أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَهْلُ آلْمَكَانِ














المزيد.....

أَهْلُ آلْمَكَانِ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 8027 - 2024 / 7 / 3 - 03:18
المحور: الادب والفن
    


لما سمعت "الله أكبر" الأولى من صلاة ظهر نهار قائظ، انطلقتُ إلى حيث كانت تقف خالتي مرددة كلمتها التي ستشكل لي هاجسا ثقيلا لا يبرح مدارجي ومداركي ...

_دكومشانا آيتهلاش مريم .. (في هذا المكان مرضت مريم)

_...؟؟؟...

_...تْوَوُوفتْ...(لقد مسّها ما مسّها)

كان ثمة فراغ موحش بالحفرة الفاتحة فاها لتأكل الناس والحيوان والهوام وجميع الرائحين والغادين من هنا هناك عبر الطرق والمسالك والعَرصات والشعاب والأحراج .. هكذا تخيلتُها وأنا مُسَمَّر مُصَلَّب بالمكان لا ألوي إلا على مزيد من المعرفة وكشف ما حدث ويحدث، بيد أن المخاوف المتطايرة من كل حدب وصوب لم تكن تساعدني في مهمتي .. حاولتُ ضبط ارتعاد فرائصي برهبة و وجل أمام فوهة ضئيلة القد والحجم محاطة ببقايا أعشاب ميتة يابسة وأحجار وأتربة وكثير من التجاعيد الموغلة في قعرها وسطحها وحوافها المحدودبة الناتئة .. كانت الفجوة عملاقة في سكونها المهيب كَبُرْكان هادر ساخط ينتظر فرصا سانحة كي ينقض انقضاضته القاتلة .. هكذا بدَتْ لي معالمها أول ما عاينتها .. مكان مهمل يؤشر على نهاية الحياة أو هو آنتظار لحياة أخرى قد تجيئ أو لا تجيئ .. لم أشعر إلا وأنا في وجهها مباشرة في فترة حرصتُ أن تكون في أوج الضحى، حيث النهار يعانق النهار بآتقاد أضواء شمس صيف ساطعة متحيناً فرصة آجتماع نفر قليل من آل البلدة الذين يُصَلون عادة فوق في المسجد القديم، كمزيد من الاحتياط والاستعداد للمخاطر التي يمكن أن تفاجئني في أي لحظة دون سابق إنذار .. ولشد ما كنت أحرص أن لا يلاحظني أحدٌ فيما كنتُ أهُمُّ به .. وجود النفر القليل أو الكثير كان ضرويا زيادة في تأمين علاقتي بالمجال دون إشعار أحد بما يخالجني أو يعتريني من خواطر وهواجس، فلم أك مستعدًا أن أْبْدُوَ أمام أي أحد في صورة خائف تتلاعب به وساوس وعواطف ملتبسة وصور وخيالات خرقاء ... " الله أكبر" الثانية أعطتني دفعة لأتقدمَ بحذر إلى الأمام متمتما بسملة مُزلْزَلََةً ترتعدُ نبراتُها في لَهاثي الخائرة .. أدخلتُ رأسي في فتحة الفوهة المظلمة تتشمم مسامي روائح نفاذة آمتزجَتْ فيها أنساغ الأعشاب البرية بِدِمَنِ الماشية ببقايا طين مبتل بأشياء أخرى لم أعِ كنهها .. يَمَّنْتُ ويَسَّرتُ أبحثُ عن أشياء تُذْهِبُ حيرتي فلم أجدْ شيئا ذا بال، مجرد أتربة وخشاش وحجارة تتفتت ذراتها من يوم لآخر .. أقعيتُ متحسسا في جرأة زائدة الأرضية وأثاثَها فإذا بشيء لين الملمس كعجينة فطيرة لم تُطْهَ بعدُ يداعب في سكينة بطن راحتي، أوْغلتُ يدي في الشيء فإذا به يتململ ينط في حركة مباغتة تراجعتُ على إثرها القهقرَى متداعيا مترنحا ضاربا مؤخرة رأسي بسقف الحفرة الحادر دون أشعر بألم ما.. فقط أردتُ جمعَ شتاتي وإطلاق ساقي إلى الريح في البرية توصلني أنَّى شاءتْ بعيدا، لكن صوتا آخر صارخا امتزج ب " الله أكبر " أخرى فاجأ زلزلتي المرتبكة ..

_"آهيا أحَّرُّودين آورى غَرْدَا عَمْرِيي أغَلايَا باش أتوضيغ.." ( أيها الصغير، تعال هنا املإ لي هذه الغلاية ماء كي أتوضأ )

لم ألتفتْ .. قُدما الى الأمام جهة ما صادفَتْ رجلَاي من طريق أو غير طريق، طفقت أسرعُ والصوت يقفو أثري يطاردني، فأسرعتُ أسرعتُ جهة المنحدر المحاذي لعين الماء أرُومُ الوصولَ إلى دار جدي بأي شكل، لكن الصوت الحاد النبرات عاود مناداته دون آبه به .. إنهم أهل المكان .. يريدون الوضوء بدورهم آستعدادا لصلاتهم الخاصة بعد أو قبل أو أثناء صلاة أهل البلدة، ما عدتُ أميزُ شيئا .. هكذا خمنتُ .. لا تلتفتْ .. هكذا نصح الصوت من داخلي ليختلط حابلي بنابلي بهلعي بلهاثي المشتعل بالمطاردة بالعَدْوِ السريع بجؤارات خالتي (مريم) المهيضة الجناح آآآآ ه ه ه ...



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- The Big Boss
- اُوووووو ... هْ ... اُووووووو ...
- صَرْخَةُ آلْجُبِّ
- مَا لَمْ تَنْبِسْ بِهِ آلشِّفَاهُ
- شكاوي آلمُفَقَّرِ آلجريح
- ألَمْ يَانِ لِحِصَانِ نيتشه أَنْ ...
- اَلسَّمَاءُ تَهْمي وآلشَّذَا لَا يَفُوحُ
- لَقَدْ حَانَ حَيْنُكَ يَاااااا
- تَازَا أَرْضُ آلْمِيعَاد
- غَرْفَاسْتْ كُودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ
- اَلْحُفْرَة
- أَكْرَهُكَ أَكْرَهُك
- اًلْعَاقُورْ
- انتشااااء
- بين الثلج والنار
- مَاتَ اليَوْمَ فُلَان
- يَااااا
- إِنَّهَا تَسْقُطُ وَكَفَى
- وَشَقَائِق نحاف بألبسة آلزفاف
- أشْياء عاديةٌ جِدا


المزيد.....




- الترجمة الأدبية.. جسر غزة الإنساني إلى العالم
- الممثل الإقليمي للفاو يوضح أن إيصال المساعدات إلى غزة يتطلب ...
- الممثل الإقليمي للفاو: لا يمكن إيصال المساعدات لغزة دون ممرا ...
- عائلة الفنان كامل حسين تحيي ذكراه الثامنة في مرسمه
- في فيلم -عبر الجدران-.. الفقراء الذين لا يستحقون الستر
- -غرق السلمون- للسورية واحة الراهب عبرة روائية لبناء الوطن
- وفاة الفنان المصري لطفي لبيب عن عمر 77 عاما
- لجنة الشهداء ترفض قائمة السفراء: أسماء بعثية ومحسوبية تهدد ن ...
- رحيل الممثل المصري لطفي لبيب عن عمر ناهز 78 عاما
- تحوّلات مذهلة لفنان حيّرت مستخدمي الإنترنت.. وCNN تكشف ما ور ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله خطوري - أَهْلُ آلْمَكَانِ