أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - في فلسفة الموت والحياة !














المزيد.....

في فلسفة الموت والحياة !


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8009 - 2024 / 6 / 15 - 00:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د . ادم عربي

إِنَّ الإِنسَانَ يَخَافُ الْمَوْتَ، الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ حَيَاتِهِ الطَبِيعِيَّةُ وَالمحتُومَةُ، وَهَذَا الخَوْفُ كَانَ عَامِلًا مُؤَثِّرًا فِي تَقَدُّمِهِ الحَضَارِيِّ وَالثَّقَافِيِّ؛ وَكَثِيرًا مَا شَهِدْنَا أَنَّ الخَوْفَ مِنَ المَوْتِ، بِجَانِبِ سِرِّ المَوْتِ، كَانَ مُحَرِّكًا وَمُغذِيًا لِجُزْءٍ مِنَ الثَّقَافَةِ البَشَرِيَّةِ، فَالرَّغْبَةُ فِي الحَرْبِ أَوْجَدَتْ وَطَوَّرَتْ وَأَنْشَرَتْ ثَقَافَةً لِلتَخَلُّصِ مِنَ الخَوْفِ مِنَ المَوْتِ فِي نُفُوسِ المُقَاتِلِينَ، وَلِتَقْدِيمِ المَوْتِ أَثْنَاءَ المُوَاجَهَةِ عَلَى أَنَّهُ انْتِقَالٌ إِلَى حَيَاةٍ أَفْضَلَ مِنَ الحَيَاةِ الحَالِيَّةِ، بِحُسْنِهَا وَجَمَالِهَا وَإِيجَابِيَّتِهَا.
وَإِنَّنِي أَعْتَقِدُ أَنَّ فِي فِي خَفْضِ مَنْسُوبِ الخَوْفِ مِنَ المَوْتِ فِي نُفُوسِ البَشَرِ مِقْيَاسًا مِنْ أَهَمِّ المقَايِيسِ الَّتِي بِهَا يُمْكِنُ قِيَاسُ تَطَوُّرِنَا الحَضَارِيِّ وَالثَّقَافِيِّ عَلَى أَنْ يُتَّخَذَ تَطَوُّرُنَا الحَضَارِيُّ وَالثَّقَافِيُّ (وَالعِلمِيُّ) ذَاتِهِ وَسِيلَةً لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، فَمَنْسُوبُ الحَيَاةِ، بِأَوْجُهِهَا وَمَعَانِيهَا كَافَّةً، فِي الإِنسَانِ يَعْلُو مَعَ كُلِّ هبُوطٍ فِي منسُوبِ الخَوْفِ مِنَ المَوْتِ فِي نَفْسِهِ.
وَنَرَى ضَرَرًا مُشَابِهًا يُصِيبُ حَيَاةَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُعَانِي عُقْدَةَ الخَوْفِ مِنَ الفَشَلِ ، يُعَرِّضُ الإِنسَانُ الَّذِي يَخْشَى الفَشَلَ حَيَاتَهُ لِلضَرَرِ، فَهَذَا الإِنْسَانُ يَتَجَنَّبُ القِيَامَ بِالعَمَلِ الكَثِيرِ، الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَخِيبَ؛ لَقَدْ أَوْهَنَهُ الخَوْفُ مِنَ الفَشَلِ فَأَوْهَنَ.
إِنَّ الخَوْفَ مِنَ المَوْتِ إِذَا سَيَّرَ حَيَاتِنَا فَهُوَ نَقْمَةٌ وَبَلِيَّةٌ، لِأَنَّهُ يجعلُنَا كَالأَمْوَاتِ وَنَحْنُ فِي عَالَمِ الأَحْيَاءِ، وَيَمْنَعُنَا مِنْ أَنْ نَتَذَوَّقَ جَمَالَ الحَيَاةِ بِكُلِّ جُوَانِبِهَا وَدَلَالَاتِهَا.
