أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - مفاسِد تربوية وأخلاقية!















المزيد.....

مفاسِد تربوية وأخلاقية!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8024 - 2024 / 6 / 30 - 16:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إنَّ أجملَ بيتِ شعرٍ للمتنبي هُوَ البيتُ التالي :" وتَصْغُر في عَينِ العظيم العظائم, وتَعْظُم في عين الصغير الصغائر!".

وَالْعَظِيمُ مِنَ النَّاسِ أَوِ الصَّغِيرُ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْأَصْلِ عَظِيمٌ أَوْ صَغِيرٌ بِالْمِقْيَاسِ التَّرْبَوِيِّ ، بِالْمَفْهُومِ الشَّامِلِ لِلتَّرْبِيَةِ؛ وَالتَّرْبِيَةُ ، فِي مَفْهُومٍ مِنْ مَفَاهِيمِهَا الْعَدِيدَةِ، هِيَ التَّجْرِبَةُ إِذَا اسْتَفَادَ مِنْهَا الْإِنْسَانُ بِالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ، فَلَا فَائِدَةَ مِنَ التَّجْرِبَةِ الَّتِي نَمُرُّ بِهَا أَوْ نُوَاجِهُهَا إِذَا لَمْ تُنْتِجْ تَرْبَوِيًّا ثَمَرَةً كَهَذِهِ، فَالَّذِي فِي فِكْرِهِ ضَعْفٌ هُوَ الَّذِي يَمُرُّ بِالتَّجْرِبَةِ ذَاتِهَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَمُر بِهَا مِنْ قَبْلُ!.

لَقَدْ شَاهَدْتُ بَشَرًا يَرَوْنَ فِي الْحَبَّةِ مِنَ الْمَشَاكِلِ قُبَّةً عَظِيمَةً، وَشَاهَدْتُ بَشَرًا يَسْتَصْغِرُونَ وَيَستتفِهونَ الْمَصَائِبَ وَالنَّكَبَاتِ الَّتِي تُصِيبُهُمْ، وَقَدْ أَكَّدَ عُلَمَاءُ النَّفْسِ أَنَّ الْإِنْسَانَ الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْقَضَايَا الْوُجُودِيَّةِ (أَوِ الْكَوْنِيَّةِ ) يَقِلُّ قَلَقُهُ الشَّخْصِيُّ (أَوِ الْحَيَاتِيُّ) كَثِيرًا، فَمَنْ يُفَكِّرُ فِي خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ فِي الْكَوْنِ، كَيْفَ بَدَأَ وَكَيْفَ يَتَطَوَّرُ وَمَا مَصِيرُهُ، يَزْدَادُ شُعُورُهُ بِأَنَّ الْمَشَاكِلَ وَالصّعُوبَاتِ الَّتِي نَعَانِي مِنْهَا فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ لَيْسَتْ بِالْأَمْرِ الْكَبِيرِ، وَيَكْتَسِبُ قُوَّةً نَفْسِيَّةً تَحْمِيهِ مِنَ الْاضْطِرَابَاتِ وَالْأَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ الْكَثِيرَةِ، الَّتِي قَدْ تَنْجَمُ عَنْ ضُغُوطِ الْعَيْشِ.

