أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر














المزيد.....

في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 16:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في غزة : يخرج من القهر الرقص والطناجر
غامض ذلك المجهول الذي يجعل طفلة هاربة من القصف أن تقف في وسط الساحة وترقص على أنغام الموسيقى ، أو ذلك الجرح الذي يتمرد ويخرج منه ورداً يتحرك وما أن تتأمل الساقين حتى تكتشف صبياً يقف شابكاً يده بيد صبياً آخر ويدبكان على أنغام أغنية فلسطينية ، يحاولان نسيان الدمار والدم وجثث الأقارب والأشلاء الطالعة من بين الردم ، غامض ذلك المجهول الذي يبتدع من القهر اصراراً ، يثقب صخور القسوة ويبني فوقها وطناً خاصاً له ، خبطات خطواتهما ترجع صدى أصوات الذين رحلوا وذكرياتهم التي كسرت وتبعثرت في مئات المنافي ، في الرقص هدنة عدم الخوف من الموت.
في دراسة أطلقها " علماء الاجتماع " أكدوا أن للرقص عدة فوائد منها :
أ - يجعلك تتعرف على ثقافات أخرى . ب- يساعد على فقدان الوزن . ت -يقلل من خطر هشاشة العظام وأمراض القلب . ث- يساعد على الاحتفاظ بطاقتك الإيجابية . ج- يقلل من التوتر والاجهاد ، ح- يجعلك أقوى . خ- يحافظ على جمالك وشبابك .
وفي رواية " زوربا " للكاتب اليوناني كازانتزاكيس ، ردد " زوربا " أن الرقص يعبر عن الحياة بكافة أشكالها ، في لحظات حزنه الشديد أو سعادته الشديدة يرقص رقصته المشهورة.
وهنا السؤال هل سيخرج علينا علماء الاجتماع وباقي المحللين في تفسير الرقصات وحلقات الدبكة التي يمارسها بفرح وقوة الصبيان والبنات في ساحات المدارس التي تعج بالنازحين وبين بقايا الثياب المعلقة على درابزين الصفوف، أمام الخيام في غزة وخان يونس ورفح وغيرها، وتنقلها المواقع الالكترونية التي تتقن نقل الأحداث بصورة الدموع والمعاناة والتعب، وتضيف رغم القتل والقصف والدمار والبيوت المتساقطة والجثث المتحللة والصراخ والبكاء وفقدان الأمان وأصوات الطائرات الزنانة والنزوح والخيام هناك من يرقص طرباً - كالطير مذبوحاً من الألم - ؟ .
أتأمل أقدام البنات وهن يخبطن على الأرض كأن مساحة الأرض تتسع حتى تحتضن السماء ، وتقامر الضحكات وتراهن أن المستقبل لهن ، وعندما تصادق الوجوه عدسات الكاميرات تدوم لحظات الفرح ويتوهم أنه سيبقى ولكن لا نعرف هل تلك الأقدام بقيت في نشوة الرقص أم بترت وقطعت أو غابت الضحكة تحت الركام .
أرى اقدام الصبيان والبنات تتنفس بالرقص ، تصبح الأيدي أجنحة تطير ، تتخلص من الواقع الذي يمنع الحياة أن تعيش ، أو تتخلص من لحظات الموت القابع خلف كل ثانية قد يمعن الطيار في حلمه الذي حمله في حقيبته الدراسية والتاريخية .
لم تعد الرقصات الخارجة من الوجع الغزي ، من الساحات تمحي الزمن ، ولكنها لغة جديدة تفوح بعطر التحدي ، تتجول وتقفز وتنهض بحرية . تلعب مع الخطط الحربية لعبة مغادرة الجسد وما أن يضحك الآخر فرحاً من الموت وأرقامه التي تتصاعد كل لحظة ، حتى تعود الأقدام إلى الرقص.
طناجر القهر
