جوقة المدرسة وقد قمت بغناء أنشودة " أبناء صفي لكم حنيني .. لكم فؤادي لكم عيوني " وفي المرحلة الثانوية كانت المناهج الدراسية والامتحانات الصعبة قد جعلتنا ننتظر بلهفة لحظة التخرج ، ولكن لا أنكر أنه كلما ابتعدنا والتقينا مع بعضنا البعض كانت ذكريات المدرسة تجمعنا وتحولت الجدران إلى وطن يحاكي مشاعرنا والحقائب المحشوة بالوجوه تحضن الأيام والساعات التي نتمنى ان تعود.
بعد سنوات من التخرج وفي ساعة جنون وعدم المعرفة والاهتمام بالقيمة التاريخية للبناء، قررت بلدية الناصرة هدم المدرسة التي كانت معلماً من معالمها الثقافية وخندقاً مقاوماً وصامداً بفضل معلميها أمام العبث باللغة العربية والتاريخ العربي والفلسطيني الذي كان وما زال مفروضاً من المؤسسات الإسرائيلية خاصة وزارة المعارف، وعندما رأيت عبر شريط الفيديو الجرافات بأسنانها القاتلة تهدم جدران صفوف المدرسة وتحفر ساحاتها وملاعبها ، حيث كنت خلال الهدم أسمع الأصوات والضحكات وأرى تقطيب وجوه المعلمين وهم يقومون بتوبيخنا أو فرحهم عندما تكون العلامات والنتائج مطابقة لمدى تعبهم وممتدة بفرح على طوال حبال أصواتهم ، وكان شريط الهدم قد أرسله لي أحد الأصدقاء والذي يسكن قريباً من المدرسة ، وعندما رأيت أكوام الحجارة التي تنتظر السيارات لنقلها وبدأ الفراغ يلعب في الفضاء ، أدركت أن السنوات والذكريات لن تقتلهما الجرافات وأكوام الدمار ، وما زالت الصفوف والساحات والملاعب والمختبرات والممرات حتى اليوم مرتدية الزي المدرسي تمشي على رؤوس أصابعها خوفاً من المعلم الذي يملك عدة عيون، والذي كان يرانا حتى لو لم يكن موجوداً .
واذا كانت اسنان الجرافات التي هدمت مدرستي ما زالت تعلك ذاكرتي وأشعر بمدى قسوتها ، فماذا سيقول الطالب الغزاوي عن مدرسته التي تهدمت ولم تعد صالحة للتعليم ولقاء الأصدقاء الذين قد تحول بعضهم إلى ماض أو مقعد أو ما زال تحت الردم ، والأدهى تلك المدارس التي تحولت من صفوف إلى مأوى للناس هروباً من الموت المقنع بالصواريخ والدبابات والقنص والملاحقة والمطاردة ، مدارس بأكملها تحولت إلى جدران للحماية وشرفاتها مناشر لنشر الغسيل وملاعبها ساعات تنفس و قد ينقطع هذا التنفس بأي دقيقة و تتحول الوجوه الخائفة إلى تاريخ قد تجعله الصفحات إرهابيين و يصبون عليهم نار التحليل والتفتيش في تقاسيمهم .
في غزة المدارس أصبحت تضاريس لجغرافيا جديدة في زمن تنجب السياسة فيها مصطلحات تضيق على السنتنا لكن تلتصق بتلك المدارس، وأهدافاً عسكرية حيث دخلت المدارس الحرب بكامل صفوفها وطباشيرها ومكتباتها لكن بغياب ورحيل أكثر معلميها وتلميذها .
27 مدرسة حكومية لم تفتح أبوابها منذ عام 2014- 2015 بعد أن تعرضت لتدمير كامل من قبل الآليات الإسرائيلية، و203 مدرسة الحقت بها أضراراً منذ 7 أكتوبر منها 45 مدرسة خرجت عن الخدمة .
أما الأدهى في غزة مدارس الأونروا - وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين والتي تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 - و يصل عددها الى 183 مدرسة، والتي من المفروض عالمياً أن يكون لها هالة الاحترام والقيمة الإنسانية والتعلمية والدفاع عنها من قِبل الدول الغربية على الأقل ، فهي لها الوضع الإنساني الذي يؤكد أن هذا اللاجئ إلى المدرسة قد فقد كل شيء حتى وصل إلى عنوان غريب وحشره في صف من صفوف المدرسة .
ولكن حين تتحول وحشية الحرب إلى سفك دماء وتعلن وسائل الاعلام أن 70% من مدارس الأونروا قد تدمرت ، والتي بقيت واقفة تضم اللاجئين الهاربين من ويلات القصف، نعلم أن " الأونروا " عاجزة أيضاً عن الحماية .
بالطبع بعد أن تنتهي الحرب لن يقوم طلاب غزة بالغناء " مدرستي ما أحلاها " لأن هذه المدارس قد شهدت أيضاً موت الآباء ، الأمهات ، الجيران ، الأصدقاء، وغيرهم من المعارف .
قالوا قديماً " افتح مدرسة تغلق سجناً " في غزة الآن الشعار " أقصف مدرسة تتخلص من شعب " .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت
- دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة


المزيد.....




- ستيف ويتكوف يتجول في وسط موسكو
- مسيرة حاشدة في مصراتة الليبية نصرة لغزة
- لماذا لا يستطيع زيلينسكي التنازل عن شبه جزيرة القرم؟
- خلافات عائلية تتحوّل إلى مأساة: مقتل سيدة على يد زوج ابنتها ...
- موسكو: مقتل جنرال روسي بارز في تفجير سيارة مفخخة
- ترامب يبدي استعداده للقاء خامنئي ولكن -الحرب قادمة- لو لم يح ...
- افتتاح معرض مسقط الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين (في ...
- ترامب: أجريت عدة محادثات مع الرئيس لصيني
- لافروف منتقدا تصريحات السفير الفرنسي: باريس لعبت دورا رئيسيا ...
- ترامب يؤكد عدم سعيه لتوسيع صلاحياته


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - مدرستي ما أحلاها