لَوْ أَنَّ الْإِنْسَانَ نَالَ مِنَ التَّرْبِيَةِ مَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ انْشِغَالِ عَقْلِهِ بِأُمُورٍ لَا قِيمَةَ لَهَا ، وَبَيْنَ شُعُورِهِ بِمَتَعَةِ التَّدَقِيقِ فِي أَخْبَارِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ وَأُمُورِهِمْ الْخَاصَّةِ، لَشَعَرَ بِنَفْسِهِ أَقْرَبَ إِلَى مَنْطِقِ الْحَيَاةِ، الَّذِي كُلَّمَا أَحْكَمَ الْإِنْسَانُ قَبْضَتَهُ عَلَيْهِ ارْتَفَعَ بِهِ، عَقْلًا وَوَجْدَانًا وَحِكْمَةً، فَقُلْ لِي مَاذَا يَشْغِلُ فِكْرَكَ، أَخْبِركَ مَنْ تَكُونُ، فَالنَّاسُ، مِنْ حَيْث مُسْتَوَى كَلَامِهِمْ ، عَلَى ثَلَاثَةِ فِئَاتٍ: فِئَةٌ سُفْلَى، تَضُمُّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَهْتَمُّونَ بِالْحَدِيثِ عَنْ أَخْبَارِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ الشَّخْصِيَّةِ ، وَفِئَةٌ وَسطَى، تَضُمُّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُنَاقِشُونَ الْأَشْيَاءَ، وَفِئَةٌ عُلْيَا ، تَضُمُّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَحدثون عَنِ الْمَبَادِئَ.

مِنْ بَيْنِ أَفْرَادِ مُجْتَمَعِنَا كَثِيرُونَ لَمْ يَتَمَتَّعُوا بِتَرْبِيَةٍ جَيِّدَةٍ، فَأَصْبَحُوا يَسْعَوْنَ إِلَى مَعْرِفَةِ تَفَاصِيلِ حَيَاةِ الْآخَرِينَ وَالثَّرْثَرَةِ عَنْهَا وَكَأَنَّهَا ضَرُورَةٌ حَيَاتِيَّةٌ مِثْلَ الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ. وَفِي هَذَا الْمَجَالِ الضَّئِيلِ وَالتَّافِهِ مِنَ الْوُجُودِ تَكْمُنُ أَسْبَابُ فَرَحِهِمْ وَحُزْنِهِمْ وسَعَادتهمْ وَتَعَاسَتِهِمْ !.

مِنْ بَيْنِهِمْ كَثِيرُونَ تَلَقَّوْا تَرْبِيَةً سَيِّئَةً جَعَلَتْهُمْ يَمسخُونَ مَفْهُومَ الرُّجُولَةِ الصَّحِيحِ ، فَلَا يَبْتَسِمُونَ وَقْتَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ الرُّجُولَةَ تَتَطَلَّبُ مِنَ الرَّجُلِ أَنْ يبْدِي كُلَّ مَا لَدَيْهِ مِنْ عبُوسٍ أَوْ أَنْ يَكْبِتَ مَشَاعِرَ الْفَرَحِ وَالسَّعَادَةِ!

لَقَدْ زَرَعَتْ فِينَا التَّرْبِيَةُ الَّتِي تَلَقَّيْنَاهَا، وَالَّتِي أَصْبَحَ تَغْيِيرُهَا شَكْلًا وَمَحْتَوًى ضَرُورَةً حَيَاتِيَّةً وَحَضَارِيَّةً، الضعْف الْإِنْسَانِي وَالْفِكْرِي وَالْأَخْلَاقِي وَالْحَضَارِي… وَالسِّيَاسِي ، فَأُصِبْنَا، فِي عَلَاقَتِنَا بِالْوَاقِعِ وَبِحَقَائِقِ الْحَيَاةِ، بِمَا يشْبِهُ مَرَضَ الْفصَامِ، وَكَأَنَّنَا مَخْلُوقَاتٌ وَهْمٌ قُذِفَ بِهَا في مُعْتَرَكِ الْحَيَاةِ حَتَّى تَلْقَى حَتْفَهَا فِي سُرْعَةٍ وَسُهُولَةٍ!

