أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هل يجرؤ بوش على أن يكون برغماتيا؟!















المزيد.....

هل يجرؤ بوش على أن يكون برغماتيا؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1742 - 2006 / 11 / 22 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما يعجز صانع القرار السياسي في دولة بوزن وأهمية وقوة الولايات المتحدة عن أن يكون برغماتيا عندما تتحداه المصالح الكبرى والعليا لبلاده أن ينشيء ويطوِّر سياسة جديدة تَرْجَح فيها كفة السياسة على كفة الإيديولوجيا، فهذا إنما يعني أن بقاءه صانعا للقرار السياسي لا يُبقي لدولته وبلاده "قيادة سياسية". هذه الحال إنما هي الحال التي تعيشها الآن، أو من الآن وصاعدا، إدارة الرئيس بوش والولايات المتحدة معا. إنها الحقيقة التي تملك من قوة الحضور والتأثير ما يَفْرِض حتى على أعدائها النطق بها، وإن ظلت إدارة الرئيس بوش مصرِّة على أن ترينا، وتري مواطنيها والعالم أجمع، قوة في مواقفها وبياناتها السياسية تشبه لجهة علاقتها بالواقع وحقائقه سحابة في سماء صيفية.

الهزيمة العامة والشاملة تحققت، وإن هي الآن لجهة حجمها الظاهر تشبه طفلا رضيعا؛ وليس لدى صنَّاعها، أي إدارة الرئيس بوش، من خيار إيجابي سوى أن تتخذ الحقائق التي أظهرتها وأكدتها هزيمتها مطبخا تطبخ فيه سياسة جديدة، أي براغماتية في المقام الأول.

لقد هَزَمَت أصدقاءها وحلفاءها، وهزموها، فما عاد لديها من خيار، إذا ما أرادت للولايات المتحدة أن تكون أولا، سوى البحث عن الخلاص، والسعي في تحويل بعض من فشلها إلى نجاح، عبر التعاون مع الخصوم والأعداء؛ فهذا الذي تأمرها به البرغماتية، وتنهاها عنه الإيديولوجيا، هو الطريق القويم الذي ينبغي لكل مهزوم لم يُهزَم فيه العقل بعد أن يسلكه، ولو كان كارها له أشد الكره.

في العراق، وبفضل المقاومة العراقية العسكرية (العربية السنية في المقام الأول) هُزِمت شر هزيمة، فأعجزتها هزيمتها العراقية البيِّنة عن أن تُظْهِر من القوة الفعلية في مواجهة إيران ما يمنع طهران أو يردعها عن المضي قدما في تحديها النووي للولايات المتحدة (وإسرائيل وبعض الدول الأوروبية). ثم جاءها الفشل العسكري الإسرائيلي الكبير في لبنان في مواجهة مقاتلي "حزب الله" بمزيد من أسباب اليأس والقنوط، وبما جعلها أقرب إلى الكفر منها إلى الإيمان بإسرائيل صديقا في وقت الضيق والشدة، فالحليفان الإستراتيجيان (الولايات المتحدة وإسرائيل) هما الآن لا يملكان من الخيار السياسي ـ الإستراتيجي إلا ما يقيم الدليل على أنهما في حال من العجز القيادي لم يعرفانها من قبل.

في العراق ولبنان، فشلت القوة العسكرية في أن تُنجز شيئا يعتد به من الأهداف السياسية التي من أجلها اسْتُخْدِمت، وأفرطوا في استخدامها، فما عاد ممكنا جعلها، أي القوة العسكرية، وسيلة لتحقيق هدف سياسي، وكأن الحرب التي خاضوها هنا وهناك فقدت قدرتها على أن تأتي بالسلام الذي يريدون. ثم تأكد لهم، في العراق ولبنان، أن الحرب لم تفشل في فرض السلام الذي في سبيله قاتلوا فحسب، وإنما فشلت في أن تدرأ المخاطر عن وجودهم العسكري ببشره وسلاحه، فخسائرهم البشرية والمادية فاقت الحجم الذي كان ممكنا أن يشجعهم على المضي في الحرب. إلا في قطاع غزة والضفة الغربية، فالخسائر البشرية والمادية لإسرائيل في حربها على الفلسطينيين ظلت دون الحجم الذي قد يحملها على نبذ خيار القوة العسكرية، وإن أكدت تلك الحرب، التي لم يبقَ فيها شيء من أخلاق الحرب بمعاييرها الدولية، فشلها في أن تفرض على الفلسطينيين السلام الذي تريده إسرائيل.

الرئيس بوش ليس لديه ما يخسره شخصيا إن هو استمر في نهجه السياسي ـ الإستراتيجي الذي لا ينزل بردا وسلاما على المصالح الكبرى والعليا للولايات المتحدة، فليس من حقه الدستوري أن يبقى رئيسا بعد انتهاء ولايته الثانية؛ ولكن حزبه، مع ذوي المصلحة في بقاء البيت الأبيض جمهوريا بعد انتهاء الولاية الرئاسية الثانية لبوش، يحتاج إلى إنجاز سياسي كبير يمكن أن يدرأ عنه خطر الهزيمة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وليس لهذا الإنجاز من مكان يُصنع فيه غير المكان (أو الأمكنة) الذي فيه صنع بوش لبلاده فشلا وهزيمة.

