أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -المقارَنة- و-التعريف-














المزيد.....

-المقارَنة- و-التعريف-


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1769 - 2006 / 12 / 19 - 10:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"المقارَنة".. إنَّها كلمة نستعملها كثيرا؛ وإنَّها طريقة في التفكير والبحث ينبغي لنا استعمالها توصُّلا إلى "الحقيقة". ومع ذلك، ظلَّت "المقارَنة"، في معانيها ومغازيها، دون الأهمية المعرفية والفلسفية التي تحظى بها، أو يجب أن تحظى بها، فما هي "المقارَنة"؟ هي البحث عن أوجه "الشبه" و"الاختلاف" بين شيئين، فـ "المقارنة"، في أحد نِصْفَيْها، تُمكِّنكَ من العثور على أوجه الشبه (أو التماثُل أو الوحدة) بين شيئين؛ وتُمكِّنكَ، في نصفها الآخر، من العثور على أوجه الاختلاف (أو الفَرْق أو التباين) بينهما.

"المقارَنة"، في معناها هذا، وفي النتائج المعرفية التي تمخَّضت عن اتِّخاذها طريقة في البحث والتفكير، طَرَحَت عليَّ السؤال الآتي: هل ثمة شيء لا يمكن أبدا مقارنته بغيره أو بسائر الأشياء؟ وكان الجواب الذي اعتقدته هو: كلا، ليس ثمة شيء تستحيل مقارنته بغيره؛ لأنَّ الشيء الذي ليس كمثله شيء إنَّما هو شيء مستحيل الوجود.

كل شيء في هذا الكون، مهما صغُر ومهما كَبُر، يمكن مقارنته بسائر الأشياء. كل شيء مهما اختلف عن غيره في الخواص والسمات.. لا بد له من أن يشترك مع غيره في خواصٍ وسماتٍ أخرى. كل شيء مهما شابه أو ماثَل غيره لا بد له من أن يختلف مع غيره في جوانب ونواحٍ أخرى.

الشيء، كل شيء، يجب، أوَّلاً، أن يكون نسيج وحده، أو كبصمة الإبهام. يجب أن يملك من الصفات والخواص ما يسمح لنا بـ "تمييزه" من غيره.. من سائر الأشياء. قد ترى تماثُلاً "مُطْلقاً"، في الصفات والخواص..، بين شيئين لدى مقارنتكَ بينهما؛ ولكن يكفي أن تمعن النظر والبحث حتى تَعْثُر على اختلاف، ولو طفيف جدا، بينهما. "الشيء" إنَّما هو "الفَرْد"، أي الذي لا نظير له.

كل شيء يجب أن يملك من الصفات والخواص والسمات.. ما يجعله "فَرْداً"، فنُمَيِّزَهُ، بالتالي، من غيره.. من سائر الأشياء. وهذا القول إنَّما يتضمَّن المبدأ الأوَّل من مبادئ "منطق المقارَنة".

على أنَّ الشيء لا يمكن أن يكون "فًرْداً"، أي لا نظير له، إلا إذا كان يملك من الصفات والخواص والسمات.. ما يجعله جزءاً من كل، فالشيء لجهة أوجه الشبه بينه وبين سائر الأشياء يشبه "رأس الهَرَم"، فهو يَشْتَرِك مع كل طبقة من طبقات الهَرَم في بعض الصفات والخواص والسمات..

أُنْظُر إلى "هذا" العصفور. إنَّه نسيج وحده. إنَّه كبصمة الإبهام. ليس من عصفور، في الماضي والحاضر والمستقبل، يمكن أن يماثله مماثلةً "مُطْلَقَةً" في الصفات والخواص والسمات..

إنَّه، في هذا المعنى فحسب، ليس كمثله شيء، فالشيء "ذاته" لا يأتي إلى الوجود "مرَّتين اثنتين". يأتي إليه "مرَّة واحدة فحسب".

على أنَّ "هذا" العصفور يشبه، ويجب أن يشبه، في بعض الصفات والخواص والسمات..، سائر العصافير. وهو يشبه، ويجب أن يشبه، في بعض الصفات والخواص والسمات..، سائر أنواع الحيوان. وهو يشبه، ويجب أن يشبه، في بعض الصفات والخواص والسمات..، سائر الكائنات الحيَّة. وهو يشبه، ويجب أن يشبه، في بعض الصفات والخواص والسمات..، سائر الأشياء. إنَّه، في بعض من الصفات والخواص والسمات..، يشبه، ويجب أن يشبه، الكون، والمجرَّة، والنجم، والجزيء، والذرَّة، والبروتون، والكوارك، ..إلخ.

بين "هذا" العصفور وبين سائر الأشياء "أوجه شبه" و"أوجه اختلاف"؛ ويمكن، بالتالي، أن نُقارِن بينه وبين كل شيء، وأي شيء، فليس من شيء إلا ويشبه كل شيء، ويختلف، في الوقت نفسه، عن كل شيء.