مَارْتِن لُوثَر كِينْغ قَالَ فِي الْمَوْتِ: "مَنْ يَنْسَى أَنَّ المَوْتَ هُوَ نِهَايَتُهُ الحَتْمِيَّةُ، لَا يَصْلُحُ أَبَدًا لِلحَيَاةِ" ؛ وَآرْثُر شُوبِنْهَاوِر قَالَ: "بَعْدَ مَوْتِكَ لَنْ تَكُونَ إِلَّا مَا كُنْتَ عَلَيْهِ قَبْلَ وِلَادَتِكَ" ؛ وَصَمُوئِيل جُونْسُون قَالَ: "لَيْسَ مِنَ الأَهَمِيَّةِ بِمَكَانٍ كَيْفَ نَمُوتُ ، وَإِنَّمَا كَيْفَ نَعِيشُ ؛ فِعْلُ المَوْتِ لَيْسَ بِذِي أَهَمِيَّةٍ ؛ فَهُوَ إِنَّمَا يَسْتَغْرِقُ زَمَنًا وَجِيزًا" ؛ وَلِيُونَارْدُو دَا فِينْشِي قَالَ: "مَنْ يَتَعَلَّمُ كَيْفَ يَعِيشُ ، يَتَعَلَّمُ كَيْفَ يَمُوتُ" ؛ وَجُوزِيف أَدِيسُون قَالَ: "خَوْفُ المَرْءِ مِنَ المَوْتِ يَحْمِلُهُ عَلَى السَّعْيِ إِلَى مَا يَقِيهِ مِنَ المَوْتِ ، فَتَكُونُ العَاقِبَةُ أَنْ يُدَمِّرَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ" ؛ وَجُون رُوسْكِين قَالَ: "مَنْ لَا يَعْرِفُ مَتَى يَمُوتُ,، لَا يَعْرِفُ كَيْفَ يَعِيشُ" ؛ وَفْرِيدْرِيك نِيتْشَه قَالَ: "إِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ العَيْشَ بِفَخْرٍ فَعَلَيْكَ أَنْ تَمُوتَ بِفَخْرٍ"؛ وَيُوهَان فُولْفْغَانْغ فُون غُوتَه قَالَ: "حَيَاةٌ عَدِيمَةُ الفَائِدَةِ إِنَّمَا هِيَ مَوْتٌ مُبَكِّرٌ" ؛ وَبِنْيَامِين فْرَانْكْلِين قَالَ: "كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَمُوتُونَ فِي الْخَامِسَةِ وَالعِشْرِينَ ؛لَكِنَّهُمْ يُدْفَنُونَ فِي الخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ"؛ وَلُوسِيُوس سِينِيكَا قَالَ: "مَا لَحْظَةُ المَوْتِ إِلَّا اكْتِمَالُ عَمَلِيَّةٍ بَدَأَتْ مَعَ وِلَادَتِكَ"؛ وَالْمُتَنَبِّي قَالَ: "إِذَا غَامَرْتَ فِي شَرَفٍ مَرُومٍ فَلَا تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ ، فَطَعْمُ الْمَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيرٍ كَطَعْمِ المَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ" ؛ وأنا أقول :" إحرصْ على موتٍ كلَّه حياة بدلاَ من حياةٍ كلها موت ".
يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُحَوِّلَ ثَقَافَةَ الْمَوْتِ الَّتِي نَعِيشُهَا إِلَى مَنْبَعٍ لِلْعَزِيمَةِ وَالْإِلْهَامِ لِـ ثَقَافَةِ الحَيَاةِ؛ وَهَذَا الْتَّحَوُّلُ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِمُوَاجَهَةِ كُلِّ تِلْكَ العُنَاصِرِ مِنْ ثَقَافَةِ المَوْتِ الَّتِي تَزِيدُ مِنْ شُعُورِنَا بِالْرَّهْبَةِ مِنَ المَوْتِ، وَالَّتِي تَتَجَلَّى فِي الكَثِيرِ مِنَ الممَارَسَاتِ، وَالعُرْفِ، وَالتُّرَاثِ المُتَوَارِثِ فِي مُجْتَمَعِنَا.
فِي تَارِيخِ فِكْرَةِ المَوْتِ وَتَطَوُّرِهَا, نَجِدُ أَنَّ ثَقَافَةِ المَوْتِ وَ ثَقَافَةِ الحَرْبِ تَرْتَبِطَانِ بِعَلاقَةٍ قَوِيَّةٍ وَمُتَيَنَةٍ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْحَالَاتِ, فَالحَرْبُ, فِي صُورِهَا القَدِيمَةِ, أَوْجَدَتِ الْضَّرُورَةَ لِبَعْضِ الْأُمَمِ أَنْ تَنْشِئَ وَتُنمِيَ ثَقَافَةً لِلْمَوْتِ تُسَاعِدُ المُحَارِبَ عَلَى تَهْدِئَةِ نَفْسِهِ, وَالتَّحَكُّمِ فِي عَوَاطِفِهِ بِمَا يَزِيدُ مِنْ حَافِزِهِ القِتَالِيِّ بِمَزِيدٍ مِنَ الإِيْمَانِ وَالفَدَاءِ وَالبَأْسِ وَالقُوَّة.
