أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - عيون حذرة














المزيد.....

عيون حذرة


سرحان الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 02:41
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة .
.
.
. حينما أدخل الى المصرف , أشعر ان كل الموظفين والموظفات يراقبونني , ويحذرون مني حذرا شديدا , الكتبة والحراس والمحاسبين ومسؤولي الأقسام , وكأنني لص دخل خلسة ويريد سرقة الأموال المودعة في هذا المصرف الحكومي , الذي تورطت معه بشكل ما , حينما قادني حظي العاثر الى التعامل معه , نظرا للفوائد العالية التي يتقاضاها , فضلا عن التعقيدات والروتين القاتل في السحب والايداع ,
. لقد راودني هذا الاحساس عدة مرات , وشعرت فعلا بأني عبارة عن لص , ولست زبونا يتعامل مع مصرف حكومي يتشدد في منح التسهيلات المصرفية للزبائن , ولا يمنحهم القروض والتسهيلات , الا بعد أن يرهن ممتلكاتهم وعقاراتهم
. وأتناء مراجعاتي الطويلة للمصرف . كنت أشعر بعيون الموظفين والموظفات , وهي تنطلق نحوي كالسهام , وتحاول اختراق جسدي المنهك والمتعب , من كثرة مشاغل الحياة وهمومها التي لا تنتهي عند حد , الا موظفة واحدة كانت تبدو دائما صامتة ومشغولة بعملها , ولا تلتفت نحوي الا ما ندر , ولم تكن نظراتها حادة أومريبة كما هي نظرات الآخرين , وربما كانت تتجاهل وجودي لأني لم أكن في نظرها سوى شخصا عاجزا عن الوفاء بتعهداته المالية
. اليوم أو أمس أو ربما في زمن مضى لا أتذكر بالضبط , وأثناء مراجعتي لتسديد كمبيالة مصرفية , اكتشفت أنني متورط في كفالة مالية لشخص أخر عاجز عن التسديد , وذلك يتطلب مني أن أقوم بالتسديد نيابة عنه , وبعكسه ستتوقف كل تسهيلاتي المصرفية , وأثناء حديثتي مع موظف التسهيلات المصرفية , اكتشفت أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فقط , بل علي أن اقوم بتسديد كل تسهيلاتي المصرفية , فضلا عن تسهيلات الزبون العاجز عن التسديد , الذي تعهدت بالتسديد بدلا عنه في حال عجزه عن التسديد , في زمن لم أعد أتذكره
, لم أكن أصدق ولن أصدق ان مصرفا حكوميا , غير قادر على استيفاء مبلغا ماليا من زبون عاجز عن التسديد , لأن الأمر بسيط جدا , ويعتمد على جدية المصرف في استيفاء المبلغ المطلوب , والمكفول أصلا بعقار تزيد قيمته اربعة اضعاف مبلغ التسهيلات المالية , وما على المصرف , سوى اعلان ذلك العقار بالمزاد العلني , لبيعه واستيفاء المبلغ المطلوب , واعادة باقي المبلغ الى صاحب العقار العاجز عن التسديد , لكن المصرف لم يقم بمثل هذه الخطوة القانونية , وبدلا من ذلك قام بايقاف تسهيلاتي المصرفية , لكي أقوم أنا بالضغط على الزبون العاجز عن التسديد , لعله يفي بالتزاماته المالية تجاه المصرف ,
. كثرت مراجعاتي وتوسلاتي للمصرف والمحاسبين والكتبة , وصرت أشعر بالضجر والقلق والتوتر حينما أضع خطواتي الأولى عند بوابة المصرف التي صارت مثل ثكنة عسكرية , تمطرني بوابل من نظراتها المشككة , التي تزيد من مخاوفي وقلقي من مصادرة بيتي وتسهيلاتي المصرفية .
. وفي احدى المرات كاد السيد مدير المصرف , أن ينهي مشكلتي , ويطلق سراح تسهيلاتي المصرفية , وكنت حينها أقوم بالتوقيع على تسديد كمبيالة مصرفية , الا أنه توقف أخيرا عن التوقيع على الكمبيالة , حينما وقفت تلك الموظفة الصامته الساهمة , والتي لم أسمع لها صوتا , سوى حركة شفتها العليا التي ترتفع مثل سفح ثلجي منحدر نحو ثغر مغلق , ومحاط بالسرية والصمت , وتكلمت مع السيد المدير بصوت خافت
. حينها كنت أشعر بفرح غامر , وأني صرت حرا , وقد قررت أن أقطع كل تعاملاتي مع هذا المصرف المتزمت , لكن تلك الموظفة الصامتة , صاحبة الشفة الثلجية , قمعت كل أحلامي , وقطعت كل آمالي , بما جلبته معها من خبر منع المدير على ضوئه التوقيع على الكمبيالة . وأوقف اجراءات التسديد
. وفي تلك اللحظة , لم أكن أحمل أي مشاعر بغض تجاهها , رغم ما سببته لي من صدمة نفسية , ربما شغلني جمالها الغامض , وانحناءات شفتيها وبريق عينيها عن التفكير في المصيبة التي أصابتني , لم أكن أتصور انها بهذا السحر , وهذه الجاذبية التي يمكن أن تشغلني , عن التفكير في الورطة المالية التي أنا فيها , وكانت في نظري عبارة عن انسانة منطوية على ذاتها , من ذلك النوع الذي يعيش في عالمه الداخلي الخاص , فينشغل عما حوله من ضجيج وفوضى خارجية , الى فوضى الداخل وهمومه الغامضة
, لكن الآن تغيرت نظرتي تجاهها , وصرت أتعمد النظر الى عينيها الساهمتين , وشفتها الساحرة المرتفعه نحو الأعلى بشكل سريالي غامض , وصار الدخول الى المصرف , بمثابة فرصة للتمعن في ملامحها الأخاذة , والحصول على نظرة عابرة , تغافلني بها أحيانا , كي لا أكتشف , أنها هي الأخرى صارت تراقبني بنظراتها الوادعة والمترددة , التي تختلف كليا عن نظرات زملائها الحادة والعدائية , والتي تريد النيل مني وتوريطي في مشاكل قانونية ومالية أنا في غنى عنها



