أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحروب 2 .














المزيد.....

مقامة الحروب 2 .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8056 - 2024 / 8 / 1 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


مقامة الحروب 2 :

يقول إيريك ريمارك : ((كل القنابل والانفجارات الأولى تفجرت في قلوبنا )) , الحرب ظاهرة مدمرة ظلت ملازمة للنشاط ألأنساني منذ بدء الوجود, وقديمة قدم الخليقة , ومن تفاصيلها نرى هناك هوة بين مَن يحاربون ومَن يقررون.

تشي الطبيعة الإنسانية بأن تلك الآلية البشعة التي تدعى الحرب ليست مجرد اختيار خارج عن إرادة القائد يضطر إليه كحل أخير, وإنما هي جزء من الطبيعة الإنسانية , وليس أدل على ذلك من تطوير أدوات الحرب مع التقدم التكنولوجي والحضاري , بيد أن المنطق يقول إن الارتقاء الإنساني يفترض أن يصحبه انقراض الأدوات العنيفة للصراع.

يذكرنا مقال المندلاوي الجميل بفيلم "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية" (All Quiet on the Western Front) الذي نال أربع جوائز أوسكار عن أفضل تصوير سينمائي وموسيقى تصويرية وتصميم إنتاج , وتدور أحداثه حول مراهقين تطوعا للانضمام إلى الجيش الألماني , راكبين موجة من الحماسة الوطنية سرعان ما تبددت بمجرد مواجهة الحقائق الوحشية للحياة على الجبهة ,حيث نشاهد كيف يُخيِّم السكون على الضفة الغربية لألمانيا, ويسكن الموت أجساد الجنود الهامدة, مطاردا الأحياء منهم بلا هوادة , في لقطة تتمثل فيها الجثث من بعيد كمنحوتة أحفورية لتاريخ من الحروب المتعاقبة , يوجز المخرج إحدى الثيمات الرئيسية لقصته في عنصر واحد فقط وهو معطف , نبصر في بداية الفيلم جنودا موتى يتجردون من معاطفهم وأحذيتهم الدامية , ليعاد تدويرها وتقديمها للمجندين الجدد , يصوب المخرج تركيزه على تفصيلة كتلك , ينتبه إليها بطل فيلمه ويشير إلى اسم علق في السترة المقدمة إليه فيمزقه الضابط ويلقيه جانبا , تلك تفصيلة تمنحنا منظورا أشمل عن الحرب , حيث يسقط الإنسان من الحسابات وتتبدل الوجوه والأسماء وتُتوارث المعاطف.

في إحدى اللقطات نلمح وجه بطل الفيلم ( باول ) وهو مراهق لم يتجاوز بعد سن الطفولة حسب القانون , التحق بالجيش قبل أن يتم أعوامه الـ18 الأولى بعد أن زور تاريخ ميلاده من شدة الحماس للحاق بالحرب , يكتشف كل أسباب الموت من الرصاص والشظايا , والإحراق بالنار, والإجهاد , وتصدمه إصابات الرأس والصدر التي تؤدي بزملائه وأعدائه -على حد سواء- إلى الموت , نراه ملطخا بالوحل , حد طمس نصف ملامحه , ليكون الوحل في حد ذاته هنا على وجهه كناية عن فقدانه لإنسانيته , يندفع لقتل جندي فرنسي بعدة طعنات , وبعد دقائق يقترب من عدوه الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة فاحصا جيوب سترته , ليجد صورة لزوجتة وابنه ورسائل ووثائق , لتتضح الرؤية لباول بعد أن كانت غائبة عنه , فالهدف الذي لطالما صوَّب نحوه فوهة البندقية ما هو سوى إنسان حقيقي مثله يحتضر بين يديه, فيدفعه الرعب إلى التساؤل عن الأسباب , وعن ذلك الآخر الذي ينبغي إبادته , وكيف يكون , ليكتشف أن العدو هو (الحرب) نفسها , وليعلق إيريك ريمارك : ((نرى ذلك متأخرين جدا, لِمَ لم يخبروننا أبدا أنكم مساكين مثلنا , أن أمهاتكم يتملّكهن القلق كأمهاتنا , وأننا نملك الخوف ذاته من الموت )) .


أذكر في شعرنا العربي القديم ما قبل الإسلام الأبيات الثلاثة التالية لأمريء القيس التي يمكن عدها قصيدة مكتملة ومتماسكة في تعبيرها عن كراهة الحرب :

((الحربُ أوَّل ما تكونُ فتيَّة ....تسعى بزينتِها لكل جَهولِ
حتَّى إذا استعرت وشبَّ ضِرامها ...عادت عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ
شمطاءَ جزت رأْسَها وتنكرت مكروهة للشمِّ والتقبيلِ )) .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الذكريات .
- مقامة الشيطان يجكم .
- مقامة البومبيلي .
- مقامة العرافة كوماي .
- مقامة المشحوف.
- مقامة العصافير .
- مقامة الليلة الكبيرة .
- مقامة الوهم .
- مقامة الحكمة .
- مقامة التطاول .
- مقامة قلم الكتابة الأحمر.
- مقامة ألأجازة .
- مقامة البلاغة .
- مقامة ألأيام التي لن تعود .
- مقامة الفجر الرصاصي .
- مقامة العطش ونقد النقد .
- مقامة الحسجة .
- مقامة الأمل و السعادة .
- مقامة ألأستشراق .
- مقامة الجواهري.


المزيد.....




- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي
- مهرجان الفيلم العربي في برلين: ماض استعماري يشغل بال صناع ال ...
- شاركت في -باب الحارة- و-ليالي روكسي-.. وفاة الفنانة السورية ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الحروب 2 .