وَأَحْسَبُ أنّا ، أَنَّ الخَوْفَ مِنَ المَوْتِ هُوَ الخَوْفُ الوَحِيدُ الَّذِي لَا مُبررَ لَهُ، وَالَّذِي يَنْبَغِي لِلإِنْسَانِ، مِنْ ثُمَّ، أَنْ يَجْتَثَّهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ المَوْتَ ذَاتَهُ هُوَ الحَدَثُ الَّذِي عِنْدَهُ يَنْتَهِي الخَوْفُ مِنَ المَوْتِ؛ فَإِنَّ هَذَا الخَوْفَ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الأَحْيَاءُ.
إِنَّ المَوْتَ الَّذِي يَنْبَغِي لِلإِنْسَانِ أَنْ يَخْشَاهُ حَقًّا هُوَ أَنْ يَصْبَحَ ابْنًا لِلْمَوْتِ وَهُوَ عَلَى قيدِ الحَيَاةِ، وَأَنْ يَمُوتَ، بَعْدَ مَوْتِهِ، ذِكْرًا، وَاسْمًا، وَعَمَلًا؛ فَلَا يَخْشَى المَوْتَ إِلَّا مَنْ أَسَاءَ فَهْمَ الحَيَاةِ!.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طلّقها يا بني!
- فسادُ الكتابة!
- القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!
- أسباب وأوجه الأزمة في تعريف -الحقيقة-!
- أحْكَم الناس في الحياة أناس علَّلوها، فأحسنوا التعليل!
- الطبيعة كما تقدم نفسها إلينا!
- كيف تكون -الوحدة الجدلية العليا- بين الفلسفة والعلم
- الإرادة ما بين المثالية والمادية في الفهم والتفسير!
- نسبية الحقيقة لا تتعارَض مع موضوعيتها!
- الوحدَّةُ بينَ الفلسفةِ والعلم!
- شيءٌ في الديالكيك!
- التقويم الجدلي للتناقض في الشكل الهندسي لحركة التاريخ!
- كيف نتعلم الحوار!
- الأخلاق تتغير وفق نمط العيش!
- ما المنطق ومن أين جاء؟
- الفكرُ الماركسي في المنهجيةِ لا في الدغمائية!
- في جدل هيجل!
- الماركسية والالحاد!
- دَحْضَاً لحُجَج مُنكري ماركس!
- نظرية ُدارون من وجهة نظر الفلسفة!


المزيد.....




- إيران تطلق صواريخ على القواعد الأمريكية في قطر والعراق
- لقطات تظهر لحظة اعتراض وابل من الصواريخ الإيرانية في سماء ال ...
- -نحتفظ بحق الرد المباشر-.. قطر تعلن عدم وقوع خسائر بشرية إثر ...
- اليونان: تواصل جهود إطفاء حريق بجزيرة خيوس مع استمرار عمليات ...
- زواج جيف بيزوس في البندقية يثير الغضب ولافتة تقول: -استأجرت ...
- الحرب تتوسع... إيران تستهدف قواعد أمريكية في قطر والعراق
- الحرب بين إسرائيل وإيران: ماكرون يعتبر الضربات الأمريكية على ...
- القصف الإيراني على إسرائيل.. -استنزاف جديد- أم مجرد رسائل رد ...
- -الدم السوري واحد-.. مغردون يتفاعلون مع الهجوم على كنيسة دمش ...
- هل قضت الضربة الأميركية على مشروع إيران النووي؟ مغردون يعلقو ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - في فلسفة الموت والحياة !