أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - السياسة بين التَّفسيرين المثالي والواقعي!














المزيد.....

السياسة بين التَّفسيرين المثالي والواقعي!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 20:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بقلم : د . ادم عربي
ٱلْعَالَمُ ٱلسِّيَاسِيُّ ٱلْوَاقِعِيُّ هُوَ ذَلِكَ ٱلْعَالَمُ ٱلَّذِي يَتَجَلَّى فِيهِ ٱلنِّزَاعُ بَيْنَ ٱلْمبَادِئِ وَٱلْمَصَالِحِ. هَذَا يَعْنِي أَنَّ مَن يَنْتَمِي لِهَذَا ٱلْعَالَمِ يَجِدُ نَفْسَهُ فِي حَالَةِ تَوَتُّرٍ وَصِرَاعٍ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ وَفْقًا لِلْمبَادِئِ ٱلَّتِي يُؤْمِنُ بِهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَخْدُمُ مَصْلَحَتَهُ، حَتَّى لَوْ تَعَارَضَ ذَلِكَ مَعَ ٱلتَّزَامِهِ بِٱلْمبَادِئِ. أَمَّا عَالَمُ ٱلْمَالِ وَٱلْأَعْمَالِ، فَهُوَ عَالَمٌ تَسُودُ فِيهِ ٱلْمَصْلَحَةُ؛ حَيْثُ يتَمُّ تَهْمِيشُ ٱلْمبَادِئِ إِذَا لَمْ تَتَوَافَقْ مَعَ مَصْلَحَةِ ٱلْفَرْدِ. فِي هَذَا ٱلْعَالَمِ، تَظَلُّ ٱلْمَصْلَحَةُ هِيَ ٱلْأَهْمَ وَلَا شَيْءَ يَتَجَاوَزُهَا ،وَلا يُعْلَى عَلَيْها.

فِي ٱلْعولَمَةِ وَبِهَا، بَدَأَتِ ٱلسِّيَاسَةُ تَتَدَاخَلُ بِشَكْلٍ مُتَزَايِدٍ مَعَ عَالَمِ ٱلْمَالِ وَٱلْأَعْمَالِ، لِدَرَجَةٍ أَنَّ ٱلتَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا أَصْبَحَ صَعْبًا. هَذَا ٱلتَّدَاخُلُ ٱلْمُسْتَمِرُّ أَدَّى إِلَى مُلَاحَظَةِ ٱرْتِفَاعِ مُسْتَوَيَاتِ ٱلْفَسَادِ فِي عَالَمِ ٱلسِّيَاسَةِ، وَهُوَ ٱرْتِفَاعٌ يَتَزَايَدُ بِشَكْلٍ ملْحَوَظٍ لجميعِ الدُوَل.

فِي ٱلسِّيَاسَةِ، لَا تَكُونُ ٱلنَّظْرَةُ ٱلْمَوْضُوعِيَّةُ دَائِمًا مُتَاحَةً لِلْإِدْرَاكِ وَٱلْفَهْمِ والتَعليل. وَجوهرُ أَزْمَةِ ٱلإِدْرَاكِ ٱلسِّيَاسِيِّ يَكْمُنُ فِي تَفْسِيرِ وتَعلِيلِ ٱلأَحْدَاثِ. نَحْنُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ ٱلظَّوَاهِرَ وَٱلأَحْدَاثَ ٱلسِّيَاسِيَّةَ يُمْكِنُ تَفْسِيرُهَا بِأَحَدِ مَبَدَأَيْنِ أَسَاسِيَّيْنِ: ٱلْمَبَدَأِ ٱلْمثَالِيِّ وَٱلْمَبَدَأِ ٱلْعَمَلِيِّ ٱلْمَوْضُوعِيِّ. إِذَا لَمْ يَكُنِ ٱلْمَبَدَأُ ٱلْمثَالِيُّ قَادِرًا عَلَى تَفْسِيرِ ٱلأَحْدَاثِ، لِمَا ٱدَّعَى أَحَدُ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا ٱلْمَبَدَأِ بِثِقَةٍ أَنَّ ٱلْفِكْرَ هُوَ مَن يَتَحَكَّمُ فِي مُجَرِّيَاتِ ٱلْعَالَمِ أَوْ الحَاكم الأُتُقوراطيّ لِهذَا العَالم. لَكِنَّا نَجِدُ أَنَّفْسَنَا مُخْتَلِفِينَ حَوْلَ مَسْأَلَةٍ ذَاتِ أَهَمِيَّةٍ كَبِيرَةٍ: أَيُّ ٱلْمَبَدَأَيْنِ يقُومُ بِتَفْسِيرِ ٱلْآخَرِ؟.