الْمظْهَرُ هُوَ الْهَيْئَةُ الَّتِي يَتَجَلَّى بِهَا الشَّيْءُ أَوْ الْإِنْسَانُ، أَوْ الْانْطِبَاعُ الَّذِي يَتْرُكُهُ فِي النَّاظِرِينَ… وَالتَّطَوُّرُ، بِمَعْنَى مَا، هُوَ حَلُّ التَّنَاقُضِ بَيْنَ الْمُحْتَوَى وَالشَّكْلِ، فَلَا بُدَّ لِلشَّكْلِ، وَمَهْمَا عَصَى الْمُحْتَوَى مِنْ أَنْ يَخْضَعَ لَهُ وَيَمْتَثِلُ، فَالْاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعَلِيلِ وَالْمُتَظَاهِرِ بِالْمَرَضِ هُوَ عَيْنُهُ الْاخْتِلَافُ بَيْنَ هَيْئَةٍ تَتَلَاءَمُ مَعَ الْمضْمُونِ وَهَيْئَةٍ تُنَاقضُهُ. أَقُولُ هَذَا فلرُبَّمَا أصيب فِي قَوْلِ مَا يَنْبَغِي لِي قَوْلُهُ فِي دَاءٍ اجْتِمَاعِيٍّ وَثَقَافِيٍّ وَتَرْبَوِيٍّ نَعِيشُهُ هُوَ دَاءُ الْمظهّرِيَّةِ، الَّذِي هُوَ دَاءٌ شَرْقِيٌّ بِالدَّرَجَةِ الْأُولَى، وَلَا نَغْلُطُ إِنْ اعْتَبَرْنَا النّزْعَةَ الْمظهرِيَّةَ سَبَبًا فِي تَأَخُّرِنَا الْحَضَارِيِّ وَالْاجْتِمَاعِيِّ، أَوْ عَاقِبَةً لَهُ، فَالْأَمْرَانِ سِيَانٌ…

كَانَ الرَّجُلُ شَخْصِيَّةً عَظِيمَةً، وَأَثْبَتَ التَّارِيخُ عَظَمَتَهُ… وَصَلَ إِلَى مَجْلِسٍ، فَاخْتَارَ الْمَقْعَدَ الْقَرِيبَ مِنَ الْبَابِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَحَدُ الْحَاضِرِينَ لِيُنْقِلَهُ إِلَى مُقَدَّمَةِ الْمَجْلِسِ، وَقَالَ لَهُ: سَيِّدِي، أَنْتَ تَسْتَحِقُّ الصّدَارَةَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ قَائِلًا: أَنَا فِي الصّدَارَةِ أَيْنَمَا كُنْتُ.
هَذَا الرَّجُلُ إِنَّمَا كَانَ مُمْتَلِئًا كَمَثَلِ غُصْنٍ مُمْتَلِئٍ ثَمَارًا، وَلَا بُدَّ لَهُ، مِنْ ثُمَّ، مِنْ أَنْ يَنْحَنِيَ؛ أَمَّا الْمُصَابُونَ بِمَرَضِ الْمظهِرِيَّةِ، فِي مُجْتَمَعَاتِنَا الشَّرْقِيَّةِ، فَلَا يَعْرِفُونَ تَوَاضعَ ذَاكَ الْعَظِيمِ، أَوْ ذلكَ الْغُصْنِ الْمُمْتَلِئِ ثمَارًا؛ لِأَنَّهُمْ غُصُونٌ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنَ الثَّمَارِ، فَدَيدنهمْ إِنَّمَا هُوَ الصّدَارَةُ فِي كُلِّ شَيءٍ، وَالْمظهِرِيَّةُ، وَكَأَنَّهُمْ فِي حَرِصٍ دَائِمٍ عَلَى أَنْ يَلْبَسُوا اللِّبَاسَ الْمُفَضَّلَ لِلصِّفْرِ وَهُوَ الْغُرُورُ.