هناك العديد من الصور تبقى في الذاكرة لا تغيب ، صور الأطفال الأيتام في دور الأيتام وهم يقفون في طابور طويل وكل طفل يحمل صحنه ليأخذ حصته من الوجبة، مع ملامحه التي تدل على يتمه الذي أصبح رهينة في ثياب المسؤولين وبراءة الأطفال الصامتة أمام وحشية الظروف ، هكذا بينت لنا الأفلام والمسلسلات الأجنبية ، وكذلك في السجون خاصة في أفلام هوليود ، كنا نرى السجناء في الطابور ،لكن لم نكن نشفق عليهم لأن ملامح الاجرام برزت في عيونهم وعضلاتهم .
وأذكر عندما كنا في المدرسة الإعدادية - مدرسة ست وديعة في مدينة الناصرة - كان في المدرسة مطبخاً، حيث ندفع مبلغاً مالياً شهرياً مقابل وجبة الظهر، وكان هناك العديد من الطالبات لا يستطعن الدفع فينظرن بحسرة الينا - مع العلم أن إدارة المدرسة لم تكن تهتم لتلك المشاعر - عندما نذهب في - الفرصة - إلى قاعة الطعام حيث تنتظرنا الطباخة " أم عفيف " التي لم تكن تسمح لنا بالوقوف والانتظار بالطابور ، بل تأتي هي لكل طاولة وتسكب الطعام لكل طالبة.
ولكن " طناجر القهر " في غزة أصبحت تُشكل صورة كبيرة لتشرد مغطى بالقهر والخوف والموت المجاني ، تشرد يركض و يدعى " الجوع " الذي قطع شرايين الإنسانية، والذي يريد معرفة ما معنى الجوع فلينظر إلى عيون الأطفال الذين ينتظرون تلك الطناجر الكبيرة التي ترقد على نار الحطب الهادئ الذي يأخذ ساعات في الطهي ، حيث كل طفل يحمل صحنه منتظراً لحظة تقديم الوجبة .
لقد أطلقت على تلك الطناجر " طناجر القهر " واذا ردد " زياد الرحباني " الجوع كافر " ففي غزة ورفح وخان يونس وباقي أجزاء القلب ، الجوع تحول إلى خيانة إنسانية، الجوع تحول إلى قضية ستطارد التاريخ غداً ، وكلنا نعلم أن التاريخ مهما كان قواداً لا يستطيع إخفاء عهره طوال الوقت .
" طناجر القهر " ليست مجرد طبخات عادية تسد رمق الجوع الذي أصبح يعشش ويبيض ويفرخ في كل مكان في القطاع ، بل هو مواقف لشعوب أخرى تحمل ضوء الحرية ولكنها في أعماقها غابات من الوحشية .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرستي ما أحلاها
- في غزة أصبح اللون الأبيض رمزاً للوداع
- ما معنى أن تكوني امرأة في غزة
- الجاحظ بدر ... وسيبقى المفتاح في جيبي
- رجيم على الطريقة الغزاوية
- خيمة عن خيمة تفرق
- القوي عايب
- الدمى مربوطة خلف الدبابات
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت


المزيد.....




- احتفالا بعيد النصر..السفارة الروسية تغرس أشجار الزيتون في ال ...
- عون استقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الذي قدم خل ...
- مسؤول أميركي أمام -العدل الدولية-: حياد -أونروا- يثير مخاوف ...
- الإمارات تعلن إحباط محاولة تمرير أسلحة للجيش السوداني والأخي ...
- إيران تعدم جاسوسا يعمل لمصلحة -الموساد- الإسرائيلي
- مقتل 14 خنقا في حريق فندق بمدينة كولكاتا الهندية
- توقيف قاصر للاشتباه في قتله 3 أشخاص بالسويد
- إجلاء سكان وإغلاق طرق إثر اندلاع حرائق قرب القدس
- الكويت تلغي المادة 182…نحو تشريع لا يغسل الجريمة بالزواج
- ترمب يستثني الأردن من خفض المنح الأميركية الخارجية


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - في غزة : يخرج ن القهر الرقص والطناجر