ولو أراد الجمهوريون تغييرا لميزان القوى الانتخابي (والسياسي الداخلي) لمصلحتهم، على ما يكتنف ذلك من مصاعب، لشرعوا ينهجون نهجا برغماتيا يسمح لهم، ومن غير تعاون مع الديمقراطيين، بإفقاد مطالب وشعارات ومقترحات خصومهم الديمقراطيين جاذبيتها الشعبية.

وأحسب أن الجمهوريين ينبغي لهم أن يجعلوا إدارة الرئيس بوش قادرة على أن تجيب إجابة برغماتية عن السؤالين الآتيين: كيف يصبح ممكنا أن تحتفظ الولايات المتحدة بالجوهري من نفوذها الإستراتيجي في العراق من غير أن يظل وجودها فيه عامل إضعاف للوزن الانتخابي والشعبي والسياسي للحزب الجمهوري؟ وكيف تنجح في منع تحالف نصر الله ـ عون من هزم تحالف قوى الرابع عشر من آذار، ومن ترجمة "حزب الله" للنتائج العسكرية للحرب التي خاضها ضد الجيش الإسرائيلي بإنجاز سياسي داخلي كبير، يُفْقِد إسرائيل ما بقي لديها من قوة ردع في مواجهته؟ إنَّ البرغماتية التي هي الآن شرط بقاء بالنسبة إلى الجمهوريين، وبالنسبة إلى كثير من المصالح الكبرى والعليا للولايات المتحدة، إقليميا ودوليا، تدعو إدارة الرئيس بوش إلى أن تَنْقُل جزءا كبيرا من رأس مالها السياسي ـ الإستراتيجي من حيث سعت طويلا في استثماره، ومن حيث عاد عليها استثماره بخسائر فاقت توقعها، إلى حيث يمكنها تقليل خسائرها، ثم تحويلها إلى أرباح. وهذا الموضع الجديد للاستثمار، والمدعوة إليه، إنما هو الخصوم والأعداء، في إيران وسورية أولا.

إدارة الرئيس بوش مدعوة إلى أن تسعى في إنقاذ كل ما تحتاج الولايات المتحدة إلى إنقاذه من نفوذها في العراق ولبنان. وتلبيتها لهذه الدعوة إنما هي ذاتها تلبيتها لمطالب وشروط إيرانية وسورية، فتنازلها الإيراني الأكبر هو أن تقبل تطوير إيران لبرنامجها النووي بما يجعلها قادرة على صنع السلاح النووي؛ ولكن من غير أن تصنعه؛ وتنازلها السوري الأكبر هو أن تقف من نظام الحكم في سورية موقفا يتأكد عبره أن ليس للولايات المتحدة من المصالح والأهداف إلا ما يغريها بتبرئته من دم الحريري، وبتذليل العقبات من طريق بدء مفاوضات للسلام بين سورية وإسرائيل، وبالسماح لدمشق باستعادة شيء من نفوذها في لبنان، فـ "الاستقرار" وليس "نشر الديمقراطية" هو قصيد السياسة البرغماتية الذي تُلِّح به مصالح الولايات المتحدة والحزب الجمهوري، والذي لم تُظْهِر إدارة الرئيس بوش حتى الآن ما يدل على أنها شرعت تميل إلى نظمه، فـ "الغباء القيادي" صَنَع من التاريخ أكثر كثيرا مما صنعه "الذكاء القيادي"، ولطالما نجحت المصالح الشخصية والفئوية الضيِّقة في حَمْل أصحابها على معاندة حتى ما هو في منزلة البديهية الهندسية. وإنني لا أتمنى للولايات المتحدة إلا مزيدا من "القيادة الإمبراطورية" التي لم تنجح إلا في جعل رياح التاريخ تجري بما لا تشتهيه الإمبراطوريات!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون يصنعون نجاحا جديدا!
- هذا -التسييس- ل -الحجاب-!
- صحافة جيفرسون أم صحافة همبولت؟!
- حق المرأة في قيادة السيارة!
- -النسبية-.. آراء وأمثلة
- أهي -بطولة- أم تمثيل لدور البطولة؟!
- حتى لا يحترق المسرح ويبقى الممثِّلون!
- عرب وغرب!
- حقيقة ما قاله بوش!
- لمواجهة الانقضاض العسكري الإسرائيلي الوشيك!
- دوحة الديمقراطية والسلام في الدوحة!
- التداول السلمي للسلطة!
- انفراج فلسطيني وشيك!
- فشل إدارة بوش إذ اكتمل وتأكد!
- المنجِّمون.. كيف يصدقون وكيف يكذبون؟
- هذا الفساد الذي لم ينجُ منه حتى الأطباء!
- الفقر
- الفلسطينيون.. خلاف حاضر وشرعية غائبة!
- عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!


المزيد.....




- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...
- حزب الله يقصف مستوطنة ميرون ومحيطها بوابل من الصواريخ
- وزير الخارجية الفرنسي يستهل جولته في الشرق الأوسط بزيارة لبن ...
- مفتي سلطنة عمان معلقا على المظاهرات الداعمة لفلسطين في جامعا ...
- -عشرات الصواريخ وهجوم على قوات للواء غولاني-.. -حزب الله- ين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - هل يجرؤ بوش على أن يكون برغماتيا؟!