أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - غَرْفَاسْتْ كُودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ















المزيد.....

غَرْفَاسْتْ كُودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ


عبد الله خطوري

الحوار المتمدن-العدد: 7989 - 2024 / 5 / 26 - 01:17
المحور: سيرة ذاتية
    


خالي فتى شقي فَعَلَها بي ذات ليلة ليلاء جادَ فيها كَرَمُه المُناوِشُ أبدا بفكرة :

_"غَرْفَاسْتْ كُـودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ" ..!!.. (1)
(اجهز عليه قبل أنْ يجهزَ عليك)

عندما كنا في طريقنا الى بلدة (جامع السوق) التي بالجوار لحضور عرسا من أعراس الجبال (شَا يِسْلانْ) (2)، ولم نَكُنْ كالعادة مَعزومين أو مُرافقين لهدية ما (تْـزيِوَا) (3) على شاكلة ما كُنا نفعل مع السيد "لحسن أوعبدالله" أحد شعراء القبيلة الفحول في واضحة النهار نَرتادُ برفقته المهيبة فضاءَ العرس نخب بتؤدة فيها الكثيرُ من الخُيلاء والاعتزاز بصفتنا وفدا رسميا معزوما علما جهارا (دي مَعْرَاطْ سَتْجَلابينْ دَلَقْوَامْ سَالشيخْ سي رَدّادانْ سَلَهْدييتْ ني غُودَانْ) (4) بطقوس خاصة تَعارف عليها الناسُ وأصحابُ الأعراس في أعالي آيت وراين ...
في تلك الليلة العَمياء، لم يكنْ أحدٌ قد ضَــيّــفَ أحدا منّا، فضوليين كنا جميعنا.. خُضْنَاها مسافات محفوفة بمخاطر الفراغ والسواد والمجاهيل التي يمكن أن تنبعثَ من أي شبر في الصعود وفي أي منعرج في الهبوط .. لم نحسب حسابا لأي شيء .. لم أحترسْ .. لم أحرص على مبادئ السلامة كما كنتُ أفعلُ دائما، لكني لم أهتم .. لم أقلق ولم تخطر على بالي تلك الخيالاتُ الجامحةُ المُكَبِّلَةُ للعقل والقلب واللسان وخطوات الأقدام .. مع الجماعة كنتُ، مع شَغَبِهَا النزق الليلي، مع تغاريدها (سَـلْـغَـا دِيزْلي ستْيَفّـارينْ)(4)، مع لغطها ولغوها وطيشها تنحسرُ المخلوقات العجيبة ويتراجع المَردةُ والعَفاريتُ ليظَلّ الماردُ الأكبرُ في فَلوات الجبال .. (الانسان بصيغة الجمع .. ) .. آه .. من المفرد عندما ينفرد بالمفرد الذي يسكن عُزلته .. يظل ضعيفا كسيفا إلى الأبد كخالتي مريـم، كعَمتي الزهرا في منزل زوجها الحاضر الغائب ،كالراعي كعبدالسلام في فلواته العلا، كعصفوري النافق المحروق، ككتل الفَرَاش تعفِسُها أيدي ملاقط النيران، ككل الحَيوات الكسيحة الكظيمة، كأي عُصاب يمكن أن يُشَقِّقَ الحياة يفلق بَلاسمَها بالكوابيس والفزاعات والتشنجات الفدعاء الشنيعة ... كنتُ مرحا بمرح الرفقة منخرطا وسط الجماعة ( فالموت وسط الجماعة نزاهة ..!!.. ) .. هكذا يقال .. لكن في لحظة مارقة، اقترح الخالُ العَزيزُ فكرتَه الرّعْنَاءَ : سَتُطْفَأُ الأضواءُ، ونعتمده سُـرىً ليليا بخبب متقارب متسارع (كلها وجهدو، كلها وسعدو) (5) بلا معالم بلا مُعين بلا سناء؛ فقط نجووووم سماء سحيقة في بعدها مزدحمة متعالقة كحَبات قمح معزولة في مخازن (تيسولاي نلقصب) (6)، بمجرد أن تَرنوَ إليها يعتريكَ سهوٌ وغفلةٌ من حيث لا تدري، وهنا يقع المحضورُ، فقانون اللعبة الذي تواطأت عليه الجماعةُ يتطلب توخي اليقظةَ والحذرَ والكثيرَ من النظر الثاقب وإلا فإن العثرات في طريق بلا طريق بلا شعاب بلا مسالك بلا سنى في العَينيْن قمينةٌ بأنْ تجعل المرء يفكر كثيرا قبل يعمد إلى رفقة هؤلاء المغامرين الذين ألفوا هذا العناد الفج في الفجاج وجُـرُف الأودية والجبال ...

