أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!















المزيد.....

حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1697 - 2006 / 10 / 8 - 04:10
المحور: القضية الفلسطينية
    


كل القضايا والمشكلات السياسية التي كانت تضرب جذورها عميقا في فكر الفلسطينيين وتفكيرهم السياسيين، وفي مشاعرهم السياسية والقومية، فقدت "الآن"، مع ما لـ "الآن" من أهمية تاريخية بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني وحقوقه القومية، ووجوده الإنساني ـ القومي، جاذبيتها وتأثيرها ووزنها، وكأن الاهتمام بها، أو استمرار الاهتمام بها، هو مظهر اغتراب سياسي فلسطيني، أو مظهر انفصال للفلسطيني عن الواقع وحقائقه. شيئان لا ثالث لهما يريدهما الفلسطينيون جميعا، ويحتاجون إليهما، أكانوا موالين أم معارضين لكلا "المعسكرين"؛ وهذا الشيئان هما: اتقاء شر الاقتتال والحرب الأهلية، وإنهاء المعاناة الإنسانية ـ الاقتصادية ليس للموظفين الحكوميين وعائلاتهم فحسب، وإنما للغالبية الشعبية الفلسطينية التي تتضافر الضغوط العسكرية والاقتصادية والمالية لإسرائيل والولايات المتحدة، ولغيرهما، على إفقارها اقتصاديا حتى تصيب مقتلا من إرادتها السياسية القومية.

السياسة ليست امتدادا للمبادئ والعقائد، أو ليست هي دائما كذلك، ولا تُشتق منها حتى نتحلى بفضيلة توافق وتطابق السياسة مع المبادئ والعقائد، والتي هي الوجه الآخر لرذيلة فقدان الإحساس بالواقع. وأحسب أن الإحساس بالمسؤولية السياسية والتاريخية والأخلاقية لا يَظهر، ولا يتأكد، إلا من خلال التزام كل قيادة سياسية فلسطينية أن تنشئ وتُطور سياسة ومواقف سياسية (وغير سياسية) تلبي الآن، وفي المقام الأول، كلتا الحاجتين الفلسطينيتين العامتين: الحاجة إلى درء مخاطر الاقتتال والحرب الأهلية، والحاجة إلى إنهاء تلك المعاناة الإنسانية ـ الاقتصادية. وليس من مقياس يمكن ويجب أن تقاس به حيوية وقوة الفكر السياسي الفلسطيني سوى هذا المقياس، الذي فيه تكمن "إذا الشرطية الفلسطينية"، فكل موقف أو قرار لـ "حماس"، أو "فتح"، لـ "الحكومة" أو "الرئاسة"، هو موقف أو قرار سليم "إذا" سمح بتلبية كلتا الحاجتين.

قبيل إلقاء هنية لخطابه الشامل المسهب، سمعتُ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ينطق بجملة سياسية في منتهى الأهمية؛ وكم تمنيت أن لا يضيق بها خطاب هنية على طوله. وهذه الجملة ـ المبدأ هي "كل خيار مقبول إذا كان لا يؤدي إلى حرب أهلية"، فما هي أهمية أي موقف سياسي مبدئي إذا كانت الحرب الأهلية هي العاقبة التي تترتب على التفاعل الموضوعي، أو غير الموضوعي، لهذا الموقف مع الواقع الفلسطيني الغني عن الشرح والوصف؟!

إذا كانت المواقف المبدئية التي تضمنها خطاب هنية يمكن أن تُتَرجم، عبر تفاعلها مع الواقع، بمزيد من المعاناة الإنسانية ـ الاقتصادية لفلسطينيين، وبزيادة في مخاطر الاقتتال والحرب الأهلية، فالفلسطينيون، في عقولهم وليس في قلوبهم، لا يحتاجون إليها، ولا بد لهم، بالتالي، من النأي بأنفسهم عنها. وإذا كانت "فتح" و"الرئاسة" تعتقدان بأهمية وضرورة أن تلبي كل حكومة فلسطينية شروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية فلا بد لهما من أن يسعيا في سبيل ذلك من غير أن يفضي سعيهما هذا إلى الزج بالفلسطينيين في أتون حرب أهلية، فالموقف الصائب يغدو خطأ، أو خطيئة، إذا ما كان يشبه "النية الحسنة" لجهة علاقتها بجهنم.