إِنَّهُمْ كَمَثَلِ الْإِعْلَانِ التِّجَارِيِّ ، يُظْهِرُونَ أَنْفُسَهُمْ ، أَوْ يُظْهِرُونَهُمْ ، بِأَنَّهُمْ أَفْضَلُ النَّاسِ فِي مَهَارَاتِهِمْ وَقُدْرَاتِهِمْ الْعَمَلِيَّةِ ، لَكِنَّ عِنْدَمَا يُوَاجِهُونَ الْاِخْتِبَارَ الْعَمَلِيَّ الْحَقِيقِيَّ وَالْمَوْضُوعِيَّ، يَظْهَرُ بِهِمْ مَا ظَهَرَ بِالسَّلَعَةِ الَّتِي اتَّضَحَ عِنْدَ اسْتِخْدَامِهَا، أَوْ تَنَاوُلِهَا، أَنَّ صِفَاتَهَا وَخَوَاصَهَا الْفِعْلِيَّةَ لَيْسَتْ لَهَا علَاقَةٌ بِصِفَاتِهَا وَخَوَاصِهَا فِي الدَعَايَةِ.

فِي مُجْتَمَعَاتِنَا، أَصْبَحَتِ الْوَظِيفَةُ أَسْوَأَ مَا فِي الْبُيْرُوقْرَاطِيَّةِ الْمقِيتَةِ، الَّتِي نَتَجَ عَنْهَا الْفَسَادُ الْإِدَارِيُّ بِأَبْعَادِهِ الْمُتَعَدِّدَةِ، مِنْهَا الْأَخْلاقِيَّةُ وَالسُّلُوكِيَّةُ وَالتَّرْبَوِيَّةُ. وَهَكَذَا، تَحَوَّلَتِ الْوَظِيفَةُ إِلَى مَجَالٍ وَنَشَاطٍ يَتمُّ فِيهِمَا تَجْسِيدُ الْفَسَادِ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ.

الْأُمَّةُ الْعَظِيمَةُ هِيَ الَّتِي تَسْتَطِيعُ أَنْ تُفرِقَ بَيْنَ الْعَظِيمِ وَالصَّغِيرِ ، وَالصَّغِيرِ وَالْعَظِيمِ ، فَهِيَ تَقِيسُ أَبْنَاءَهَا بِمِقْيَاسِ الْمُتَنَبِّي، الَّذِي يرَى فِيهِ أَنَّ الْعَظِيمَ هُوَ مَنْ يَسْتَصْغِرُ الْأُمُورَ الْعَظِيمَةَ فِي عَيْنَيْهِ ، وَالصَّغِيرُ هُوَ مَنْ يَسْتَعْظِمُ الْأُمُورَ الصَّغِيرَةَ فِي عَيْنَيْهِ.وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ صغَائِرَ الْأُمُورِ هِيَ الَّتِي فِيهَا تَضرِبُ الْمَظهَرِيّةُ جُذُورَهَا عَمِيقًا, فَالْمَكَانُ, فِي مَعْنَاهُ الْإِدَارِيِّ وَالْبِيُرُوقْرَاطِيِّ, هُوَ كُلُّ شَيءٍ,، فَالْمَنصِبُ، فِي مَفْهُومِهِ الْإِدَارِيِّ وَالْبِيُرُوقْرَاطِيِّ ، هُوَ كُلُّ شَيءٍ، أَمَّا مَنْ يَتَوَلَّاهُ ، وَيَسْتَحِقُّهُ، بِنَاءً عَلَى مَقَايِيسِ الْفَسَادِ الْإِدَارِيِّ وَالْوَظِيفِيِّ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَا شَيء. وَمَا أَبْعَدَ مَا بَيْنَ مَنْ يَتَعَظَّمُ بِالْمَنْصِبِ وَمَنْ يُعَظِّمُ الْمَنْصِبَ بِنَفْسِهِ، فَالْأَوَّلُ يَبْقَى جَمَلًا مَهْمَا تَزَرْكَشَ ، بَيْنَمَا الثَّانِي يُدْركُ أَنَّ الصّدَارَةَ هِيَ الْمَكَانُ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ هُوَ ، حَتَّى لَوْ كَانَ هَذَا الْمَكَانُ مَكَانَ نَفَايَاتٍ.