_ياااا للاهْتْ، كولشي أَدِسَخْسِي تْفَاوْفتْ .. أبريدْ غَرْ إيسلانْ أورْ يَحْلاجشَايْ صْدَاعْ نلَبِّيلْ ..!!.. (7)

مُبررُ الفكرة كان واضحا مقبولا مُستساغا منطقه الأهوك لدى الجميع، فالليل أخفى للويل وكل القطط تبدو سوداء في جُهْمَةْ الظلام، وهم لايريدون إثارة آنتباه ناس الدوار وأهل الحفل بحضورهم الذي يرونه "غير مشروع"، ثم هي مسألة إثبات ذات ورجولة وترويض على البأس والجأش وتَحـدٍّ مُشاغبٍ يحاولون فرضَهُ على بعضهم في عناد مجازف لايأبه بمشاعر المنتكسين المترددين الخائفين مثلي ... وسط هذا الحشد العارم المتبادل من آدعاء الفحولة والشهامة والجرأة، لم يكن هناك مجال لنكوص أو وجل أو تخمين أو رجوع .. قُـدُما، عليكَ المضي وكفى .. سَتَرْتُ ما يمكن ستره .. لبستُ قناع الواثق من نفسه وعزيمته وطفقتُ أقلدهم في مشيتهم في حركاتهم أسيرُ مسارهم .. تراجعتُ قليلا لكني لم أتخلفْ .. ظللتُ وسطهم تقودني المقدمة عيونُها، تحميني المؤخرةُ من غيلان مهامه الظلام .. حتـــى .. وقع .. ما كنتُ أتوجسُ منه، ذاك المحضور الذي يحذرونه ويحرصون على تفاديه وتوقيع بعضهم بعضا في شراك براثنه .. كانت السرعة تتزايد والخطوات تتسع تتباعد، والتدافع المَتَعَمّد يكثر يتفاقم، وتَشَتَّتِ الكتيبةُ الرعناء تفرق شملُها، ولمْ تعدْ هناك مَيْمنة ولا ميسرة ولا مقدمة تقود الخطوات، فقط قهقهاااااات تُسمعُ هنا وصدى وقوع آرتطام حجارة يُرمى بها في كل اتجاه وصرخات مبهمة هناااااك .. لا معالمَ، لا أطيافَ تُرَى .. ووجدتُني وحيدا مفردا معزولا منعزلا أعزلَ في وراء الوراء أحاولُ ما أمكنني آتقاء حجارة هوجاء ملقاة كالرصاص .. فُوجئتُ بالوضع الجديد .. لم أجرؤ على فعل شيء يثيرُ الانتباه .. وقفتُ .. أردتُ الصراخَ فخفتُ .. لا أحدَ بالجوار سوى سدف الظلام .. كابرتُ .. تحركتُ إلى ما يشبه الأمام حيث الجَلَبَةُ يتفرق طيشُها الجائر يتصاعدُ يتشتت عساني ألحق ما يمكن اللحاق به .. و .. وقعتُ .. زَلّـتْ بي قدمااي خانتني عَينااي تعثرتُ سقطتُ في أخدود صغير شائك عامر بحسك ونباتات قزمية بإبر حادة ولم أصرخ كي لا أفتضح وأصبحَ ضحية وحيدة لهذا التواطُــؤ الماكر .. صبرتُ مرغما تجرعتُ غُصصي صرخت بهمس تأففتُ سخطتُ مددتُ يدَيَّ معا أستعينُ بما أصادفه من نباتات مسالمة تعينني، ففوجئتُ بمزيد من الأشواك تَـخِـزُ تشكُّ تثقب الساعد والزند والساق والرقبة والقدم .. لملمتُ نفسي نهضتُ غاضبا وجهدتُ أخرجَ من هذا الشرك بأقل الخسائر .. تعبت .. أقعيتُ في المكان أنفض الأتربة وما علق بي من طفيليات الأعشاب اللاصقة .. وشرعتُ على مهل أتلمس خطواتي جهة الأصوات التي لم يهدأ في أي لحظة صخبُها عن التغلغل في الصداع الهازئ والضحكات الماكرة الساخرة .. (كَمّدْهَا وآسْكُتْ ..!!.. ) .. هكذا قلتُ لي .. وكذلك فعلتُ .. لم يكن هناك خيار وإلا كانت الفضيحة الكبرى التي ينتظرها الكل، ولمْ أكُ مستعدا أن أمارسَ دور فأر تجارب رُعُـونتهم الشعواء التي ألفتهم ألفوها آستأنسوا بتباريحها ولم تعد تشكل لهم غضاضة أوعَيبا أو منقصة أو جريرة ...