أَنَا مُنَ الْمُؤَيِّدِينَ لِلْمبَدَّأِ الْوَاقِعِيِّ كَمُفَسِّرٍ لِلْمبَدَّأِ الْمثَالِيِّ. عِنْدَمَا نَصِلُ إلَى نِهَايَةِ سَلْسِلَةِ الْأَسْبَابِ الْمثَالِيَّةِ في التعليل والتفسير ، يَظْهَرُ السَّبَبُ الْأَخِيرُ كَنتَاجٍ مثَالِيٍّ مُرْتَبِطٍ بِالْوَاقِعِ. الْفِكْرُ يَحْكُمُ الْعَالَمَ، لَكِنْ لَيْسَ حُكْمًا أُوتُوقْرَاطِيًّا، بَلْ حُكْمًا مُقَيَّدًا بِدُسْتُورٍ هُوَ الْوَاقِعُ وَقَوَانِينُهُ.

إِذَا سَأَلْتَ أَحَدَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُبَدَّأِ الْمثَالِيِّ عَنْ سَبَبِ الْحُرُوبِ، سَيُجِيبُكَ عَلى البَديهة بِأَنَّ السَّبَبَ يَكْمُنُ فِي نَزْعَةِ الشَّرِّ الْمُتَجَذِّرَةِ فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ. و إِذَا أَرَدْنَا تَحْقِيقَ السَّلَامِ، يَجِبُ أَنْ نُصْلِحَ نُفُوسَ الْمُتَعَصِّبِينَ لِلْحُرُوبِ وَنوضِحَ لَهُمْ مَخَاطِرَهَا، وَنُسَاعِدُهُمْ عَلَى فَهْمِ عَوَاقِبِهَا. يَجِبُ أَنْ نَزْرَعَ فِي عُقُولِهِمْ ثَقَافَةَ السَّلَامِ وَكَأَنَّ لَيْسَ لِلْحَرْبِ مِنْ أَسْبَابٍ وَاقِعِيَّةٍ، قَدْ تَحْمِلُ حَتَّى الْكَهَنَةَ وَالرُّهْبَانَ عَلَى أَنْ يُصْبِحُوا لَهَا أُمَرَاءَ وَقَادَةً!.

إِذَا اِسْتَفْسَرْتَ عَنْ أَسْبَابِ فَشْلِ مُحَاوَلَاتِ السَّلَامِ بَيْنَ إِسْرَائِيلَ وَالْفِلَسْطِينِيِّينَ، سَيُجِيبُكَ أَنَّ الْعقبَةَ الْأَسَاسِيَّةَ هِيَ عَدَمُ رَغْبَةِ إِسْرَائِيلَ فِي السَّلَامِ. وَإِذَا مَا أَقْنَعْنَاهَا بِأَهْمِيَّةِ وَفَوَائِدِ مُبَادِرَةِ السَّلَامِ الْعَرَبِيَّةِ، قَدْ تُغَيِّرُ نَظَرَتَهَا وَتَمِيلُ نَحْوَ السَّلَامِ.
إِذَا سَأَلْتَ عَنْ سَبَبِ انْحِيازِ الْوَلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ إِلَى إِسْرَائِيلَ، سَيُجِيبُكَ أَحَدُهُمْ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ تَقَاعُسُ الْعَرَبِ عَنْ شَرْحِ قَضِيَّتِهِمُ الْعَادِلَةِ لِلْوَلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ. وَلَوْ بَذَلُوا الْمَزِيدَ مِنْ الْجُهُودِ فِي تَوْضِيحِ قَضِيَّتِهِمْ، لَكَانَتِ النَّتِيجَةُ انْحِيازًا أَمْرِيكِيًّا إِلَى الْحَقِّ ومن ثُمَّ إلينا.