#سرحان_الركابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طاحونة الزمن الثقيل
- أيلانا بصري حب أسطوري للعراق رغم الغياب الطويل
- أناشيد
- مجنون
- تحول خطير
- اغتراب
- نبعك وحده يرويني
- الشعور بالأغتراب
- ظل
- لمحات من الدراما التركية
- قراءة في قصة صعود الى أسفل الدرج , للكاتبة والروائية المصرية ...
- اجترار الأماني
- مرني طيفك
- أحيانا
- لوحة
- قراءة في ومضة سيدي البعيد
- نافذة الغروب
- رغبات مرتبكة
- جدران الأحلام
- شهرياء المخلوع


المزيد.....




- هيلين كيلر.. الكفيفة الصماء التي استشارها رؤساء أميركا لعقود ...
- 40 عاما على إطلاقه.. ماذا تبقى من -نقد العقل العربي- للجابري ...
- فيلم -شرق 12-.. سردية رمزية لما بعد ثورات الربيع العربي
- يحقق نجاح كبير قبل عرضه في السينما المصرية .. أيرادات فيلم أ ...
- في جميع أدوار السينما المصرية .. فيلم الشاطر رسميًا يعرض في ...
- لمى الأمين.. المخرجة اللبنانية ترفع صوتها من في وجه العنصرية ...
- وصية المطرب أحمد عامر بحذف أغانيه تدفع فنانين لمحو أعمالهم ع ...
- قانون التوازن المفقود.. قراءة ثقافية في صعود وسقوط الحضارة ا ...
- وفاة الفنانة الإماراتية رزيقة طارش بعد مسيرة فنية حافلة
- ماذا بعد سماح بن غفير للمستوطنين بالغناء والرقص في الأقصى؟


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - عيون حذرة