أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!














المزيد.....

عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1704 - 2006 / 10 / 15 - 10:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


كانت المناسبة حفل عشاء أقامته منظمة أمريكية متخصصة بـ "العمل الخيري". اغتنمت وزيرة الخارجية الأمريكية رايس هذه المناسبة، وألقت كلمة، من وحي المناسبة، وتُوافِق المقام الخيري الإنساني، أكدت فيها التزام حكومتها، والتزامها شخصيا، أن تكون هناك "يوما ما" دولة فلسطينية، يتحرَّر فيها الفلسطينيون من "الإهانة اليومية للاحتلال الإسرائيلي". تحدثت رايس عن الشعب الذي من أجله ستقام، أو ستقيم الولايات المتحدة، تلك الدولة، فوصفته بأنه شعب عانى طويلا، وتعرَّض للإذلال زمنا طويلا. أمَّا أهمية تلك الدولة بالنسبة إلى الولايات المتحدة فتكمن في كونها، بحسب كلمات رايس، أعظم شيء إنساني يمكن أن تورثه الولايات المتحدة للأجيال المقبلة.

لا سياق غير السياق الإنساني والخيري يمكن أن تتحدث فيه رايس، وإدارة الرئيس بوش، عن الفلسطينيين والدولة الفلسطينية، وكأن ليس للشعب الفلسطيني من حقوق سياسية وقومية يمكن ويجب أن ينطلق منها السعي الأمريكي لإقامة دولة فلسطينية فورا وليس "يوما ما"، لا نعرف متى يشرق صباحه.

رايس تريد لنا أن نصدِّق زعمها أن بلادها لديها من قوة الحس الإنساني ما يحملها على بذل كل جهد تستطيع في سبيل أن يكتب التاريخ في صفحاته الخاصة بالإنجازات الإنسانية الجليلة للدول أن الولايات المتحدة هي الأحق من سواها في نيل الجائزة الإنسانية العظمى لكونها ورَّثت الأجيال المقبلة أعظم عمل إنساني وخيري وهو إقامة دولة لشعب عانى طويلا، وتعرَّض للإهانة اليومية، وللإذلال زمنا طويلا!

وكم كنتُ أتمنى أن يُعامِل الفلسطينيون رسميا كلمة رايس "الإنسانية" على أنها إهانة أمريكية متعمدة للكرامة الإنسانية والقومية للشعب الفلسطيني، الذي لم تستحِ ولم تخجل إذ صوَّرته على أنه شعب يستحق شفقتها الإنسانية والسياسية، وأن يدعونها، بالتالي، إلى الاعتذار إليهم عن تلك الإهانة، وأن يذكِّرونها، في الوقت نفسه، بأن تجويع مئات الآلاف من الفلسطينيين هو العمل الوحيد الذي تُتَرْجِم به رايس موقفها الإنساني من الفلسطينيين ومعاناتهم، ومن الإهانة اليومية التي يتعرَّضون لها من الاحتلال الإسرائيلي.

وحتى لا يقال إننا نسيء فهم رايس نقول إن المنطق الذي وفقه تخاطب رايس الفلسطينيين هو على النحو الآتي: الولايات المتحدة لم تفرض الحصار الدولي المالي والاقتصادي والسياسي على السلطة الفلسطينية، أو على حكومة "حماس"، بهدف تجويع المواطنين الفلسطينيين وتعريضهم لمزيد من المعاناة الإنسانية. لقد فرضته حتى تقنع الفلسطينيين بأن الحكومة التي جاءوا بها عبر انتخابات، تقر هي بديمقراطيتها ونزاهتها، لا تستطيع قيادة الفلسطينيين بما يتفق مع مصالحهم الحياتية اليومية، وبما يسمح للولايات المتحدة ببذل جهودها في سبيل أن تقيم لهم دولة يتحررون فيها من الإهانة اليومية للاحتلال الإسرائيلي، وكأنها تريد أن تقول لهم إن نجاحكم الديمقراطي الذي لا تشكيك فيه قد اقترن بفشل سياسي، نحاول تحويله إلى نجاح عبر هذا الحصار وعواقبه، فرب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم (في يوم ما)!

أما لو سألها الفلسطينيون كيف نساعدكَ على الوفاء بالتزامك الإنساني بإقامة دولة لنا، فجوابها هو الآتي: أن تحوِّلوا جوعكم ومعاناتكم الإنسانية إلى وقود سياسي تستعملونه في أن تقيموا لكم حكومة تستوفي شروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية، وأن تنبذوا العنف والإرهاب وكل مقاومة عسكرية؛ لأن هذه الوسائل والأساليب لن تأتيكم بدولة تتحررون فيها من الإهانة اليومية للاحتلال الإسرائيلي، الذي، بعد ذلك، وبفضل ذلك، سنعمل على إنهائه؛ ولكن بما يتفق كل الاتفاق مع "رسالة الضمانات" التي سلَّمها بوش لشارون، فالغالبية العظمى من المستوطنين ستبقى في الضفة الغربية، التي ستُضم أجزاء واسعة منها إلى إسرائيل، التي لن يعود إليها أي لاجئ فلسطيني، فالدولة الفلسطينية التي سنقيمها لكم "يوما ما" وفي "جزء ما" من أرضكم التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، هي التي يحق للاجئين الفلسطينيين العودة إليها.

وحتى لا يتمكن أي تنظيم فلسطيني في الدولة الفلسطينية الديمقراطية المقبلة من أن يصل إلى الحكم ببرنامج سياسي يتعارض مع مبدأ الاعتراف بإسرائيل لا بد من أن يبقى الاقتصاد الفلسطيني (مع رواتب الموظفين الحكوميين) سلاحا في يد "المجتمع الدولي" يستخدمه كما استخدمه الآن!

هذا هو، وفي اختصار شديد، المعنى السياسي للمرافعة الإنسانية للدكتورة رايس، والذي يكفي أن يقف عليه الفلسطينيون حتى تغدو عازفة البيانو الماهرة، على ما يُزعم، هي التي تستحق الشفقة!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -ديمقراطية- الطبيعة و-ديكتاتورية- التاريخ!
- -الفوضى البناءة- في وجهها النووي!
- آخر خيارات عباس
- سياسة -الإفقار الاقتصادي- للمواطن!
- حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - عندما تشفق رايس على الفلسطينيين!