أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - مشاعر الكراهية للآخر..














المزيد.....

مشاعر الكراهية للآخر..


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 10:40
المحور: المجتمع المدني
    


في داخل كل منَّا، أكنَّا أفرادا أم جماعات، مخزون من مشاعر الكراهية للآخر، "المختلف" عنا و"المخالف" لنا، على الرغم من أنَّ احتياجاتنا ومصالحنا (المتبدلة في استمرار) تفرض علينا إنشاء وتطوير علاقة ذات أوجه مختلفة مع الآخر.

هذا المخزون هو خليط من مشاعر الكراهية الموروثة.. الكراهية الشخصية والعائلية والعشائرية والدينية والطائفية والعقائدية والاجتماعية والطبقية والقومية والعرقية..

الحاجة الواقعية إلى الآخر أو المصلحة في إقامة علاقة معه هي التي قد تمنعنا من "التعبير" عن الشعور بالكراهية له من دون أن تلغي وجود هذا الشعور (الموروث) المُعرَّض للزيادة والنقصان، تبعا لقوة وضعف أسبابه الواقعية.

على أهمية هذا الأمر في عين علمي الاجتماع والنفس فليس هو الذي يستأثر باهتمامنا في هذه المقالة. ما يهمنا ويعنينا، في المقام الأول، في هذه المقالة إنما هو أوجه العلاقة بين هذا المخزون من مشاعر الكراهية للآخر وتلك المصالح الفئوية الضيقة.

إنَّ ذوي هذه المصالح لا يستطيعون خوض الصراع والحروب من دون تجنيدهم لجمهور واسع من الشعب أو المجتمع، الذي ليس له مصلحة حقيقية وواقعية ومهمة في خوض صراع وحروب ذوي المصالح الفئوية الضيقة، الذين ينظرون إلى هذا الجمهور على أنه وقود لصراعهم وحروبهم.

هذه الفئة التي تتعارض مصالحها الضيقة مع المصالح العامة للشعب والمجتمع تعمد قبل ومن أجل خوض صراعها وحروبها إلى نبش وإحياء وإيقاظ أنماط بعينها من مشاعر الكراهية للآخر الكامنة في نفوس الناس ومواطنيها. وعندما تستبد الغرائز البدائية بالغالبية الشعبية يصبح في مقدور ذوي المصالح الفئوية الضيقة سوق الناس إلى حروبها، التي ليس لهذه الغالبية فيها ناقة أو جمل. يكفي نبش مشاعر الكراهية الدينية أو الطائفية أو العشائرية.. حتى يزوغ البصر وتعمى البصيرة، فيسترخص الناس التضحية بكل شيء وبأغلى شيء وبحياتهم في سبيل القضاء على الآخر الذي يكرهون مع أن هدف الحرب مضاد لمصالحهم الواقعية لا الوهمية، ولا يخدم، في آخر المطاف، سوى مشعلي الحروب من ذوي المصالح الفئوية الضيقة، ومثيري مشاعر الكراهية البغيضة لدى مواطنيهم.

انظروا، مثلا، إلى ممثلي مصالح شركات النفط والسلاح في الولايات المتحدة في مواقفهم المعلنة، من الآخر، الذي هو الإسلام والمسلمين، بعد الهجمات الإرهابية في نيويورك وواشنطن في 11 أيلول 2001.

هؤلاء، من أمثال بوش وتشيني ورامسفيلد ورايس، كانوا يعتزمون اتخاذ العالمين العربي والإسلامي مسرحا لحروب تخدم مصالح شركات النفط والسلاح الكبرى، ولا تخدم، البتة، المصالح الحقيقية لشعبهم، الذي كان يُضرب به المثل في تشبع روح الفرد والجماعة بالقيم والمبادئ الديمقراطية والإنسانية والحضارية.

لقد نبشوا في نفوسه مشاعر الكراهية الصليبية للإسلام والمسلمين حتى يسترخص التضحية بتلك القيم والمبادئ خدمة لمصالحهم الفئوية النفطية الضيقة، ويُسرع في التحول إلى ما يشبه القطيع الحيواني، الذي يسمونه "القاعدة الشعبية" لإدارة الرئيس بوش، أي لممثلي مصالح شركات النفط والسلاح الكبرى.

الشعور بالكراهية الصليبية للإسلام والمسلمين كان كامنا، مع غيره من مشاعر الكراهية، في نفوس مواطنيهم، وكان في طور الاضمحلال والتلاشي بفضل ما أحرزه المجتمع مجتمعهم من تطور ديمقراطي وإنساني وحضاري وأخلاقي. وإذ اقتضت مصالح فئوية ضيقة نبشه وإظهاره وتغذيته وتقويته من دون سواه شرع مواطنوهم يسقطون في هذا الفخ من الكراهية للآخر، فاستسهلوا واسترخصوا التضحية بأغلى ما يملكون من قيم ومبادئ ديمقراطية وإنسانية وحضارية، إشباعا لوحش الكراهية في نفوسهم.

كل فئة تحرضها وتحركها مصالحها الضيقة، وتزيِّن لها خيار الحرب، إنما تتجه بأنظارها، أولا، إلى ذلك المستودع الشعبي من مشاعر الكراهية للآخر، فتنتقي منه ما يناسب مصالحها وأهدافها الفئوية من هذه المشاعر؛ ثم تشرع تغذيه وتقويه حتى تتأكد أنَّ الغالبية الشعبية قد ارتضت أن تكون وقودا لصراعها وحروبها.

هذه المشاعر البدائية الحيوانية الموروثة هي التي يؤدي نبشها واستثارتها إلى تحول الجماعة أو المجتمع إلى وحوش بشرية لا تعيش إلا في الحرب، وبالحرب، التي يظهر فيها "العدو الجديد" لابسا اللبوس الديني أو الطائفي أو القومي أو العرقي أو العشائري..

أتفه اختلاف أو خلاف مع الآخر سرعان ما يغدو، بقوة المصالح الفئوية الضيقة، سببا لعداء مرير بين الجماعات البشرية، ولحروب "مقدسة" لا مصلحة واقعية لهم في خوضها؛ ولكن في "العصبية" من مشاعر الكراهية للآخر ما يعمي البصر والبصيرة، ويجعل الإنسان، في عدائه الأعمى وغير المبرر، واقعيا، للآخر، عدوا لنفسه، فلا يفيق من وهم العصبية إلا بعد فوات الأوان، أي بعد تدميره لنفسه بنفسه، وبنائه على أنقاض وجوده مجدا لذوي المصالح الفئوية الضيقة، الذين يجدون في المخزون الشعبي من مشاعر الكراهية للآخر خير حليف وسند لمصالحهم تلك. إنَّ هذه المشاعر الموروثة هي أفيون الأمم والشعوب!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!
- في -النسبية-
- بعضٌ من النقاط فوق وتحت حروف -الإرهاب-!
- بين الكوزمولوجيا والميثولوجيا
- الحل الذي يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!
- بعض من تجربتي في الفساد!


المزيد.....




- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام واشنطن -الفيتو- لمنع حصول فل ...
- فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - مشاعر الكراهية للآخر..