وَإِذَا سَأَلْتَ أَحَدَهُمْ عَنْ سَبَبِ غَزْوِ الْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ لِلْعِرَاقِ، سَيُجِيبُكَ بِسُهُولَةٍ قَائِلًا: إِنَّ السَّبَبَ يَكْمُنُ فِي أَنَّ الصَّلِيبَ قَرَّرَ، عَبْرَ مُمَثِّلِيهِ (إِدَارَةِ الرَّئِيسِ بُوشِ)، اِسْتِئْنَافَ الْحَرْبِ الصَّلِيبِيَّةِ ضِدَّ الْهِلَالِ. وَالنَّفْطُ لَيْسَ السَّبَبَ الرَّئِيسِيَّ، لِأَنَّهُ دُنْيَوِيٌّ تَافِهٌ ، وهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوِيَ الدُّنْيَوِيُّ وَالدِّينِيُّ؟!
فِي عَالَمِ السِّيَاسَةِ، نَرَى دَائِمًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَدَيْهِمْ مَصْلَحَةٌ حَقِيقِيَّةٌ فِي نَشْرِ الْأَوْهَامِ وَتَرْوِيجِهَا. يُخْضِعُونَ الْأَبْصَارَ وَالْبَصَائِرَ لِهَيْمَنَةِ الْمَبَادِئِ الْمِثَالِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ وَتَبْرِيرِ الظَّوَاهِرِ وَالْأَحْدَاثِ السِّيَاسِيَّةِ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات الأوروبية والديمقراطية المُزَيَّفة!
- في فلسفة الموت والحياة !
- طلّقها يا بني!
- فسادُ الكتابة!
- القيمة وأهميتها الإقتصادية عند ماركس!
- أسباب وأوجه الأزمة في تعريف -الحقيقة-!
- أحْكَم الناس في الحياة أناس علَّلوها، فأحسنوا التعليل!
- الطبيعة كما تقدم نفسها إلينا!
- كيف تكون -الوحدة الجدلية العليا- بين الفلسفة والعلم
- الإرادة ما بين المثالية والمادية في الفهم والتفسير!
- نسبية الحقيقة لا تتعارَض مع موضوعيتها!
- الوحدَّةُ بينَ الفلسفةِ والعلم!
- شيءٌ في الديالكيك!
- التقويم الجدلي للتناقض في الشكل الهندسي لحركة التاريخ!
- كيف نتعلم الحوار!
- الأخلاق تتغير وفق نمط العيش!
- ما المنطق ومن أين جاء؟
- الفكرُ الماركسي في المنهجيةِ لا في الدغمائية!
- في جدل هيجل!
- الماركسية والالحاد!


المزيد.....




- استئناف الهجمات بين إسرائيل وإيران ليلاّ.. ماذا حدث في الساع ...
- مركز رصد الزلازل الإيراني: هزة أرضية بالقرب من منشأة -فوردو- ...
- حرب إيران وإسرائيل.. بنك الأهداف يتوسع
- الشرطة الإيرانية تعتقل عناصر خلية إرهابية عميلة للموساد وتضب ...
- سفارة موسكو في الجزائر تحتفل بيوم روسيا
- سفارة موسكو في نواكشوط تحيي اليوم الوطني
- إعلام: الولايات المتحدة تتخلى عن أوكرانيا بخفض المساعدات الع ...
- باكستان تعرب عن تضامن واضح مع إيران
- كيف نجح الموساد الإسرائيلي في اختراق إيران؟
- القسام تقصف مستوطنة إسرائيلية وتستهدف 11 جنديا بخان يونس


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - السياسة بين التَّفسيرين المثالي والواقعي!