☆ترجمات:
_(1)عبارة باللسان الأمازيغي تعني : اجهز عليه قبل أنْ يجهزَ عليك.
_(2)إيسلان:العرس.
_"جامع السوق" : اسم بلدة في الجبل.
_(3)تزيوا : الهديــــة.
_(4)ضيوف بقوامهم وعدتهم وفرقتهم وكرامتهم وهديتهم الرائقة.
_(5)كلها وجهدو، كلها وسعدو : كل حسب قدراته وحظه
_(6)مطامر من قصب تُجمع فيها الحبوب بعد الحصاد.
_(7)هيا، لنطفئ الأضواء، الطريق الى العرس لا يحتاج صداع كل هذه الفوانيس.



#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اَلْحُفْرَة
- أَكْرَهُكَ أَكْرَهُك
- اًلْعَاقُورْ
- انتشااااء
- بين الثلج والنار
- مَاتَ اليَوْمَ فُلَان
- يَااااا
- إِنَّهَا تَسْقُطُ وَكَفَى
- وَشَقَائِق نحاف بألبسة آلزفاف
- أشْياء عاديةٌ جِدا
- بُعَيْدَ مُنتصفِ آلليلِ أفقْتُ
- تِيْتْ إيغْنَانْ
- حَدِيثُ آلنِّسْوَةِ الّذِي لَا يَنْتَهِي
- هْدَا أُورْدَا هَدِّيغْ
- لَيْلَةٌ أُخْرَى مَوْؤُودَة
- وَبَقَايَا مِنْ كُلِّ شَيْء
- السلام عليكِ خالتي
- تِيخْتْ نَتْمُورْتْ
- وَأَقْمَارٌ كَأَنّ آلْأرْضَ فَاحَتْ
- جَابُوهْ جَابُوهْ آسَعْدَاتْ مُوهْ أُو بُوهْ


المزيد.....




- صحيفة: مفاوضات سورية - تركية جرت في قاعدة -حميميم-
- تصادم سفينتين صينية وفلبينية ببحر الصين الجنوبي
- ?? مباشر: بايدن يحث بمناسبة عيد الأضحى على تنفيذ اتفاق طرحته ...
- تقرير: الدول النووية تعزز ترسانتها لمواجهة الصراعات العديدة ...
- كيف لجأ ترامب إلى صهره العربي لاستمالة الناخبين في ميشيغان؟ ...
- لتجنب التصعيد مع لبنان.. مستشار لبايدن يزور إسرائيل
- كاليفورنيا.. الحرائق تلتهم 12 ألف فدان وتشرد المئات
- مبعوث بايدن إلى إسرائيل لمنع التصعيد مع حزب الله
- المهاجرون إلى أميركا عبر المكسيك يتحدرون من 177 دولة
- -قمة سويسرا- للسلام تشدد على حوار -أوكراني ــ روسي-


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبد الله خطوري - غَرْفَاسْتْ كُودْ أُرَشْتِيْغْرِيفْ