أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - عنقاء جديدة تسمى -المواطَنة-!














المزيد.....

عنقاء جديدة تسمى -المواطَنة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1750 - 2006 / 11 / 30 - 11:29
المحور: المجتمع المدني
    


"المواطَنة"، روحا ومعنى وممارسة وحقوقا ومبادئ، هي ظاهرة أو علاقة اجتماعية ـ تاريخية، لا أغالي إذا قلت إنها لا ترى بالعين المجرَّدة في مجتمعاتنا العربية على وجه العموم؛ ولا أغالي إذا ما قلت جوابا عن سؤال "لماذا؟" إنَّ "المواطِن"، في مجتمعنا العربي، لا وجود له في العالم الواقعي الحقيقي، وإنْ وُجِد فيه فوجوده من الضآلة بمكان، فالغالبية العظمى من أبناء "الوطن الواحد" ليسوا بـ "مواطنين" في خواصهم الاجتماعية؛ ولا "مواطَنة"، بالتالي"، حيث يقلُّ المواطنون. إنَّ "المواطنة"، مع جسمها، أي "المواطِن"، ما زالت، من حيث الجوهر والأساس، جنينا في رحم مجتمع، يتَّحِد أبناؤه، ويتصارعون، بقوى اجتماعية وثقافية.. وسياسية، يكفي أن تهيمن وتسود حتى يغدو البحث عن "المواطَنة" كالبحث عن إبرة في كوم القش.

"المواطَنة" إنما هي الانتماء، وقوة الانتماء، شعورا ووعيا وممارسة، لـ "الوطن". وهذا الانتماء، الذي ينبغي له أن يسود ويقوى ويشتد، هو، في كل وطن، جزء من كل، أو انتماء من انتماءات عدة، فـ "الهرمية" إنما هي شكل هوية الإنسان ـ المواطن، فـ "المواطِن"، في انتمائه، إنما هو الواحد وقد تعدد. "المواطَنة" انتماء لا ينفي، ولا يلغي، الانتماءات الأخرى، وإنما يغلبها، ويفوقها وزنا وأهمية.

لكَ الحق في الانتماء، وفي إظهار وتأكيد الانتماء، إلى دين، أو إلى مذهب من مذاهب عدة لدين واحد، أو إلى طائفة دينية، أو إلى عرق أو قومية، أو إلى عشيرة أو قبيلة، أو إلى طبقة اجتماعية، أو إلى حزب سياسي؛ ولكن ليس لك الحق، بموجب "المواطَنة"، في أن تغلِّب أيَّ انتماء من الانتماءات تلك، أو غيرها، على الانتماء الذي تستلزمه "المواطَنة".

"المواطَنة" هي الانتماء إلى "الوطن"، الذي هو في وجه عام، وفي عصرنا، يتضمن "القومية" من غير أن يعدلها، ويتضمن الدين أو الطائفة الدينية من غير أن يعدلها، ويتضمن العشيرة أو القبيلة من غير أن يعدلها، فهو الواحد إذ تعدد، قوميا وعرقيا ودينيا واجتماعيا وثقافيا.. فـ "الوطن"، الآن، اتَّسع حتى تخطى الحدود الضيقة نسبيا لـ "الدولة القومية"؛ وقد غدا "الوطن الواحد"، بمعيار "الدولة"، دولة متعددة القومية، عابرة للقوميات والأعراق والأديان..

وتاريخ الأوطان، أي تاريخ نشوئها وتطورها، إنما هو استجماع لحقائق، يَظْهَر من خلالها ويتأكد أن "الوطن السرمدي" و"العرق النقي" هما الخرافة بعينها. و"العولمة" تُبشِّرنا بـ "وطن من طراز جديد"، فالإنسان، أي إنسان، أوشك أن يمتلك حقا جديدا، هو حقه في الانتماء إلى أي وطن إذا ما استوفى شروط الانتماء؛ ذلك لأن الأوطان، في زمن العولمة، يشتد لديها الميل إلى مزيد من التعددية في العرق والقومية والدين والثقافة..