لقد تحدَّث هنية عن الأوجه الخمسة للشرعية التي تتمتع بها "حماس"، وهي "الشعبي"، و"الدستوري"، و"الجهادي"، و"العربي"، و"الإسلامي"؛ ولكنه ضرب صفحا عن الوجه الأهم، والآن على وجه الخصوص، وهو "الواقعي"، فالشرعية الواقعية، أي المستمدة من واقع، يخالطه سعي دائم إلى تضييق الفجوة بين حقائقه والمبادئ، هي التي يحتاج إليها الفلسطينيون الآن، وهي التي بالنسبة إليهم شرط بقاء في المقام الأول.

في خطابه كرَّر هنية ثلاث مرات أن "حماس" لن تعترف بإسرائيل. هذا موقف أؤيده تماما، فإنَّ أحدا من الفلسطينيين ليس من حقه أن يدعو "حماس" إلى الاعتراف بإسرائيل؛ ثم أن الفلسطينيين ما زلوا في حاجة إلى معارضة تقوم على رفض الاعتراف بإسرائيل. ولكن هذا الموقف السياسي ـ المبدئي يحتاج إلى حماية واقعية؛ وليس من حماية كهذه إذا ما احتفظ الفلسطينيون بحكومة تُشدِّد، ولا تُضعف، حاجة "المجتمع الدولي"، أو اللجنة الرباعية الدولية، إلى الإبقاء على الحصار الدولي للفلسطينيين، ماليا واقتصاديا، وإلى تشديده. إنَّ لهنية الحق في أن يضرب "المجتمع الدولي"، أو اللجنة الرباعية الدولية، بحجر "لا للاعتراف بإسرائيل"؛ ولكن عليه قبل ذلك، ومن أجل ذلك، أن يترك، فورا، "البيت الزجاجي" الذي يستمسك بالبقاء فيه، فالسلطة الفلسطينية مع حكومتها ليست بـ "الموقع" الذي يحمي "الموقف".

كلام هنية لن يقع على أسماع فلسطينية تشبه سمعه، فكلامه يمكن أن يقع موقعا حسنا في نفوس عشرات الآلاف من الفلسطينيين؛ ولكن هذا الجمهور سيتضاءل حجما مع استمرار واشتداد المعاناة الإنسانية ـ الاقتصادية، ومع تزايد مخاطر الاقتتال والحرب الأهلية. لو اقترن هذا الكلام بنجاح حكومة "حماس" في حل مشكلة "الراتب الحكومي" بمنأى عن ضغوط الحصار المالي والاقتصادي الدولي لكان له وزن وأهمية الواقع، ولنظرنا إليه على أنه السياسة التي لا تعلوها سياسة لجهة صوابها وواقعيتها.

وإذا كان الفلسطينيون الآن، حيث يُظهرون عجزا متزايدا عن الحل الذاتي، أو العربي ـ الإسلامي، لمشكلة "الراتب الحكومي"، يقولون لإسرائيل: "لن نعترف بك؛ ولكننا نقبل هدنة معك، إذا ما أعدتِ إلينا كل الأراضي الفلسطينية التي احتللتها في حرب 1967"، فماذا سيقولون لها إذا ما نجحوا في أن يبتنوا اقتصادا يستطيعون أن يدرأوا عنه مخاطر كل حصار مالي واقتصادي خارجي، ومخاطر آلة الحرب الإسرائيلية؟!

إن كل فلسطيني، وليس هنية فحسب، يتمنى أن يكون الفلسطينيون ممتلكين للأسباب والشروط الواقعية لحل مرحلي كهذا؛ ولكن متى كان نيل المطالب بالتمني؟!

هنية نجح، في خطابه، في شيء واحد فحسب هو إظهار روح التحدي، الذي، في أهميته الموضوعية، يشبه صلوات كاهن في مواجهة صاعقة توشك أن تنقض عليه.

الخطاب خلا من نجاح حقيقي لحكومة "حماس" في تجارب كان ينبغي لها أن تنجح فيها. إننا لم نرَ نجاحا حقيقيا في التأسيس لمقاومة عسكرية من نمط تلك التي أسس لها "حزب الله"، ولا في التأسيس لنمط جديد ومثمر من التفاوض السياسي مع العدو، ولا في إنهاء للمعاناة الإنسانية للفلسطينيين يقوم على رفض الاستخذاء لشروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية، ولا في تعزيز الوحدة القومية للفلسطينيين، والنأي بهم عن مخاطر الاقتتال والحرب الأهلية.