لَا يَمْتَلِكُ الْعُظَمَاءُ أَيَّ مَيْلٍ لِلزَّيْفِ وَالتَّظَاهُرِ، فَهُمْ يَرْفُضُونَ الِاسْتِعْرَاضَ وَالتَّبَاهِي فِي مَظْهَرِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ، بَلْ هُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى مَا فِي دَاخِلِهِمْ وَمِنْ خِلَالِهِ، تَبْرُزُ عَظمَتُهُمْ وَتَتَجَلَّى؛ بَيْنَمَا الَّذِينَ يَفْتَقِرُونَ إِلَى الْجَوْهَرِ الْحَقِيقِيِّ لِلْعَظمَةِ يَجِدُونَ أَنْفُسَهُمْ يهمِلُونَ الْمُهِمَّ مِنَ الْأُمُورِ وَيَنْشَغِلُونَ بِالتَّفَاصِيلِ الضَّئِيلَةِ، وَكَأَنَّ الزَّخْرَفَةَ الْبُيْرُوقْرَاطِيَّةَ هِيَ همّهُمُ الْأَوَّلُ، وَالْغَايَةُ الَّتِي يَحْيُونَ مِنْ أَجْلِهَا، وَالَّتِي يُنَاضِلُونَ وَيَتَوَدَّدُونَ مِنْ أَجْلِهَا!.

الْفَسَادُ الْأَخْلَاقِيُّ يُلَوِّثُ أَذْهَانَ وَقُلُوبَ شَبَابِنَا؛ وَقَدْ شَاهَدْنَا الَّذِينَ يَنْشُرُونَ هَذِهِ الثَّقَافَةَ يُقْنِعُونَهُمْ بِأَنَّهَا الْقَوَاعِدُ الَّتِي لَا يَجِبُ تَجَاهُلُهَا، وَالِالْتِزَامُ بِهَا، إِلَّا مَنْ كَانَ غَبِيًّا وَمُسْتَسْلِمًا، رَاضِيًا بِالْحَيَاةِ الْبَائِسَةِ بَيْنَ الْحُفَرِ. وَلَمْ يَخْجَلُوا مِنْ تَقْدِيمِهَا عَلَى أَنَّهَا شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ الذِّكَاءِ الْاجْتِمَاعِيِّ، فَالذَّكِيُّ هُوَ الَّذِي يُدْركُ مِنْ أَيْنَ تُؤْكَلُ الْكَتِفُ؛ فَإِنْ بَقِيتَ فَقِيرًا بَعْدَ أَنْ تَوَلَّيْتَ مَنْصِبًا عَامًّا فَهَذَا يَعْنِي أَنَّكَ نَاقِصٌ فِي ذِكَاءِكَ، أَوْ وَفْرَةٌ فِي سَذَاجَتِكَ، فَالْفُرْصَةُ كَانَتْ فِي يَدِكَ؛ وَلَكِنَّكَ أَضَعْتَهَا!.