لقد نَصَّصْتُ كلمة "هذا" حتى أُوَضِّح أمراً في منتهى الأهمية هو أنْ لا وجود إلا لـ "الأشياء"، فـ "العالَم المادي" إنَّما هو "عالَم الأشياء". في العالَم المادي لا وجود، مثلا، لـ "الإنسان".. "الإنسان العام". فيه يُوْجَد فحسب "الفَرْد" من البشر. يُوْجَد هذا الإنسان الذي أراه الآن، والذي يُدْعى زيد بن عمر بن..، والذي..، والذي..، والذي..، ..إلخ.

في "العالَم المادي" لا وجود لـ "الإنسان العام"، أو "المنزل العام"، أو "البحر العام"، أو "الكوكب العام"، أو "النجم العام"، أو "الإلكترون العام"، .. إلخ. وهذا هو الفَرْق الجوهري بين "عالَم الأشياء" و"عالَم المفاهيم".

"عالَم المفاهيم" إنَّما يقوم على "التعريف".. تعريف الشيء. ولكن، ما هو "تعريف" الـ "التعريف"؟ إنَّه سؤال لا أحسبه من نافلة السؤال.

"التعريف" هو أنْ تَنْسِب، أو تَرُدَّ، "الفَرْد"، أو "الخاص"، من الأشياء إلى "العام"، فأنتَ عندما تُعرِّف "الإنسان" تقول، بدايةً، إنَّه "حيوان". وعندما تُعرِّف "الأوكسجين" تقول، بدايةً، إنَّه "غاز". وعندما تعرِّف "البروتون" تقول، بدايةً، إنَّه "جسيم".

وهذا إنَّما يعني أنَّ كل إنسان حيوان؛ ولكن ليس كل حيوان إنسان.. وأنَّ كل بروتون جسيم؛ ولكن ليس كل جسيم بروتون.

لا يمكنكَ أبدا أنْ تُعرِّف أي شيء إذا لم تنسبه، أو ترده، إلى "عائلته"، أو "نوعه".. أي إلى "العام"، فـ "الشيء" الذي ليس بجزء من كل لا وجود له، ولا يمكن تعريفه.

أذْكُر، في هذا الصدد، كيف دحض لينين زَعْم أنَّ ماركس وانجلز لم يُعَرِّفا "المادة" مع أنَّهما قالا بـ "المادية". إننا عندما عَرَّفْنا "البروتون"، مثلا، قلنا إنَّه "جسيم.."، أي أننا نسبناه ورددناه إلى شيء أشمل وأعم، فهل من شيء أشمل وأعم من "المادة" حتى ننسبها، ونردها، إليه.. حتى "نعرِّفها" بالتالي. إنَّكَ يكفي أن تحاول تعريف "المادة"، بما يتَّفِق مع "منطق التعريف"، حتى تحوِّلها إلى ما يشبه "الجزء من الكل".. حتى تحوِّلها من "المُطْلَق" إلى "النسبي". إنَّ تعريف "المادة" بما يتَّفِق مع "منطق التعريف" لا يتَّفِق أبدا مع القول بـ "المادية". قد نُعرِّف "المادة"، ونسعى في تعريفها؛ ولكن ليس بالمعنى الحرفي لكلمة "تعريف".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد خطاب عباس!
- قبل خطاب عباس!
- الفيزياء تنضم إلى الفلسفة في تعريف -المادة-
- وللعرب سياسة -الوضوح اللانووي-!
- ما قبل -الخيار الشمشوني-!
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. حديث خرافة وكذب!
- -تقرير- اختصر الطريق إلى جهنم!
- اقتراح هوكينج لتدارُك خطر زوال البشر!
- -حماس- و-فتح-.. لِمَ لا تسيران في خطين متوازيين؟!
- هذا الانقسام خير من تلك الوحدة!
- عنقاء جديدة تسمى -المواطَنة-!
- قبل أن يغدو المُدخِّن مارقا من الدين!
- الأزمات والحلول تتشابك خيوطا!
- هذا العمى السياسي!
- -التسارع- و-التباطؤ- في -التطوُّر الكوني-
- هل يجرؤ بوش على أن يكون برغماتيا؟!
- الفلسطينيون يصنعون نجاحا جديدا!
- هذا -التسييس- ل -الحجاب-!
- صحافة جيفرسون أم صحافة همبولت؟!
- حق المرأة في قيادة السيارة!


المزيد.....




- ترامب أمام تحدي اختيار مرشح لمنصب نائب الرئيس بين أنصاره الم ...
- البيت الأبيض يُعلق على تقرير CNN حول انتهاكات مزعومة في أحد ...
- -القسام- تنشر فيديو لإطلاقها الصواريخ نحو مدينة بئر السبع بر ...
- السعودية.. ما حقيقة -القلعة- التي ظهرت بعد سيول وادي فاطمة ب ...
- بايدن يوجه بإرسال مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 400 مليون د ...
- واشنطن تؤكد أنها ستعارض مجددا في مجلس الأمن الدولي طلب فلسطي ...
- -العقرب العراقي-، أحد أكبر مهربي البشر المطلوبين للعدالة في ...
- رفضا الخدمة العسكرية فكان السجن بانتظارهما.. سجينان إسرائيلي ...
- شاهد: جرفت كل شيء في طريقها.. فيضانات مُفاجئة تضرب شمال أفغا ...
- النازية.. من أخرجها من القبور؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - -المقارَنة- و-التعريف-