قد يقال في دحض هذا الذي قلناه إن حكومة "حماس" لم تفشل؛ ولكن ثمة قوى لا قبل لها بها تسعى في منع التجربة الجديدة من النجاح. إن الفشل الذي أتحدث عنه، وأراه، هو فشل حكومة "حماس" في إحباط مسعى القوى تلك، فمتى كان النجاح في الصراع ثمرة امتناع الخصم عن الزج بكل قواه في الصراع؟!

على أن فشل "حماس" لا يعني، ويجب ألا يعني، أن "فتح" ناجحة لا محالة، فـ "فتح" يمكنها أن تنجح في حل مشكلة فشلت في حلها "حماس" وهي مشكلة "الراتب الحكومي"؛ ولكنها لن تنجح هنا إلا لتفشل في جعل التفاوض السياسي مع إسرائيل طريقا إلى حل نهائي للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني.

"حماس" مدعوة إلى أن تظل مستمسكة برفضها الاعتراف بإسرائيل، وبرفضها تلبية شروط ومطالب اللجنة الرباعية الدولية؛ ولكن بما يعود بالنفع على الشعب الفلسطيني. وهذه الـ "لكن" إنما تعني أن تغادر "حماس" كل مواقع السلطة التنفيذية، وان تظل معتصمة بحبل المعارضة البرلمانية.

و"فتح" مدعوة إلى بذل الجهد في سبيل إقامة حكومة جديدة تستطيع إنهاء الحصار المالي والاقتصادي والسياسي الدولي الذي تتعرض له السلطة الفلسطينية. إن السياسة الناجحة لـ "حماس" و"فتح" هي السياسة التي في مقدورها أن تنهي المعاناة الإنسانية للفلسطينيين، وتقيهم شر الاقتتال والحرب الأهلية. وهذه السياسة لن تقوم لها قائمة إذا لم يخضع كلا الطرفين مصالحه الفئوية الضيقة للمصلحة الفلسطينية العامة الواقعية.

وإذا كان من خيار يمكن وينبغي للرئيس عباس الأخذ به في حال بقاء السياسة خاضعة لمنطق المصالح الفئوية الضيقة فهذا الخيار إنما هو الاحتكام إلى الشعب عبر استفتاء شعبي، يقرِّر فيه الفلسطينيون الحل وسُبله.

إن الرئيس عباس يستطيع أن يقترح برنامجا سياسيا لحكومة فلسطينية جديدة، وأن يدعو، من ثم، الشعب إلى الإدلاء برأيه في هذا البرنامج المقترَح، عبر استفتاء شعبي، فإذا أقرَّته الغالبية الشعبية، يكلِّف هنية، مثلا، بصفة كونه ممثِّلا لحزب الغالبية البرلمانية تأليف الحكومة الجديدة، فإذا هو رفض عُمِل بالجزء الآخر من المقُتَرَح الذي أُقر في الاستفتاء الشعبي وهو إجراء انتخابات تشريعية جديدة (أو تشريعية ورئاسية) فالبرنامج المقترَح، والمُقر شعبيا، يجب أن يجد له غالبية برلمانية تتبناه وتلتزمه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزن -الكلمة-
- مشاعر الكراهية للآخر..
- كل قيادة سُلْطة ولكن ليس كل سُلْطة قيادة!
- -الهزيمة- التي يحتاج إليها الفلسطينيون!
- قرار العرب إعادة -الملف- إلى مجلس الأمن!
- التبديد الاقتصادي عبر النساء!
- -النسبية- في القرآن كما شرحها الدكتور النجار!
- الحرب -الإلهية-!
- الميزان الفلسطيني المفقود!
- -حزب الله- ينتقل إلى الهجوم!
- مرض -التسليم بما هو في حاجة إلى إثبات-!
- جدل الاعتراف بإسرائيل!
- ثنائية -الإيمان والعقل- لدى البابا!
- الخطأ والاعتذار!
- -الفَرْد- و-السياسة-!
- -العصر الوسيط- يُبعث حيا!
- الفرصة التي يتيحها ضعف أولمرت!
- في -النسبية-
- بعضٌ من النقاط فوق وتحت حروف -الإرهاب-!
- بين الكوزمولوجيا والميثولوجيا


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - حلٌّ يتحدى الفلسطينيين على الأخذ به!