أما نحن فما زلنا نفهم "الوطن" على أنه "الثمرة الطيبة" لتمزيق، أو تمزُّق، جسد "الوطن الأم (أو الأكبر)"، وهو "الوطن العربي". وما زلنا نفهمه، على مسخه هذا، على أنه انتماء ترتديه انتماءات دون "الانتماء إلى الوطن"، أو "الانتماء القومي"، فالمواطِن، في مجتمعنا، لا يولد مواطنا، وإنما عضوا في مجتمع أصغر من "مجتمع الوطن".. يولد بعصبية دينية أو مذهبية أو طائفية أو قبلية..

و"الدولة" عندنا لم تنشا وتتطور إلا لتكون قوة هدم، أو إعاقة وعرقلة، لـ "المواطَنة"، فهي تتقنَّع بقناع "المواطَنة" لتقنعنا بأنها بريئة الساحة، وليست بمتحالفة مع القوى الاجتماعية المضادة لـ "المواطنة". إنها في العلن والنهار تسبِّح بحمد "المواطنة"، وتقول بها وتتغنى؛ ولكنها في السر والليل تسلك سلوك من له مصلحة في بقاء واستبقاء كل شيء لا يبقي شيئا من مقوِّمات وقوى "المواطَنة". إنها تستثمر جهدها، ومالها، وسلطانها، ونفوذها، ورجالها، وأقلامها، في الحرب السرِّية، غير المعلنة، التي تشنها على "المواطَنة"، وكأن وجودها من هذا العدم، أي من بقاء "المواطَنة" أقرب إلى العدم منها إلى الوجود.

مجتمعاتنا، التي هي دون كل مجتمع يقوم على مبادئ المواطَنة، تُشدِّد الحاجة إلى دولة على مثالها.. دولة يتحوَّل فيها، وبها، الوطن والمواطن والمواطنة من أجسام إلى ظلال فقدت أجسامها. ودولنا، التي هي دون كل دولة تقوم على مبادئ المواطَنة، تتوفَّر على إبقاء المجتمع على مثالها، فكلاهما (المجتمع والدولة) يَخْلِق الآخر، ويَخْلقه الآخر!

حتى "صندوق الاقتراع"، الذي تُدْخله الدولة، أو "المارينز"، في حياتنا البرلمانية والسياسية لا يَخْرج منه إلا ما يؤكِّد أنه قد خُلِق لنا على مثالنا، مجتمعا ودولة، فلا فرق يُعتد به بين من يأتينا بـ "التعيين" ومن يأتينا بـ "الانتخاب"؛ لأننا فهمنا "الديمقراطية"، ومارسناها، على أنها "صندوق اقتراع"، أُفْرغِت منه القيم والمبادئ الديمقراطية قبل، ومن أجل، ملئه بأصوات الناخبين الـ "لا مواطنين"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل أن يغدو المُدخِّن مارقا من الدين!
- الأزمات والحلول تتشابك خيوطا!
- هذا العمى السياسي!
- -التسارع- و-التباطؤ- في -التطوُّر الكوني-
- هل يجرؤ بوش على أن يكون برغماتيا؟!
- الفلسطينيون يصنعون نجاحا جديدا!
- هذا -التسييس- ل -الحجاب-!
- صحافة جيفرسون أم صحافة همبولت؟!
- حق المرأة في قيادة السيارة!
- -النسبية-.. آراء وأمثلة
- أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!
- حتى لا يحترق المسرح ويبقى الممثِّلون!
- عرب وغرب!
- حقيقة ما قاله بوش!
- لمواجهة الانقضاض العسكري الإسرائيلي الوشيك!
- دوحة الديمقراطية والسلام في الدوحة!
- التداول السلمي للسلطة!
- انفراج فلسطيني وشيك!
- فشل إدارة بوش إذ اكتمل وتأكد!
- المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - عنقاء جديدة تسمى -المواطَنة-!