أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - رغبات مرتبكة














المزيد.....

رغبات مرتبكة


سرحان الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 7622 - 2023 / 5 / 25 - 18:30
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة .
.
.

وقفت متسمرا في مكاني , كأنني أراها لأول مرة , فتحجرت الكلمات على لساني , وتخشبت ملامحي بابتسامة بلهاء , وزاغت نظراتي حيث التيه والذكريات الميتة ,
حينما وقفت تنظر ألي تسربت نظراتها الى داخل أحشائي , وغاص صوتها الناعس في وهدة أعماقي السحيقة , كأن صوتها موسيقى أسطورية تداعب أسماعي المرهقة ,
في ذلك السراب و الحلم المربك تقدمت بضع خطوات , ثم وقفت عند منعطف الدوامة المؤدية الى لب الذكريات والحكايات المنقرضة , وترنمت بصوتها الملائكي
- أما زلت تحلم أكثر من طاقتك ؟
- بلى , لكن ربما تصدعت بعض أحلامي
- تقول ربما ؟
- أجل , مازلت أقف عند تلك البؤرة السحيقة حيث منعطف الأيام التي غادرناها
- الأيام التي غادرناها ؟
- اقصد الايام التي مضت
- أتعرف , ان الأيام هي التي غادرتنا وليس نحن من غادرها .
- حقا ؟
- بلى , نحن مازلنا نحتفظ بذواتنا , والأيام تغيرت من حولنا
- كنت أظن عكس ذلك
- أنت واهم كعادتك
. لم تتغير , كأن الزمن توقف عند ملامحها , وكف عن الدوران , بينما أنا فقد شاخت كل ملامحي وتغيرت خرائط وجهي , ورغباتي واحلامي
ساحت ابتسامتها مع انزياح نسمات الريح العابثة , ومع حلول ذلك المساء الأسطوري اكتست خدودها بلون وردي يانع , لها عينين سوداوين , وأنف أفطس وتبرز شفتها العليا الى الأمام .قليلا , بروز أو نتوء سماوي يضفي هالة من سحر وجمال لايمكن وصفه بالكلمات , انما يمكن تحسسه حين النظر الى انطباق شفتيها , وتحت الشفة العليا , تعلو الأسنان الأمامية عن باقي الاسنان ,
أتذكر جيدا عندما هطلت علينا أيام استثنائية , فتزينت بكل ما لديها من انوثة , وراحت تشرح لنا الدروس والمحاضرات في علم الأحياء , وكنت مشدوها الى درجة أني أثرت انتباه زملائي المشاكسين ,
قالوا عني اني مصاب بلوثة عقلية , بينما راى آخرون أنني مغفل من الدرجة الأولى , كيف يعقل لمراهق مثلي أن يقع في غرام امرأة أكبر منه بعشرة سنوات , وفي كل يوم تعطي محاضرة بعلم الأحياء , وتحدث عن الأحياء المجهرية التي أحببتها رغم أني أجهلها تماما , وبعد سنوات متذبذبة اكتشفت أني احببت الصوت الذي يعطي المحاضرات ولم أحب الأحياء المجهرية أبدا
قادني ذلك الهوس الجنوني بأستاذتي الى ابتكار الحيل والطرق التي توصلني اليها ولاشك أن غرفة المختبر هي المكان الوحيد الذي يحسسني بالأمان وأنا أقف مبهورا أمام شخصيتها التي كانت تصعقني , فلأول مرة نجتمع أنا وهي في غرفة مغلقة , لم أكن اصدق أننا محاطان بجدران سميكة تحمينا من نظرات الأخرين وفضولهم , ولم أكن أتخيل أنني عبارة عن خارطة مفضوحة أمامها بحيث أنها كانت تقرأ حتى وساوسي العميقة وأحلامي السرية
قالت لي , قف هناك يا ولد , لا تنسى أني أستاذتك , نزلت تلك الكلمات كالصاعقة , حيث ذكرتني أنني مجرد تلميذ أخرق وفاقد لكل صفات اللباقة والاحترام , ومن المؤكد أنها كانت تظر لي نظرة أم أو أخت كبرى عكس كل الوساوس التي تنتابني
. ظنت بي الظنون المختلفة فقالت لي مرة , أنت تفتقد الى حنان الأم , وسألتني بفضول جارف , هل أمك ميتة أم مطلقة ؟ ولاول مرة تخيب فراستها وتخطيء الاعتقاد . اذ لم تكن أمي ميتة أو مطلقة ,
. وفي صالة الكلية ونحن محاطان بحشد كبير من الفضوليين والمشاكسين , ضحكت بعدم رغبة , وتمازج ذلك الخليط من البهجة مع التفاتة سريعة حولها , كأنها تريد أن ترى هل لاحظها الآخرون أم لا , مازالت في داخلها ترقد تلك الرغبة الصبيانية وذلك الغرور المتفجر .الى درجة أن هوسي بها كان يلبي رغباتها اللاشعورية , لكنها تريد أن تحتفظ بكبرياءها فلا تعلن ذلك أبدا
نظرت اليها بعينين متوسلتين كأنني أستجديها أن تتكرم وتبتسم بوجهي الجامد الذي فقد كل ملامحه , لم أستطع أن أتبين كيف تحول شكلي وسط هذه الفوضى وهذا الاضطراب . فملامح وجهي مثل ترمومتر حساس يقيس كل المشاعر والأحاسيس والتغيرات النفسية التي تنتابني بين حين وآخر ,
. بعد أن تذبذبت الايام والسنين من حولنا , والتقيتها من جديد تغيرت ملامحي وبقيت مشاعري وجنوني عند نفس النقطة الثابتة من الزمن المتغير بينما لم تتتغير ملامحها ولا سلوكها أو مشاعرها , فمازالت تلك الأنثى الناعسة الناضجة المتماسكة
ولا أدري كيف يمكنني الصمود بوجه هذه المشاعر والخواطر المرعبة التي اضطرمت في داخلي ومن حولي وقريبا مني , سواء كان في الماضي و الحاضر كما لا يمكنني اعادة عجلة الزمن الى الوراء كي اعيد تصحيح الاحداث المربكة والفوضوية التي غادرتها هي بكل غرور بينما توقفت انا عندها ظنا مني ان الزمن وعجلة الحياة ستحزن وتتوقف قليلا على الاقل لتنظر الى حبي الأخرق وطموحاتي ورغباتي وجنوني



#سرحان_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدران الأحلام
- شهرياء المخلوع
- رحلة غير محسومة
- الفرق بين المغيوب والمجهول
- صورة الله بين التجريد والتجسيد
- هو وهي
- اصل الحكاية
- في داخلي قصيدة
- مستويات المعارضة
- السلاح خيارهم الوحيد
- شركاء في المكاسب فقط
- لنا ديننا ولكم دينكم
- نعم المشكلة في الاديان
- الثورة المصرية تصحيح للاوضاع الشاذة في العالم العربي
- الغوث الغوث يا نيتشة
- لك وحدك
- ابحث عنك في ذاتي
- تضاريس الامل
- هذيان منتصف الليل
- احترام المهنة


المزيد.....




- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرحان الركابي - رغبات مرتبكة