مَا زَالَتْ مَبَادِئُنَا الْأَخْلَاقِيَّةُ تَتَوَافَقُ مَعَ مَا يَحْتَاجُهُ النِّظَامُ الْاِسْتِبْدَادِيُّ لِلْحِفَاظِ عَلَى أَخْلَاقِيَّةِ النَّاسِ كَعَبِيدٍ؛ فَالْخَلَاصُ لَا يَكُونُ إِلَّا فَرْدِيًّا، فَابْحَثْ عَنْهُ، وَلَا تَطْمَعْ فِي الْخَلَاصِ الْجَمَاعِيِّ. مُجْتَمَعُكَ هُوَ (فِي مَاضِيهِ وَحَاضِرِهِ وَمُسْتَقْبَلِهِ) مَعْرَكَةٌ بَيْنَ الذِّئَابِ، فَكُنْ ذِئْبًا حَتَّى لَا تَلْتَهِمْكَ الذِّئَابُ، فَإِنْ لَمْ تَقْتُلْ تُقْتَلُ، وَإِنْ لَمْ تَسْرِقْ تُسْرَقُ، وَإِنْ لَمْ تُجَوِّعْ غَيْرَكَ تَجُوعُ أنت. اجْتَهِدْ فِي نَيْلِ مَحَبَّةِ رَئِيسِكَ، وَحَافِظْ عَلَى نِعْمَتِكَ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمَا يَضُرُّ بِرِفَاقِكَ. ارْضِ ذُوي السُّلْطَانِ، وَجاهِدْ لِلْفَوْزِ بِمَرْضَاتِهِمْ، فَرُبَّمَا تَصِيرُ مِثْلَهُمْ. إِمَّا أَنْ تَعْمَلَ لِمَنْفَعَةِ غَيْرِكَ أَوْ أَنْ يَعْمَلَ غَيْرُكَ لِمَنْفَعَتِكَ. إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَبْدًا أَوْ أَنْ تَكُونَ سَيِّدًا لِلْعَبِيدِ. إِذَا كَانَ عِنْدَكَ قَمْحٌ فَلَا تَبِعْهُ كُلَّهُ… خَزِنْ جُزْءًا مِنْهُ (فَهُوَ دِرْهَمٌ أَبْيَضُ يَنْفَعُ فِي الْيَوْمِ الْأَسْوَدِ) فَقَدْ يَجُوعُ النَّاسُ، فَتَبِيعُ مَا خَزّنْتَ، حِينَئِذٍ، بِثَمَنٍ عَالٍ. ادْعُ إِلَى الْأَمَانَةِ وَالْاِسْتِقَامَةِ حَتَّى يَسَهُلَ عَلَيْكَ سَرِقَةُ مَنْ تَحَلَّى بِتِلْكَ الْفَضِيلَةِ. ادْعُ إِلَى الصِّدْقِ حَتَّى يُصَدِّقَ الصَّادِقُ كَذِبَكَ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واشنطن وموسكو.. صراعٌ لتبادُل المصالح!
- في فلسفة اللغة!
- الفلسفة العلمية مُركَّب كيميائي من كل العلوم!
- السياسة بين التَّفسيرين المثالي والواقعي!
- الانتخابات الأوروبية والديمقراطية المُزَيَّفة!
- في فلسفة الموت والحياة !
- طلّقها يا بني!
- فسادُ الكتابة!
- القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!
- أسباب وأوجه الأزمة في تعريف -الحقيقة-!
- أحْكَم الناس في الحياة أناس علَّلوها، فأحسنوا التعليل!
- الطبيعة كما تقدم نفسها إلينا!
- كيف تكون -الوحدة الجدلية العليا- بين الفلسفة والعلم
- الإرادة ما بين المثالية والمادية في الفهم والتفسير!
- نسبية الحقيقة لا تتعارَض مع موضوعيتها!
- الوحدَّةُ بينَ الفلسفةِ والعلم!
- شيءٌ في الديالكيك!
- التقويم الجدلي للتناقض في الشكل الهندسي لحركة التاريخ!
- كيف نتعلم الحوار!
- الأخلاق تتغير وفق نمط العيش!


المزيد.....




- أحد منفّذَي هجوم أستراليا مواطن هندي.. و-بطل- شاطئ بوندي يتح ...
- واشنطن تمضي في ضرباتها رغم الانتقادات.. 8 قتلى في غارات على ...
- مقاتلات تركية تُسقط مُسيَّرة -خارجة عن السيطرة- قرب مجالها ا ...
- مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية: اختبارات للقوى السياسية في ...
- مشروبات تحدّ من أضرار الجلوس الطويل على الأوعية الدموية
- السجن 21 عاما لسائق حول فرحة ليفربول إلى كابوس بدهس العشرات ...
- في ظل صراع مدمر.. الحق في التعليم الجيد، حلم بعيد المنال لأط ...
- غزة : أحوال جوية قاسية تضاعف مأساة الغزيين
- نظريات مؤامرة عنصرية ألهمت إستراتيجية أميركا الجديدة
- القبض على كاتب السيناريو الأميركي نيك راينر بتهمة قتل والديه ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - مفاسِد تربوية وأخلاقية!